الفصل 183: الرحلة نحو إمبراطورية جديدة
انقضت الليلة. كان والدا إيثان حاضرين هنا. أرادا أن يرافقاه في رحلته، لكن الطريق كان طويلاً، ولم يكن بإمكانهما الابتعاد كل تلك المدة.
كانت ترينا تبكي وهي تقول: «إيثان، لقد وضعتُ أطعمتك المفضلة داخل خاتم التخزين، ستكفيك لأشهر. حاول أن تتعايش مع الآخرين، وحتى إن لم يُقبَلكَ هناك، فلا تحزن، سأبقى دائمًا بجانبك مهما حدث. ثم إن هناك أكاديميات أخرى أيضاً.»
كانت تحتضنه وتنصحه بحرارة.
أما إيثان فكان يصغي لكل كلمة بصبر وهدوء.
حتى كاديس لم يتدخل، وبعد أن أنهت ترينا حديثها، تقدم هو قائلاً: «يا بُني، لم يجرؤ أحد من عائلتنا قط على التفكير في دخول تلك الأكاديمية. فلا تضغط على نفسك، فقط أبذل جهدك.»
كانت هذه كل الكلمات التي أراد قولها.
ابتسم لهما إيثان وصعد إلى العربة.
خمسة خيول وحشية كانت ستجر العربة.
مئة من الحرس الملكي اصطفوا لحمايته: ثمانون فارسًا في مستوى الفارس الحقيقي، وعشرون ساحرًا في مستوى الساحر الحقيقي.
كان القائد فارسًا عظيمًا، ونائبه ساحرًا رفيعًا.
كان فريق الحراسة هذا بالغ القوة، بحيث إن الإمبراطور نفسه إن خرج يومًا، لكان اتخذ مثل هذا الموكب.
تحركت العربة إلى الأمام.
أغمض إيثان عينيه. لقد أصبح الآن ساحرًا رفيعًا بوسعه استخراج 50% من المانا من نواته.
كان واثقًا من أنه قادر حتى على قنص القائد نفسه باستخدام تعويذتي "بوابة النقل" و"شعاع البلازما".
وقد تعلّم أيضًا تعويذة للكشف، يستطيع بها رصد ما يحيط به لمسافة 5 كيلومترات.
فتح عينيه مجددًا بعد أن عدّل التعويذة وفقًا لاختباراته، بحيث تبقى مفعّلة دائمًا بشكل سلبي، وتُصدر إشارة عند اقتراب أي خطر. ولم تكن تستهلك الكثير من المانا.
أخرج كتيبًا ليطالع معلومات عن أكاديمية السحرة العليا ؛ كانت موئل العباقرة العظام من الجنس البشري.
هل سيتمكن من نيل مكان فيها؟ كان سيكون أكثر ثقة لو أنه أتقن تعويذة زمنية أيضاً.
لكن ما لم يكن يعلمه، أنه كطفل في السادسة من عمره بلغ بالفعل مستوى الساحر الرفيع، بل وكان فارسًا حقيقيًا كذلك، لم يكن سوى وحش حقيقي!
العباقرة الآخرون هناك لن يشعروا إلا باليأس أمامه.
غير أن ذلك لم يكن خطأه؛ إذ إنه لم يغادر القلعة كثيرًا، ولم تُتح له فرصة مقارنة قوته بالآخرين. وهذه ستكون المرة الأولى التي يشارك فيها في منافسة رسمية.
وبينما الشمس تميل نحو الغروب، كان إيثان قد أنهى قراءة تفاصيل الكتاب.
لقد تأسست الأكاديمية على يد فيكتور فرانكنشتاين منذ خمسين مليون سنة.
في كل دفعة، يُقبل خمسمئة شخص فقط، من دون أي حصص محجوزة حتى للمديرين.
الموهبة الخالصة وحدها هي معيار القبول. وهذا ما أبقى الأكاديمية شامخة عبر العصور، دون أن تندثر في طيّ التاريخ.
فجأة سمع طرقًا على باب العربة.
