6 - اختبار السرعة وكريستالة الاستيقاظ

الفصل السادس: اختبار السرعة وكريستالة الاستيقاظ

كان الجو داخل قاعة الاختبارات مشحونًا ومثقلًا بالتوتر، حتى بدت أنفاس الحاضرين ثقيلة. اصطف سبعون طالبًا في هدوء، تتقاطع في أعينهم مشاعر القلق والتطلّع. اليوم لم يكن مجرّد اختبار آخر… بل كان اختبارًا قادرًا على تغيير حياتهم إلى الأبد.

بالنسبة لهؤلاء الشباب الطموحين، اجتياز اختبار السرعة يعني الحصول على الشهادة الرسمية للمحاربين. ومعها، تُفتح أمامهم أبواب الجامعات المرموقة أو إمكانيّة الانضمام إلى إحدى قاعات الفنون القتالية المرموقة، ليبدأوا مسيرتهم كمحاربين مستقلين. لم يكن الأمر منافسة عادية… بل كان مستقبلهم نفسه على المحك.

وقف ريتشارد في المقدمة، يمسح بنظره صفوف الطلاب. بدا وجهه جامدًا، لكن في عينيه لمحة فخر خفية. وقال بصوت ثابت وهو يشير بيده: "أمامكم عشرة أجهزة لاختبار السرعة. وكما في السابق، ستتقدّمون على دفعات من عشرة أشخاص. على كل متقدّم أن يحقق سرعة لا تقل عن 25 مترًا في الثانية ليجتاز الاختبار."

تقدّم أول عشرة طلاب بتردد نحو الأجهزة. ومع بدء العد التنازلي، دوّى صوت الخطوات السريعة في القاعة، قبل أن تظهر النتائج على الشاشات.

خمسة فقط اجتازوا الاختبار.

سرت همهمة خافتة بين الحاضرين، فالنتائج أوضحت أن الأمر لن يكون سهلًا.

توالت الدفعات، بعضهم اجتاز، وبعضهم سقط. ومع كل محاولة، كان القلق يزداد.

حين جاء دور مجموعة مارك ، تقدّم بخطوات واثقة، وعلى وجهه ابتسامة متعالية، بينما كان داخله يضمر احتقارًا:

"همف… ربما وصل إيثان إلى قوة المستوى الحدّي، لكن دعونا نرَ إن كان سينجح في اختبار السرعة. وعندما يفشل… سأريه معنى الجحيم بنفسي."

انطلق مارك، وأكمل الاختبار بسرعة بلغت 27 مترًا في الثانية، متجاوزًا الحد المطلوب. ظهرت النتيجة على الشاشة، وتعالت بعض الهتافات الخافتة والإعجاب المصطنع.

لكن في الخفاء، كان البعض يعضّ على أسنانه حنقًا:

"ذلك المتعجرف… لولا جرعات تقوية الجسد التي ابتاعها، هل كان ليصل لهذا المستوى؟"

لم يجرؤ أحد على التصريح بذلك، فمارك ذو نفوذ وقوة، ومن الأفضل كتم الغضب.

ثم جاء دور روز .

بهدوء وثقة، تقدّمت نحو الجهاز، تنفّست بعمق وبدأت بخطوات رشيقة ومتّزنة.

28 مترًا في الثانية.

ساد صمت مدهوش لثوانٍ، قبل أن تنفجر القاعة بهتافات ودهشة:

"إلهتي!" صاح أحدهم باندفاع. "اخرجي معي في موعد، أعدك أنني جاد!"

ردّ آخر بسخرية: "ضفدع يحلم بعضّ لحم البجعة… ما أوقحك."

لكن روز ظلّت على هدوئها، غير آبهة بالإعجاب أو السخرية.

حين جاء دور إيثان ، تقدّم بخطوات ثابتة، وعيناه تلمعان بثقة. لم يشعر بأي توتر؛ فمع وصول قوّته الجسدية والروحية إلى 6 نقاط، كان قادرًا بسهولة على تجاوز 40 مترًا في الثانية لو أراد. لكنه قرّر ألّا يكشف كل أوراقه… أراد أن يلفت الانتباه دون أن يصبح موضع فحص وتدقيق.

بدأ الاختبار بحركة سلسة ودقيقة، وانتهى بنتيجة ظهرت على الشاشة:

33 مترًا في الثانية.

عمّ الصمت أرجاء القاعة، حتى صوت الأنفاس خفت.

