الفصل القرمزي

كون الميكنورا

وعندما كان نيوفيليت يتأمل همسات الشيطان في ذلك العالم ، سمع همسات من خلفه ، قائلة له .

" لقد عدت أخيرًا أيها المهرج “

فتح أحد الحراس الباب ، وهو ينظر إلى داخل الغرفة المظلمة ، الذي مصدرة الوحيد هو الضوء من عند القمر ، تحدث الحارس وهو متوتر قليلًا ، قائلًا .

" هل أنتَ بخير سيدي ؟ لقد سمعت بعض الضوضاء "

أمسك نيوفيليت عينية ، ونظر نحو الحارس بعين واحده قائلًا له .

“ ليس هناك شيء أيها الحارس . وأيضًا في المرة القادمة أطرق الباب قبل أن تتدخل إلى غرفة “

أنحنا الحارس إلى الأمام ، قائلًا

“ عذرًا سيدي ، لم أكن أريد التطفل ، فقط أردت أن تحقق ، بسبب أني سمعت بعض الضوضاء “

خرج الحارس مُغلقًا الباب خلفة ، نظر نيوفيليت إلى سقف في حيرة من أمرة ، مُحدثًا نفسه ، قائلًا .

‘ على ما يبدو ، لم ينتبه أحد إلى غيابي ! شيء غريب هل هو توقف الوقت ؟ أم ماذا ‘

أدار نيوفيليت رأسه قليلًا ، نظرًا بـ عينية القرمزية نحو النافذة ، قائلًا بهدوءً شديد .

" يبدو أن الحارس لم يستطيع رؤيتك أيها الغراب الأحمر ! شيء غريب حقًا أيها الغامض “

كان الغراب الأحمر جالس على كرسي بالقرب من النافذة وهو يدخن سيجارة ، ينظر إلى المحقق مع ضحكة عريضة .

" لا أحد يراني ، سواك أيهُا المهرج "

أرجع نفسه للوراء على كرسي قليلًا ، مُتصلًا أصابعة العشرة معًا ، قائلًا مع ابتسامة عريضة .

" ما سبب هذه الزياره المفاجئة يا أيها الغراب الأحمر "

أعطى الغراب الأحمر سيجارة لـ نيوفيليت ، أراد نيوفيليت أشعل سيجارة بقداحته ، ولكن قام الغراب الأحمر بذلك .

" بعد غد سوف يعُقد الأجتماع الخاص بالعمداء ، والذي من المتوقع ظهور سفاح الشطرنج هناك "

نفذ نيوفيليت سيجارة في الهواء ، وأعادة نظرة نحو جيرمان ، قائلًا مع ابتسامة ذو كبرياء

" لا شيء جديد أيها الغراب الأحمر ، أنا لدي خطة من الأساس ، وأعرف كيف سوف اقوم بإستغلالها "

أغمضت عينية الغراب الأحمر مع ابتسامة غامضة ، قائلًا .

" أعرف يا أيها المهرج ، ولكن لنذهب في رحلة قصيرة في أزقة لندن المظلمة "

أصبح جو ثقيل من حولهم ، كانت النظرات بينهما تتسع في الأفق ، قائلًا نيوفيليت بهدوء .

"وما هدف من هذه الرحلة أيها الغراب الأحمر "

خطا الغراب الأحمر نحو النافذة ، نَظرًا نحو هطول المطر الغزير مع ضوء القمر الذي لم تحجبة الغيوم بتاتًا .

" هناك رؤية خاصة قد رأيتها قبل عدة إيام لم تكن واضحة لك ، ولكن عند الذهاب إلى المكان المقصود سوف تنكشف بعض الأمور "

إجابة نيوفيليت وهو غير مهتم بالأمر ، قائلًا .

" لنذهب ، في الأخير لن تقول كلمة مفهومة يجب التحقق في كل شيء بنفسي ، وكشف أسرار كل شيء "

أختفى الغراب الأحمر من الغرفة ، وكان صدى صوته بين أزقة الغرفة المظلمة ، قائلًا .

" الآن بدأت تفهم جيدًا أيها المهرج ، أنا انتظرك في الأسفل أيها المهرج "

أخذ نيوفيليت المضلة ، ومعطفة. خارجًا من المكتب ، تحدث نيوفيليت إلى حراس يآمرهم بحارسة المكان بشكل جيد .

