"أعتقد أن أرونيا ستليق كثيرًا بسمو ولي العهد."
"أوه، أوه! لا ينبغي أن تقولي مثل هذا الكلام بتهور! أما أنا فأرى أن دولشي هي الأكثر احتمالًا!"
"هاها، لا تبالغي في المديح يا بروشيل! الأهم من هذا كله هي مشاعر سمو ولي العهد! لا أريد أن نتخاصم بسبب هذه الأمور."
ترددت أصوات ضحكات نقية كخرير الماء، تنساب في الحديقة الجميلة كما لو كانت حبات زجاج تتساقط برفق.
كانت الآنسات، المسلحات بدفء ودود ولطيف، يتبادلن الابتسامات المرحة، مؤكدات على روابط صداقتهن.
وأنا، بينما أراقبهن بنظرات ملؤها الازدراء، شعرت بتفاهة المشهد.
'يثرثرن كالقطيع.'
تمتمت بكلمات جارحة في قرارة نفسي، وأنا أحتسي الشاي البارد بهدوء في زاوية طاولة الشاي.
لم يدركن الآنسات الجالسات أمامي، لكنني أمتلك قدرة غريبة نوعًا ما.
أستطيع قراءة أفكار الآخرين.
بل ربما ليس "قراءة" بالمعنى الدقيق.
قد يكون "سماع" تعبيرًا أصح.
سواء أردت معرفة أفكار الآخرين أم لا، كانت أصوات قلوبهم تتسلل إلى أذني باستمرار.
قد يبدو الأمر كحكاية خيالية، لكنه حقيقي.
كنت دائمًا أسمع بوضوح أصوات القلوب التي ترن في عقول الآخرين.
باستثناء لاندشير.
لأسباب مجهولة، لم أتمكن قط من سماع أفكار لاندشير ولو لمرة واحدة منذ ولادتي.
لم أعرف بالضبط لماذا هو الوحيد الذي لا أسمع أفكاره.
كل ما استطعت فعله هو التخمين بأن السبب قد يكون قوته السحرية الهائلة، فهو ساحر عظيم.
لكن المشكلة الآن ليست لاندشير، بل هؤلاء الآنسات الثلاث الجالسات أمامي.
لذلك، وللأسف، كنت...
'يبذلن جهدًا محمومًا ليظهرن بمظهر خالٍ من الطمع...'
كنت أرى بوضوح الظلام الذي يكمن في أعماق قلوبهن.
على الرغم من تصرفاتهن اللطيفة والودودة ظاهريًا، إلا أن أفكارهن كانت على النقيض تمامًا.
بسبب هذه القدرة التي تشبه اللعنة، كنت أعرف حقيقة أفكارهن جيدًا.
كما هو الحال مع كل الآنسات الأرستقراطيات غير المتزوجات، كن يسعين في الخفاء وبكل قوة للفوز بقلب ولي العهد.
كيف عرفت؟
نظرت أولاً إلى الآنسة أرونيا الجالسة قبالتي.
كانت تلعب بفنجان الشاي بخجل، ووجنتاها متورّدتان بحمرة ساحرة. لكن أفكارها كانت كالتالي:
[هاها، لقد أعددت نفسي لهذا اليوم منذ شهر كامل بعناية فائقة لبشرتي! بشرتي الآن ناعمة لدرجة أن الذبابة لو حطت عليها ستنزلق على الفور!]
ذبابة تحط على بشرتها؟ أليس هذا فشلاً بحد ذاته؟ اغتسلي يا أرونيا.
ثم نظرت إلى الآنسة دولشي الجالسة بجانبها. أفكارها كانت كالتالي:
[لقد كلفت السيدة بيزليس، أفضل مصممة فساتين في المملكة، بصنع فستاني! بمجرد أن أرتديه، ستختفي كل الآنسات الأخريات في الحفل، ولن يرى ولي العهد سواي! آسفة يا صديقاتي!]
هل صنعت عباءة سحرية ملعونة أم ماذا؟ مذهل حقًا.
وأخيرًا، أفكار الآنسة بروشيل:
[هيهي، لقد توسلت وألححت على والدي، الذي يعمل في مهمة رسمية بمملكة هيفنيا، حتى حصلت على عطر الإغراء الأقوى! مع هذا العطر، سيكون ولي العهد عبدًا لي!]
