الفصل السابع: اليقظة

كانت

غرفة اليقظة

تضج بتوتر ثقيل يضغط على الصدور كالصخرة، حتى خُيّل أن الهواء نفسه مشحون بالقلق. ستة وأربعون طالبًا وقفوا في صمت مشدود، أعينهم مثبتة على بلورة بحجم كرة القدم تستقر فوق قاعدة زجاجية لامعة في قلب الغرفة. البلورة كانت تخفق بوميض باهت، كقلب نائم ينتظر أن يفيق.

انطلق صوت ريتشارد هادئًا، لكنه مشبع بسلطة لا تُجادل:

"واحدًا تلو الآخر، تقدموا وضعوا أيديكم على البلورة. إن كان لديكم

ميلٌ عنصري

، فسوف تتوهج البلورة ويعرض المؤشر نوع عنصركم. هناك أيضًا احتمال ضئيل – نادر للغاية – أن تُوقظوا

موهبة روحية

. عندها يمكنكم أن تختاروا إعلانها أو إبقاءها سرًّا. القرار لكم، والاتحاد سيوفر لكم الحماية والرعاية التي تليق بذلك."

وبدأ الاختبار.

أول المتقدمين كان

سام

، الفتى الأسمر الوسيم المعروف في أرجاء المدرسة. كان دائم الثقة بنفسه، من أسرة ذات مكانة، لكن خطاه هذه المرة كانت مثقلة بالعزم بدل الغرور. وضع كفيه على البلورة، وساد السكون.

لحظة... ثم اندلع الضوء فجأة؛ موجات خضراء براقة اجتاحت الهواء. اتسعت عينا سام وانفرجت شفتاه عن ابتسامة مرتجفة، يحدّق في شاشة العرض مترقبًا.

[عنصر الرياح]

كلمة واحدة كانت كافية لتقلب كيانه. أطلق ضحكة عالية، خليط من الفرح والانفراج:

"نعم!"

ارتفعت الهمهمات من حوله، بعض الفتيات تبادلن النظرات المبهورة، بينما ربت بعض الفتيان على كتفه مهنئين.

اقترب ريتشارد بابتسامة نادرة:

"أحسنت، سام. ستكون عمودًا من أعمدة البشرية في المستقبل. قف هناك، وبعد انتهاء الاختبار ستستلم أسلوب تنفس خاص بعنصر الرياح."

وقف سام شامخًا، وقد تضاعفت ثقته بنفسه.

توالى الطلاب. بعضهم أشرقت وجوههم بنور النجاح، وآخرون أجهشوا بالبكاء حين خفتت البلورة بلا أثر. بالنسبة لهم، انتهى طريق المحارب قبل أن يبدأ.

تقدّم أرنولد ليقول بصوت رصين:

"من لم يحالفه الحظ، لا تيأسوا. بإمكانكم خدمة البشرية بطرق أخرى مدنية، والشرف في العطاء لا يقتصر على ميدان القتال."

ثم جاء دور

مارك

.

تقدم بثقة متغطرسة، ووضع كفيه على البلورة. في اللحظة ذاتها، اشتعلت بلون اللهب القرمزي، وارتفعت الحرارة في الغرفة.

[عنصر النار]

رفع مارك ذراعيه كمنتصر، وعيناه تبحثان عن إيثان بنظرة متحدية. لكن إيثان لم يعره اهتمامًا.

قال ريتشارد:

"إريك سيلفا سيجد فيك خليفة جديرًا، أيها الفتى. اجعل جدك فخورًا بك."

ثم جاء دور

روز

.

خطت بخطى هادئة واثقة، وضعت كفها الرقيق على البلورة، فانبعثت برودة قارسة، وزحفت طبقة جليد على الأرض.

[عنصر الجليد]

لكن الأمر لم يتوقف هنا.

شعور غريب اجتاحها، وكأن قوة أخرى أعمق تستيقظ بداخلها. سرعان ما أدركت:

موهبة روحية

. اسمها انبثق في ذهنها: مجال الجليد .

قوة تمنحها السيطرة على دائرة قطرها عشرة أمتار من البرد القارس، قابلة للتطور مع قوتها.

ابتسمت... وكانت تلك أول ابتسامة صادقة يراها أحد منها. حتى الذين فشلوا في الاختبار انبهروا بجلال حضورها.

اقتربت من أرنولد وقالت بهدوء:

"سيدي، لقد أيقظت موهبة روحية."

كانت كلماتها كالرعد. حتى إيثان رفع حاجبيه بدهشة.

سألها أرنولد:

"هل ترغبين في إبقاء الأمر سرًّا؟"

هزت رأسها:

"لا، سأستخدمها في القتال، وأريد دعم الاتحاد الكامل."

أومأ أرنولد مسجّلًا الموهبة، وعادت روز إلى مكانها.

ثم حان دور

إيثان

.

خطا إلى البلورة وسط صمت مطبق. وضع يديه عليها، فتدفقت طاقة غريبة في عروقه. بفضل سمة

الروح

لديه (6 نقاط)، شعر بكل مسارها بوضوح لا يملكه حتى المحاربون الكبار.

وصلت الطاقة إلى قلبه، وهناك... تكوَّن

لب

صغير بحجم حبة الرخام، وبدأ يدور ثم يشع بثلاثة ألوان: الضوء، والبرق، والمعدن .

ثلاثة عناصر دفعة واحدة.

شاشة العرض أبهرت الجميع، والدهشة شلّت الألسنة.

لكن المفاجأة لم تنته.

ظهر في ذهنه إشعار آخر:

[الموهبة المُستيقظة: الفهم اللامحدود]

ارتجف قلبه. الفهم هو مفتاح التقدم في الفنون القتالية، ومع

فهم لامحدود

... حدود إمكاناته صارت بلا سقف.

فتح عينيه بابتسامة واثقة.

قال ريتشارد بفرح واضح:

"إيثان، مبروك! ثلاثة عناصر... أنت عبقري بحق! أي عنصر ستختار؟"

أجاب إيثان بهدوء:

"سيدي، هل يجب أن أختار؟ لماذا لا أدرّب الثلاثة جميعًا؟"

ارتبك أرنولد:

"يا فتى، هذا سيبطئ تقدمك ثلاثة أضعاف!"

سأله إيثان:

"كم يستغرق عادة إتقان أسلوب التنفس وكسر الجين الأول؟"

قال أرنولد:

"شهران في الوضع الطبيعي. العباقرة قد ينجزونها في أقل من ذلك، وربما خمسة عشر يومًا في المدن العظمى... لكن الأمر يعتمد على الفهم."

ابتسم إيثان بثقة:

"إذن سأدربها جميعًا."

شهق الجميع، وتجمّد ريتشارد في مكانه. أما مارك فقبض أسنانه غيظًا، متوعدًا بتحطيمه يومًا ما.

لكن إيثان ظل واقفًا شامخًا، غير مكترث. لقد بدأ للتو طريق المحارب الحقيقي، يمشيه بخطى الرعد، وضوء في روحه، ومعدن في عظامه.

2025/08/14 · 542 مشاهدة · 681 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025