94 - قبلة الملاك والشيطان

"هذا سلاحٌ ملكي مُرتفع، ومستواه قريبٌ من الأسلحة المصنّفة، نبدأ المزايدة من مائة ألف حجر برتقالي"

انطلقت المزايدات مباشرة بعد تصريح المسؤول، وفي أقل من دقيقة.. كانت قد وصلت إلى ثلاثمائة ألف حجر برتقالي، وذلك ليس فقط لِأنه سلاحٌ ملكي مُرتفع وإنها لأنه سلاح نصف مُصنّف، وهالتُه القوية قد أثبتَت ذلك أمام الجميع.

استمرّت المُزايدات والمُشاحات بين جميع الجهات حتى وقف السعر في أربعمائة وخمسين ألف حجر برتقالي، وكان الذي عرضَه هو أحد شيوخ مدينة روبيا، ابتسم عندما رأى تراجُع الجميع، لكنّه نظر نحو شوفين وقال له

"إذا كان السيد يُريده فسأترك له مكاني"

كان يُحاوِل التقرّب من شوفين بِهذا القول، أي أنه سيتركُه له مقابل أربعمائة وخمسين ألف حجر برتقالي، ابتسم شوفين وقال

"أنا أعرض ستمائة ألف حجر برتقالي لِأجله"

عبس الشيخ لأن شوفين ليس شخصاً يُمكِن إغراؤه بسهولة، وقد زاد مائة وخمسين ألف حجر برتقالي وكأنه يلعب، هل لا توجد نهاية لأموالِه ؟

فتح الجميع أعيُنهم عندما سمِعوا عرضه، لكنّهم لم يستغربوا كثيراً لأن شوفين يستطيع بيع حبة طبية واحدة مقابل خمسمائة حجر بني، وهي تُعادل خمسمائة ألف حجر برتقالي، حبتان فقط ستُعوّضان خسارتَه اليوم، وهذا هو ما يمتاز به الكيميائيون في جميع العوالِم حيث لا يُعتبر عندهم المال مشكلة كبيرة.

لم يستطِع أحدٌ المزايدة على عرض شوفين لأنه أصلاً مبلغ كبير مقارنة بالسعر الحقيقي لهذا السلاح، وبهذا يكون شوفين قد حصل على أعلى ثلاث أغراض من المزاد، لكن الجميع لم يجرؤوا على إظهار سخطِهم عليه لأنه شخصٌ غريب، وسينتظرون جميعاً حتى الغد عندما يقوم بِصقل حبة الأمل الأخير، وحينها فقط.. ستظهر براعتُه، وإذا كان يكذِب عليهم فحينها سينقلب عليه الجميع.

حصل شوفين على أغراضِه ودفع ما عليه من مستحقات ثم تسلّل إلى الفندق تفادياً للإزعاج، وفي مسكنِه.. أخرج جوهرة الصاعقة الخرساء وقال لِسويكا

"دعيني أمنحُك بعض الهدايا"

اتّسعَت عيناها وقالت

"أليسَت هذه جوهرة جمع الطاقة ؟"

ابتسم وقال

"أنتِ تستخدمين تقنية الصف الراقص، وتعتمِدين على مخزون الطاقة في الختم على جبهتِك، وذلك الختم لا يُخزّن الكثير من الطاقة، لذلك سأدمِج معه هذه الجوهرة لِتُصبِح مثل الوِعاء بالنسبة لك"

فهِمت الخطة مع أنها لا تدري كيف سيقوم بِتنفيذها، اقترب منها وقال

"إنزِعي ملابِسك"

هااااه ؟

احمرّ وجهُها وتراجعَت للخلف، ضحِك عليها وقال

"ليس هُناك داعٍ من الخجل، فأنتِ زوجتي على أي حال"

تصلّبت مكانها فعبس في وجهِها وقال بِنبرة فيها بعض الشكوى

"أنتِ جاريتي، وأستطيع التحكم فيك إذا أردتُ ذلك، بل أستطيع جعلك تقومين بِبعض الأمور ثم تنسَينها، فمِن أي شيءٍ تخافين ؟"

ابتلعَت ريقها وبدأت تفكّ ثِيابها بِبطء حتى صار نصفها العلوي عارياً تماماً وكشفَت عن جلدٍ أبيض ومُنحنياتٍ مُغرِية، استرقَت النظر على شوفين رغم أن رأسها كان غارقاً في صدرِها من الخجل، إلا أن شوفين كان ينظر إليها بِنفس الطريقة العادية وكأنه غير مُتأثر نهائياً، وهذا جعلها تُحسّ بالنقص نوعاً ما، اقترب منها شوفين ومدّ جوهرة الصاعقة الخرساء نحو عظم القصّ في صدرِها وقال

"هذا سيكون مؤلماً بعض الشيء"

ودون مقدّمات.. استخدم النور المظلم لِغرز الجوهرة في عظمِها دون جرح جلدها فشعرَت وكأن العظم قد تكسّر، انتهى واستدار فعبسَت وبدأت تُفكر في سبب خلع ملابِسها إذا كان سيحتاج فقط إلى منطقة عظم القص، ثم.. ألم يزرع الجوهرة دون جرح الجلد ؟
فلماذا لم يفعلها من خارج الثياب ؟

تضاربَت المشاعِر في قلبِها قبل أن يأخذ شوفين دِرع القوام الساحر وكان مثل قطعةٍ من الشحم، التفَت إليها وقال