في عالم الفنون القتالية، الفرق بين 25 و26 مترًا في الثانية يتطلّب قفزة هائلة في أداء العضلات والجهاز العصبي. كثيرون يملكون قوة جسدية تفوق 500 كغ، ومع ذلك يفشلون في تجاوز 24.9 م/ث. لكن إيثان… حقق 33 م/ث، وهو لم يفتح جينه بعد.

ذلك كان أشبه بالوحشية.

تحوّل وجه مارك من الثقة إلى الغضب، وانكمشت قبضته لا إراديًا.

"كيف؟! كيف بحق الجحيم فعلها؟! هل استخدم إيثان جرعات مثل التي أخذتها؟ أم أن له داعمين خفيين؟"

أما ريتشارد، فأضاءت عيناه وكأنه اكتشف جوهرة نادرة. تقدّم مبتسمًا ووضع يده على كتف إيثان: "إيثان، أنت موهبة نادرة بحق. ربما يوجد مثلك في المدن العظمى، لكن هنا… لم أرَ أحدًا بمستواك. إن أيقظت عنصرًا ما، فسأقدّم لك جائزة بنفسي. بالتوفيق."

أومأ إيثان بابتسامة: "شكرًا، مدرّب ريتشارد."

اقترب أرنولد أيضًا، وقال بإعجاب: "أتطلّع لأدائك في الاختبار التالي، يا فتى."

حتى روز تقدّمت نحوه بنبرة هادئة تمزج المزاح بالجدّ: "لم أكن أعلم أنك تخفي كل هذا… يا عبقري. أتمنى لك الحظ في اختبار العناصر."

ردّ بابتسامة: "وأتمنى لك الحظ أيضًا."

بعدها أعلن ريتشارد: "46 طالبًا فقط اجتازوا اختبار السرعة. البقية… لا تفقدوا الأمل. أمامكم فرصة أخرى في المستقبل."

قاد الناجحين إلى غرفة أصغر، وفي وسطها كريستالة ضخمة بحجم كرة القدم، موضوعة فوق قاعدة زجاجية شفافة. كانت تنبض بطاقة غامضة، وتبثّ إحساسًا بالقِدم والقوة.

قال ريتشارد بجدّية: "هذه هي كريستالة الاستيقاظ العنصري . واحدًا تلو الآخر، ستضعون يدكم عليها. إذا كان لديكم توافق عنصري، ستضيء الكريستالة وسيظهر العنصر على الشاشة."

وأضاف: "في حالات نادرة، قد تُستيقظ موهبة روحية خلال هذه العملية. بإمكانكم الإعلان عنها أو إبقاؤها سرًا. الاتحاد يولي أصحاب هذه المواهب أولوية في الحماية والدعم."

ثم تابع: "الاتحاد يعترف بتسعة عناصر: النار، الماء، المعدن، الهواء، الأرض، النور، الظلام، الجليد، والرعد. إن أيقظت أحدها، ستحصل على تقنية تنفّس خاصة به، تمكّنك من امتصاص الطاقة الكونية وبدء عملية فتح الجين."

رفعت روز يدها وسألت: "هل يمكن إيقاظ أكثر من عنصر؟ وإن حدث، هل يجب التدرب على جميع تقنيات التنفس الخاصة بها بالتساوي؟"

أجابها ريتشارد بإعجاب: "سؤال ممتاز. نعم، في حالات نادرة يمكن إيقاظ أكثر من عنصر، لكن ليس عليك التدرب على جميعها. يمكنك التركيز على واحد، لكن إن أردت تطوير أكثر من عنصر، فعليك التدرّب على جميع تقنياته بالتساوي، وهو طريق أبطأ وأصعب، لكنه يمنحك تنوعًا أكبر في القتال."

ثم صفق بيديه وقال: "حين تلمسون الكريستالة، ستشعرون بقوة غريبة تتدفّق في أجسادكم. إذا كان لديكم توافق عنصري، فستقودكم تلك القوة إلى نواة في قلبكم تُعرف بـ

النواة العنصرية

. بمجرد تفعيلها، تُسجّلون كمحاربين شبه رسميين."

خيمت على القاعة موجة من الحماس والترقّب.

حتى إيثان، رغم خبراته السابقة، شعر بدمه يغلي وتوتر قلبه يخفق بقوة.

هل سيوقظ عنصرًا؟ أي عنصر سيكون؟ هل يمكن أن يملك أكثر من واحد؟ وهل يكشف موهبته الروحية إن ظهرت… أم يخفيها؟

لكن ملامحه بقيت هادئة.

رفع ريتشارد يده وأعلن: "ابدأوا."

2025/08/14 · 589 مشاهدة · 870 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025