اهتز الاخ الاكبر :" سحقا!كنت اعلم ان هناك رابطة بينه و بين الدجال فقط من مظهرهما ، مخنثان مقززان ، واضح انه يحاول التستر على ابنه ، انه يخفيه علينا -"
" لا " جاء صوت العجوز المسن ، فاكمل :" فيون ليس غبيا، يعلم ان تحقيقاتنا سوف تطاله لذا لما سيكذب ؟ لشراء الوقت ؟ هذا ليس من شيمه ، لقد قال الحقيقة البحتة انا اعرفه مثل راحة يدي "
وافقه توريس الرأي تماما في فكره ، لكن بذور الشك ما تزال عالقة في ذهنه ، صفى ذهنه بسرعة
" حاليا ، ساذهب لملاقاة كاليستو مع الاحداث الاخير اظن اننا سنؤجل زواج سيسيل لبعض من الوقت ، و بالطبع آل نوبلز لا يغفرون للمتعدين "
( آل نوبلز في اشارة لنسبهم العريق )
==========================================
عبر أراضي المختارين ، حيث توالت الجبال و السهول الكبرى منقطعة النظير ، ذاك الجو الضبابي يحمل في طياته قطرات مطر لم يتغير منذ مدة ، نادرا ما كانت مناطق مثل هاته تحظى بأيام مشمسة
مرورا عبر أنهار و مدن و ممالك و دول عدة نحو أقاصي الجنوب ، بدأ سيل تلك السهول الخضراء يختفي شيئا فشيئا و تبتلعه رمال الصحراء القاحلة
تلك الرمال الذهبية الحارة و الجو الصحراوي، كانا عاملان في الهلوسات للزوار ، قد ترى واحة أمامك لكن بعدها تكتشف انه ليس سوى سراب
لكن ذاك الخط الازرق اللامع الذي يقطع الصحراء و يتدفق داخلها واقع حي ، نهر عظيم من الشمال للجنوب ، حياة كل الكائنات الحية في هذه البيئة القاحلة مرتبطة به و قائمة عليه
عبر ذاك النهر العظيم من الفوق تظهر مدينة عظيمة على ضفاف النهر ، السفن الاتية من الشمال ترسوا على الموانئ هناك ، منذ الازل كانت هناك مشكلة الا وهو تيار النهر
فالتيار من الشمال للجنوب ما يعني السفن التجارية تواجه صعوبة في سلك نفس المسار عكس التيار ، لكن بدأ السحرة خاصة في ادخال السحر و المانا لتسهيل حياتهم اليومية ، ظهرت عدة حلول ناجعة
ولم ت السفن تواجه تلك الصعوبة ، بالنظر الى عرض النهر فقد يصل الى اكثر من 500 متر ، نهر عظيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى
لكن كلما اقترب المشهد من الاعلى ستجد ان النهر ليس الاعظم و حسب ، بل تلك البنايات الثلاث ، ليس بنايات دائرية و لا بيضاوية و لا مخروطية
هرم ، ثلاث أهرامات عظام كانت متوهجة للغاية و كان طوبها العظيم من ذهب ، المنحى العظيم لقممها المشير للسماء ساعد الفلكيين في دراسة النظام النجمي و الشمسي على التوالي
( ملحوظة : عالمنا الحقيقي يمتلك اشياء اعظم من تلك المختلقة فب روايات، و يشرفني ان اقتبس من عالمنا وخصوصا هنا من قلب أم الدنيا مصر ، لكن اي اسماء او شخصيات او احداث تقع في هذا المكان ما هي الا وحي من خيالي )
عبر تلك الشورع و تلك الطرق المزدحمة التجار و تلك الخيام ، كل تلك البنايات تحمل طابعا صحراويا تقليديا ، الى تلك الساحة الكبيرة ، يمكن رؤية حلقة كيير تشكلت من تجمع الناس حول شيء ما
كان هناك من يرتدي كالناس في الشمال ، تلك البذل الرسمية و التأنق ، و هناك من يرتدي الجلباب الطويل مع تلك البشرة السمراء و اللحية و الاعين البنية مائلة للون القهوة ، كانو السكان الاصليين لهذا المكان على ضفاف النهر ، و هناك نوع من الجنس يبدون كالسحالي يمكن ان يطلق عليهم " كوبولد "مع رجلين و بشرة زرقاء و ذيول سحلية خلف قفاهم
( كوبولد : لقراء الروايات من صنف السحري كثيرا و خصوصا قراء روايات الايسيكاي اليابانية سيعرفون هذا النوع من الجنس )
