خطا ديمون إلى الداخل، والتقطت أذناه صوت أشخاص يتحدثون.
توقع أن يرى غرفة مليئة بالموظفين، لكنه بدلاً من ذلك، لم ير سوى شخص واحد جالسًا خلف مكتب.
عندما نظر عن كثب، أدرك أنه نفس الرجل الذي كانوا يطلقون عليه اسم السيد ستيل. مسح ديمون الغرفة بعينيه، محاولاً العثور على مصدر الصوت.
عندها رآه - تلفاز بشاشة مسطحة مثبت على الحائط، يعرض مباراة فنون قتالية مختلطة.
ملأ صوت التعليق الغرفة، واتسعت عينا ديمون عندما تعرف على القفص. لقد كان نفس القفص الذي قاتل فيه قبل ساعات فقط.
اقترب خطوة من التلفاز، وعيناه مثبتتان على الشاشة. كان الحشد يهتف، وكان المعلقون يحللون حركات المقاتلين.
لاحظ ديمون أن الحشد بدا أكبر من ذي قبل، وتساءل عما إذا كان الحشد قد بدأ في الامتلاء بعد قتاله بما أن قتاله كان مجرد نزال افتتاحي.
رفع السيد ستيل نظره عن مكتبه، والتقطت نظراته نظرات ديمون. ابتسم وأومأ برأسه، وعادت عيناه إلى الشاشة.
كسر صوت السيد ستيل الصمت، وكانت كلماته غير متوقعة. قال وعيناه لا تزالان مثبتتين على الشاشة: «أليس هذا جميلاً؟».
ظن ديمون أنه سمع خطأً، فنظر إلى السيد ستيل طالبًا التوضيح. أجاب بصوت أعلى قليلاً من الهمس: «عفواً سيدي، لم أفهم ذلك».
نهض السيد ستيل، وكانت حركاته مدروسة. وضع يديه على الطاولة، وأصابعه مفرودة على اتساعها. كرر قائلاً وعيناه تحدقان في عيني ديمون: «قصدت، أليس هذا جميلاً؟». وأضاف: «الرياضة، بالنسبة لمن لا يعرف الفنون القتالية، سيكون هذا المشهد مجرد رجال متعرقين مشغولين بلكم بعضهم البعض كالهمج». توقف، ونظرته حادة.
كان ديمون على وشك الرد، لكن السيد ستيل واصل، وكلماته تتدفق كالنهر. «لكن عندما تعرف ما يفعلونه، فإنك تفهم جمال الأمر. قد لا يكونون ماهرين مثل المقاتلين المحترفين، لكن جوعهم للفوز والسيطرة هو ما يزيد من إثارة القتال. تفانيهم في فن القتال».
كان صوت السيد ستيل منخفضًا وسلسًا، وكلماته ترسم صورة في ذهن ديمون. نظر مرة أخرى إلى الشاشة، واكتسبت حركات المقاتلين معنى جديدًا.
صوت أنفاسهم الثقيلة، والعرق المتساقط من أجسادهم، والعزيمة في أعينهم - كل ذلك اجتمع ليخلق سيمفونية جميلة من الفنون القتالية.
ساد الصمت الغرفة، والصوت الوحيد هو التعليق من التلفاز. شعر ديمون بإحساس بالفهم يغمره، كما لو كان يرى الرياضة لأول مرة.
أعطته كلمات السيد ستيل منظورًا جديدًا، منظورًا يقدر الجمال في الوحشية.
تردد صوت السيد ستيل كاسرًا الصمت: «قل لي يا ديمون، لماذا تقاتل؟».
ولكن بدلاً من الرد الفوري، ساد الصمت بينما حاول ديمون التفكير في إجابة. فتح فمه ليتكلم، «لأن أمـ...» لكن قاطعته يد السيد ستيل المرفوعة.
