الفصل الكاذب
————
نبوءات لحن المفقودة
————
نظر نيوفيليت بجانبه ، ولم يجد الغامض الذي تحدث قبل قليل… فقط صوتَ الذي يتردد في أعماق الغرفة المظلمة ذو النور الخافت .
أحس المحقق بالتعب والأرهاق ، كان يتحسس بكل إلم داخل جسدة المُحطمَ ، والمُقطع . سقط قليلًا على ركبتيه ، وهو ينظر نحو الباب ويختار ما بين قتل القديس بهدوء ، أو إلا يجعله يبكي .
وهو يترنح بأفكارَ كموسيقى مؤلفها الشيطان ، نهض على قدميه ، عين مغمضة والأخرى مفتوحة بشكل جزئي ، وذهب نحو الممر الذي يؤدي إلى قتل القديس بهدوء .
خطا نحو الممر بكل هدوء ، وهو ينظر إلى الصور المُعلقة على الحائط ، كانت صور تشير إلى أشخاص ذو نفوذ علمي ، ولكن كَلُما سار في الممّر أحس أن الصور تكرر عليه ليس مرة أو مرتين أو حتى ثلاث…. بل أكثر من مرة ، ولكن كلما يسير ، كلما تصبح الصور أكثر رعبٍ .
حيث في الصورة كان الشخص مُبتسمَ ، ولكن في الصورة الأخرى بعد مرور دقيقتين من السير في نفس المكان أصبحت صورة يخرج منها دماء ، وكانت أعين شخص مثقوبة . ليس في هذه الصورة فقط ! بلِ في جميع الصور .
حتى وصل إلى نهاية الممر الضيق ، وأصبح يضيق عليه أكثر من مره ، حتى توسع الجدار بشكل كبير ، ومن ثم تحطم التكوين الكامل للمكان .
ظهر في غرفة ملكية فيكتورية ضخمة ، مع وجود سرير فيه بعضًا من بقع الدم المُتناثرة عليه ، وفي الزاوية الأخرى يوجد شخص قد صلب بشكل مقلوب .
كانت احشاءه خارج من بطنه ، وكف يده يوجد داخل فمه . يوجد رسالة مربوطة باحشاء الشخص ، مع وجود صورة فوقها .
أقترب نيوفيليت من الجثة بحذرًا شديد ، وهو ينظر من حوله بجميع الأتجاهات . مد يده نحو الصورة ليرى ما فيها ؛ توسعت عيناه بكل حده ، عندما نظر للصورة ووجد الصورة تُمثل حالة الصدمة عندما رءآه .
وهو ممسك الصورة بكل قوة بدأ ينظر نحو السقف ، والجدران ليرى أن كان يوجد بعض الكاميرات التي قامت بتصويره .
“ عند النظر جيدًا ، لا يوجد ولو ثقب واحد حتى يستطيع واحد أن يلتقط صورة بذلك الواضح والدقة ” كان يتحدث كما لو كان يتمتم بين ذاته حول شيئًا ، لم يستطيع أن يتم أستيعابه .
ألتقط الرسالة بكل هدوء ، وقراءة ما عليها بصوتًا هادئ وخفيف قائلًا .
“ يبدو أنك قد خفت… أنها البداية فقط ، يوجد لديك العديد من الصور التي يأكل فيها رأسك أو حتى تُقطع إلى نصفين . حاول الأستسلام بكل هدوء ، الوصول إلى القديس يوجد فيه مغامرة قصيرة جدًا ”
“ ما هذا الهراء ، والكلام الغير مترابط بتاتًا ؟ من إبن العاهرة الذي يحاول أن يظهر نفسه كَشخص فكاهي في عالم يسودة الجنون ؟ ”
تجعد حاجبِ نيوفيليت وهو يقراء هذا الهراء والخرابيط التي في معتقدة ، مجموعة من الرسائل لتجعل الشخص ينحرف نحو الهدف الأساسي الذي يسعى له .
رمى الرسالة على الأرض ، ودهسها بكل قوة ، ونظر نحو الجدار في الناحية اليمنى . حيث ظهر باب من تحت الأرض وهو يخترق الجدار ويدمره .
سقطَ مجموعة من الصخور على الأرض ، وأحد تلك الصخور سقطت على مقبض الباب ، وأنفتح ! خطا المحقق نحو الباب ، وأخرج الخنجر مُستعدًا لأي هجوم مفاجئ .