خرج نيوفيليت من البناية الكئيبة ، ورآى أمامة الغراب الأحمر راكبًا على حصان ذو نيران حارقة لا تنطفئ رغم قوة المطر ، وعندما نظر الحصان إلى نيوفيليت أصدر صوتًا غريبًا يشبة زئير الأسد ممزوجًا مع صوت دوي البرق .

ربت الغراب الأحمر على رأس الحصان ، مع ابتسامة نَظرًا إلى نيوفيليت .

" هذا صوت الذي أصدرة هو أحترامًا إليك أيها المهرج "

أمسك نيوفيليت رأس الحصان ، ونظر نحو الغراب الأحمر ، قائلًا له

" هل هذا الحصان يملك أسم غامض كصاحبة ؟ "

ابتسم الغراب الأحمر وهو يمسك نيران الحصان ، قائلًا .

" أكتفورس - النور في الظلام - "

هذا الأسم يليق بهذا الحصان الغامض ، والمهيب . أيضًا طول الحصان مرعب ، وذو بنية عملاقة .

امتطى نيوفيليت حصانه - غيمة الغموض - بدأ الغراب الأحمر بالسير ، وكان نيوفيليت يتبع خطوات حصانة . وهما يسيران تحدث نيوفيليت نحو الغراب الأحمر قائلًا له .

" ذلك العالم الذي كنا فيه ، أي عالم هذا ، ولماذا كان أسمي هو جيرمان نومين ؟ "

ابتسم الغراب الأحمر مُجيبًا نيوفيليت على سؤالة .

" العالم الذي ذهبت له هو العالم الثاني ، وهو عالم الصيادين ، والوحوش . في الأصل يوجد ٤٠٠ عالم مُتصلة بين الغصن والجذع ، وألف عالم منسي ، وثلاثة عشر عالم مُقسمة كالأتي ؛ سبعة عوالم أساسية ومن ضمنها العالم الثاني ، وستة عوالم فرعية . في كل عالم تذهب أليه يصبح لك شكل جديد وأسم جديد ، وحتى هدف مُختلف ، ولكن الشيء المُشترك بين هذه العوالم هو خطيئة الحاكم ' السيرفنيوس كراون ' القمر القرمزي '

أنزل نيوفيليت المظلة من على رأسه ، مصدومًا من كمية المعلومات التي قالها الغراب الأحمر له .

" إذن العالم الثاني يعد من ضمن العوالم الأساسية السبعة ، وغير هذهِ العوالم الأساسية والفرعية ، يوجد ألف عالم منسي ، و ٤٠٠ عالم متصل بين الغصن والجذع ، شيء مُرعب ويجعل المرء عبارة عن شعرة ساقطة في أهوال هذهِ العوالم ، وأي عالم يعتبر هذا ؟ أيها الغراب الأحمر "

إجابة الغراب الأحمر بشكل مبسط . من أجل أن يتحمل عقلة البدائي الأمر ، قائلًا له

" أمامك طريق طويل أيها المهرج ، وأيضًا طرحت هذه المعلومات الكثيرة عليك من أجل أن تعرف حجم - كون الميكنورا - وهو كون يحمل ما فوقة كونًا آخر ، ويحمل شيئًا آخر فوقة وهكذا . سوف تتعرف على هذه العوالم وأسراره بشكل تدريجي ، من أجل ايصال جميع الخيوط في الأماكن الصحيحة ، وبالنسبة إلى هذا العالم ، ليس لهُ رقم ، فقط مورتفبيوكس يعرف سر هذا العالم ، والذي سوف تقابلة بعد رحلة طويل للغاية "

كان نيوفيليت يحاول إستيعاب كمية المعلومات التي تحدث عنها الغراب الأحمر ، ولكن كلما يحاول إستيعاب معلومة ، تقوم المعلومة الآخر بضربها بعيدًا ، نظر نيوفيليت إلى الغراب الأحمر ، قائلًا له .

" المعلومات التي قلتها جميعها مرعبة ،ولكن ماذا تقصد بـ - كون الميكنورا - ، ومن هو مورتفوبيكوس ، ولماذا هذا عالم ليس له رقم ، وليس مُتأثر بخطيئة السيرفنيوس كراون ؟ وأيضًا من أن…..

- أحم- قاطع الغراب الأحمر ، كلام نيوفيليت ، قائلًا له بهدوءً شديد .

