الفصل الثالث: شرارة التغيير

كان أمام إيثان خمسة عشر يومًا ليتوجّه إلى قاعة الرابطة القتالية للحصول على شهادة

المحارب شبه المبتدئ

.

وبما أنّ لديه الآن بعض الوقت لنفسه، جلس أمام شاشته الأنيقة يتصفح المقالات والمنتديات، وذهنه يفيض بالفضول.

هل جميع المقاتلين متساوون بمجرد دخولهم عالم المحاربين؟

تساءل.

هل يتمتعون جميعًا بالقوة نفسها؟

لم يطل به البحث حتى وجد الإجابة.

لا.

فالكون لم يكن عادلًا قط، لا في حياته السابقة ولا في هذه الحياة. المساواة في القوة محض وهم.

صحيح أن المقاتلين في المستوى نفسه قد يمتلكون قوة أساسية متقاربة، باستثناء بعض العباقرة، لكن ذلك لا يمثل إلا جزءًا من المعادلة. فالمهارة تلعب دورًا بالغ الأهمية—سواء كانت تقنيات سلاح أو فنون قتال بالأيدي. وإتقان هذه المهارات قد يضاعف القدرة القتالية مرات عديدة.

لكن الإتقان يتطلب أمرًا خاصًا: الفهم العميق .

حتى لو تعلّم شخصان المهارة نفسها، فإن طريقة تطبيقهما لها في القتال قد تختلف جذريًا. الفهم، والموهبة، والحدس—كلها عوامل تميز المقاتلين عن بعضهم.

ثم هناك عامل حاسم آخر: المواهب الفطرية .

فبعد فتح الجينات والدخول إلى مستوى

محارب الفنون القتالية

، قد يستيقظ لدى بعض الأفراد نوع من المواهب الفريدة. قد تكون هذه المواهب ذات طبيعة عنصرية—كالنار أو الجليد أو البرق—أو صفات جسدية مثل القوة أو السرعة أو الدفاع المعزز. وهناك من يمتلك قدرات خاصة أخرى مثل الشفاء أو الرؤية البعيدة وغيرها.

ومع ذلك، ليس كل مقاتل يملك موهبة.

لكن كل عبقري… يملكها حتمًا.

بينما كان إيثان يستوعب هذه المعلومات، اشتعلت شرارة في داخله.

ماذا لو امتلكتُ موهبة أنا أيضًا؟

فكّر بحماس.

وإذا جمعتها مع قوة النظام... سأصبح لا يُقهر.

تلك الليلة، خلد إلى النوم مبكرًا وقلبه مفعم بالطموح.

في صباح اليوم التالي، تسلّل ضوء الشمس عبر نافذته. تمدد إيثان بتكاسل، ثم استدعى بياناته بلمح البصر.

[المالك: إيثان هانت]

البنية الجسدية: 0.2

الروح: 0.2

رمش بعينيه وهو يشعر بحدةٍ في إدراكه وتركيزٍ لم يعهده من قبل. بدت رؤيته أوضح، وجسده أخف.

هل هذه هي تأثيرات صفة الروح؟

تساءل.

وبعد أن استعد، خرج لتناول الإفطار. كان اليوم أحدًا—يوم عطلة. وبما أنه لا يملك أي التزامات، قرر استكشاف المدينة قليلًا.

قاد دراجته النارية المتطورة—آلة أنيقة مستوحاة من طراز "رويال إنفيلد" لكنها مجهزة بترقيات مستقبلية—وأدار محركها. كانت قادرة على بلوغ سرعة 500 كيلومتر في الساعة بسهولة، لكنه اختار أن يقودها بهدوء اليوم.

أول محطة له كانت مركز تسوق. كان بحاجة إلى ملابس تدريب—شيء لم يكن إيثان السابق ليشتريه إلا للضرورة القصوى.

وبينما كان يقلب بين رفوف المعدات، وقعت عيناه على فتاة قريبة منه، فتوقف أنفاسه لحظة.

كانت فاتنة الجمال—بشرة كالخزف، طولها يقارب 170 سم، وقوام يضاهي أشهر العارضات. ترتدي معطفًا بنفسجيًا أنيقًا فوق كنزة ضيقة بياقة عالية، وحذاءً أسود يصل إلى منتصف الساقين، في مزيج مثالي من الأناقة والقوة.

خفق قلب إيثان فجأة.

لماذا أشعر بهذا؟

ثم أدرك الحقيقة—هذا الإحساس ليس إحساسه، بل بقايا مشاعر "إيثان" الأصلي. كانت تلك الفتاة "روز ليزلي"، زميلته في الصف وحبّه القديم. برعت في الأدب والفنون القتالية، وتحلم بالالتحاق بجامعة أورورا للفنون القتالية. ورغم أن أسرتها متواضعة الحال، إلا أنها كانت مجتهدة، تقضي أيامها بين الدراسة والتدريب في النادي.

