11 - " العودة الى الاصل"

كان الانتقال الى الطابق الثالث مختلفا عن المعتاد ، هذه المرة أحسست بشعور خاص جعلني لا اراديا ابلغ اقصى حالات التركيز .

طالما تسائلت عن سر الطوابق و كيفية تشييدها بهذه الطريقة و لكني لم افهم كما لو ان عقلي يمتنع بالتفكير عن ذلك و أشعر انه بلغ حدوده و قبل المضي قدما أردت أن أسأل آيلان بما أنّها دليلي هنا عن عدد الطوابق الموجودة لكني نسيت الامر ، لكن هذه المرة دامت مدة العبور الى الطابق الثالث حيزا لا بأس به من الزمن مما اعطاني فرصة .

تمكنت من ملاحضة الجزئيات التي يبدو ان قانونا ما يتحكم في مساراتها على عكس التجارب السابقة لم يكن هناك شذوذ ، جعلني ذلك أشهد ان الذي قام بصنع شيء بكفاءة كهذه يجب ان يكون مذهلا جدا . و ان كان من الممكن ان يسيطر شخص ما على فوضى الكون فسيقدر على تحقيق تطورات عظيمة و ربما يصل الى قوة لا نهائية تجعله لا يقهر ، و هل بالفعل وصل شخص ما لذلك المستوى اذا وجد وجب علي ان اتجنبه حتى لا أفقد حياتي و فرصتي الثانية .

. حين وصلت كان عقلي ضبابيا و شعرت بارهاق حاد نتج عن بذل جهد اكبر من طاقتي في محاولتي لفهم القانون المتحكم فقط استخدمت حدسي لأتوقى من الأخطار الممكنة في الطابق الثالث .

بعد القليل من الراحة استرجعت رؤيتي و مرة اخرى اندهشت بالعالم الذي اراه الان ، كان الطابق الاول ذو مناخ حار و صحراء كبيرة لم أرى آخرها على مد البصر ، اما الطابق الثاني كان مجرد محاكاة لمسقط رأسي قرطاج حيث الجبل و الغابة التي تطلان على حوض البحر الأبيض المتوسط ، اما الآن أنا في مكان يصعب وصفه ، صخور تطفو حول صخرة مركزية كبرى تعلوهم و تسبح في شكل مستمر نحو تجمعات اخرى بطريقة سلسة دون اصطدام ، كان الشعور المنبعث من مشاهدتها مريحا كالانصات الى موسيقى الناي التي تلمس الروح مباشرة بخفة و تريح الأعصاب بمداعبتها ، لم أرى أي شيء آخر خلاف ذلك ، كانت الطريقة الوحيدة للتحرك هي انتظار ان تقترب صخرة اخرى حيث اقف حتى استطيع القفز اليها و اصعد الى المركز .

انتظرت حتى حانت الفرصة لكني قررت عدم التسرع و مراقبة أنماط الحركة تجنبا لأي مشاكل قد تهدد حياتي ، فبعد كل شيء الغرائز دون جدوى في مكان ينعدم فيه المنطق لذا احكام العقل قد يحفظ حياتي لمزيد من الوقت.

حين تمعنت جيدا لاحظت ان الجزئيات التي اعتدت الشعور بها كانت تتفتت لسبب ما حتى اني بالكاد استطعت المواكبة و رؤيتها فقد تحولت الواحدة لحجم ذرات رقيقة ثم فجأة تنصهر مرة اخرى لتعود الى سابق عهدها كجزئية ، كان ذلك يحدث في طبقات معينة و خاصة في المساحة التي بين الصخور التي تقترب من بعضها ، تباين لي ان ضغطا معينا يشكل حاجزا يتسبب في تلك الظاهرة .

أخذت سلاحا عشوائيا من الخزانة و القيتها نحو ذلك التقارب لتجربة ما يمكن ان يحدث له ، و في اقل من لمحة بصر ، انفجر السلاح الذي كان سيفا ليصبح جزئيات تدل على مكوناته من المعدن ثم اصبحت ذرات ترتبط بخيط رقيق يشبه الفضاء الممغنط و تباعا حين اخترقت الحاجز عادت للحالة الاولى كسيف و غرس في الصخرة الحائمة الأخرى تماما حيث القيته كأن شيئا لم يحدث . لقد عاد السيف الى مصدره من معادن حتى اني شهدت الحديد في حالة خروجه من المنجم في مرحلة ما و بعد ذلك انصهر مرة اخرى ليعود سيفا بدون ادنى تغير .

تخيلت في رعب مصيري ان كنت تقدمت دون الترقب و الحذر فمن الممكن اعادة الجزئيات العادية الى الى شكلها الاصلي و يعود جسدي كاملا بعد كل شيء لقد رأيت قيمة هذا الجسد الذي صقله القدماء و التي لم تقدر الكارثة النهائية على تدميره قبل ذلك و لكن الامر المهم كان :

" ماذا عن روحي هل ستكون نهايتي " . تمتمت

المزيد من المراقبة كان امرا لن يضر لكن سرعان ما طردت الفكرة من رأسي بعد ان رأيت احد الصخور الحائمة تندثر الى لاشيء ، كان يعني ان المكوث هنا هو بمثابة الصعود الى منصة المشنقة بنفسي فأخذت نفسا عميقا و استعددت للقفز .

2022/02/16 · 89 مشاهدة · 647 كلمة
Makri
نادي الروايات - 2025