" كل شيء سوف يظهر لك بصورة أوضح ، ولكن تحتاج إلى مغامرة طويلة ، حتى تصل إلى ما تسعى إليه ، وأيضًا قضية عائلة الواكير ، أجعلها شيئًا عاديًا ولا تركز عليها بتاتًا إلا إذا أردت أن تعرف بعض المعلومات التي تجهلها عنها "

وضع نيوفيليت المظلة على رأسه ، وهو يتأمل كلام الغراب الأحمر ، وكان يُحادث نفسه قائلًا .

' يجب علي الأكتفاء بهذا القدر من المعلومات ، كثرة المعلومات تجعلني أصبح مجنونًا في عالم المجانين '

مد نيوفيليت يده على المطر ، قائلًا

" هطول المطر بهذه القوة دليل على خطورة المكان "

ابتسم الغراب الأحمر ، وهو ينظر إلى نيوفيليت مُجيبًا على سؤالة .

" وهل يخاف الشيطان من الجحيم ! نحن الشياطين وهذا هو عقر دارنا "

وصل كلاهما إلى المنطقة المُحددة حيث كانت شبة مهجورة ، ومرعبة ، كانت القصور الفيكتورية تعطيك جوًا في عدم الأرتياح . بين القصور الفيكتورية والأبنية المرعبة ، يوجد زقاق صغير يؤدي إلى منطقة أخرى .

دخل كلاهما إلى زقاق طويل ، ومظلم جدًا حتى وصلوا إلى نهايته . نظر نيوفيليت إلى ساحة كبيرة ، من حولها القصور والأبنية الفيكتورية المرعبة ، ولكن كان هناك قصر مميز ، المطر والبرق يسقطان بقوة عليه . المظهر الخارجي للقصر هو عبارة عن تصميم فيكتوري أسود ، مع وجود سيوف على كل نافذة ، وأجنحة ضخمة على الجهة اليسرى ، واليمنى ، وكأن هذا القصر عبارة عن طائر ، سوف يطير في أي وقت .

بينما كان نيوفيليت يتأمل القصر الغارق في الظلال ، شق البرق سماء الليل الحالكة ، محولاً إياها إلى بحرٍ من النور الأزرق الباهر . في تلك اللحظة ، لاحظ نيوفيليت وجود شخص فوق القصر ، معالمه ضبابية تحت ضوء البرق . كان يرتدي معطفاً طويلاً أسود ، كأن الليل قد نسج خيوطه حوله ، ووجهه مخفي في ظلال غامضة . بيده عصا تتوهج بنور باهت ، أشار بها نحو نيوفيليت .

تردد الصوت من فوق القصر ، عميقًا كأنه ينبعث من قلب العاصفة ؛

"يا نيوفيليت ، الأعمى إذا ضل الطريق نعيده إلى الجادة ، ولكن المبصر إذا زاغ عن الحق نقطع عليه مسار حياته... هكذا هي العدالة الحقيقية ، عدالة لا تميز بين الجهل والمعرفة ، بل تحاسب وفق النور الذي يحمل في داخله "

كان الصوت كهمس الريح في أذنيه ، ولكنه حمل ثقل حكمة عمرها آلاف السنين ، حكمة تذكره بكلمات هيرميس القديمة عن توازن الكون وميزان العدالة . كانت العبارات متشابكة ، مليئة بالرموز والدلالات ، تحمل في طياتها معاني عميقة تتجاوز حدود الإدراك البشري .

ألتف نيوفيليت ببطء ، وكأنه يحاول استيعاب كل ما حدث للتو ، ثم بدأ يسير مع الغراب الأحمر مبتعدًا عن المنطقة ، فيما تردد صدى خطواته في عقله المثقل بالأسئلة . وبينما كان يمضي قدمًا ، ارتفع صوته في الداخل ، كأنه يحاور نفسه ، كل كلمة تحمل في طياتها شكوكًا وتساؤلات .

' ما هذا المكان الملعون ؟ ولماذا يختبئ في زاوية نائية كهذه ؟ من المسؤول عن هذا القصر الغريب ؟ ومن يكون ذلك الظل الذي ظهر على السطح '

لم يلبث أن قطع تفكيره صوتًا مألوفًا ،إلا كان هذا صوت المخطوط هو الغراب الأحمر ، الذي بدا وكأنه يتحدث من وراء جدران عقله .

