الفصل الكاذب
———
المَصحة القِرمزية
———
أن تكون بشريًا في عالم يكسوة الغموض والجنون من جميع نواحي ! هذا شيء يعد صعب للغاية .
لنراهن على شيء ما ، أن تضع عود فيها نار في مكان بارد جدًا ، ولكن هذا العود الناري يملك صفات مرعبة تجعله يقاوم هذه البرودة العجيبة .
وأفعل العملية مرةً أخرى ، في نفس المكان ، ونفس العود الناري… سوف تشاهد أختلاف جذري ، من أول ريحَ سوف تهب، ستخمدُ النار .
كحال نيوفيليت ، في مكان غريب فقط من يملك القوة المرعبة يستطيع النجاة ، وهل تراهن فوز شخص عادي على شخص يحمُل منشارٍ ؟
" فلسفة الشخص الأحمق هي أن تقراءة كثيرًا ”
وقف نيوفيليت على قدمية ، ناظرًا من حولة ، ولا يرى فقط السواد الذي يسدل ردائه على باقي الزواياه ، ونور طفيف يحوم فوقه ، كثقب تتدخل منهُ أشعة الشمس .
خطا نيوفيليت على أرضية الشطرنج ، وكان كل خطوة يأخذ حذرٍ من الثانية ، وعندما وصلَ إلى مربع لونه أبيض ، أحسَ بوجود شيء خاطئ فيه . قام بخلع معطفه واضعٍ حذاءه داخله ، من أجل زيادة قوة الضربة . رمى المحقق المعطف نحو ذلك المربع ، وإلا تفجر نيران حارقة ، حتى أنبعث من هذه نيران صوت…. يقول فيه .
" هذا لا يكفي ، لا يكفي أبدًا…. أعطني المزيد منهم دايموسسسس ”
ومن ثم أختفى الصوت المرعب والمخيف ، كانت مشاعر نيوفيليت مُتلخبطَ في هذا المكان . ما بين الحذر ، والخوف من المجهول .
وهو يسير بحذر على رقع الشطرنج ، اصطدمَ بجدار مرئي يعكس خيالة ، لمس نيوفيليت الجدار بحذر ، حتى شاهد أنعكاس شيئين… الأول الساعة وهي تظهر له الوقت المتبقي وهو 40,34789 دقيقة بطريقة غامضة ، والشيء الآخر هو الركض بأسرع ما لديه ، لأنهُ رآى صاحب المنشار يركض نحوه كالعاهرة عندما ترى المال .
ركض نيوفيليت بشكل مربع حول المكان ، وكان كلما يلمس مربع تخرج منه نيران حارقة ، ولكن بسبب السرعة في ركض لم تلمس النار إلا جزء قليل منه .
" هل أبقى هكذا ، أني أركض بشكل مربع حول المكان بدون أي فائدة أو حتى وجود مخرج يؤدي إلى المنطقة التالية ! ”
كان نيوفيليت يتحدث ويتسائل عن كيفية الخروج من هذا الجحيم ، وكأنهُ يسير في نفس الحلقة ولكن كانت مربع . كان صاحب المنشار يركض بكل ما لديه دون حتى أن يتعب ، وهو يلوح بالمنشار في الهواء .
نظر نيوفيليت إلى خلف نحو صاحب المنشار ، وأتيت فكرة ، ما بين الرجوع إلى لندن ، أو ذهاب إلى أعماق تارتاروس .
ركض نيوفيليت باتجاه صاحب المنشار بكل سرعة ، أرادَ قطع رأسه . ولكن دخل نيوفيليت من بين قدميه ، وقام بضربه بكل قوة حتى سقط بإتجاه اللهب المُشتعل على جهة اليسرى .
كان صراخ ذو المنشار يُقطع طبلات الأذن ، وضع نيوفيليت يده على أذن واحده ، لآن يده الأخرى كانت مقطوعة . خرجت من الأذن الأخرى سيف من الدماء ، حتى انقطع الصوت ، وأصبحت الغرفة عبارة عن ظلام دامس .
مسح نيوفيليت الدم بيده ، وقام بتذوقه ، وهو يتذوق طعم هذا الدم… ضحك، ضحك بشكل هستيري ، حتى أنهُ قام بوضع بعض الدم على شعرة ، وسحب نحو الخلف .
بدأ يضرب بكل قوة على ظلام الأرض الدامي بيده ، حتى خرجت من يده دماء كثيرة ، وقام بالصراخ بصوتًا عالٍ قائلًا .