لكنها اليوم لم تكن وحدها؛ إلى جانبها وقفت فتاة أصغر سنًا، ربما أختها، تشاركها الجمال نفسه.

على عكس إيثان القديم، لم يتردد الجديد. تقدّم بخطى ثابتة وقال:

"مرحبًا، روز."

التفتت نحوه متفاجئة، واتسعت عيناها. "إيثان؟" سألت بدهشة، إذ لم تعرفه إلا كفتى هادئ بالكاد يتحدث إلى أحد سوى "ريان".

لكنها ابتسمت بأدب. "مرحبًا..."

كانت الفتاة الصغيرة، "زارا"، تنظر إليه بفضول. كان وسيمًا، وأختها تعرفه. ابتسم لها إيثان بتحية، فاختبأت بخجل خلف معطف روز.

سألها: "ماذا تفعلين هنا، روز؟"

"أشتري بعض الملابس لي ولزارا"، أجابت.

أومأ إيثان ثم عرض بهدوء: "هل ترغبين في تناول قهوة؟"

ترددت روز قليلًا، ثم قالت بلطف: "ربما في وقت آخر..."

تفهم إيثان الأمر ولم يُلح، فاكتفى بابتسامة صغيرة ولوّح لهما مودعًا.

بعد مغادرته المركز التجاري، توجّه إيثان إلى صالة تدريب قريبة—

صالة النمر الناب للفنون القتالية

. استقبلته موظفة استقبال ودودة:

"هل تبحث عن شيء محدد؟"

ومنها علم أن مالك الصالة محارب فنون قتالية من المستوى التاسع، وأن كثيرًا من الطلاب المبتدئين يتدربون هناك قبل فتح جيناتهم. كانت مكانًا محترمًا لبدء المسار القتالي.

فكر إيثان في الانضمام… لكن سرعان ما هز رأسه. بوجود النظام، ستنمو قوته بسرعة غير طبيعية، وسيكون من الصعب إخفاء تقدمه لو تدرب هنا. من الأفضل أن يبقى بعيدًا عن الأنظار—في الوقت الحالي.

قضى بقية اليوم يتجول في أرجاء المدينة قبل أن يعود أخيرًا إلى المنزل.

حين دخل، توقف قليلًا.

إنهم في البيت…

شعر بلمحة توتر قبل أن يتماسك. في المطبخ، كانت أمه "إلينا" تدندن بلحن وهي تحضر العشاء. طويلة القامة، رشيقة، تحمل هالة دافئة. أما والده "جاك هانت" فكان جالسًا على الأريكة، رجل ضخم بطول 190 سم، وكتلة من القوة والهدوء.

قال وهو يحييهما: "مرحبًا، أمي… أبي."

التفتت "إلينا" بدهشة. "إيثان؟ لقد عدت."

"خرجت للتسوق"، أجاب ببساطة.

ارتفعت حاجباها. "تسوق؟ هذا أمر نادر. ماذا اشتريت؟"

"ملابس تدريب."

"ملابس تدريب؟" رمشت بدهشة حقيقية. "ولماذا؟"

"أريد التقدّم لامتحان شهادة المحارب شبه المبتدئ بعد خمسة عشر يومًا. عليّ أن أتدرّب."

رفع جاك نظره عن التلفاز بدهشة.

ابنه، الذي كان دائمًا بلا اهتمام أو طموح، يتحدث الآن عن شهادة قتالية؟

سأله بنبرة يختلط فيها القلق بالفضول: "لماذا هذه العجلة، يا إيثان؟"

شعر إيثان بدفء صوته، لم يكن شكًّا… بل اهتمامًا.

"أريد دخول جامعة مرموقة يا أبي، وسأحتاج هذه الشهادة للقبول."

ساد صمت قصير.

لينت نظرات إلينا، واتكأ جاك إلى الوراء مفكرًا.

لقد تغيّر ابنهما… لم يعد ذلك الفتى الخجول المنطوي، بل صار في عينيه بريق، وفي صوته هدف.

تبادلا نظرة، تحمل بينهما فخرًا صامتًا.

ابتسمت إلينا قائلة: "حسنًا إذن… ماذا تريد على العشاء؟"

ابتسم إيثان بدوره: "لحم بقر مشوي بالفلفل الأسود مع أرز بالثوم."

ضحكت: "تم."

بينما كان يتجه إلى غرفته، لم يستطع منع الابتسامة من الارتسام على وجهه.

2025/08/14 · 701 مشاهدة · 904 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025