الفصل الكاذب
———
المذبحة الدامية
———
أمسك مقبض الباب الحديدي ، فتحة بشكل بطيء ، وهو يتأمل بهدوء أعداد الناس الموجودين داخل الحانة . نظر نيوفيليت إلى القسيس بعين واحدة مفتوحة جزئيًا ، مع ابتسامة عريضة تشق فمة واضعٍ أصِبع السبابة على فمة قائلًا بصوتًا مخيف ، ومرعب .
“ تذكر جيدًا ليوفوين ، لا روس ”
كان ليوفوين مندهش من تلك الكلمات ، أخذته الضحكة العميقة ، مع صوت سحب سيفة ، قائلًا وهو يُميلٌ رأسه إلى اليمين .
“ يبدو أن المذبحة القرمزية سوف تبدأ الآن ، أيها الكاتب ”
هجما كلاهما على الناس الموجودين في الحانة ، كان بعضهم أعزل ، والبعض الآخر يملك أسلحة ، ولكن لا فائدة بتاتًا . أنهم يشاهدون ذئاب تهجم بلا رحمة ، كانت رؤوس الرجال ، والنساء تُحلق في الهواء ، تغير لون الجدار ، من لون الأزرق إلى الأحمر ؛ بسبب كثرة الدماء التي غمرت المكان كالمطر .
أرادَ مجموعة من الأشخاص الهروب من عند المحقق من الباب الخلفي ، ولكن أطلقة رصاصة نحو الباب ، تراجع كلاهما للخلف حتى اصطدما به . نظر الهارب إلى وجه نيوفيليت ، ورآى عيون لن ينساه أبدًا في أعماق تارتاروس ، أمسك رأسهما وضربهما في آن واحد .
حتى أن عين أحدهما دخلت بالآخر ، أمسكهما من حجرة عيونهما ، ومن ثم رفعهما إلى الأعلى وضربهما بكل قوة ، حتى انسلخ الجلد عن العظام .
كان أمام القسيس ، مجموعة من مستعملي الفنون القتالية ، وضع القسيس السيف جانبًا ، وهجم على أحد الأشخاص واضعٍ راحة يده على بطنة ، حتى أنفجرت من قوة الضربة ، هجم أثنان عليه . قام بالنزول إلى الأسفل ، وجعل قدمية تتحرك كالزوبعه ، حتى طارت رأسيهما بعيدًا عن جسديهما .
هجم شخص من الخلف أرادَ ، طعن القسيس ، ولكن أمسك القسيس السيف بأصبعين فقط ؛ ومن ثم أمسك وجهه وقام بتدميره .
كانت مجزرة كبيرة ، أرتكبها هذان الأثنان بحق هذه الحانة . أقترب القسيس من عند نيوفيليت ، كان يقوم بالتدخين على أحد الجثث المُقطعة ، قائلًا وهو مبتسم .
“ ماذا سوف نفعل تاليًا ، أيها الكاتب ؟ ”
رمى نيوفيليت كيس من القماش ، وإشار نحو مجموعة من الرؤوس آمرٍ القسيس بشيء معين قائلًا .
“ أخذ هذا الكيس ، وقم بوضع الرؤوس المميزة داخلة… أنها هدية لشخصٍ معين ”
أخذ الكيس ، وكان ينظر نحو شيئًا مميز بالقرب من نيوفيليت ، إشار نحوه قائلًا بهدوء .
“ هذا الكيس… هل يوجد فيه شيء مهم ”
نظره بعين نصف مُغلقة ، وأمسك سيجارته بين شفتيه . وقف أمام القسيس ، ثم أخرج لسانه ، والسيجارة متوازنة عليه ، وقال بصوت مملوء بالغرور .
“ قم بوضع الرؤوس الملعونة داخل هذا الكيس ، ولا تتدخل في شيء لا يعنيك ، أيها القسيس ليوفوين ”
كان القسيس مذهولٍ ، ولكن كسر ذلك بضحكة خفيفة قائلًا .