ماذا؟ استغلال السلطة العامة لاستيراد... ما هذا؟ أليس هذا غير قانوني؟
نظرت إلى الآنسة بروشيل، التي كانت تحتسي الشاي، بنظرات مندهشة.
لاحظت نظراتي، فغطت فمها بيدها وهي تضحك بهدوء.
"أوه، الآنسة سكايلرا، لم تنظرين إلي هكذا؟ هل هناك شيء على وجهي؟"
"لا شيء."
كنت سأقول "بقايا التهريب على وجهك"، لكنني لم أستطع، فأدرت رأسي بعيدًا.
[همم، تظن نفسها مميزة لأنها ابنة دوق؟ حتى مع أرونيا كانت متعجرفة، والآن تنظر إلي هكذا بوقاحة...]
تمتمت بروشيل في سرها، ثم عادت لتتحدث مع الآنسات الأخريات.
استمرت أحاديثهن التافهة كأفعى تأكل ذيلها، دون توقف.
كان الأمر أكثر إيلامًا من قراءة رسائل الحب التي اكتشفتها بالخطأ بين والدي ووالدتي.
'لو بقيت في غرفتي حتى لو تعرضت للتوبيخ من والدتي...'
بدأت أندم على حضوري لهذا التجمع.
من الآن فصاعدًا، سأحرق كل دعوات التجمعات التي تصلني قبل أن تراها والدتي.
لم أعد أرغب في إضاعة وقتي في مثل هذه اللقاءات الاجتماعية العقيمة.
'على الأقل، يجب أن أكون ممتنة لأنهن لا يحاولن التقرب مني أو التحدث إلي...'
كنت صادقة.
في البداية، بدا أنهن يراقبن ردود أفعالي بحذر، لكن عندما لم أبدِ اهتمامًا، اطمأنن وانشغلن بالثرثرة بينهن.
أصبحت فجأة كالشخص الشفاف، فبدأت أقتل الوقت بعدّ حلقات الخشب على الطاولة.
'متى ينتهي هذا التجمع بحق خالق السماء؟'
حفل القصر، ولي العهد...
أصواتهن الناعمة بدت كموسيقى رديئة في أذني. كلها مواضيع تافهة بالنسبة لي.
لم أهتم إن تزوج ولي العهد من آنسة أرستقراطية أو حتى من رأس سمكة اشتراها من السوق.
ففي النهاية، كان لدي بالفعل "صديق طفولة" مزعج يلاحقني كالطفيلي.
'آه، أريد أن أرمي بكل شيء وأعود إلى المنزل.'
تنهدت في سري، وحدقت في الطاولة بنظرات شاردة.
'إذا قلبّت هذه الطاولة، ربما لن يدعوني لتجمع آخر أبدًا؟'
تخيلت نفسي وأنا أقلب الطاولة بعنف وأثير الفوضى بجدية.
'...ليست فكرة سيئة؟'
بالطبع، سأضطر لتحمل توبيخ والديّ القاسي، لكن على الأقل لن أُجبر على حضور مثل هذه التجمعات مرة أخرى. هذا بحد ذاته استثمار جيد.
حسنًا، سأقلب الطاولة وأهرب إلى....
"آنستي."
قاطعتني خادمتي فبريز، التي كانت تقف خلفي، وهي تكحكح وتلمس كتفي برفق.
"ماذا؟"
"هل نسيتِ هذا؟"
مدت فبريز يدها لتعطيني شيئًا.
كان صندوقًا صغيرًا مزينًا بشريط ذهبي أنيق.
آه، هذا...
تذكرت فجأة الصندوق الذي أعدته والدتي لي هذا الصباح.
كان يحتوي على كعكة التين.
رشوة من والدتي، التي كانت قلقة بشأن مهاراتي الاجتماعية، لأشاركها مع الآنسات الأخريات.
كدت أنساها.
"أوه، الآنسة سكايلرا، ما هذا؟"
لاحظت الآنسات الأخريات الصندوق في يد فبريز وبدأن بالتهليل.
تنهدت وأشرت لفبريز بيدي.
"افتحيه يا فبريز."
