الفصل الكوني
——
مناقشة سيد الغموض
———-
وما معرفة الموت ، إلا شيء جميل ! تحديد أن كنت سوف تصبح شريرًا أو نبيلًا مبني عليك ، وليس على ماضيك .
تحديد الخيار الذي أخترته من خلال هذا الأختيارات سوف تلقى ردود الفعل في كلاهما . ليس امكشورار بشخصًا نبيلًا ! كلا ، وأنما شخص بشع وقذر ، يقتل الناس بأبشع الطرق ويستمتع في تعذيبهم ، ولم يقف أمامة طفل أو رجل كبير بالسن أو حتى آمرأة . عند أمكشورار ، الجميع سواسيه .
وفي أحد مقولات “ الشيطان الأسود ” خاطبًا بطعن النحر الممزوج بالبكاء القرمزي ، قائلًا .
‘ وما الحرب إلا خدعة ، وما القتل إلا لأشباع الرضى ، وما كسب المال إلا لتباهي . وكم من ملك غدر ظلمًا وكم من شجاع قطع رأسه لـ شيئًا تافة ، وما الحياة إلا تجربة قاسية ، عليك أن تعرف الخيار الذي سوف تتخذه جيدًا ’
بعض الكلمات الثقيلة تخرج من أفواة الشياطين ، ولكن عليك الأستماع إليها لآن في أعماقها هو الخيار الصائب .
صوت قطرات المطر التي تلمس كتف نيوفيليت ، وصوت تصادم الغيوم المرعب ، والبرق الذي يضرب الشجرة الدامية بكل قوة حتى أنها بدأت تشرق نارًا .
كان نيوفيليت بالكاد يستطيع الوقوف ، مترنحًا شمالًا وجنوبًا ، أمسك السكين وقام بأخراجها من صدرة أمام العلن ، لم يكترث أحد للأمر .
صفق الجميع أليه على شجاعته ، وقوته وتخليصهم من الوحش الذي أرعبهم لسنوات طويلة . لم يكن أحد يعرف أنهُ نيوفيليت بسبب القناع ، كانت الدماء تسيل بكثيره ، رغم التعب والأرهاق ، ولكنه ظل واقفًا ، شامخًا كالذئب . قام العمدة أيفان كولينز بمصافحته وتشكر منه على الأمر المستحيل الذي قام به ، قائلًا .
" أنهُ شيء كبير الذي فعلته أيها المحقق نيوفيليت ، لقد قمت بتخليص العالم من هذا المجرم والسفاح الخطير "
كان جزء من فم نيوفيليت ظاهر ، بسبب الكسر الذي حصل له من قبل السفاح ، ابتسم ، ابتسامة مُزيقة ، قائلًا بتعابير غير مهتمه .
" لا شيء يذكر هذا كله من أجل مصلحة لندن وشعبها ، لقد قمت بتخليصهم من مجرم كان يقتل على مدار سنين طويلة "
تحدث العمدة مغمضًا عينيه ، قائلًا بهدوءً مقلق .
" الأمور صعبة الآن ، ولكن في وقت لاحق سوف نقوم بتكريمك أيها المحقق نيوفيليت . ولكن في البداية علينا تنظيف هذه الفوضى ، ونرى القانون بخصوص العمداء الذين قتلوا "
تحدث المحقق ، والتعب يغمر صدرة من كل زاوية ، قائلًا بنبرة كاذبة .
" لقد مات الكثير خارجًا ، وداخلًا . ولكن في الأخير قمنا بتخليص العالم من شره ، سوف أذهب لأرتاح نتقابل فيما بعد أيها العمدة "
خطا المحقق بعيدًا والتعب يغمر جسدة ، نادى على غيمة الغموض ، ظهر من العدم أمامة . أمتطى الحصان ، كان غيمة الغموض ينظر إلى العمدة من بعيد ، وبكا دمًا ! خطا بعيدًا عن القصر . وهم في طريق الرجوع ، بدأ المحقق يتحدث مع غيمة الغموض مُتسائلًا عن الفجوات فيما بينهم .
" أنا أعرفك ، أنت تفهمني جيدًا ، وأنتَ لست بحصانًا عاديًا أبدًا ، يبدو أنك تعرفني منذو زمنًا طويل ، ولكن عندما نظرت إلى العمدة لماذا بكيت دمًا ؟ "
وقف الحصان فجأةً ، وبدأ يصدر صوتًا مرعبًا ، ما بين البكاء ، والصراخ ، حتى أصبحت العوالم أمام نيوفيليت سوداء . وظهر جزء بسيط من العمدة عندما تصافحا قبل قليل ، هذا جزء بسيط ، جزء بشع جدًا حيث أن العمدة يمسك رأس أحد الأشخاص ، ويقوم بفصلة عن جسدة ، فقط بيديه العاريتين ! ومن ثم عاودت الأوضاع إلى طبيعتها .