“ لك ذلك ، أيها الكاتب ”
خطا نيوفيليت ، نحو باب الخروج الخاصة بالحانه . خرج وهو يمسك الكيس بيده اليمنى ويدخن باليسرى ، حتى مر مجموعة من الشرطة نحو المحقق .
كانوا مذهولين من رؤية المحقق الأشهر ، أرادوا جميعًا أن يأخذو توقعيه ، ولكن توقف شرطي ، ونظر نحو الكيس مُمسكٍا مسدسه بيده اليمنى . أراد أن يسحب المسدس ، ولكن قام القسيس بقطع رؤوسهم جميعًا بضربة واحده .
" معجبون كُثر ، أيها الكاتب ؟ " قالها بلهجة ساخرة ، وكأنه يسخر من الفكرة بأكملها .
رمى القسيس الكيس باتجاه نيوفيليت، ثم نظر إليه نظرة حادة قبل أن يسأله.
"هل تنوي الرحيل ، أيها القسيس ؟ "
أجاب القسيس بصوت مزيج من الإرهاق وعدم المبالاة .
" لقد ارتفعت الشمس لتضيء المكان ، وأنا أحتاج أن أسحب نفسي إلى الراحة "
ألتف للخلف ، وهو يرفع يده عالٍ في الهواء ، ومن ثم ظهر ضباب قرمزي دخل القسيس عبرة . أخذ المحقق الكيس ، وبدأ يسير عبر أزقة ومناطق لندن ، حيث الهواء البارد الذي يلامس وجهه ، وبعض قطرات الندى الموجودة على أوراق الأشجار ؛ كان الجو جميلًا .
كان نيوفيليت يرفع رأسه إلى الأعلى قليلًا مغمض عينيه ، وهو يتآمل الأحداث ، والتغيرات التي حصلت له ، من مجرد محقق إلى محقق سفاح ، يقتل بدمًا بارد ، وكإنهُ يقوم بأخراج غضبة فقط على المجرمين ، ولكن في تلك الحانة… جعل الجميع سواسية ، رغم أن معظمهم من قتلة ، والتجار .
كان المحقق يتعمد السير في الأزقة المظلمة ، من أجل أن لا يروه الناس ، ولكن بعد دقائق وصل إلى البناية الخاصة به .
صعد السلالم ، والألم يغمر عينيه القرمزية ، دخل إلى المكتب ورمى الأكياس على الأرض . صفق أحد الأشخاص في الغرفة ومن ثم نهض ووقف أمام المحقق قائلًا .
“ لم أكن متوقعٍ أبدًا ، أنك سوف تهزم المُقامر العالمي ”
جلس نيوفيليت على الأريكة ، وهو غير مهتم لكلام النقيب ، رافعٍ يده نحو الأعلى وهو يلوح بها ، قال بنبرة ضجر .
“ أيها النقيب ، لقد أهلكتني الثرثرة الخاصة بك ، حاول الدخول نحو المضمون ”
جلس النقيب على كرسي ، وهو يشعل سيجارة وينفذ الهواء نحو الأعلى ، مُتحدثًا بهدوء .
“ لماذا لا تأخذ قسطًا من الراحة أيها المحقق ؟ ليس هناك سباق لأكمال المهمات بشكل أسرع يمكنك أن ترتاح قليلًا ”
ضحكة نيوفيليت ، وهو يضع أصابعة الخمسة على عيونه ، قائلًا بسخرية .
“ هل تحاول أن تشفق عليه الآن أيها النقيب ، حاول الدخول في صلب الموضوع ”
ابتسم النقيب ، وقام بأخماد السيجارة بكل هدوء ، واضعٍ أصابعة العشرة سويتًا قائلًا .
