11 - حركة طال انتظارها - الجزء الأول

مسرح جريمة جديد، جثة مرمية على الارض، سم السيانيد كان السبب في وجودها، تم اكتشافها من قبل أحد الزبائن عندما دخل الى محل الساعات، فتفاجأ بالمنظر فهرع مسرعا يتصل بالطوارئ والاسعاف، لم يكن هناك شهود يعلمون ماذا حصل، لم تكن هناك كاميرات مراقبة في المحل أو في المحلات المجاورة، لم يكن هناك بصمات أو اثار سرقة أو أي شئ يدل على صراع او ما يشابهه، فقط شخص قد ابتلع السيانيد لكي ينهي حياته ...

في مكان ما وسط الحشود كان هناك رجل يلبس لباس أسود ثقيل وعلى رأسه قلنسوة سوداء، عليه لحية كثيفة ولكنها ليست حقيقية وانما من أجل التنكر فقط، يقف محدقا نحو المكان وعيناه تلمعان كالذئب الذي يتربص بفريسته، لكنه لم يكن ينتظر فريسة، بل ينتظر اشارة، تلك الاشارة التي ستصله من احد رجال الشرطة، انها عملية تبادل معلومات بطريقة سرية للغاية، ماهي الا لحظات والاشارة وصلت، لقد كانت عبارة عن حركة سريعة باليد أوحت له بما يريد، وبدأ يرحل عن محيط مسرح الجريمة واختفى بين الازقة المظلمة، لحظات واتى ذلك الشرطي الذي بعث له الاشارة، وكان الرجل ينتظره على دراجته وقد نزع تنكره، انه الجلاد الاسود الذي قام بالعملية التي كانت حديث الناس..

وصل الشرطي الى المكان الذي ينتظره فيه الجلاد ليخبره أن صاحب محل الساعات مات بسبب السيانيد، ويبدو أنه قد قضم الكبسولة المزروعة في أسنانه بسبب أنه وقع في ورطة وأنهى حياته، ركب الجلاد دراجته وقبل أن ينطلق قال للشرطي: لقد كان ولاءه قويا، على العموم دعني مطلع على المستجدات وكن حذرا.

ثم انطلق بدارجته بين الازقة واختفى تدريجيا في ظلماتها .

رجل بلباس اسود يحمل أخبارا قد تكون مفتاح لفتح باب الحرية لشخص ظل يعيش في الظلال لفترة طويلة، يبني ويخطط من اجل تحقيق انتقامه من العالم الذي وصفه بالعالم المجنون و المضطرب عقليا، يحقق انتقامه من الاشخاص الذين كانوا السبب في جعل العالم ينبذه ويحتقره، ينتقم من الاشخاص الذين كان يعمل لصالحهم لكنهم خانوه وطعنوه في ظهره ..

يمشي الجلاد الاسود في مكان ما يبدو كالأنفاق السرية، يدخل باب ويخرج من اخر، ركب ما يشبه المصعد وتوجه للأسفل، يبدو المكان كالمخابئ السرية للنينجا ولكن بطريقة متطورة .. مشى حتى وصل لبوابة ضخمة وفي منتصفها جهاز فيه مكان لوضع الابهام عليه يستخدم كقفل للبوابة، أخذ الاسود سكينه وجرح ابهامه الايمن ووضعه في ذلك المكان وتعرف الجهاز عليه وفتحت البوابة، دخل الى ما يشبه القاعة وقد كان يتواجد فيها االكثير من الناس يعملون في أعمال مختلفة، منها التقنية ومنها طبية وبيولوجية، والاخر كان يجلس أمام شاشات مراقبة، وفي تلك القاعة يتوسطها رجل مهيب في وقفته يلبس تلك البدلة الرسمية والتي تبدو من طراز راقي وعلى رأسه قبعة سوداء، يتفسح بنظره على الارجاء, وبجانبه تقف فتاة بشعر قصير وبدلة مميزة باردة الملامح فارغة النظرات، سلاحها على خصرها، كانت تبدو كحارسة خاصة لذلك الرجل، الا أنها أقرب من ذلك له، هي أغلى ما يملك في هذه الدنيا، ولو أن العالم أصبح عدوها فهو سيكون ضد العالم بأسره من أجلها ... ذلك الرجل هو نيكولاس ديميتروف نسخة هذا العالم، والفتاة التي تقف بجانبه هي ابنته ماشا ديميتروف !!

نيكولاس ديميتروف هذا العالم قد قام بتجنيد العديد من الاشخاص العاملين في الحكومة خلال الفترة التي كان مختفي فيها، وكانوا هؤلاء جواسيسه ينقلون اليه الاخبار ويقومون بمهام متى ما امرهم بذلك، لقد كان يتجهز للعودة بخطط عبقرية ولم يكن الاختفاء هذا مجرد هروب فقط، وكان ذلك الشرطي أحد جواسيسه كذلك .

لمح نيكولاس قدوم تابعه وجنديه الاقوى ( الجلاد الاسود ) وهو ينتظر خبرا منه عما حصل لرجل الساعات الذي قتل، وسبب انتحاره، أشار اليه بأن يقترب ويدلي بالخبر، فأخبره أن رجل الساعات قد بلع السيانيد بنفسه ... وقد كان الحوار بينهما :

- أخبرني، ماذا حصل للرجل صاحب محل الساعات ؟

- يبدو أنه قد قام بتفعيل بروتوكول الفرار، لقد قام ببلع السيانيد منهيا بذلك حياته.

- أتعتقد أنه قد واجه معضلة لم يستطع الفرار منها الا بهذه الطريقة؟

- حسب كلام صديقنا في الشرطة يبدو وكأنه انتحار، فليس هناك آثار لصراع ما أو مقاومة أو اي شئ، فقط مرميا وسط محله كجثة هامدة.

- هكذا اذن، لقد كان تابعا مخلصا ... يجب أن يكون الامر هكذا للشرطة، اطلب من (لي شينج) أن يقوم بالتدابير اللازمة كي تصدق السلطات أنه انتحار.

- علم.

ثم ذهب الجلاد الى (لي شينج) ليخبره بما يجب القيام به ...

(لي شينج) شاب تقني ماهر جدا في تخصصه، فهو مخترق محترف كما أنه مزور فنان أيضا، مهمة مثل وضع أسباب للانتحار هي مجرد نزهة بسيطة بالنسبة له، فكل ما عليه هو التلاعب بحسابات رجل الساعات واظهار الكثير من الديون عليه، هذا الامر كفيل بجعل حادثة انتحاره منطقية ومقبولة للسلطات، وهذا ما فعله بالتحديد، ومع مرور الايام أغلقت القضية على انها حالة انتحار .

2020/06/22 · 209 مشاهدة · 739 كلمة
ykh_1997
نادي الروايات - 2024