أمسك نيوفيليت شعرة ، وكان يتصبب عرقًا رغم المطر الذي يهطل بغزارة على أجزاءة . ومن ثم نظر غيمة الغموض نحو نيوفيليت ، وكانت نظراته تشرح كل شيء … “ هل فهمت مقصدي ؟ ”
أمسك نيوفيليت شعر غيمة الغموض ، قائلًا له وهو مُرهق .
" لقد فهمتك يا غيمة الغموض "
وصل نيوفيليت إلى البناية الكئيبة ، ومن ثم خطا نحو المكتب الخاص به ، دخل المكتب ، والتعب يسيطر على جسدة ، قام بإزالة هذه الملابس المُتسخة والمملؤه بالدماء ، بملابس جديدة . قميص أسود وكان القميص تحت البنطلون الأسود .
جلس نيوفيليت على الأريكة ، وأحس أن هناك أكثر من شخص في الغرفة ، حتى سمعًا صوتًا أمامة ، قائلًا .
" مرحبًا أيها الصياد الأقدم ، كيف حالك ؟ "
نظر جيرمان نحو الأريكة المُقابلة له . والشخص الذي كان جالس عليها ، هو القسيس ليوفوين رافت . تحدث جيرمان ، وهو مصدوم قليلًا ، قائلًا
" كيف عرفت أني هنا ؟ ليوفوين رافن "
وضع ليوفوين قدمة على القدم الآخرة . مُبتسمًا بشكلًا جميل ، قائلًا .
" لا شيء ، أتيت هنا من أجل المساعدة في أمور التحقيق ”
تحدث جيرمان ، وهو منزعج بسبب الطلب الذي تحدث به ليوفوين رافن . قائًلا له .
" ومن أخبرك أني أحتاج شخص لمساعدتي ؟ "
أمسك شخصًا كتف جيرمان ، قائلًا له بنبرة هادئ .
" أنا أخبرته بذلك أيها المهرج "
جلس هذا الشخص بالقرب من ليوفوين رافن ، وكان هذا المجهول هو الغراب الأحمر ، ضحك جيرمان قائلًا لهُ بسخرية .
" يبدو أن كل ما يحدث لي مرتبط بك بطريقةٍ ما ، أيها الغراب الأحمر "
تحدث ليوفوين رافن مُغمضًا عينيه مع ابتسامة مزيفة ، قائلًا .
" يا جيرمان ، الأجواء التي ستخوضها ليست سهلة . ستحتاج إلى شخص يساعدك ، وليس أنا فقط . هناك أيضًا شخص آخر يجلس بجوارك الآن يمكنه مساعدتك "
ابتسم جيرمان ، ابتسامة صادقة وهو ينظر يمينًا ، قائلًا .
" لقد كنت أعلم أنها جالسة منذو وقتًا طويل ، ولكنها لم تتحدث أبدًا "
أمسكت إليانورا نومين ، يد زوجها ، وهي تنظر لهُ بحبًا كبير ، وكان جيرمان يبادلها نفس الشعور الذي لن يتغير مهما تغيرت العوالم . تحدثت بنبرة هادئة مع ابتسامة حلوة ، قائلة .
" يا عزيزي المُحارب ، نعلم أنك تحب التحقيق والقتال لوحدك ، ولكن قد تحتاج إلى شخصًا جميل مثلي يساعدك "
ضحك كلاهما ، تحدث جيرمان وهو ينظر إلى ليوفوين ، و الغراب الأحمر ، قائلًا لهم .
" على ما يبدو أنهُ ليس هناك خيارًا آخر ، وسوف يكون هذا المكان هو مكانكم يا رفاق ، عد السيدة نومين ، أنهُ قصرها "
تابع جيرمان كلامة ، قائلًا بشكلًا حازم .
" لكن أمور التحقيق والأشياء الأخرى ، دعوها لي فقط هل كلامِ واضح ؟"
أومضت عينا ليوفوين رافن ، قائلًا .
"لا بأس أيها الصياد الأقدم ، هناك خطر أكبر يلوح في الأفق ، وسنكون هنا لمساعدتك . هناك الكثير من الشياطين في هذا العالم الواسع ، وأنت تعرف ذلك جيدًا ، كونك سيد الغموض "
كان جيرمان يتمعن جيدًا في كلام القسيس ، كونه فيه ترابط ما بين المذكرة الدامية ، وكلامة .
‘ يبدو أن مذكرة فيها نوع من الغموض حول الشيطان ، من يكون هذا الشيطان ؟ ولماذا تقول المذكرة ، أنا و الشيطان ‘
نظر الغراب الأحمر ، بنظرة حادة نحو جيرمان ، قائلًا له بالتواصل العقلِ .
