41 - نصل شجرة الخريف - قصة عدم يأس

مباشرة بعد ان تشكلت الصورة العامة داخل رأس الكل ، عرفوا ان بوند قد مات جراء انفجار رأسه .

صرخ ليون ، ليس لانه غاضب على مقتل ابنه امامه ، لم يشتم فيون جراء ذلك او يحمل ضغينة تجاهه، يبدو ان تجاربه في الحياة اسهمت في هذا الموقف ما جعل فيون يحترمه اكثر وكذلك نال اعجاب الاخرين

صرخ ليون قائلا:" انه من مستعملي سحر الحواجز ، لديه مستوى متقدم فيه ، يمكنكم هزيمته ان تخلصتم من الحواجز الغير مرئية ، ما تزالون تتحكمون في اطرافكم ، استخدموا المانا والضغط لتدمروا الرونيات التي شكلها حولكم"

كانت سيليا اول من صفى ذهنه ، حيث ظهر سيف فضي ذي مقبض ذهبي على شكل كرة وهناك كتابات غير مفهومة عليه ، حيث فهمت المغزى مما قاله الملك السابق ليون على عكس الاخرين .

أمسكت سيفها وخدشت رجليها به ، بدأ الدم الطازج يفوح منها ويقطر على الارضية الخشبية الزيتية ، استعادت سيليا حس الحركة ، قامت بلفة ذي زاوية حادية مع اطلاق شيء مثل غبار أبيض ، تلاها ظهور خربشات على الهواء من العدم ، وراحت سيليا تمحوا كل واحدة بسيفها

ابتسم فيون وكانه لم يتوقع منها ذلك ، عادت الحركة لبعض منهم ،وانهالوا نحو فيون ، لكن توقف الكل عن الحركة مرة اخرى .

مما اعاد الجميع لنقطة الصفر ثم قال فيون ضاحكا :"كوكو ههه ، يا فتاة لنرى كم تستطيع قدميك النحيلتين الصمود ، لا اعتقد انك ستخدشينها في كل مرة، احمي نفسك ، في هكذا اوضاع عليك التفكير بالنجاة وحسب "

هدا الوضع ، بينما تهكم البعض ، اما بالنسبة لسيليا بدات بجرح قدميها بدون جدوى ، لم تستطع التحرك ، عندما رأها فيون في تلك الحالة ، قام بايقاف جسدها بالكامل عن الحركة ، يبدو ان له استعمالا لها في المستقبل .

" ذي الشعر الذهبي انت، لوكاس صحيح؟ ،انت تتحكم بالمغامرين وذاك يعادل التحكم بدولة ، انا احتاج مساعدتك في التحكم بهم ، لا اريد انقلابات مستقبلا ، ما رأيك اتنضم لي "

صدم الكل مما قاله فيون ، كان كلامه موجها لقائد نقابة المغامرين و الدانجونات ، على عكس ما توقعه الكل ، لم يدخل لوكاس في اي خصام داخلي او اي شيء ، القى نظارته نحو الملك السابق و هيلور الحالي ،وعلى كل من في القاعة .

" بالطبع اقبل العمل الى جانبك بصدر رحب ..."

" انت تعمل لي وليس بجانبي "

" اسف سيدي فقط زلة لسان ".

آه يا لوكاس ، اختار الخيانة ، كان فعلا حكيما، المتواجدون معه بالغرفة لم ينظروا له بازدراء ، لو طرح عليهم نفس العرض لقبلوا ، يا لمأساة افراد العائلة الملكية .

راح فيون بنظره نحو النبلاء واصحاب الالقاب هاؤلاء وقال :" انتم تقدمون الولاء للاقوى دائما ، ودعمكم سينصبني كرئيس لألارياس هذه ، أما الكورز ..."

أحس فيون بشيء خاطئ، حتى سمع صوت ليون العجوز :" اسرعوا فتحت مجالا ! ، تحركوا واقضوا عليه"

بينما قال ذلك ، تفاجئ فيون لم يسمع كلام فيون منذ ان اعلن في اخر مرة عن كيفية نزع الحواجز ، من الطبيعي انه بعد الفشل راح ينشئ خطة اخرى ، لكن لم يتوقع فيون ان الخطة تتضمن قتله وانشاء مجال .

ففيون ككل ومع معرفته بليون ، في هكذا اوقات ما سيشغل عقله هو التفكير في خيارات للمفاوضة او عقد سلام ، لكن ان يبقى متشبثا بفكرة القضاء عليه حتى اخر رمق لم تكن ضمن توقعاته .

دحرجت سيليا سيفها نحو عنق فيون وكانها تروح عن كل خيبات أملها ، نمت شجيرات في كل القاعة ، لقد كانت نارين تجري تحركاتها ايضا ، ظهر أوليفر مباشرة أمام فيون وهو يوجه قبضة الى منطقة تفاحة آدم .

( تفاحة ادم هي تلك التفاحة في منطقة نصف العنق ، اعتقد انكم فهمتم ما اقصد)

على غير المتوقع ، نصل سيليا ارتطم بشيء ، اما أوليفر فوجد نفسها ملقى أرضا ، أما سحر نارين فقد اختفى وغابت على الوعي ، مرة اخرى سقط الكل في اليأس بدون ذرة فهم لما حدث .

لكن ما حدث بعد ذلك اعطى للحاضرين فهمها عما حدث .

