الفصل 45: المعركة التي هزّت المدينة
سقطت المدينة في صمت مشحون بالترقب والخنق.
تجمّدت أنظار الجميع على الرجل الوحيد في الدرع الذهبي، معلقًا عاليًا في السماء المظلمة.
الدرع نفسه كان يتوهّج—مصنوع من عنصر الضوء الخالص، كل مفصل ولوح منه ينبعث منه ضياء هادئ يصدّ الليل. على الشاشات، بدا أقل شبهاً بالإنسان وأكثر كأنه إله منتقم سماوي.
كان تشارلز ملقى على الأنقاض، تتأرجح رؤيته من فقدان الدم. ومع ذلك، أشرقت في عينيه علامات إدراك.
أليس هو... واحد منهم؟ واحد من الغامضين الذين لم تستطع التحالف تتبعهم؟
ماذا يفعل هنا؟ ألم يقل إنه سيتجه إلى المدن الأخرى؟
عاليًا فوق، وقف إيثان ويداه مطويتان بهدوء خلف ظهره. لم تحرّك نظرته لحظة عن النسر، الذي كان جناحاه يخفقان بالسماء مثل إعصار.
كان هذا المخلوق أقوى خصم واجهه على الإطلاق.
كان يعلم ذلك. إذا فشل—إذا أصاب أي من تلك الطفرات الطاقية المدينة—فلن يبقى شيء.
لا حتى الرماد.
خفق قلبه أبطأ. أهدأ.
إذا استطعت توحيد نية السيف وتقنية الفناء في تناغم كامل... أستطيع قتله.
لكن الخطر كان مطلقًا.
أي خطأ... أي لحظة ضعف... وسيتم تبخيره، كل جزيء منه سيُمحى تحت قوة النسر البالغة عشرة ملايين طن—قوة تعادل رأسًا نوويًا.
زفر مرة، دافعا كل خوف بعيدًا.
"المجال."
كان صوته ناعمًا، بالكاد مسموع فوق العاصفة. لكن السماء استجابت.
انتشرت كرة من الرعد المتأجج، حاجز لامع بعرض خمسة كيلومترات. الهواء الليلي تصاعدت فيه شحنات كهربائية غاضبة. صواعق البرق نزلت على التوالي بلا رحمة—عشر رماح من الكهرباء الخام صوبت نحو جسد النسر الهائل.
كراككوم—
انفجرت كل ضربة في أقواس ضوئية مبهرة عبر ريشه المدرّع. رغم أن الرعد لم يُلحق سوى الضرر البسيط بالوحش، إلا أنه جعله يتردد.
انفجرت صرخة غاضبة عبر الغيوم. تقلصت حدقات النسر، واتسع صدره العملاق بشهيق هائل.
أطلق.
انفجر إعصار من فمه، دوامة مضغوطة كثيفة تشوه ضوء النجوم خلفها. صدى صرخته جعل المباني تهتز.
تلاشى ظل إيثان—اختفى من مسار النسر.
عندما ظهر مجددًا، وقف مقابل المدينة، متأكدًا من أن الانفجار لن يصيب أي مدني.
انفجرت الكرة الهوائية بلا أذى في الجبال البعيدة.
تلألأت عينيه الذهبية خلف خوذته.
رفع يدًا واحدة.
فششش—
ظهرت ثلاثون شعاعًا مضيئًا، تدور ككوكبة جديدة تولد في السماء. تحولت إلى رماح طائرة—رقيقة كأوراق الخريف، وحوافها محفورة برموز النية القاتلة.
كل واحدة مشحونة بنيّة السيف، تهتز برنين قاتل.
بانسجام كامل، أطلقها.
شقّت الرماح السماء بأقواس لامعة، تاركة أثرًا ذهبيًا أضاء الظلام.
اتسعت عينا النسر، وغرائزه البدائية تصرخ بالخطر القاتل.
بخفق جناح هائل، أطلق إعصارًا.