«جلالتك، نفكر في نصب خيامنا هنا. ما رأيكم؟»
كان ذلك صوت نائب القائد جوليوس .
فتح إيثان النافذة ورأى الشمس توشك على الغروب، فأجاب: «لا بأس. وابحثوا عن بعض الوحوش أيضاً، أريد أن أتناول الشواء الليلة.»
قال جوليوس: «كما تأمر.»
غادر، وأمر الجنود بنصب الخيام وإشعال النار. كما أرسل عشرين حارسًا ليشكلوا فرقة صيد للبحث عن وحوش أو فريسة ضخمة.
سرعان ما عادوا بعد أن اصطادوا ثورًا وحشيًا عملاقًا، ونصبوا وليمة شواء تلك الليلة. مضت الليلة الأولى بسلام.
في صباح اليوم التالي، تحركت العربة من جديد.
وبحلول هذا اليوم، وصلوا قرب سلسلة جبلية. قرروا أن يعبروا الجبال صباحًا، لذا أقاموا المعسكر مبكرًا.
وبينما كان الجنود يستعدون للخروج للصيد، شعر إيثان فجأة بمصدر مانا هائل يقترب منهم. كان بالغ الاتساع، يتجاوز حتى القائد.
صرخ: «عودوا حالًا!»
لكن قبل أن يتمكن الجنود من الرد، انقض وحش جبلي ضخم من العدم.
كان سريعًا بصورة مرعبة، حتى إنهم لم يجدوا وقتًا للتفاعل. اجتاحهم اليأس وأغمضوا أعينهم بانتظار الموت.
لكن الصدمة التي توقعوها لم تأتِ.
فقد أطلق إيثان شعاع البلازما مستخدمًا سحر البوابة. اخترق الهجوم ساق الوحش الخلفية، فأربكه وغيّر مساره.
اغتنم الجنود الفرصة النادرة للعودة مسرعين إلى المعسكر.
وعندها فقط رأوا الوحش جيدًا.
كان خنزير أنياب بري بحجم عربة أو أكبر.
لكن لم يفهموا سبب توقفه المفاجئ عن الهجوم.
في مكان آخر داخل فضاء خفي، كان إديان يراقب المشهد: «ذلك الفتى أتقن مهارة قوية من عنصر الفضاء... لنرَ ما سيُظهر بعد.»
عاد القائد إلى رشده وأمر الحراس بمهاجمة الوحش فورًا.
رفع السحرة عصيّهم وبدأوا بتلاوة التعاويذ.
أطلقوا التعويذة تلو الأخرى، فيما الفرسان أمطروا الوحش بالسهام.
لكن لا السهام ولا التعاويذ استطاعت إلحاق أذى بالخنزير، فضلًا عن اختراق جسده.
نظر القائد ريف إلى جوليوس وقال: «هاجمه بأقصى قوتك. هذا وحش من الدرجة العظمى، ولن يكون من السهل إصابته.»
أومأ جوليوس وبدأ بترديد تعويذته.
لكن الخنزير كان قد استشاط غضبًا وأطلق زئيرًا مدويًا.
فاندفعت شفرات ريح قاتلة نحو الفريق. كان الوحش ذا عنصر الريح.
صرخ ريف: «سحر الحاجز! حماية الأمير هي الأولوية القصوى!»
ثم اندفع الخنزير مهاجمًا.
أخرج ريف سيفًا أزرق، كان فارسًا من عنصر الماء. وبسيفه تقدّم ليواجه الوحش مباشرة.
وسط هذا الجنون، لم يلاحظ أحد أن الأمير ذا الست سنوات كان يبتسم ابتسامة جنونية.
لقد كان يستمتع بالمشهد... كان يتعلم السحر من الجميع.
فبفضل قوة استيعابه الفائقة، كان يكفيه مجرد مشاهدة طريقة إلقاء التعويذة ليُدرك بنيتها. ورغم أنه لا يستطيع استخدام عناصر غير عنصرة، إلا أنه قادر على إدماج تلك البُنى مع المانا الخام لإعادة صياغتها في ترسانته الخاصة.