” لقد عدت.“
” معذرة على الإزعاج…“
أثناء دخول البوابة، رأيت ليليا واقفة عند الباب ومعها منشفة كبيرة.
” أهلا بعودتك، سيد روديوس… وصديقه. لقد جهّزت ماءً ساخنا لذا من فضلكما اصعدا للطابق العلوي ونشّ فا جسميكما قبل أن تصابا بالبرد. السيد والسيدة سيعودان قريبا وهما بحاجة للمساعدة، هل تريد مساعدتي؟“
” لا شكرًا.“
يبدو أن ليليا قد توقعت مجيئنا مبتليّن من المطر، حقًا إنها خادمة محنكة؛ بالرغم من أنها لا تتحدث كثيرا… معي أنا على وجه الخصوص.
أحضرت ليليا منشفة أخرى من أجل سيلف دون أن أطلب منها ذلك.
خلعنا أحذيتنا ودخلنا المنزل حفاة، ثم بدأنا بتنشيف رأسينا وأقدامنا ونحن صاعدان للطابق العلوي.
عند دخولي الغرفة، وجدت برميلا ضخما به ماء ساخن.
نسيت أن أخبركم أنه لا يوجد دش أو أحواض استحمام في هذا العالم؛ بل لا وجود لمفهوم الحمامات إطلاقا.
فقط افرك جسمك واغسله هكذا وانتهى الأمر.
آه صحيح، سمعت من روكسي أنه ثمة ينابيع ساخنة.
بالنسبة لي هذا كافٍ، فأنا لا أحب استخدام الدش.
” همم؟“
وأنا أخلع ملابسي، لاحظت اضطراب سيلف وهو يحمر خجلا.
” ما الأمر؟ ستصاب بالبرد إذا لم تخلع ثيابك.“
” هاه؟ ممم… مم……“
ما زال سيلف واقفا بلا حراك.
هل يخجل من خلع ملابسه أمام الآخرين… أو أنه لا يعرف كيف يخلع ملابسه بنفسه؟
سأقدم له المساعدة، فهو طفل في السادسة من عمره.
” هيا، ارفع يديك.“
” لكن…. لحظة….“
جعلت سيلف يرفع يديه وخلعت له قميصه. جسده النحيل والأبيض مكشوفٌ أمامي.
حاولت خلع بنطاله لكنه أمسك بيدي.
” لـ -لا…“
هل يشعر بالخجل من أن يراه الآخرين عاريا؟
كنت أشعر مثله في صغري… أيام الروضة.
بعد انتهاء حصص السباحة، كنت أشعر بالإحراج الشديد عندما أستحم عاريا مع بقية الأطفال.
لكن يدا سيلف باردتين، سيصاب بالبرد على هذا النحو.
أمسكت بنطاله بقوة وسحبته.
” تـ… توقف…“
مددت يدي نحو سرواله الداخلي، فضربني على رأسي.
رفعت رأسي لأراه، فإذا هو ينظر إلي والدمعة بعينه.
” لن أضحك عليك…“
” هـ -هذا ليس…. لـ -لا!……!!“
إنه يقاوم بشدة، هذه أول مرة أراه يرفض بهذا الشكل.
أنا مصدوم نوعا ما.
أهذا عرف في عشيرة الجان؟ مثل قانون يمنع أن يراهم الآخرين عراة؟
إذا كان الأمر كذلك، فليس من المستحسن أن أجبره على التعري…
” حسنا، حسنا، لكن يجب أن تعدني. عليك أن تبدل ملابسك لاحقا. فالملابس الداخلية المبللة ليست مريحة، وقد توجعك معدتك إذا إصابك البرد.“
” حاضر…“
أبعدت يداي، أومأ سيلف رأسه وعيناه تدمع.
إنه ظريف جدًا. أود حقًا أن تدوم علاقتي مع هذا الطفل الظريف.
فجأة، خطرت لي فكرة خبيثة.
ليس من العدل أن أظل عاريا لوحدي. سأمازحه قليلا.
” فرصة!“
فسخت سرواله الداخلي بسحبة واحدة.
يا هلا ومرحبا بالحبيب!
” مهـ……ـلا. لااااا!“
” …… هاه؟“
صرخ سيلف.
