93 - حبة الأمل الأخير

"خمسون ألف"

استدار الجميع ونظروا إليه باستغراب لِأنه زاد سبعة عشر ألفاً مرة واحدة، عبس شيخ مدينة روبيا لكنّه لم يعترِض أو يدفع أكثر، لذلك حُسِمت المزايدة لِصالح شوفين، وبِسبب هذا.. صار الجميع مُحترسين منه لأنه لا يُظهِر نفسه إلا في آخر المزايدة.

انتقل المسؤول إلى العرض قبل الأخير قائلاً

"هذه هي حبة الصعود الفجائي التي ينتظِرها الجميع، تستطيع رفع تدريب اليافعين بِسرعة كبيرة وبدون آثار جانبية، تُعتبر نادرة بِسبب نُدرة الظروف التي تُصنع فيها، وهي غنية عن التعريف، لذلك نبدأ المزايدة من عشرين ألف حجر برتقالي"

انطلقت المزايدة من جديد وكانت بِقوةٍ أكبر من السابق، وفي لمحة عين.. وصلَت إلى سبعين ألف حجر برتقالي، حينها.. أتى صوتٌ قديم من آخر القاعة يقول

"مائة ألف، من يزيد عليها يُصبح عدوّي"

نظر الجميع فإذا بِها امرأة عجوز ومعها فتاة شابة، ضجّت القاعة مباشرة عندما رأوها تدخُل

"المبجّلة السامّة، إنها هي حقاً"

"لم تظهر منذ وقتٍ طويل، لماذا أتَت الآن بِالضبط ؟"

"ألم تكُن تعيش وحدَها منذ آلاف السنين ؟
لماذا معها فتاة صغيرة ؟"

كان الجميع يعلمون من هي أو على الأقل قد سمعوا عنها من قبل، ومع أنها لا تظهر كثيراً إلا أن تاريخَها جعل الجميع لا يجرؤون على المزايدة ضدّها، لذلك تقدّمت بِغرورٍ نحو المنصة ورفعَت خاتماً تخزينياً وهي تقول

"هذه مائة ألف حجر برتقالي، أعطني حبة الصعود الفجائي حتى أنصرِف"

ارتجف المسؤول ونظر نحو المدير شيمو، أومأ شيمو بِحزنٍ ولم يستطع المعارضة أيضاً، لكن.. وفي هذه اللحظة.. سمع الجميع صوتاً يقول بِوضوح

"سأزيد حجراً واحداً على مائة ألف"

تصلّب الجميع لِأن صاحب الصوت كان شوفين، وكان عرضُه عبارة عن إهانةٍ لا مثيل لها، فهو لم يَزِد ألفاً أو عشرة آلاف وإنما زاد حجراً واحداً فقط، نظرَت إليه المبجّلة السامّة بِتعابير حانِقة بينما كان لا يزال يبتسِم وكأنه غير مُهتم، وقبل أن تقول المبجّلة السامّة شيئاً.. صرخت الفتاة الشابة التي تُرافِقها

"الوغد الصغير، ألا تعلَم من تُعارِض ؟"

نظر إليها شوفين بِنظرة كسولة من طرف عينِه ولَم يُجِبها، استشاطَت غضباً إلا أنها لا تستطيع افتعال المشاكل في دار المزاد، أما المبجّلة السامّة فقد نظرَت إلى شوفين طويلاً وكأنها تُحاوِل دِراستَه، لكنها فشِلت تماماً في اكتِشاف حقيقتِه لأنه يبدو لها مشلولاً بدون ذرّةٍ من الطاقة، وهذا يعني أمرَين لا ثالث لهما، وهُما.. أنه إما يكون مشلولاً حقاً، أو يكون أقوى منها، لذلك صبرَت طويلاً قبل أن تقول بِنبرة حانِقة

"شاب وُلِد حديثاً يُريد أن يكون عدوّي ؟"

ابتسم وأجابها

"عجوزٌ علِقَت في مُنتصف مرحلة المجال منذ آلاف السنين، والآن تُعاني من ذُبول روحِها ولم يتبقّ لها سوى بِضع سنوات، قرّرت أخيراً أن تختار تلميذةً لِترك ميراثِها خلفها، ومع ذلك.. لا زالت تُريد فَرض نفسِها عليّ ؟"

تجمّدت الدماء في شرايِين المبجّلة السامّة عندما وصف شوفين حالتها بالتفصيل من أول نظرة، علِمت مباشرة بِأنه أقوى منها بالتأكيد، وإلا فكيف يستطيع رؤية حتى ما فشِل المبجلون الآخرون في رؤيتِه ؟

وقبل أن تقول شيئاً.. سألها بِدون مُبالاة

"مُناظرة أم قِتال ؟"

ارتجفَت على الفور عندما سألها بِهذه الطريقة، ليس وحدَها وإنما كثيرٌ من الخبراء قد ارتجفوا وهم ينظرون إلى شوفين، وذلك لأن أتباع طائفة العقل الأرجح هُم الذين يقومون باقتراح المناظرة أو القتال، فهل يكون هذا الشاب منهم ؟