في منتصف الحلقة ، وقفت مجموعة من الرجال و النساء على حد سواء كانوا يمسكون ما يبدوا على انها ادوات موسيقية يؤدون ألحانا تقليدية و انغاما تشجعك على الرقص بحرية
ما جذب انتباه العيان هي تلك الشابة في منتصف المجموعة ، كانت ترقص بخفة و بأنوثة زائدة ذاك الخمار الكاشف الذي يغطي تصف وجهها اظهر انفها الصغير المعتدل و الشفتين الزهريتين ، تلك العيون البراقة الخضراء ، الشعر البرتقالي الحادق يردي رقصته الخاصة اثناء تطايره في الهواء
تلك الملابس الكشافة تظهر اردافها ، كانت ترقص حافية القدمية على تلك الرمال الحارة ، حتى قدميها لن تجد فيهما عطبا واحدا ، بكلمة واحدة لوصفها كانت قريبة قليلا لتكون واحدة مع الجمال المطلق
بينما استمرت في الدوران و تأدية رقصة و تمايل يديها الرقيقتين شمالا و يمينا .
القوارب الصغيرة للتنقل من على ضفة الى صفة كانت كثيرة العدد ، الشوارع مليئة بصيحات التجار ، حانات رخيصة استقبلت مغامرين و زنادقة و مرتزقة ، اغلبهم يشرب البيرة السوداء لكونها الوحيدة الرخيصة في بيئة مثل هاته
صوت اصطدام الاكواب الخشبية ببعضها نخبا للاستمرار بالحياة ليوم اخر كان منعشا لهؤلاء المغامرين ، ليس كل يوم تصادف شخصا يغامر في هاته الصحراء العظيمة ، انتهى المطاف بالعديد ليتوهوا عن الطريق و ماتوا جوعا ، الجماجم البشرية التي تملؤ الرمال الذهبية خير دليل على هذا.
كثرة التجار و البائعين المتجولين تسبب نقصا حادا على مستوى الدخل الفردي للشخص ، البائع امام الحانة منذ الصبح وهو يطلق لعنات حول كيفية انه لم يبع شيئا منذ ايام ، وكيف تتم سرقته من طرف اطفال بائعات الهوى كل يوم .
عودة للساحة الكبيرة ، قد انتهى عرض الفرقة . المشاهدين المفتونين بطريقة رقص تلك الانسة أصبحوا يلقون بالمال اليها ، كانت قصة معروفة على صعيد النهر العظيم
يأتي الناس من كل جهة ليشاهدوا رقص عروس الصحراء " عشتار " ، كما ان لها شعبية كبيرة فهناك من يعمل ليل نهار ليلقي لها بكل دراهمه ما وجده البعض مضيعة .
في الحانة الرخيصة سمعت اصواء الصراخ و الصفير ، قال مرتزقة اصلع بينما يحتسي البيرة السوداء " يالهم من سذّج حتى ولو كانوا مسحورين بها، فالغباء له حدود كما تعلمون ؟اليست مبالغة ؟"
اجابه مالك الحانة من خلف المنضدة الكبيرة :" لا أبدا ، انا افهمهم تماما ، اؤكد لك ستكون التالي ، فقط اصحاب الارادة القوية قد لا يتأثرون بها ، لقد كنت احمقا بما يكفي للتفريط في عائلتي مقابلها ، كل ما جنيته راح لها ، والان انفصلت عني زوجتي واخذت فلذات اكبادي معها ، لكنني لا ألقي اللوم على عشتار او اللوم علي ، وحتى لو عاد بي الزمن كنت فعلت نفس الشيء "
نظر المرتزقة الاصلع بمالك الحانة لفترة و كانه يشفق عليه لكن ما باليد حيلة ، ألم يقلها هو نفسه حتى ولو عاد به الزمن للوراء كان فعل نفس الشيء
" اذن خوركوف ، سمعت انك عدت من الشمال منذ مدة قصيرة ، اطلعنا على اخر المستجدات ؟" ، تحدث ذو الحانة مشيرا للمرتزقة مؤخرالاصلع
قبل ان يجيبه :" لا شيء ، استثنائي الجو المتوتر يسود هناك خصوصاالمناطق قرب السور و الهوة ، لكن يا رجل الجعة و الاناث هناك في مستوى اخر حقا ، هناك جنة تحت الارض في مكان اسمه لاهاي ، اي راغب بالمتعة الحقيقية عليه زيارة ذاك المكان، مهلا هل تسمعني ؟"
يبدو ان مالك الحانة اوقف الانصات له منذ ان جلب سيرة الجعة و الاناث على لسانه .