‘ يبدو أنك فهمت المغزى من كلام القسيس ، هل هذا صحيح ؟ ’
توسعت عينيه جيرمان ، مُتفاجأً من هذا الأمر ، قائلًا بالتواصل العقلِ .
‘ كل يوم تظهر لي بشيء جديد ، غدًا هل سوف تحضر القرمزي معك ؟ أم عن المغزى فيه بعض الغموض ‘
تحدثت إليانورا نحو جيرمان ، قائلة مع ابتسامة جميلة .
" ما رأيك أن نلعب الشطرنج قليلًا بعد أن ننهي حديثنا ؟ "
أجابها جيرمان بابتسامة ساخرة قائلًا .
"وهل تتوقعين أنك ستفوزين ؟ "
ابتسمت وهي ترد عليه قائلة .
" لا أعرف ، ربما أتمكن من هزيمة سيد الغموض "
ضحكا كلاهما ، وتبادلا نظرات مليئة بالحب .
كسر ليوفوين رافن هذا الجو الجميل ، قائلًا .
" ماهي خططك التالية أيها الصياد الأقدم ، ماذا سوف تفعل ؟ "
نظر جيرمان نحو القسيس ، واجابة على سؤالة ، قائلًا .
" قبل قليل تخلصت من سفاح ، وأنتم تعرفون المعلومات ، لا حاجة لشرح "
ضحك ليوفوين ، ضحكة خفيفة ، قائلًا .
" هذا صحيح ، نعرف ذلك "
أنحنا جيرمان إلى الأمام قليلًا ، واضعًا أصابعة العشرة سويتًا .
" العمدة سوف يكرمني على ما فعلته اليوم ضد السفاح ، ولكن لا أعرف متى موعد ، عندما أنتهي من أمر تكريم سوف نتحدث بخصوص الجرائم "
طرق أحدهم الباب ، أمر جيرمان الطارق بالدخول ، دخل الحارس إلى غرفة ، وكان متفاجأً بالضيوف قائلًا .
" أسف سيدي لم أعلم أن لديك ضيوف "
كان جيرمان متعجبًا ، وكان ينظر إليهما ، قائلًا .
" هل الحارس ينظر إليهما ، ولكن لا يستطيع أن يرى الغراب الأحمر ؟ "
إشار جيرمان بيده اليمنى نحو الحارس ، قائلًا له
" تفضل أيها الحارس قل ما لديك "
تحدث الحارس ، قائلًا .
" هذه ورقة خاصة من العمدة ايفان كولينز وفيها تكريم خاص لك سوف يحدث بعد غدًا في تمام الساعه العاشرة ليلًا في القصر السياسي "
أعطى الحارس الورقة لجيرمان ، ومن ثم خرج من الغرفة .
نهض ليوفوين رافن ، وهو ينظر إلى قمر الابيض ، قائلًا .
" سوف نتقابل فيما بعد سيد الغموض ، عندما تحدث تحديثات أخرى سوف أكون بجانبك "
ظهر ضباب قرمزي حول ليوفوين ، وأختفى بشكل من الغرفة عقب ذلك الحوار ، عانقة إليانورا نومين ، زوجها جيرمان ، قائلة له .
“ سوف أكون في بيتنا ، أخبرني عندما تحدث بعض التطورات من ناحية الصيد والقتل لأني أحب ذلك “
وعند ذلك أختفت من الغرفة هي التالية . أصبح المكان ثقيل جدًا بحضور الغراب الأحمر ، وجيرمان . نظر نحو الغراب الأحمر بنظرات حادة ، قائلًا له .
" الغراب … الغراب… أيها الكيان الغامض ، من أنت ؟ "
أشعل الغراب الأحمر سيجارة ، وهو ينظر إلى هطول المطر ، مُترسمًا بابتسامة غامضة ، قائلًا .
" لا أحد ، أذا كنت أنت سيد الغموض فأنا هو حاكم الغموض "
مُتابعًا كلامه بنبرة هادئة ومليئة بالغموض ، قائلًا .
" كل شيء يجري وفق أمر مُحكم ، ولقد أخبرتك بذلك من قبل ، ولكن دعني أكرر لك بوضوح أكثر، كل ما يحدث لك ، مهما كان بسيطًا أو معقدًا ، ليس صدفة . إنه أمر قد تم تقريره مسبقًا . والآن ، أمامك خياران ، إما أن تقاومه وتحاول تغييره ، أو أن تستسلم له وتتبعه دون تردد . القرار النهائي ، هو لك وحدك “
وقف جيرمان وسط ظلام الغرفة ، حيث كانت بقايا دخان السيجارة التي رمى بها الغراب الأحمر لا تزال تتلاشى في الهواء ، تاركة وراءها عبقًا من الرماد والضياع . هبَّ الريح خفيفًا من النافذة المفتوحة ، كأنما يهمس بأسرار الزمن المفقود . ارتدى القناع ببطء ، ملمس الجلد البارد على بشرته كان تذكيرًا مستمرًا بوحدته المستعصية .
