"هذا بِبساطة.. أحد أهم أسرار هذا العالم"
قالها شوفين عند إخراج الوحش الغريب من البحيرة، قالت سويكا باستغراب
"أسرار العالم ؟"
شرح شوفين
"ركّزي على هالتِه وأخبريني بِماذا تشعرين"
ركزت على هالته وقالت
"غريب، لا أحس منه بأي هالة، هل هو وحش غير متدرب ؟"
قال زنهار بنظرات مصدومة
"كيف هذا ؟
لماذا تَصدُر منه هالة بشرية ؟"
لم تستطِع سويكا الإحساس بأي شيء بسبب ضُعف تدريبها، أما زِنهار فهو خبير قديم لذلك استطاع الشعور بالهالة وتميِيزها، ابتسم شوفين ثم وضّح لهم
"هذا يُسمى دب الماء، ويُسميه البعض بطيء الخطو لأنه يتحرك بِخطىً بطيئة، يبدو لكم ضخماً لكنه أصغر وحشٍ في عالم الأصل"
قطّب الجميع جِباهَهم بين من فهِم شيئاً ومن لم يفهم، سأل زِنهار
"أليس عالم الأصل مجرد خرافة ؟"
يسمع المتدربون عن عالم الأصل لكن لا أحد زاره من قبل، لذلك يُعتبر مجرد أسطورة وضرباً مِن ضروب السفسطة، ابتسم شوفين ثم اقترَب من الوحش الضخم وبدأ يُدلّك ظهرَه المليء بالشحوم، رفعَه وأعادَه إلى البحيرة ثم قال
"يعيش هذا الوحش لِأكثر من عشرة ملايين سنة، أي أنه أقدم من أقدم العوالم، فكيف تريد السماع عنه ؟"
ضحك بعدها ثم واصل عملية توسيع العالم الفراغي تاركاً إياهم في صدمة.
بعد بِضع ساعات.. توقّف عن توسيع العالم أكثر بِسبب نقص الطاقة من الوريد، التفتَ إلى سويكا وقال لها
"مُهمّتك الآن هي بِناء بعض المرافِق، مثل الغُرف السكنية ومرافِق الراحة والتدريب وغيرها، استعيني بِمُخيّلتِك واصنعي ما شئتِ"
كانت سويكا قد بنَت منصة القتال أول مرة، والآن عليها بِناء وتعمير العالم الفراغي، وهذا نوعٌ من التدريب أيضاً، لذلك كانت سعيدة وبدأت العمل مباشرة.
غادر شوفين مع زِنهار نحو الحديقة حيث كان يقضي إينجِه أغلب وقتِه في التدريب، وبِمجرّد اقترابِهما.. عبقَت رائحة الأعشاب النادرة واستغرب زِنهار من مدى اتّساعِها وتنوّع أعشابِها، لكن الذي صدمَه أكثر هو هالة الخشب النادِرة والتي كانت تصدُر من مُنتصف الحديقة، فجأة.. انتبه إينجِه لِوجود شوفين فقام بِسرعة وقفز على شوفين بِسعادة، ابتسم شوفين وفرك شعرَه ثم تصفّح تدريبَه وقال
"يبدو بِأنك قد وجدتَ مدخلاً نحو مهاراتِك الفِطرية"
ازداد نمو الأعشاب كثيراً بِسبب تدرّب إينجِه داخلَها، وهذا كان هدف شوفين الرئيسي لِجعلِه يتدرّب في الحديقة، أومأ إينجِه وقال بسعادة
"التقنية التي أعطَيتها لي رائعة حقاً، سأخترق قريباً إلى مرحلة التألق"
فرك شوفين رأسه ثم جرّه معه إلى خارِج الحديقة حتى وصلوا إلى حيث كانت تجلِس صلجان، فتَحت عينَيها عندما أحسّت بهِم، وقبل أن يصِل إليها شوفين.. رمى عليها أداة التوجيه التي كانت تملِكها، أمسكَتها باستغراب فقال لها
"استشعِريها وأخبريني بِماذا تُحسّين ؟"