قال السيد ستيل وهو يتحرك حول المكتب ويتكئ عليه: «خطأ، قلت لماذا تقاتل، لم أقل من أجل ماذا تقاتل. متشابهان ولكنهما مختلفان تمامًا».
التقط جهاز التحكم عن بعد وأطفأ التلفاز، مما أغرق الغرفة في صمت غير مريح.
فرغ عقل ديمون وهو يحاول التفكير في إجابة. لماذا يقاتل؟ لقد فعل ذلك لأنه كان بحاجة إلى المال، ولكن ألم يكن هذا سببًا؟ تردد صدى كلمات السيد ستيل في ذهنه، «متشابهان ولكنهما مختلفان تمامًا».
كسر السيد ستيل الصمت، بصوت منخفض ولطيف. «ربما لا تعرف سببك بعد». ارتفعت عينا ديمون، وقاطع قائلاً: «لأنني أريد أن أكون بطلاً». لكن إجابته لم تحرك السيد ستيل، الذي رفع حاجبًا.
«هل هذا كل شيء؟ إذن إذا أعطيتك الحزام الآن، فهذا كل شيء، لا يوجد سبب للقتال؟» علقت كلمات السيد ستيل في الهواء، متحدية دوافع ديمون.
شعر ديمون بموجة من عدم اليقين، وعقله يسابق الزمن لإيجاد إجابة مُرضية. لكن لم تأتِ أي إجابة.
ظلت الغرفة صامتة، والصوت الوحيد هو همس مكيف الهواء الخافت. حدق ديمون في عيني السيد ستيل، باحثًا عن تلميح لما كان يبحث عنه.
لكن تعبير السيد ستيل ظل محايدًا، وعيناه ثاقبتان ولكن لا يمكن قراءتهما.
اتسعت ابتسامة السيد ستيل وهو يتحدث، «أتعلم، هذا هو السبب الذي جعلني أترك جايك يمر دون أي مساعدة إضافية وأتركه يذهب إلى اتحاد القتال العالمي». ومض ذهن ديمون إلى شقيق جوي، وتساءل عما رآه السيد ستيل في جايك ولم يره فيه.
واصل السيد ستيل وعيناه تضيقان قليلاً: «إنه فتى رائع في القفص، ومما رأيته منك، لديك الإمكانات». وأضاف: «لكن سببه كان رعاية أخيه، هذا كل شيء. أمر يستحق الثناء، ولا حرج فيه. لكنه ليس ما أبحث عنه».
توقف السيد ستيل، واشتدت نظرته. «حتى لو لم تكن ما أريده في نهاية المطاف، إذا كان لديك موهبة مثل موهبتك، فلن أعوق طريقك. مثل جايك موراليس، ستظهر موهبتك إذا كنت تملكها. لكن قل لي، لماذا تقاتل؟».
فرغ عقل ديمون وهو يبحث عن إجابة. فكر فيما بدا وكأنه دهر، لكنه لم يكن راضيًا حتى هو عن الأسباب التي توصل إليها.
هل أستمتع بالقتال؟ تردد صدى الفكرة في ذهنه، ولم يستطع التخلص من الشعور بأنها كانت حقيقية. أشعر بالسعادة عندما أقاتل، هل هذا يعني أنني أحبه وأستمتع به؟
دارت أفكار ديمون في دوامة من الحيرة. لم يستطع إلا أن يرغب في إنكار ذلك.
ربما كان ذلك لأن والده كان يسيء معاملته، وربما لم يرغب في الاعتراف بأنه يحب القتال لأن ذلك سيعني أنه كان يستمتع بتعرضه للإساءة.
أرسلت الفكرة قشعريرة في عموده الفقري، ودفعها بعيدًا، غير متأكد من كيفية مواجهتها.
لم تغادر عينا السيد ستيل وجهه أبدًا، في انتظار إجابة لم يكن ديمون متأكدًا من أنه يملكها.
أو ربما إجابة لم يرغب ديمون في تصديقها.