همس بصوت هادئ ، كأنما يحدث نفسه قائلًا
"حاكم أم سيد... جميعهم يسقطون أمام المهرج "
كانت هذه الكلمات ، رغم صداها الفارغ ، تملأ الغرفة بمعانٍ ثقيلة ، كأنما هي الحقيقة الوحيدة الباقية في هذا العالم المتداعي . نظر إلى الأريكة ، التي بدت مهجورة كصحراء خالية من عطرها ، وتفكيره تشابك مع ذكريات لم تكتمل قائلًا .
"ذهبت ولم نلعب الشطرنج "
تنهد طويلاً، كأنه يُطلق سراح الأحمال التي تقيد روحه ، وسقط جسده على الأريكة بثقل كل المعارك التي خاضها .
غرق في النوم بسرعة ، ولكن عقله لم يهدأ . كان يفكر في ما ينتظره من تحديات ، في حين جسده المرهق يُحاول الاسترخاء .
‘ السكون الذي يسبق العاصفة ‘
بعد ساعتين من النوم العميق ، استيقظ المهرج ليجد نفسه في عالم آخر ، عالم الطاولة اللامتناهية في الفضاء الكوني ، حيث كان المهرج جالسًا على كرسي طويل الظهر ، كأنه عرش القدر نفسه . أمامه رجل وامرأة غريبان ، ملامح وجهيهما مختبئة خلف أقنعة المهرجين ، وكأنهما شظايا من وعيه المتفتت .
تحدث الرجل بصوت منخفض لكنه مثقل بالمعاني ، قائلًا .
"الذي يقتل بعشوائية ، وباحتراف، وفي وقت محدد ، ومكان مخصص... هل تستطيع الإمساك به ؟ "
ابتسم المهرج ببطء ، تلك الابتسامة التي تخللتها أشباح المعرفة المظلمة ،
" لا ، إنه شخص يتبع مبدأ المغالطة ، يتحدى فيه الأشخاص والمجتمع والسياسة جميعًا... وما خلف هكذا قاتل ، شياطين يديرون كل شيء "
تحدثت المرأة ، بنبرة من الرغبة الملتبسة بالسخرية ، قائلة
" وكيف تتبع شخصًا يتبع نهجًا واحدًا ؟ "
أجابها المهرج ، وكأن إجابته قطعة موسيقية معقدة الألحان ، قائلًا
" باتباع نفس نهجه " وابتسم مرة أخرى، ابتسامة كسرت الصمت المتوتر في الغرفة.
ردت المرأة بابتسامة مماثلة ، مع نبرة من الشك ،
" وهل ستقبض عليه بهذه الطريقة ؟ ألا يشعر بخطوات خلفه وهي تتبع نفس نهجه ؟ "
المهرج ، وهو يمد يده على الطاولة كما لو كان يتلمس حدود القوة ، قائلًا .
" اليد قصيرة المدى لن تسبب المشاكل ، لكن اليد طويلة المدى تخلق الفوضى... في نهجي ، أبدأ بخطوات قصيرة المدى ، ثم أستخدم الورقة الرابحة"
أخرج الرجل شيئًا ما من يديه اليمنى واليسرى ، والتفت إلى المهرج قائلًا له
"الخيار الصعب في حل الجريمة ، أم الخيار ذو التعقيد اللفظي والفعلي في استدراج القاتل إلى قعر القفص ؟ "
ابتسم المهرج بحكمة غارقًا بفجوة الجنون ، قائلًا .
" الخيار المعقد ، الذي يجعل القاتل يأتي إليك بنفسه ، لأنه لا يجد ملجأً آخر... ولذلك دائمًا يشعر القاتل بأنه مراقب ، ويصبح نومه كأنه ينام في الجحيم ، معذبًا "
الرجل والمرأة، كأنما على نفس الوتر، سألا معًا، " وهل سيد الغموض يستطيع الإمساك بعبقري كهذا ؟"
نهض المهرج من مكانه ، نظر إلى الفضاء الكوني حيث تلمع المجرات البعيدة ، كدرب التبانة ، كأنما هي أحجار ألماس في تاج الليل ، قائلًا بصوتًا مشبع بالكبرياء والغرور .
“ أستطيع أن أمسك حتى بالمجرات، فكيف لا أستطيع الإمساك بفانٍ بسيط ؟ "
كانت كلماته ترتفع كأنها تُسطر في سجلات الكون الأبدي .