بعد كل شيء لم أكن من الناس الذين ينتظرون تعبيد الطريق لهم ،

في بداياتي بعد ان أخذت تدريبا من جنرال مختص بالاغتيال الذي أبدى كرهه لإسمه حيث شهدنا سخطه حين يفعل احد القادة بمناداته " إرّاغ " تفهمنا ذلك لأن تسمية الشخص بملك الموتى ليس امرا جيدا ، ومررت بمصاعب و تجارب مختلفة شحذت بها مواهبي بمختلفها و لكن اهم ما احتجته كان العقل ، في احد الليالي القاتمة في الغابة التي نخوض تدريينا فيها اذكر جيدا انني كنت في خضم مناوبتي الليلية و تلك المرة الوحيدة التي تكلم فيها إراغ بصفة غير رسمية حين قال : يجب ان تسعى الى المعرفة مهما يكن فهي ما تنمنحك الحرية و تساعدك بدحر اعدائك فأغلبهم لا يستعملون عقولهم "

كنت أحفظ أي شيء يخبرنا به فلطالما احتجت مساعدة احدى ملاحظاته حين كنا ننفذ مهمات الاغتيال المسندة الينا منه .

ثم اضاف " لكنها تسلبك السعادة ، فبعد كل شيء ستثقل كاهلك و تصبح آلة تفكير منعدمة المشاعر "

تأكدت دائما ان اقواله صائبة و رؤيته للأمور متقدمة و كان يعاملني جيدا كما لو اني الآن أحن لتلك الأيام قبل وصولنا الى معسكر الفيلق الروماني المقدث الثالث التابع للامبراطور أغسطس حيث لم نعد تحت امرته مباشرة .

كان المكان يسمى " أميدرا " أين يوجد اكثر من ستة الاف جندي روماني و الفي مجند من المنطقة و هدفه اخماد تمرد يقوده قائد امازيغي اسمه " تاكفاريناس " ، و الذي فيما بعد تم منحي و فريقي مسؤولية اغتياله .

(أميدرا : تسمية الروم لمدينة حيدرة الجزائرية )

لم يكن من الامر الصعب قتله و صار كل شيء بشكل سلس لكن الخبر الذي تم تداوله بين جنودنا حين كنا في طريقنا للانضمام الى الواجهة كان صادما ، لقد قُتل إراغ , وصلت التفاصيل بعد مدة صغيرة حين علمنا ان الفاعل استخدم سما ، كان الخبر صاعقا لم تعد الاوامر تصدر من القادة و صارت التحركات عشوائية من الجانبين فقد فقدت الجهتان القيادات الاولى فأصبحت المعارك ذات مد و جزر تتحكم فيها القوة فقط لذا قررت الانسحاب و قيادة فرقتي الى القاعدة الرئيسية التي كانت في فوضى و اصبح الامر سيئا بخسارة العديد من القوات .

اتجهت الى خيمة المستشارين و لم يكن اي احد من الموجودين عاقلا بما يكفي رغم ان الوضع يفرض ان يأخذ شخص ما القيادة و يتحمل المسؤولية .

نظرت لرفاقي لاستشارتهم على ما سأقدم على فعله و كانت النظرات بيننا كافية لفهم ما يجب ان نفعله بعد كل شيء كنا رفقة لثلاث سنوات و ادينا عشرات المهمات الى ان بلغنا المثالية ، ثم استدرت نحو الجميع في الخيمة و قلت :

" صمتا .. أنظروا لأنفسكم ما تفعلونه عار على هذا الفيلق ، سأتولى القيادة "

صمت الجميع ، كانوا يعلمون هويتي و مدى قربي من إرّاغ لذلك يكنون الاحترام لي ، و لكن ذلك لم يدع اصغر المستشارين يتغاضى عن عمري الذي كان فقط ثمانية عشرة سنة و تكلم :

" هل لا يملك الروم شخصا قادرا بخلافه على الاقل أكثر حكمة منه؟ "

" هل تظن أن الجنرال مخطئ حين منحني منصب قيادة فرقة الاغتيال الخاصة به ؟ ". أجبت

لم تكن هناك استجابة من الحظور وسط الخيمة لذا باشرت بتقييم الوضع ثم بدأت ألقي الأوامر الاستراتيجية التي يجب ان تصل للقادة .

كان الفيلق لا يزال متماسكا فبعد كل شيء قد تم اختيار الجنود فرادى حسب مهاراتهم و تدريبهم فيما بعد كان حازما ، لذا لم تكن سوى بضع خطوات كافية حتى نسترجع زمام الامور ثم الانتصار في معركة تم اثرها ابادة كل الأعداء انتقاما لملك الموت .

أشاد الجميع حينها بلباقة تعاملي مع مجريات الحرب ، و بعد ايام وصلت رسالة فيها اوامر من الامبراطور شخصيا لحضور مراسم ترقيتي لجنرال الفيلق الثالث و كانت خطوتي العظيمة الأولى نحو المجد .

ألقيت كل مخاوفي جانبا و قفزت نحو الصخرة الحائمة التالية و اثر دخولي للمساحة المضغوطة كانت مشاعر الخوف من الموت و ارادة الحياة لا تتوقف ، اما جسدي فقد تفاعل و ابدى مقاومة و أصبحت اوعيتي الدموية بارزة مع الشعور باختناق نتج عن عدم وجود الهواء و فجأة ٱطلقت طاقة سوداء حولي أحاطتني بالكامل كانها قامت بحمايتي و انسحبت الى داخلي بمجرد ان دست على الصخرة . كانت تلك الطاقة هي نفسها التي فصلت جزئيات روحي عن العناصر الخارجية و التي أحاطت بعظامي في كل شبر و بدى مصدرها مادة منسمجة مع جسدي تشبه النيزك الذي صقله أيور و رفقته منذ من يدري كم من الوقت .

2022/02/17 · 86 مشاهدة · 702 كلمة
Makri
نادي الروايات - 2025