“ بسبب عبورك لأصعب أختبار ، وهو قتل المقامر ؛ سوف يكون الأختبار التالي هو الأسهل لك ، عليك النجاة من مصحة للأمراض العقلية يسكنها شخص مجنون يحمل منشارٍ ، ولديك ساعة من أجل النجاة ، نيوفيليت ”
أزاحَ أصابعة الخمسة عن وجهه ، وأنحنى قليلًا نحو الأمام ناظرًا نحو النقيب مُتحدثًا بدهشة قائلًا .
“ ولماذا هناك وقت للنجاة ؟ هل مهمة صعب إلى هذا الحد ”
أمسك النقيب المعطف ، ونهض من الكرسي ، وقام بفتح بعد قرمزي يخرج منه البرق وصوت بكاء مرعب وكأن روحة تخرج من أعماق صدرة .
" في هذا البُعد ، ستصبح مجرد إنسان عادي يسعى فقط للهروب . جميع قدراتك ، وتجديدك ، وحتى أسلحتك ستُسحب منك . حاول النجاة كما يفعل البشري الضائع "
وقف كلاهما أمام البوابة القرمزية ، نظر بغضب نحو النقيب غرايستون قائلًا .
“ وما المغزى من تلك الحركة القذرة أيها النقيب ؛ هل تحاول أن تصبح ذكيًا عليَّ ؟ ”
ارتسمت على شفتيه ابتسامة عريضة مُتحدثًا بهدوء .
“ غريزة القتل لديك مرعبة جدًا ، لذلك من الأفضل أن تقلل منها . وأيضًا قمت بقتل حارسان ، بشكل غريب . تذكر كلمات الغامض جيدًا حينما أخبرك : ليس جميع القدرات سوف تعمل ”
أصبح النقيب عبارة عن غبار قرمزي مُتناثر في الغرفة ، حاول نيوفيليت أمسكة قبل أن يذهب ، ولكن لم يستطع . وبالحظة غضب قام بضرب الطاولة بكل قوة ، حتى تدمرت بشكل كامل .
فرغ الغضب الذي يسير داخله عبر تلك الضربة ، ومن ثم نظر إلى البوابة القرمزية . نظر نحو يده اليسرى التي كانت تسيل دمٍ قائلًا بهدوء وهو يعصرها بكل قوة .
“ لا يوجد وقت للغضب أو تراجع ، أريد الخروج من هذا العالم المجنون ”
دخل إلى بوابة قرمزية ، وظهر في مصحة المجانين ، حيث كان واقف بالقرب من سلم ، توجد عليه جثث مُقطعة ، وبعض الآخر يأكل جثة ، ومن فيهم يضرب رأسه على الحائط .
كانوا هناك مجموعة كبيرة منهم ، ولكنهم غير مهتمين أبدًا لنيوفيليت ، أراد أستعمال قدرة رؤية فيما الماضي ، ولكن لم يحدث أي شيء .
“ أذن كلامة صحيحَ ، لن تعمل قدراتِ في هذا المكان الغريب ” بدا مُتفاجأً من الأمر ، وكان ينظر من حوله ، حتى خطا في ممر ضيق يوجد فيه غرف للمرضى .
كانوا يضربون الجدران برؤوسهم بكل قوة ، والبعض الأخر يتمتم بكل كلمات غريبة وغير مفهومة . نظر نيوفيليت بالصدفة نحو باب أحد الغرف من خلال القضبان الحديدية ، ووجد شخص يقوم بقطع لحمة صغيرة من جلده ، ومن يُعلق تلك لحمة على الجدار .
وكأن هذا الشخص يحاول رسم شيء معين . وصل المحقق إلى نهاية الممر ، وقام بفتح الباب .
نظر إلى صالة الأستقبال المرعبة ، حيث كان سقف عبارة عن غيوم قرمزية ، يتدلى منها أشخاص قد قتلوا ولكن بدون رؤوس . كانت صالة مدمرة حيث هناك نهر من الدماء على الجهة اليسرى ؛ ومكتب أستقبال يوجد عليه أكياس تسيلُ دمًا .