كان أبوها قد علّمها كيف تستشعِر الاتّجاه عبر تلك القطعة، ضخّت إليها بعض الطاقة ثم استشعرَت الإشارة قبل أن تفتح عينَيها وتنظر نحو زِنهار، وقفت بِسرعة وقالت
"هل أنت.. السيد العظيم الذي التقى به والدي قبل زمن ؟"
أومأ زِنهار بِرأسه وقد فهِم بِأن شوفين ليس الشخص الذي يجب أن يبحث عنه في الأساس، لكنّه شكر حظّه لأن هذه الفتاة الضعيفة لم تكُن تستطيع إنقاذَه من سِجنه، نظر إليه شوفين وقال له
"هل أنت مُهتمّ بالحصول على تلميذ جديد ؟"
عبس زِنهار مباشرة لأنه كان قد أقسم بألا يتّخِذ تلميذاً آخر، ضحِك شوفين وربّت على ظهر زِنهار ثم قال له
"إنها تملِك هيئة الطاووس المقدّسة"
اتّسعت عيناه مُباشرة وقال بِسرعة
"حقا ؟
لماذا لا أشعر بها ؟"
كانت هيئة الطاووس المقدّسة نادرة نسبياً، وأي شخصٍ يملِكها يُصبِح شخصاً أسطورياً إذا نجا من القتل، لذلك أصبح مُهتماً بِها مباشرة بعد عِلمه بِها، قال شوفين
"لقد وضعتُ عليها ختماً لحِمايتِها، سيزول الختم تلقائياً بعد تفعيل الهيئة، وإلا فسيختفي بعد خمس سنوات أو أقل"
نظر زِنهار إلى صلجان وبدأ يتفحّصها طويلاً قبل أن يسألها
"صغيرة، لقد أعطَيتُ هذه الأداة إلى والدِك لأنه ساعدني، وقد جاء وقت ردّ الدين، فهل ترغبين بِأن تُصبحي تلميذتي ؟"
أومأت بِرأسها بسعادة لأنها ستنجو من شوفين المجنون، انحنَت مباشرة وقالت
"أنا على استعداد.. سيدي"
ابتسم وقال لها
"اتبعيني"
قامت وتبِعته فاختار مكاناً هادئاً وبدأ يُراجع معها مهاراتها، ابتسم شوفين لأنه قد وجد مكاناً لها مع أنها لن تغادر قريباً لأن زنهار سيذهب معه، التفَت إلى إينجِه وقال له
"ستبدأ بالتدرّب على القوس"
سأل إينجِه باستغراب
"لماذا قومي يتدرّبون على القوس فقط ؟"
مدّ شوفين أصبُعه ولمس عظم القص في صدر إينجِه ثم سأله
"هل تشعُر وكأن هنا كُتلة من الطاقة لكنك لا تستطيع استخدامها أو صقلها ؟"
أومأ إينجِه بشدة لأنه كان قد سأل مُعلّميه وزملاءَه إلا أنه لم يجِد الإجابة الصحيحة، قال شوفين
"هنا.. توجد جوهرة الروح الخاصة بأطفال الغابة، وهي مطلوبة جداً لِدرجة أن الصيادين يُغامرون بالهجوم على عالم الشجرة لاصطيادِكم، ومع أن هناك اتفاقية عالمية تمنَع صيدَكم إلا أن ذلك لا يمنعهم، وهذه الجوهرة يتم صقلُها عندما تبلغ طاقتُها إلى مُستوىً مُعيّن، وبعد صقلِها.. سيتكوّن منها سلاحٌ روحي عبارة عن قوسٍ وأسهُم، وتعتمِد جودة القوس وقوّته على الطاقة التي جمعتَها في الجوهرة قبل صقلِها"
سقط فكّ إينجِه لأنه لم يتوقّع أن يكون أطفال الغابة بِهذه الروعة، أضاف شوفين
"لذلك.. ستتدرب على هذا القوس وتستخدِمه في القتال في الوقت الحالي بينما تجمع أكبر كمية من الطاقة في جوهرتِك، وعندما يحين الوقت.. ستقوم بِصنع أفضل قوسٍ في عالم الشجرة"
--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. ماذا يكون عالم الأصل هذا ؟
--------------
صورة دب الماء