عبست قليلاً ثم استدارَت وقالت للشابة التي معها

"دعينا نُغادِر، سنبحث عن حبة الصعود الفجائي في مكانٍ آخر"

بدأت تخرُج لأنها لا تُريد التورّط مع شوفين، إلا أنه قال لها

"مائة ألفٍ لا تكفي"

توقّفت عن المشي وقالت باستغراب

"ما قصدُك ؟"

قال

"خمسمائة حجر بنّي مقابل حبّة الأمل الأخير"

"ماذا ؟
حبة الأمل الأخير ؟"

صرخ العجائز مِن هنا وهناك لأنهم يعرفون هذه الحبة الطبية التي تزيد العمر، ومع أنها لا تزيد العمر فعلياً إلا أنها تمنَح العجائز أملاً آخر لِتقوية روحِهم من جديد.

تعتبر القوى الروحية مِن أغرب القِوى في هذا العالم، وتزداد دوماً مع التدريب حتى تُصبِح بنفسجية اللون، لكن أغلب المتدربين يحصلون بالكاد على روحٍ حمراء، والروح تحت اللون البني تبدأ بِالذبول مع الوقت حتى تختفي في النهاية، وعندما تكون في مرحلة الذبول فلن تنفع معها أعشاب تقوية الروح، لذلك تُعتبر حبة الأمل الأخير أفضل خيارٍ لهم لِأنها ستجعل روحَهم تتفاعل مع الأعشاب الروحية من جديد.

اهتزّ كيان المبجّلة السامّة أيضاً وتجمّدت في مكانِها لأن المبلغ الذي طلَبه شوفين ليس بالقليل، ومع ذلك.. استدارَت وقالت

"إذا كانت معك حبة الأمل الأخير فسأدفع مقابلها خمسمائة حجر بني، لكني سأحتاج إلى بعض الوقت لِجمع المبلغ"

ابتهج العجائز الآخرون عندما قالت بِأنها ستحتاج إلى الوقت لأنهم سيسبِقونها بالتأكيد لشِراء الحبة، خاصة إذا كان شوفين يملِك واحدة فقط، أما المبجّلة السامّة فقد انتظرت جواب شوفين، أومأ وقال

"سأبقى هنا لِمدة شهر، اِبحثي عني عندما تكونين جاهِزة"

أومأت بِرأسها وتحرّكت للأمام، لكنها توقّفت فجأة وقالت

"سأخسر الكثير مقابل توفير المبلغ في وقتٍ قصير، لذلك.. أتمنى أن تكون صادِقاً في امتِلاكِك للحبة"

قهقه وقال مباشرة

"أنا لا أمتلِكها، لكني سأصنعها في الساحة العامة في منتصف يوم الغد"

في البداية.. أراد إظهار قدراتِه في الكيمياء عبر تحدّي الكيميائيّين الآخرين، لكنّه يعلم بِأن كيميائيّي هذا العالم ليسوا في المستوى، لذلك قرّر صقل حبة الأمل الأخير في الساحة العامة وتحت أنظار الجميع.

ضجّت القاعة من جديد عندما ادّعى شوفين بأنه سيصقل حبةً أسطورية في الساحة العامة، ألن يحتاج إلى إخفاء الطريقة وإلى أدواتٍ مثل فُرنٍ خاص ووَريدٍ روحي مُساعِد وغير ذلك ؟

كان هذا حدثاً كبيراً حقاً، وعليه.. قرّرت المبجّلة السامّة بِأن تبقى في المدينة حتى يوم الغد، ولم يمرّ الكثير من الوقت حتى حصل شوفين على حبة الصعود الفجائي، ومع أن البعض قد تساءلوا لماذا يُريد شوفين حبة الصعود الفجائي وهو كيميائي يستطيع صنع حبة الأمل الأخير.. إلا أن من لديهم خبرةً في الكيمياء يعلمون بِأن حبة الصعود الفجائي لا تحتاج إلى الكيمياء فقط وإنما تحتاج أيضاً إلى ظروف خاصة حتى ينجح صقلها، وهذه الظروف لا تتوفّر دائماً، لذلك لا حرج في رغبة شوفين بشِرائها.

حاز شوفين على حبة الصعود الفجائي ولم يعترِض أحدٌ طريقَه، وأخيراً.. وصل المزاد إلى نِهايتِه وأخرَج الموظّفون سلاحاً عبارة عن رُمحٍ طويل، اهتزّت القاعة من الهالة التي يُطلِقها السلاح الملكي المرتفع، قام الموظّفون بِقمع هالتِه ثم قال المسؤول

"هذا سلاحٌ ملكي مُرتفع، ومستواه قريبٌ من الأسلحة المصنّفة، نبدأ المزايدة من مائة ألف حجر برتقالي"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. إذا اشترى شوفين هذا الرمح.. لِمن سيُعطيه ؟

--------------
🔵 أنواع الأسلحة

أسلحة غير مصنّفة - أسلحة مصنّفة - أسلحة إمبراطورية مقدسة - أسلحة ...

2020/01/25 · 502 مشاهدة · 992 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024