عودة للساحة الكبيرة ، بعد انتهاء العرص للفرقة دخلوا الى عربات متفرعة ، في عربة خلف احد الازقة ، كانت داخلها عشتار عروس الصحراء ، تسند تلك المؤخرة و الارداف على كرسي ، وامامها مرآة ، كانت تتبرج لسبب ما .
بعد لحظة سمع صوت دقات على باب العربة جاء صوت بعدها :" عشتار لقد اقترب الموعد ! السيد قال انه عليك ان تكوني جاهزة في حلول عشر دقائق على اقل تقدير "
بعدها سمعت خطوات شخص يبتعد تدريجيا عن العربة .
اما عشتار فقد كانت غاضبة قليلا :" همم! من يعتقد نفسه بولتن هذا ! ان لم اكن انا لن يرى قرشا واحدا مع تلك الفرقة ، انا السبب في نجاحه و ادر عليه اموالا طائلة هوف !!"
بينما عاد تفكيرها للوراء قليلا تنهدت :" همم ، و من يكون هذا الشخص المهم ! ، ليظن ان بامكانه اجراء لقاء معي في أي وقت يريد و بهاته السهولة ، ساعلمه درسا عندما التقيه "
كان السير بولتن قائد و ممول الفرقة التي تعمل فيها عشتار ، شخص يحب بطنه و العملات الذهبية اكثر من اي شيء اخر ، لذا كانت بطنه منتفخة و بالكاد يملك سراويل و اقمصة تناسبه ، كان قد فكر في ارتداء الجلباب كما يفعل السكان المحليون، لكنه من الشمال فقد قرر ان يرتدي كما ابناء جنسه.
قبل أيام تلقى رسالة من خادم شاب ، حول كيفية ان سيد كوزيه قد سمع الثناءات على عضو في فرقته و يود لقاء معها ، وكان الامر مدفوعا بالكامل ، فوافق بولتن بدون اي شروط اخرى
( كوزيه : اسم هذه المدينة الكبيرة على ضفاف النهر )
حاليا كانت عربتان تتجهان نحو الثلاث أهرامات العملاقة ، كلما اقتربوا منها لاحظوا النباتات الخضراء و بعض قنوات الماء ، الى حين وصولهم أمام الاهرامات الثلاث الكبرى
بينما رأت عشتار هذا المنظر فوجئت ، لم يسمح لأحد القدوم او التقرب الى الاهرامات بمسافة 1 كيلو متر ، ايعني ان من يود لقاءها يشتغل في هاته المنطقة ؟، قد يكون شخصا مهما حقا ؟ ، لكن بدأت مخاوف تنشؤ داخلها ، لما قد يود الالتقاء معها ؟ ، و هل لديه اهداف خفية اخرى ؟
في الحقيقة كانت عشتار متمكنة من السحر و قوية لديها قدرة للدفاع عن نفسها ، لكن للاسف هذه المنطقة هي عرش أحد الملوك ، حارس أبواب الجحيم و سيد العواصف " فايل أنخ آلون "
قوتها لا شيء مقارنة به، لو افتعلت شيئا هنا سيتسبب في مقتلها وحسب ، بعد حين توقفت العربة و جاء صوت من الخارج
" لقد وصلنا !"