"هذا الدرع مُفيد لك لأن مستواك التدريبي ضعيف وسيبقى ضعيفاً حتى لو رفعناه، لذلك ستحتاجين إلى مثل هذه الأدوات لِتقويتِك وتحصينِك، انزعي ثيابك، لقد حان وقت التدليك هيهيهيهي"

اسودّ وجهُها وصرخت تقريباً

"تد... ليك ؟"

ضحِك عليها وقال

"راموليا أيضاً مرّت بهذا، لا تقلقي.. سأفعلُها بِأمانةٍ وحُسن نيّة"

'تباً لك'

لعنَت في قلبِها ولم تعلَم إن كانت غاضبة عليه لأنه يُجبِرها على مثل هذه المواقف أم أنها حزينة لأنه لا يهتمّ بها، رأى تضارُب مشاعِرها فقال

"سويكا.. أنت فتاة صغيرة، لا تدعي العواطِف تتحكّم فيك، كل ما يهم في هذا العالم هو القوة"

تنهّدت ثم نزعَت ثيابها وأعطَته ظهرَها، رفع دِرع القوام الساحر وضخّ فيه طاقتَه ثم قسّمه مع سويكا وقال

"يجب تدليك جسدِك بِه، سأهتم بِظهرك"

استمرّت العملية لِأكثر من عشر دقائق بِسبب ضُعف تدريب سويكا وبالتالي كان امتصاص الدرع صعباً عليها، ومع ذلك.. كان جلدُها وقوامُها يتغيّران كلما تم تدليك المادة اللزجة أكثر، وأثناء ذلك.. سألَته

"هل كانت لديك امرأة في الماضي ؟"

أوقف التدليك مباشرة وتغيّرت ملامِحُه، ومع أنها لم تستدِر لِتراه إلا أنها شعرَت بحزنٍ عميقٍ ينبعِث من هالتِه، صمت طويلاً قبل أن يتنهّد ويقول

"هل تعلمين ما هو الأكثر صعوبة في العلاقات العاطفية ؟
الأكثر صعوبة هو أن تُحبّي شخصاً يستحيل الوصول إليه"

قال هذا ثم صمت مرة أخرى، عضّت سويكا شفتها السفلى حتى لا تقول 'نعم.. أعلم'، لأنها لو قالتها فربما لن تستحمِل النتائج، لذلك كتمَتها في قلبِها بينما تُنهي تدليك جسدِها، وأخيراً.. أشعَل شوفين ناراً روحية حمراء وقال لها

"هذا الدرع يُعطي نتائج أفضل مع النار الروحية، سأقوم بِصقل جسدِك جيداً وستحصُلين على قوامٍ لا مثيل له"

أطلق عليها نارَه الروحية وبدأ يصقل جسدَها مِن جديد، لكنها لم تشعُر بالألم هذه المرة مثلما حدث معها عندما صقل جسدَها أول مرة، والألم الوحيد الذي شعرَت به هو عندما بدأ عملية ربط جوهرة الصاعقة الخرساء مع ختم الصف الراقص، لكن هذا الألم لم يُزعِجها عندما بدأت تشعُر بِحجم ومساحة الجوهرة وكأنها تستطيع تخزين رويدٍ روحي ضخم، ما يعني بأنها لن تكون لديها مشكلة في الطاقة بعد اليوم.

انتهى من العملية ثم رفع فستان سويكا وساعدَها على ارتِدائه، مدّ يدَه ورفع ذقنها ثم قال بِنبرة لطيفة

"أستطيع التظاهر بأني زوجك أو حبيبك، لكن هذا لن يتجاوز التظاهر، أتمنى أن تفهمي هذا جيداً"

اغرورقَت عيناها قليلاً وشعرَت بِغصّة في حلقِها، لكنّها تمالكت نفسها ورفعت رأسها ثم قالت

"يكفيني ذلك"

هاااااه ؟

رفع شوفين حاجِبين عندما أحس بِختم الروح يهتز، فمع أنه يملِك عقد عبودية مع سويكا ويشعُر بِمشاعِرها إلا أنها تتّخذ أحياناً بعض القرارات المفاجئة التي تجعلُه يُصفّق للقلب البدائي، وهذا يعني بأنها تستطيع التحرّر من ختم الروح إذا تطوّر قلبُها البدائي في المستقبل، وبما أنه لا يستطيع قتلها لأنها تعتني بالبيضة الغريبة، كما أنه صرف عليها الكثير من الموارد، إذن.. كيف سيحلّ هذا الأمر حتى لا يفقِدها أو تنقلب عليه في يومٍ ما ؟

فكّر سريعاً قبل أن يصِل إلى قرارٍ مُناسب، انحنَى نحوَها وقال بِصوتٍ رقيق

"دعينا نتظاهر إذن بِما أنكِ مُصرّة"

واصل انحناءَه حتى وضع شفتَيه على شفتيها و..، حسناً، كانت هذه قبلة الملاك والشيطان، ولا أحد يستطيع توقّع نهايتِها.

--------------
سؤال الفصل:
اللعنة، في رأيك.. هل سينجح تلاعُبه بِسويكا لِوقتٍ طويل أم أنها ستنقلب عليه يوماً ما ؟

#تحت_المجهر

2020/01/25 · 585 مشاهدة · 1027 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024