ثم حاول تغطية جسده.
حينها، لم يظهر أمامي ذلك السيف الأبيض الصغير كما كنت أتوقع.
ولم يظهر ذاك الدب الأسمر.
إذن ماذا وجدت؟
لا، الذي لم أجده هو……
…… نعم. لا شيء.
لم أجد الشيء الذي يفترض أن أجده هناك.
أنا متأكد أني رأيته مرات عديدة في حياتي السابقة .
أحيانا يكون محجوب على الشاشة وأحيانا مكشوف.
في تلك اللحظة، أردت أن أجرب طعم الشيء الحقيقي
وأن أعرفّه على مدفعي الأبيض ذو التاج الأسود بدلا من المحارم الورقية.
هذا ما كان موجودا أمامي.
سيلف هو…
ليس هو… بل هي.
افتر رأسي.
هل ارتكبت أمرًا لا يمكنني ترقيعه….؟
” روديوس، ماذا تفعل….“
أدرت رأسي بسرعة وإذا بي أجد باول واقف عند الباب. متى رجع؟ هل جاء راكضا بعدما سمع الصراخ؟
لم أحرك ساكنا وباول أيضا لم يتحرك.
انهارت سيلف على الأرض وهي عارية تمامًا.
وما زلت ممسكا بسروالها الداخلي.
وصديقي الصغير يتباهى بانتصابه العنيف.
الوضع خرج عن السيطرة تماما ولا يحتمل التفسير.
فلت السروال الداخلي من يدي وسقط على الأرض.
المطر يهطل بغزارة في الخارج، لكني لم أعد أسمع سوى صوت السروال وهو يتساقط بهدوء.
- منظور باول —
عندما أنهيت عملي وعدت إلى المنزل، وجدت ابني يعبث مع صديقة طفولته، فتاة صغيرة.
كدت أوبخه على الفور لكن فكرت بالأمر قليلا، قد يكون لديه سبب مقنع، لا أريد تكرار خطئي السابق.
على كل، أخذت الفتاة المذعورة إلى زوجتي والخادمة، ثم عدت للحمام وبدأت أحمم ابني بالماء الساخن وأمسح جسده بالمنشفة.
” لماذا فعلت ذلك؟“
” أنا آسف.“
عندما حاولت تأديبه قبل عام أبى أن يعتذر لكنه الآن يعتذر بكل طواعية. تصرفه غريب وكأنه يرتعد خوفا.
” أريد معرفة السبب.“
” بللنا المطر لذا أردت خلع ثيابنا لنستحم…“
” لكنها لم تخلع ثيابها؟“
” نعم…“
” أخبرتني يا أبي أن أكون لطيفا مع الفتيات، أليس كذلك؟“
روديوس ليس لديه سبب مقنع، ماذا فعلت عندما كنت في مثل عمره؟
أعتقد إني كنت سأختلق عذرا ما إذ كنت أجيد اختلاق الأعذار آن ذاك. ابني مذهل حقا.
” حسنا، من الطبيعي أن يكون لطفل في عمرك بعض الفضول، لكن إياك أن تغصب الطرف الآخر.“
” …………… نعم، أنا آسف. لن أفعلها مجددا.“
شعرت بتأنيب الضمير عندما رأيت حال ابني المرتعد.
حب النساء يسري في دمائي، جسدي ينتفض كلما رأيت فتاة ظريفة وسأحاول مغازلتها بلا شك. صحيح إني استقريت الآن بعد الزواج لكني لم أمسك نفسي عن مغازلة الفتيات في السابق.
لا بد أنه ورث طباعي، ومن البديهي أن ابني العاقل قد تغلبت عليه غريزته.
لماذا لم ألاحظ هذا من قبل… لا، لا يجدر بي أن أتعاطف معه الآن.
يجب أن أعلمه من واقع خبرتي في هذه الأمور.
” لا تعتذر لي، بل عليك أن تعتذر من سيلف، فهمت؟“
” سيلف… هل ستسامحني…“
انهارت نفسية ابني بعد أن قال ذلك.
ابني متعلق جدا بتلك الفتاة، فقد كان يريد حمايتها في حادثة العام الماضي وضربته حينئذ.