صرخت سيليا في نظرة عدم تصديق عندما وجدت ان شخصا ما يمسك بحافة سيفها بيديه العاريتين ، سيفها القطعة الاثرية نصل شجرة الخريف .

يقال انه في زمن مضى ، كان هناك مسافر جاب أرجاء العالم كلها لم يترك منطقة الا زارها ، في احد الايام سمع عن شلالات الفوضى ، يقال ان عرض الشلالات كعرض الأرض نفسها و لديها قوة جذب قوية ، يقال ان التيار يستطيع حتى شق الجبال و الصلب .

اترطمت هذه القصة بمسامع الرجل ، وفي الغد حزم عدته ليسافر حول العالم من جديد، لعله يصادف تلك الشلالات ، لا احد يعلم كم مرت من عقود ، وهو يعيد الرحلة لكن بدون أي جدوى .

تخلص الرجل من مل العقبات و حاربها كل على حدة ، لكن ما لم يستطع محاربته هي شيخوخته، الزمن الذي يفني كل ما هو فاني ،اصبحت رحلاته جزءا من الماضي ، بينما هو يقع ضحية ذكرياته، اكبر ندم لديه هو انه لم يجد تلك الشلالات .

مع ذلك لم يستسلم العجوز ، بينما عائلته رفضت رفضا قاطعا ان يسافر وهو بتلك الحالة، غدر بهم في الليل وراح مسافرا .

مرت سنين والعجوز يرتحل ، وأجله يقترب ، الشلالات التي كانت نصب عينيه وكانت هدفه الاسمى لم يجدها ، كان الوقت يقضم منه كل يوم قضمة ، العجوز لم يستطع المواصلة .

بينما حل فصل الخريف وصل العجوز لبستان ، من كبر البستان تعجب الرجل ، مهما نظر العجوز يسارا ام يمينا ، لم تكن هناك نهاية لهذا البستان كما ان اشجاره غريبة نوعا ما ، كانت اوراق الاشجار تتساقط .

راح العجوز يريد ان يقطع البستان ، مر يوم ، يومان ، اسبوع ، شهر ، سنة ، عدة بضع سنوات والعجوز يسير على قدميه يريد ان يرى نهاية البستان ، لكن يوما بعد يوم ، الايمان في قلبه بدأ يخفت تدريجيا .

وصل لمرحلة اللاعودة ، واصل المشي مستعينا بعصاه ، حينما لم يستطع الاكمال ، اغلق عينيه وسقط أرضا كجثة هامدة ، لم يدرك لاي من الوقت قد نام ، لكنه استيقظ على وقع صوت وكانه ارتطام للحديد مع بعضه

قام العجوز من مكانه على مهل وبصعوبة ، ترددت على مسامعه ذاك الصوت راح قليلا الرجل حتى وجد سفح جبل ضخم امامه ، راح العجوز يتسلقه بفرحة لربما قد يرى نهاية البستان ان وصل لارتفاع مناسب

بدأت رحلة اخرى له وهي اخر رحلاته ، وصل لارتفاع مهول لكن لم يرى اي نهاية ، ذاك اللون الاصفر المائل للبرتقالي لم يكد ينتهي على مرأى عينيه ، لم يستلسم العجوز وتحلى بالصبر ، كاد يلامس النجوم ، لكن مهما نظر تحته وعلى خط نظره ذاك اللون لا ينتهي ، العجوز كره ذاك اللون تدريجيا.

جسده وضعفه لم يكونا مساعدين له ، انحدار الجبل سار اكثر انحدارا كلما تسلق اكثر ، بطريقة ما نجح العجوز في الوصول للقمة ، لكنه عندما راح يبحثزعن نهاية البستان ، اكتشف ان الغيوم تغطي الخط نظره بالكامل .

بكى العجوز في حرقة ، ترك عائلته وضيع شبابه بحثا عن تلك الشلالات لكنه لم يجدها ، الان صادفه بستان غريب بدون نهاية ، حينما كان العجوز على وشك ان ينتحر من على قمة الجبل ، سمع ذاك الصوت مرة اخرى ، صوت ارتطام الحديد والصلب

راح العجوز يبحث عن مصدر الصوت، واذ به يقابل اكثر شيء يكرهه في هذه الحياة ،لقد كانت شجرة البستان تلك ، عض على شفتيه ندما ، عندها لاحظ شيئا غريبا

بينما تستمر اوراق الشجرة بالسقوط ومع ارتطامها بالصخور تحدث صوت تصادم الحديد ، كل ورقة تنزل وكانها كتلة من الحديد ، تمزق الصخور ، راح العجوز يقترب ورأى قاع هاوية لا نهاية له، علم الرجل ان تلك الهاوية تشكلت بسبب تصادم الاوراق بسطح الجبل ، لكن كيف يمكن لاوراق ان تحمل كل هاته القوة .

امسك العجوز بورقة وهي ساقطة لكنها لم تؤذيه ابدا ، لكن في نفس الوقت كانت ثقيلة للغاية و صلبة ، لم يستطع العجوز عن يخفي نظرات الاعجاب من على عينيه الكهلتين .

لكن توسع بؤبؤ عينيه اكثر عندما رفع رأسه للسماء عاليا ، نعم لقد رآها الشلالات ، لقد رأى الشلالات العظيمة

2022/01/30 · 62 مشاهدة · 1284 كلمة
THUR
نادي الروايات - 2025