كان هناك باب عملاق يؤدي إلى الأعلى ، نحو جدار قرمزي يخرجُ منهُ أصواتٌ غريبة . وعندما كان نيوفيليت ينظر إلى جدار ، ظهر شخص من خلفة .
تفاجأ نيوفيليت بوجود شخص يرتدي بدلة سوداء ، ويضع قطعة قماش بيضاء مرسوم عليها بالدم ، القمر القرمزي .
“ مرحبًا بالضائع! كيف حالك ، هل أتيت هنا من أجل أصلاح أخطاء ذلك الكاذب ؟ ”
بدا نيوفيليت متفاجأ من أمر هذا الشخص الغريب ، أقترب منهُ قليلًا مُتحدثًا بهدوء .
“ الكاذب؟ من تقصد ، هل تقصد شخص غريب الأطوار يقوم بفتح مجموعة من الابعاد ويعطي الأوامر ؟ ”
“ أهرب لقد أتى حاول الهروب ، من أسنانه القاطع ” كان غريب الأطوار يصرخ بصوتًا عالٍ وهو يتحدث مع المحقق .
وعندما حاول الهروب ، ظهر أمامه شخص عملاق يضع على رأسهُ كيسًا مليئًا بالدماء التي تسيل ، ويمسك بمنشار تتناثر منه قطرات الدم . صرخ العملاق بصوت مرعب يمزق طبلة الأذن ، مما تسبب في نزيف قطرات من الدم القرمزي من أذن نيوفيليت .
اندفع العملاق صاحب المنشار نحو نيوفيليت ، الذي ركض بأقصى سرعته ، متجهًا نحو باب عملاق مغلق لم يستجب لطرقه . كان العملاق يقترب بسرعة من الخلف ، فاضطر نيوفيليت للهرب نحو النهر القرمزي . لكنه قبل أن يتمكن من القفز ، أمسك به العملاق وبدون تردد قطع يده اليمنى بمنشاره .
صرخة نيوفيليت من الألم كانت مدوية ، موجة من الألم اجتاحت جسده بالكامل ، شعور لم يختبره منذ فترة طويلة .
في اللحظة الحرجة ، تدخل المحقق وضرب رأس العملاق بقوة متكررة ، مما أجبره على الإفلات من نيوفيليت . سقط نيوفيليت في النهر القرمزي ، وبدأت الأمواج تجرفه نحو منطقة مجهولة .
نيوفيليت ظهر في مكان يشبه لوحة الشطرنج ، حيث كانت الجدران والأرضية مرسومة بمربعات باللونين الأسود والأبيض .
جلس نيوفيليت على الأرض ، ومزق قطعة من ملابسه بأسنانه ، ثم لفها حول يده الجريحة . كان الألم لا يحتمل ، ورغم محاولاته لوقف النزيف ، استمرت الدماء في التساقط . الغرفة كانت غامضة ، لا بداية لها ولا نهاية ، يتسلل الضوء من المنتصف مع تحرك المحقق ، بينما يسيطر الظلام على كل ما حوله.
ظهر نفس الشخص الغامض ، يمشي بطريقة غريبة ، وكأنه يتزلج على الأرضية ، واضعًا أصابعه العشرة على رأسه قائلًا.
" عليك تقبل الأمر ، لقد حان الوقت لتواجه الحقيقة أيها الضائع "
اختفى الصوت فجأة ، وتردد في الغرفة صوت دقات ساعة غامضة ، لا يعرف مصدرها . ظهر أمام نيوفيليت عداد الوقت المتبقي ، وكان يشير إلى 50 دقيقة .
نطق نيوفيليت ساخرًا من نفسه ، وكأن الألم يسري في جسده الممزق من الداخل .
" كان يجب عليّ أن أنام قليلًا "