وهم—
لم يكن الإعصار مجرد عاصفة عادية. كل ريشة مشحونة بعنصر الرياح، محولًا العاصفة إلى سلاح مضاعف القوة. كان الضغط شديدًا لدرجة أن إيثان شعر بجسده يجهد للحفاظ على توازنه، وقد تزحزحت حذاؤه على الهواء.
أسفل، كانت الكاميرات تكافح للحفاظ على التركيز بينما تتقطع الشاشة بالتشويش.
في ذلك الإعصار، تم إلقاء كل الثلاثين رماحًا كشرر في الرياح.
حُبست أنفاس المدينة.
ظل إيثان ثابتًا، تنفسه هادئًا، رغم تكوّن العرق تحت درعه. كان هذا المخلوق قويًا—أقوى بكثير من أي شيء عرفه.
ومع ذلك، رفض التردد.
استدعى رماحه مجددًا. تلمعت الرموز بقوة أكبر، ومع لفّة من معصمه، دفع راحته إلى الأمام.
التقت الشفرات، مدمجة في كتلة واحدة ملتفة من الضوء الذهبي. تشكلت مثقاب—كثيف بما يكفي لتشويه الهواء حوله—في يده الممتدة.
لم يتردد.
بلمحة، أطلقه للأمام.
ارتد صراخ النسر عبر المدينة. تضيق حدقاته إلى نقاط، وارتفع إلى الخلف، وريشه مشدود.
تكوّنت كرة إعصار أخرى في فمه، ضعف حجم الأولى، طبقات مضغوطة في دوامة مميتة.
أطلقا معًا.
اصطدم المثقاب وكرة الرياح.
بوم—
ابتلعت موجة صدمة من الضوء والرياح الزمردية السماء.
حتى من الأرض، شعر الجميع بالزلزال في عظامهم.
المثقاب الذهبي كاد ينكسر، الرموز تتشقق، يكافح لاختراق الإعصار. للحظة—لحظة واحدة فقط—بدى أنه يتغلغل.
ثم التهمه الريح.
اندفع الانفجار عبر المثقاب، ضعيفًا لكنه ما زال هائلًا، نحو موقع إيثان.
اختفى مجددًا—ظهر خارج دائرة الانفجار، لكن حتى الرياح الجانبية حرقت درعه، ممزقةً قطع الضوء في تيارات منصهرة.
احترقت بشرته تحته.
اشتعل الألم، ساطع كالبرق، لكن التجدد بدأ فورًا. التئمت الأنسجة الممزقة خلال ثوانٍ.
هذا... لا ينجح.
أسرع ذهنه، كل حساباته تتقاطع كألف شاشة في وقت واحد.
أحتاج ضربة واحدة. ضربة حقيقية. إذا استمر هذا وأطلق نحو المدينة—
أسفل، شاهد الآلاف بلا حول ولا قوة. بعضهم بكى صراحة، غير قادرين على النظر بعيدًا. التقطت الكاميرات كل لحظة—المحارب المجهول في الذهب يتحدى الفناء بإرادته فقط.
بعيدًا عن المدينة، ثارت الثلاثة آشورد بغضب. من هذا الوغد الذي يفسد خططهم؟
شعر إيراسموس بعضلاته تتوتر، يدايه تشتعلان للتدخل—لسحق المتطفل قبل أن يفسد كل شيء. لكن العقل منعه: إذا انضم، سيعرف التحالف أن إمبراطور قاتل هنا. ستسجل الأقمار الصناعية كل شيء.
وسيكون هذا نهاية خط آشورد.
فتمالك نفسه.
توهّج مجال الرعد الخاص بإيثان أكثر، أقواس من البرق البنفسجي تصدم النسر مرارًا وتكرارًا.
صرخ الوحش، أجنحته تزمجر—لكن الضرر كان ضئيلًا.
كلا الجانبين بدأ يفقد الصبر.
عرف إيثان أن الوقت قد حان. لا يمكنه السماح للمواجهة بالاستمرار لحظة أخرى.
رفع يدًا واحدة—وهذه المرة، لم يستدعِ فروسثمورين.
ذلك السيف كان معروفًا جدًا.