لحظة فتح فبريز الصندوق، انتشرت رائحة الكعكة الشهية فوق طاولة التجمع.
كنت أرى بوضوح الآنسات، اللواتي سئمن حلاوة التارت، يتذوقن الرائحة بعيون متلهفة.
"هل أحضرتِ هذا لنتشاركه؟ فكرتِ فينا، يا لها من لفتة مؤثرة!"
"يا إلهي، قلبك طيب كجمال وجهك، يا آنسة سكايلرا!"
'آه، كم هي متصنعة.'
شعرت بالاشمئزاز من كلماتهن المليئة بالزيف. حتى قبل لحظات كن يثرن عليّ في سرهن.
لهذا السبب لم أرد حضور مثل هذه التجمعات.
بينما كنت أفكر هكذا، وأراقب فبريز وهي تقطع الكعكة في زاوية الطاولة، سألتني الآنسة أرونيا فجأة:
"إذًا، يا آنسة سكايلرا، ما رأيكِ؟"
"في ماذا؟"
"من تظنين أن سمو ولي العهد سيختار من بيننا؟ ألن يختار بالطبع آنسة جميلة، فهو رجل أيضًا؟"
ابتسمت دولشي ابتسامة عريضة، وعيناها تلمعان بحماس وهي تسألني. أفكارها ترددت في أذني:
[بصراحة، قد لا أكون بجمال صديقاتي، لكنني جميلة بما فيه الكفاية، أليس كذلك؟]
"..."
لديكِ سحركِ الخاص... لماذا تسألينني؟ لكل شخص ذوقه، ولا يمكن أن تتطابق أذواقنا.
تنهدت بعد سماع أفكار دولشي.
"حسنًا... ربما يختار من يرتاح لها قلبه."
أجبت ببرود وأنا أدير فنجان الشاي الفارغ.
لكن بروشيل لم تستسلم، وسألت بنبرة متشبثة:
"وهل تعتقدين ذلك؟ إذًا، برأيكِ، أي نوع من النساء قد يعجب سمو ولي العهد؟"
"سيختار من لا عيب فيها لتكون زوجته."
"صحيح، أتفق معكِ تمامًا، يا آنسة سكايلرا."
ضحكت أرونيا بهدوء وهي تؤيد كلامي.
"وعلى الأرجح، سيهتم سمو ولي العهد بلقب عروس المستقبل، أليس كذلك؟"
كانت تنطق بهدوء، لكن أفكارها كانت:
[أنا من عائلة ماركيز، فهل هذا يعني أنني الأقرب؟]
لماذا تسألينني عن قيمة عائلتك؟ لا يهمني!
كان الأمر كما لو كنت أصب الذهب في جورب مثقوب. لا نهاية لهذا.
تنهدت بحرقة.
كيف أجعلهن يتوقفن عن التحدث إليّ؟
'ربما يجب أن أقلب الطاولة حقًا.'
بينما كنت أفكر بجدية، قالت دولشي فجأة:
"بالحديث عن الألقاب، الآنسة سكايلرا من عائلة دوق، فهي الأكثر احتمالًا."
في تلك اللحظة، برزت عروق يد أرونيا وهي تمسك بفنجان الشاي.
"ب، بالطبع! هاها!"
كبحت أرونيا قوتها التي كادت تكسر الفنجان، وضحكت بصعوبة.
"لكن لدى الآنسة سكايلرا السيد لاندشير، أليس كذلك؟ ما لم تكوني مغازلة، لن تحاولي إغواء سمو ولي العهد، أليس كذلك؟"
"ماذا قلتِ؟"
تجمدت ملامحي فجأة كالجليد.
ما الذي تهذي به هذه الآنسة؟
ما هذا الهراء؟ هل يوجد هراء أعظم من هذا؟
أدركت أرونيا خطأها من تعبير وجهي.
"آس، آسفة، كلمة مغازلة كانت قاسية بعض الشيء..."
"لماذا ظهر اسم لاندشير فجأة؟"
"ماذا؟"
"تقولين إن لديّ لاندشير، لذا لن أقترب من رجل آخر؟ ما معنى هذا الكلام؟"
نظرت إلى أرونيا بعينين متوهجتين، وكررت سؤالي بحدة.
— ترجمة إسراء