" إذا كان العالم يريد أن يصيبني بالجنون ، فهذا شيئًا صعب ، أنهُ صعب للغاية . هل رأيت يومًا ما مجنونًا يتأثر بجنونًا آخر ، السيرفنيوس كراون ، مهما عظم رمزك…. لن تجعلني أخضع لك ، حتى مورتفبيكوس العاهر ، لن أخضع لكم جميعًا ، عظيمًا كُنت أم قرمزيين ، الجميع سواسية عند عتبت قدمِ ”
أمسك نيوفيليت يده المقطوعة ، وقام بعصرها بكل قوة حتى سقطت قطرات من الدم على الأرضية بشكل دائري ، وكأنها طقوس لشيء معين .
ظهر سرب من الدماء التي كانت تسير تحت قدمية ، حتى تحول الجو المظلم إلى جو القديس الأحمر ( أركون عدن ) ، حيث ظهرت في السماء ، عيون قرمزية تسيل منها الدماء ، وتراقب نيوفيليت دون أن ترمش ، ويوجد تحت قدمه ، بحر من الدم ولكن كان المحقق واقفٍ ناظرًا نحو تلك العيون ، بعيون قرمزية .
جو القديس ( أركون عدن ) ، وهو تحول الظلام الأبدي إلى جو يشبه نهاية العدد الكوني ، أشبه بتدمير جدار الكون ، بالمختصر ، لن يصبح هكذا جو ما لم تكن تملك بعضًا من دماء القديس ( أركون عدن ) .
أزال نيوفيليت قطعة القماش من على يده المبتورة ، وعادت تنمو من جديد ، كانت هناك دقات ساعة غامضة بالقرب من رأسه ، ويبدو أن الوقت يزداد عشرة وينقص مئة . ما كان هذا الوقت إلا شيء وهمي من عند النقيب غرايستون ، لقد بدأت رحلة الجنون في سديد الظلام الأوحد ، التحقيق وسط المصحة القرمزية .
أمسك نيوفيليت الساعة الغامضة ، وسحب منها فقط الخنجر . تغير تكوين العالم من حوله عندما أخذ الخنجر ، حيث أصبح من اليسار يوجد بناية مُدمرة تسقط عليها أمطار ، وعند اليمنى قصر فيكتوري ، يتحطم وينشىء من جديد .
ومن خلفة توجد ساعة ،تظهر على شكل جدار يتمزق فيه الوقت بشكل غريب ، حيث يظهر الوقت 70,5657475 سنة ضوئية ! ومن ثم ينقص ويصبح 97,10 ثانية مُدمرة !
ومن الأمام توجد بناية ضخمة شبه مُدمرة من الأعلى ، وفي أسفلها باب عملاق مكتوب عليه بالدم .
" مثلما أحترقت ، وأنتزع قلبِ….. سوف أفعل المثل بهم يا سادتي ”
كان نيوفيليت يتخلل عبرة الصدمات واحده تلو الآخر ، من الظلام الدامس إلى الرعب الكوني الذي يفوق العقل البشري .
كانت دقات قلبه تزداد بشكل مفرط ومرعب ، ولكنه كان يمسك الخنجر بكل قوة مُتحديًا هكذا صعوبات أمامه . ولكن الشيء المرعب الذي لم يطل المحقق النظر فيه هو العيون التي تراقبة ، كان قلبه يزداد خوفٍ كلما نظر إليها .
" حتى العظيم لديه شيء يخاف منه ، كالمراقبة من المجهول ”
ظهر ثلاثة أشخاص بلا رؤوس أو حتى أقدام فقط أيادي . من عند البناية في الجهة اليسار وهم يحملون سيوف فيها رؤوس بشر مقطوعة بطريقة خاطئ .
ومن عند القصر الفيكتوري ، ظهر ثلاثة مخلوقات يسيرون على قدمين فقط ، بدون وجود جزء علوي ، وكانت الأقدام متصل فيها بعضًا من السكاكين القاطعة.
كان نيوفيليت خائفًا من تجسيد هولاء المخلوقات الغريبة ، ولكن ليس هناك وقت للخوف أبدًا ، هجم مخلوق ذو الأيادي نحو نيوفيليت ، أستطاع أبعاد نفسه عن تلك الضربة القاتلة ، ولكن طُعن من المخلوق الآخر . أمسك نيوفيليت الأيادي بكل قوة واستطاع قطع واحده ، ومن ثم تدميره براحة يده ، حيث فجر التصميم الداخلي له بشكل كامل .
ركض نحوه مخلوقان من ذو الأقدم بسرعة ، لم يستطع نيوفيليت ملاحظتها أبدًا ، وقامت بطعنه بنفس الوقت .
أرغ…
تفاجأ من تلك الضربة ، حتى تقيأً دمًا من قوتها ، ولكن قام بعض شفتيه بكل قوة وقام بقطعهما في آن واحد ، ومن ثم أنتزع السكاكين التي كانت تحتهم ، وأطلق مجموعة منها نحو المخلوقان الآخر .
