الفصل 184: قتل الخنزير البري

حين اقترب ريلف من الوحش، رأى أن ساقه الخلفية كانت تنزف دمًا.

أصابه الذهول، فمن الذي هاجم هذا الوحش قبل لحظة؟ لقد لمح شعاع ضوءٍ غريبًا، لكنه لم يرَ مصدره. ما يعني أن شخصًا ما هنا استطاع إصابة هذا المخلوق.

هل كان صديقًا أم عدوًا؟ لم يكن يملك وقتًا ليتساءل، فالمطلوب الآن قتل الوحش. وإلا فلن يستطيع أيٌّ من فريقه فعل ذلك.

كان إيثان يراقب القتال. أراد التدخل، لكنه في الوقت نفسه أحب أن يرى القائد في ساحة المعركة.

سرعان ما التحم ريلف مع الخنزير البري. هاجم بسيفه، لكن الوحش تفادى الضربة ووجه رأسه ليصدمه. إلا أن ريلف لم يكن فارسًا عاديًا.

قفز فوق رأس الوحش وغرس سيفه فيه، لكن الوحش أطلق شقًّا هوائيًا نحوه مباشرة.

لم يستطع ريلف تفاديه وهو في الهواء. اخترق الهجوم صدره، فتدفقت الدماء، وطار جسده ليهوي على الأرض.

صُدم إيثان من قوة الخنزير وسرعة بديهته القتالية. ريلف فارس في الجيش الملكي، ومع ذلك لم يستطع مجاراته.

ثبت الوحش نظره على ريلف الملقى بعيدًا، وانطلق مسرعًا نحوه.

لم يتردد إيثان هذه المرة. فتح بوابة أمام رأس الوحش وأطلق من خلالها شعاع بلازما.

اخترق الشعاع رأس الخنزير كأنه يمر عبر زبدة، وخرج من مؤخرته.

مات الوحش في الحال، وتوقف جسده بعد أن انزلق قليلًا بفعل اندفاعه.

وقف الجميع مذهولين. ما الذي حدث؟

هذا الهجوم مجددًا؟ من صاحب هذه القوة؟ لم يشعروا بالاطمئنان بل بالخوف. إن وُجهت ضدهم، سيموتون دون أن يعرفوا حتى من قتلهم.

لاحظ إيثان نظراتهم القلقة وفهم الموقف. كان واثقًا في القائد ونائبه، فقد اختارهما والده، كما كان يعلم أن الجد الأعلى يراقبه.

فقرر أن يكشف عن نفسه.

"نائب القائد جوليَس، انظر إلي."

التفت الجميع فور سماع صوته، فرأوا إيثان يرفع إصبعه نحو السماء ويطلق شعاعًا من البلازما اخترق غيمة عالية.

ثم عاد بهدوء إلى عربته، وقال: "عالجوا القائد ريلف في الحال، وجهزوا هذا الخنزير للشواء."

كان مُحبطًا؛ فالوحش مات بسهولة شديدة. لم يكن قويًا أمامه، ولا ضعيفًا أمام ريلف. على أي حال، تعلّم اليوم نمط هجوم "الشق الهوائي". ورغم أنه لا يستطيع استخدام الرياح، فبإمكانه استخدام شق مانا، وربما يومًا ما… شق الزمن؟

فور أن خطرت الفكرة بباله، أخرج ورقًا وقلمًا وبدأ يدوّن ملاحظاته بحماس.

أما الحرس، فظلوا واقفين مذهولين.

"هل الأمير الخامس قتل وحشًا من الطبقة العظمى بمفرده؟"

انفجر صوت جوليَس بغضب: "ألم تسمعوا أوامر صاحب السمو؟ ما بالكم واقفين كالحمقى؟ هيا أعدّوا لحم الخنزير!"

استفاقوا وبدأوا التحضير، فيما استخدم السحرة ذوو العنصر الضوئي مهارات الشفاء على ريلف. إصاباته لم تكن خطيرة، وسيتعافى خلال ساعة.

أما إيديان في العالم الداخلي فكان مبهورًا: "هذا الفتى استثنائي. أتطلع حقًا لمستقبله. ربما يتمكن من دخول ذلك الأثر في عالم الأصل."

مرّ ساعتان، وكان إيثان غارقًا في بحثه.

حتى طرق أحدهم على الباب: "صاحب السمو، الطعام جاهز."

خرج وهو يشعر بالجوع، فوقف الجميع احترامًا. هذه المرة لم يكن احترامًا لمكانته فقط، بل تقديرًا حقيقيًا لقوته.

سأل عن ريلف: "كيف حالك أيها القائد؟"

أجابه ريلف بابتسامة ضعيفة: "أنا بخير يا صاحب السمو، شكرًا لسؤالك."

ابتسم إيثان: "هذا جيد. حسنًا، لنجلس جميعًا ونتناول الطعام."

اجتمعوا حول وليمة شهية. لحظات كهذه هي ما تجعل الجنود إخوة حياةٍ وموت: يقاتلون معًا، ثم يقتسمون النصر أو الهزيمة.

كان هؤلاء المئة فريقًا خاصًا شكّلهم الإمبراطور بنفسه حين أيقظ ابنه الخامس عنصر الفضاء، كهدية مميزة له.

بعد الوجبة، عاد إيثان إلى عربته. تعجب أن شقيقه الأكبر لم يتحرك بعد. هل كان يعلم أن الجد الأعلى يراقبه؟

انغمس مجددًا في أبحاثه حول تعويذة "شق الزمن".

في الصباح التالي، استيقظ وقد حقق تقدمًا ملحوظًا. ففهمه لتعويذة الفضاء سرّع استيعابه للزمن، وهما عنصران مرتبطان على الأرجح.

اليوم سيدخلون سلسلة الجبال، منطقة خطرة حتى في وضح النهار، مليئة بقطاع الطرق والوحوش، وأحداث مجهولة.

كان ريلف قد تعافى تمامًا بعد ليلة من الراحة، فانطلقوا معًا. الطريق وعِر وصعب على العربات.

وعند الظهيرة، بلغوا عمق الجبال، أخطر مكان فيها. كان الحراس جميعًا في أقصى درجات اليقظة. حتى إيثان أوقف بحثه ليُركّز على تعويذة الكشف.

استشعر عشرات الهالات القوية تحيط بهم، لكنها لم تقترب لأن السحرة أخفوا حضورهم.

لكن فجأة…

بوووم!

انطلق تعويذ ناري نحوهم.

كان جوليَس متيقظًا فشكل حاجزًا سحريًا فورًا.

أما إيثان، فقد شعر بوجود 28 هالة فائقة القوة أمامهم. لم يكونوا هناك قبل قليل. لا شك أنهم كانوا يتخفّون.

2025/09/04 · 105 مشاهدة · 666 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025