بدلاً من ذلك، ظهر سيف جديد.
سيف الدمار.
فينوزدونويا.
أسود كالفراغ، محفور برموز تبدو وكأنها تبتلع مفهوم الوجود ذاته. سلاح ليس من هذا العالم، بل من شيء أعمق—قديم ومروع.
أمسك بالمقبض.
ثم—أغلق عينيه.
نية السيف.
تدفقت القوة عبر ذراعه، متحدة مع السيف.
السرعة المطلقة.
بدت العالم وكأنه يتباطأ—الإعصار أصبح زحفًا، كل ريشة وكل نسيم مكشوف أمام إدراكه.
الفناء.
استيقظ صدى كارثي في قلب الشفرة. اهتزاز نقي يمحو كل شيء يلمسه.
فتح إيثان عينيه—ذهبيتان، لا تهزهما الرياح.
swung.
فوووووم—
انقسم الظلام.
اندفعت موجة الفناء، ممتدة في هلال من الضوء الأسود مع عروق بيضاء من الفناء.
كانت هذه الضربة بقوة عشرين مليون طن. في مستوى الإمبراطور.
حتى إيثان لم يدرك القوة الحقيقية للتقنية. لو فعل... لكان أنهى هذا منذ زمن.
انفجرت غرائز النسر في رعب خالص.
حاول الفرار. خفق جناحاه بسرعة جعلت السماء نفسها تصرخ.
لكن الهجوم كان أسرع.
ضرب.
شرااااانغ—
تجمد جسد النسر الهائل—اللحم والعظم انشقا في خط واحد من الدمار المطلق.
للحظة، عم الصمت.
ثم انقسم جسده، إلى نصفين، يتساقطان نحو أطراف المدينة، بلا حياة.
حلّق إيثان، كتفاه يرتفعان وينخفضان مع كل نفس ثقيل.
تلاشى ضوء درعه. ارتفعت الدخان من قفازاته.
لكن بقي واقفًا.
مسح المدينة بحاسة روحية واحدة. عدد لا يحصى من المدنيين مصابين. تشارلز على حافة الموت. الحرائق تنتشر في الأحياء المنهارة.
أطلق تنهيدة هادئة من الارتياح.
انتهى كل شيء.
ارتفع هتاف من الأسفل—هتافات ممزقة، تنطلق من حناجر خافتة من الخوف.
لقد انتصر المحارب المجهول.
شعر تشارلز برئته المكسورة تكافح من أجل الهواء. ابتسامة تشق شفتاه الملطختين بالدم.
حتى لو مت الآن... لن أشعر بالندم.
رفع إيثان نظره إلى النجوم—ثم خفض يده ببطء.
تجمع الضوء عند طرف إصبعه.
وهم—
تدفق تيار لا نهاية له من الطاقة المشعة، متعرجًا عبر السماء في خيوط لا تُعد. مثل المطر الذهبي، نزل على كل شارع، كل خراب، كل جريح.
شهق الناس بدهشة.
هل هذا إله؟
أول القطرات ضربت الجلد—الحروق التئمت، العظام عادت، النزيف توقف. بكى الأطفال بينما اختفت جروح آبائهم في موجات متألقة.
تعافى المقاتلون المبتدئون في لحظات.
حتى تشارلز شعر بتلاشي الضرر القاتل في صدره. الأعضاء المحطمة التئمت، وعاد اللون إلى وجهه.
امتلأت عينه بالأسئلة، لكن لم تكن هناك إجابات.
أعلى، شاهد الثلاثة آشورد بصمت قاتم. شد إيراسموس فكيه.
"هذا... لن ينتهي هنا."
كانت أسنان نولان تضغط بشدة حتى تسيل الدماء من ذقنه.
وغد.
لن أدعك تفلت.
نظر إلى المدينة المتعافية والمذهولة. ثم، دون كلمة، استدار، وتلاشى سيف الدمار من قبضته.
ابتلعت الضوء شكله.
وبينما تلاشى التوهج الذهبي، اختفى في الليل، تاركًا خلفه فقط الرهبة والخلاص.