بعد الحادثة، استمر باللعب معها يوميا وحماها من الأطفال الآخرين، لم يكف أبدا عن تعلم فنون السيف والسحر، ولم يتفانى في تعليمها كلما سنحت له الفرصة، وعندما تعرفّ عليها أكثر أهداها عصاه الثمينة وكتاب السحر.
أتفهم سبب إحباطه فهو يخاف أن تكرهه. سأحبط أيضا لو حصل لي نفس الموقف.
لكن لا تقلق يا بني، فمن واقع خبرتي يمكنك أن تخرج من هذا المأزق.
” لا عليك، كنت لطيفا معها طوال الوقت، إذا اعتذرت لها بإخلاص فسوف تسامحك.“
ارتاح وجه ابني قليلا.
ابني ذكي جدا، أنا متيقن أنه سينقذ هذه العلاقة حتى لو ارتكب غلطة كهذه، ومن الممكن أن يكسب قلبها لو استغل غلطته.
دهاؤه يخيفني أحيانا.
أول ما قاله ابني لسيلف بعد انتهائه من الاستحمام هو:
” سيلف، أنا آسف. كنت أحسبك ولدا لأن شعرك قصير جدا!“
كنت أظن أن ابني شخصا مثاليا لكن غبائه أفحمني.
لم يخطر هذا ببالي أبدا.
— منظور روديوس —
اعتذرت لها وراضيتها ومدحتها حتى سامحتني أخيرا.
سأناديها سيلفي من الآن فصاعدا لأنها فتاة.
يبدو أن اسمها الكامل هو سيلفيتي.
لا أصدق إني كنت أحسب فتاة ظريفة مثلها ولدا. يبدو أن باول مفحم تماما بفطنتي.
لم أتوقع أبدا أن أمر بموقف )أنت فعلا فتاة؟.(!!
لا ألوم نفسي فشعرها كان أقصر من شعري عندما قابلتها أول مرة، كما أن قصة شعرها القصيرة ليست مألوفة جدا في عالمي، لم أراها تلبس ثياب فتاة أبدا، مجرد قميص بني وبنطال. لم أكن لأخطئ لو أنها لبست فستانا.
لا… فكر بعقلانية.
لا بد أنها جعلت شعرها قصيرا جدا لأن الآخرين يتنمرون عليها بسبب لون شعرها وهي لا تريدهم أن يلاحظوه، ناهيك أنها تريد الهرب بسرعة من التنمر لذا لم تلبس الفساتين بل فضلّت البناطيل لأنها مناسبة أكثر.
سيلفي ليست ثرية جدا لذا لم تستطع أن ترتدي التنانير فاكتفت بالبناطيل.
لن أقع بنفس الخطأ لو أني قابلتها بعد ثلاث سنوات.
لطالما كنت أحسبها صبيا جميلا لأن أفعالها لم توحي لي بأنها فتاة كحركات دلع وغيره.
لو أنها… هذا يكفي، انسوا الأمر.
لا أريد اختلاق الأعذار.
يجب أن أغير طريقة تعاملي معها بما أنها فتاة.
يراودني شعور غريب كلما رأيت مظهر سيلفي الغلامي.
” سيلفـ..ـي تبدو جميلة حقا، لماذا لا تطيلين شعرك؟“
” هاه…؟“
ربما يتغير شعوري نحوها لو تغير مظهرها لذا اقترحت عليها ذلك.
حتى لو لم تحب سيلفي لون شعرها، سيكون شعرها الأخضر جميلا مع انعكاس أشعة الشمس. كم أتمنى أن تطيل شعرها والأفضل أن تسرحّه للخلف كربطة الذيل أو تسريحة الربطتين.
” لا أريد إطالته…..“
بدأت سيلفي تتوجس مني خيفة من بعد هذا اليوم.
أخذت تتفاداني بوضوح وخصوصا إذا اقتربت منها.
انصدمت قليلا لأنها كانت تطيعني تماما في السابق.
” لا بأس، لنتدرب اليوم على الترنيم الصامت.“
” حسنا.“
برد وجهي وأخفيت مشاعري.
أنا صديق سيلفي الوحيد وليس لديها أحد سواي لتلعب معه لذا استمرت باللعب معي رغم تحفظاتها.
سأترك الأمر على ما هو عليه اليوم.