" يا نيوفيليت ، كل هذه الأسئلة ستجد لها أجوبة قريبًا... أقرب مما تظن "

نظر نيوفيليت بعيونة القرمزية نحو الغراب الأحمر ، ليس مُتعجبًا بتاتًا من معرفته ماذا يدور في عقلة ، لآن في الأخير حتى هو يعتبر شيء غامض يفوق جميع العوالم في الغموض ، أنهُ من العظماء الأقدم ، كما في لغة هيرميس.

وصل نيوفيليت أخيرًا إلى مكتبه الخاص ، كان التعب باديًا على وجهه ، وعندما استدار ليتحدث إلى الغراب الأحمر ، اكتشف أنه اختفى دون أثر . تردد في داخله سؤال مريب .

' ظهور هذا الرجل يعني أن العالم بات على حافة الهاوية... ولكن من تكون حقًا ، لا تنسى أسمِ ؟ '

صعد نيوفيليت السلم بتثاقل ، ودخل مكتبه ، حيث طغى عليه شعور بالوحدة والارتباك . استلقى على الأريكة بجانب النافذة اليسرى ، محاولًا تهدئة أفكاره المشوشة . كانت الذكريات والمشاهد تتداخل في ذهنه ، القصر الغامض ، سر كلكامش ، والعالم الذي يبدو أنه يتداعى من حوله . كل هذه الأفكار كانت تجعله يشعر بصداع شديد يكاد يشل تفكيره .

وفي صباح اليوم التالي ، استيقظ نيوفيليت بعد نومٍ مضطرب . بدأ يومه بمراجعة الملفات المرتبطة بالقضية . ومع مرور الوقت ، بدأت خيوط الحقيقة تتكشّف ببطء ؛ فقد توصل إلى استنتاج مفاده أن القاتل سيظهر في الحفل المقبل ، وسيسعى لاستغلال منصب يجعله يقترب من العمداء .

بعد ساعتين ، سمع طرقًا خفيفًا على الباب .

" تفضل بالدخول " أجاب نيوفيليت ، بينما كان ينظم أفكاره.

فتح الباب ليجد العمدة واقفًا أمامه . نهض نيوفيليت ومد يده للعمدة ، فتصافحا بهدوء ، وكأنهما يتشاركان حملاً ثقيل اً.

جلس العمدة على الكرسي الأيمن ، بينما عاد نيوفيليت إلى كرسيه . وبعد لحظة من الصمت ، تحدث العمدة بنبرة تحمل مزيجًا من الاستفهام .

" يبدو أنك لم تقم بتطوير هذا المكان ، أو حتى بتعيين شخص يساعدك في العمل "

نظر نيوفيليت إليه بنظرة مدروسة ، ثم رد بلهجة هادئة ، ولكنها حازمة .

" لا أفضّل ذلك ، أيها العمدة . العمل بمفردي يمنحني راحةً لا يمكنني الاستغناء عنها "

تجول العمدة بنظره حول المكتب ، كأنه يبحث عن شيء ما ، ثم سأل باهتمامٍ متزايد .

"كيف تسير الأمور مع القضية ، يا نيوفيليت ؟ هل هناك بعض التطورات ؟ "

أجاب نيوفيليت بنبرة هادئة ، تخفي وراءها سرًا من هدوء الشيطان .

" القاتل سيكون في الحفل غدًا ، وسيحاول استغلال منصب يجعله قريبًا منكم ، أيها العمداء "

رفع العمدة حاجبيه ، وتحدث متسائلًا .

" وما الحل برأيك ؟ "

ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه نيوفيليت ، قائلًا .

" سأكون الحارس الأكبر ، وأيضًا سأتواجد في الغرفة معكم ، لأضمن أن الأمور تسير كما يجب "

حدق العمدة ، إيفان كولينز ، في عيني نيوفيليت مليًا ، وكأنه يحاول قراءة أفكاره العميقة ، ثم قال كمن يتحدث مع نفسه .

" يبدو أنك تفكر في خطة كبيرة جدًا ، كما هو متوقع من أحد أمهر المحققين في العالم "

أجاب نيوفيليت ، وهو يشعل سيجارته ، وكأن الكلام أصبح عبئًا على شفتيه .

"يا حضرة العمدة ، سأحتاج إلى قناع عليه رسمة بالون الأصفر ، والأحمر .- المهرج - "

2024/08/21 · 23 مشاهدة · 2023 كلمة
MYDE
نادي الروايات - 2025