واصلت الصعود صخرة تلو الأخرى و في كل حاجز كنت أشعر بأن الآثار الجانبية تنخفض حتى ان المادة السوداء اندمجت تدريجيا بكل خلايا جسدي أكثر كل مرة كما لو ان المكان قد خصص لهذا الأمر و الذي ليس من الغريب فأيا كان من خطط لهذا بدى حريصا على كل التفاصيل . و شيئا فشيئا كانت ثقتي تزداد بعد ان رأيت ماحدث لسيف مكون من معدن حين ألقيته عبر الحاجز مقارنة بجسدي الذي صمد امام الاندثار و قام بحمايتي روحي أيضا ، فمالذي يجب ان أهابه الآن ، لكن سرعان ما تبددت الثقة حين تذكرت قوة أيور التي لم أستطع تخيلها لأني لم أرى سابقا سوى مشاعره .
وصلت الى الصخرة المركزية و وجدت شواهد قبور وُضعت بشكل عشوائي و كان المثير للاهتمام أن بها نقوش مختلفة مع وجود تقارب غريب ، جلست بالمركز اين يوجد شاهد أكبر من البقية و شرعت في فهم خبايا المكان و اسراره .
كان هناك تقارب بين نصفي الصخرة الضخمة ، نصف يتميز بنور بالكاد يمكن الشعور به اما النصف الآخر فقد كان مظلما يتلاقيان في مركز صراع بينهما حيث جلست و كأنه يعمل على ختمهم او فرض التوافق ، ثم جلبت انتباهي الآثار المنبعثة عن الشواهد الصغرى المبعثرة كان الحقد المنبعث من احداها يصيبني بقشعريرة و حذوها اخرى تشعرني بالتسامح و الرحمة ، كان الأساس هنا مبنيا على الازدواجية الضدية كالليل و النهار و الضوء و الظلام . لم يكن الأمر صعبا في فهم مايجري لكن الهدف من هذا هو الشيء الذي لم أفهمه لذا فحصت المكان الوحيد المتبقي حيث أجلس بدقة.
كانت الرموز المنحوتة على الشاهد الضخم مألوفة كنت أعرف عنها القليل في حياتي السابقة كمثال رمز يتألف من تلاثة اجزاء : مثلت يمثل الجذع، وخط أفقي ينتهي طرفاه بشكل يدين، ودائرة تمثل الرأس ، كانت تلك تانيت التي يتبعها شعبي باعتبارها حامية لقرطاج و التي تنشر الحب و الدفء و بجانبها رسوم اخرى الى عدة شخصيات لديها علاقة بالحضارة الاغريقة القديمة و لكن اهم ما رأيته ان رسوما تدل أن شيئا ما مختوم داخل شاهدة القبر و يجب كسره للحصول عليه.. اما القبور الصغيرة فتحمل كل واحدة منها نقشا مختلفا استنتجت انها تصف الطاقة الخاصة بكل شخص مدفون هنا ، لم اهتم بذلك و سعيت لكسر الصخرة .
أخرجت خنجرا و بدأت باستخدامه للنحت رويدا رويدا حتى لا ٱفسد ما بالداخل ، استغرق الأمر وقتا كنت حذرا حين شعرت ان المكان الذي انحته يصدر صدى يدل على وجود مساحة فارغة لذا تأنيت أكثر فقد بقيت مليمترات قليلة للوصول لكن صوت التصدعات أوقفني فقط تحطمت جميع الشواهد دفعة واحدة و أطلقت الحضور الذي كان ينبع منها في الجو متجهة الى داخل الصخرة حيث كانت تمتصها اثر ذلك ظهر حجر ثمين يشبه الجواهر على الأرض مع تحول الصخور الى غبار ، ثم ظهر مدخل أرضي به درج يؤدي الى الأسفل ،
كان ذلك المفتاح !
شعرت بسعادة غامرة رغم أني لم أفهم المصفوفة و طريقة تفعيلها او سبب وجودها لكني لازلت أخرج بنتيجة على الأقل و هو الهدف الذي دخلت من أجله هذا الطابق ثم قلت :
" طريقة الخروج الآن بيدي ،حان الوقت لاتمام الطابق و الرحيل " .
تقدمت نحو الأسفل بخطوات ثابتة مع الاستعداد لأي موقف خطير حتى وصلت الى أرضية مستوية اين كان المنظر جميلا ، ممر طويل يتوسط بحيرة داخل كهف و تنير المكان قناديل تسبح ، و في آخر الطريق كان يوجد تمثال كبير .
امرأة تحمل رمحا و درعا مصحوبة ببومتها الصغيرة التي يعلو رأسها تاج صغير تقف فوق كتفها ، تشترك ادواتها بنقش بارز يُظهر حقيقةً اكتشفتها حين قرأت الكتب القديمة في قبو القلعة الامبراطورية في روما حين كنت امبراطورا ، ذلك الدرع لمحارب اغريقي يدعى زيوس الذي انتهى به الأمر لدى المحاربة أثينا ابنته ، اما الرمح كان نفسه في النقوش القديمة في قرطاج و التي تحدثت عن تانيت الحامية لذا استنتجت انها نفس الشخص . تانيت هي أثينا إذ يتشارك الأمازيغ و الرومان في تقديس نفس الشخص دون علم .
كان وراءها مدخلان يتفرعان من الكهف الأساسي و بدت كأنها تمنع الدخول اليهما او تحرسهما .