ولكن أصابة مخلوق ذو الأيادي ، ودمرته بشكل كامل حتى أنفجرت أحشاءها جميعًا .
ولكن أخفض نيوفيليت دفاعه مما سمح للمخلوقان الآخران الهجوم عليه ، حيث طعن المخلوق ذو القدم ظهرة وجعل السكين تخرج من صدرة ، ومن ثم أتى ذو الأيادي ، وقطع يد نيوفيليت التي تحمل الخنجر .
خرجت دماء كثيرة من عين نيوفيليت ، كانت عيونه واسعه بسبب الغضب والخوف من الموت ، ومن هذان المخلوقان ، ولكن أمسكه ذو الأيادي ، وقام بقطع يديه بواسطة الخنجر الذي يحشو صدرة ، ومن ثم أخرج السكين من عند صدرة ، وأمسك ذو الأيادي ، وأدخل يده بكل قوة داخله ، مُخرجًا أحشاءه ، ومن ثم ضربة بكل قوة على الأرض .
بعدما سقط نيوفيليت على الأرض ، غارقًا في دماء المخلوقات التي حطّمها ، بالكاد يستطيع التنفس . كان قلبه ينبض بشكل غير منتظم ،ويده الدامية ترتعش من الإرهاق والخسارة . كل شيء حوله كان ساكنًا ، كما لو أن العالم نفسه توقف عن الدوران للحظة . فجأة ، انفتح الباب العملاق بصرير مرعب ، وكأنه ينذر بقدوم شيء أعظم من الموت .
ظهر في المدخل شخص طويل القامة يبلغ طوله المقدس 3,45 متر ، معطفه الأبيض الطويل يتدلى خلفه كأنه جناحا ملاك ملوثين بدماء المعارك . لم تكن خطواته مسموعة ، كأن الأرض تخشى أن تلمسه . ومع كل خطوة يقترب ، بدأ الهواء في الغرفة يثقل وكأن الظلام نفسه يتنفس بصعوبة . عضلات بطنه المشدودة بدت كرمز للقوة المطلقة ، وشعره الأبيض الطويل يتماوج خلفه ، بينما بقع الدماء على جسده ومعطفه تزيد من هيبته الوحشية .
رفع نيوفيليت رأسه بصعوبة ، محاولًا أن يسيطر على خوفه . كانت عيون القادم سوداء تمامًا ، خالية من الحياة ، لكنها مليئة بالقسوة المتجسدة . كان في نظرته نوع من السخرية المتجمدة ، وكأن وجود نيوفيليت نفسه مجرد مزحة تافهة بالنسبة له .
تردد صدى صوته في المكان كهمسة شيطانية اخترقت عظام نيوفيليت قبل أن تخترق أذنيه .
" فأر آخر يحاول النجاة من تجربة سابقة ... كم هو مثير للشفقة "
كانت كلماته بطيئة وثقيلة ، مشبعة بالاستحقار . ومع كل حرف ، شعر نيوفيليت بأن الهواء من حوله يتحول إلى سكاكين غير مرئية تضغط على رئتيه . لم يكن هذا مجرد إنسان ، بل كان تجسيدًا للقوة المطلقة ، شخصًا قادرًا على طمس روح أي شخص يواجهه بمجرد نظرة واحدة .
وهو ينظر إلى تلك العيون السوداء ، أحس نيوفيليت أنهُ قد أبتلع من وحش لا يعرف شيء أسمه الرحمة ، أو مرادف لها .
ألتف الغامض للخلف ، ودخل نحو البناية ، نهض نيوفيليت وهو مغطى بالدماء والجروح التي تتعب جسدة المحسوم ، وهو يركض نحو الباب قبل أن يغلق ، وكأن جناح القديس الأول أحاطت به من أجل الطيران نحو مصيرة التالي قبل أن يفقد تقدمًا آخر .
دخل نحو البناية ، وقبل أن يسقط على الأرض أتكئا على الباب المغلق ، وهو يتنفس بصعوبة شديده ، وينظر نحو باب مقسوم إلى جزئين ، الجزء الأول مكتوب عليه " اخذ سيفك بهدوء شديد ومن ثم اقطع رأس القديس بالطف ”
وعلى الجزء الثاني يوجد كتابة فيها " لا تجعل الأحمق يبكي عندما يرى سيفك ، ليس لمصلحتك ، أن القديس يحب الموت بهدوء ”
كان الباب متصل به أنبوبين ، كل أنبوب يتجه نحو ممر معين من الجهة اليسرى ، واليمنى .
وبدخول مفاجئ على جانب نيوفيليت تحدث الغامض، وكأنهُ يتمتم بسينفونية الشيطان .
" شخص مثلك ، سوف ينفذ الأعدام بهولاء بدمًا بارد . يدك اليمنى تقطع ، واليسرى تضحك ”