نظر عبره الباب ، وجد نفق يؤدي إلى مكان يخرج منه ضوء خافت ، بدأ يسير داخل النفق ، حتى وصل إلى غرفة يوجد فيها مجموعة من الأدوية الكثيرة . في نهاية الغرفة يوجد رأس مُعلق من عينيه على حائط ، يسيل مجموعة من الدماء على راديو .
كان نيوفيليت مذهولٍ من وجد هكذا شيء في هذا العالم الغريب ، سحب أحد الكراسي التي كانت قابعَ على الجهة اليسرى ، جلس عليه ، وبدأ بتدوير عجلة موجودة على الجهاز .
خرج صوت تشويش مُزعجَ قليلًا ، ولكن أنقطع هذا التشويش ، وظهر صوت شخص ليس بغريب ؛ يتكلم كما لو كان يهمس في أذن شخص قائلًا .
“ اليوم الأول من السنة الميلادية 67 ، كنت أتابع بعض سجلات المرضى وتبين وجود شخص ينزف دمًا بكثر من عينيه ؛ بسبب فشل التجربة . حيث وضعنا مجموعة من الأدوية التي تجعل الشخص يهلوس كما لو كان في عالمًا آخر ، وضعنا المريض مرةً أخرى تحت العلاج مع تقليل تلك الأدوية ، والنتيجة كانت! هي صفر ، بدأ يخرج من عينيه شلال كبير من الدماء ”
صوت تقطيع ما بين الأنتقال من جزء إلى آخر .
“ اليوم 15 من السنة الميلادية 67 ، قمنا بقلع عينيه ، ومن ثم تم كوي حجرة عيناه ؛ حتى لا يخرج الدم من هنا مرةً أخرى . وضعنا هذا الشخص تحت التجربة مرةً أخرى ، وقمنا بمضاعفة الأدوية من 60 إلى 108 ، وهذه أول نسبة عظمى ما بين الصغرى . في اليوم 27 ، لم يكن هناك أي شيء أو وضع مُقلق على صحة الشخص ، إلا شيء واحد ، وهو زيادة كبيرة في حجم الشخص وطوله ”
“ اليوم 68 من السنة الميلادية 67 ، خروج الشخص عن سيطرة مما أدى إلى حدوث مجزرة كبيرة ، ومنها تقطيع 9 ممرضين إلى قطع صغيرة بواسطة شيء حاد . عندما تنظر إلى تقطيع بكل دقه ، سوف تشاهد شيء يفوق العقل ! كيف لشخص أعمى أن يقوم بتقطيع هولاء بتلك الدقة…. هناك شيء علمي ، أذا فقدت حاسة من حواسك سوف تصبح باقي الحواس أقوى ، يبدو أن تركيز لديه قد بلغ الذروة بذاتها ”
بدأ يخرج سيل كبير من الدماء من راديو ، وكان يهتز بكل قوة على طاولة ، نهض المحقق من على كرسي بكل حذر وهو يتراجع للخلف قليلًا ، حتى سمع صوتًا غير سار بتاتًا ، وهو صاحب المنشار ! نظر نحو الخلف ، وشاهده بصورة مرعبة ، كانت نيران قد أكلت لحمة الذائب ، وأصبح المنشار يحمل لهب من أعماق المجهول .
“ يالِ إبن العاهرة ” في هذا الوضع الصعب لم يأتي أي جملة على لسان نيوفيليت إلا هذه ، بدأ برمي الرفوف التي تحمل الأدوية على الأرض من أجل أعاقة حركته ، ولكن قام بتقطيع الرفوف بكل سهولة ، حتى أنفجر الراديو دمًا وظهر ممر طويل في نهايته يوجد مُصعد .
ركض المحقق بأقصى ما لديه للوصول إلى المصعد ، حتى وضع صاحب المنشار ، حبل حديدي حول قدمه . سقط نيوفيليت على الأرض ، حول بكل طرق أن يقوم بقطع الحبل الحديدي ، ولكن بدون فائدة . قفز عليه صاحب المنشار ، وأرادَ قطعة إلى نصفين ، ولكن تجنب الضربة بكل سرعة .
كان ذو المنشار يضرب بشكل عشوائي ، حتى وضع نيوفيليت الحبل في المنتصف ، وهو يفكر بشيء واحد ، أن يقوم ذو المنشار بقطع الحبل الحديدي .
بعد العديد من الضربات ، قطع الحبل الحديدي ، قام نيوفيليت بطعن ذو المنشار على ذقنه بكل قوة ، وضربة نحو صدرة وأسقاطه أرضٍ .
ركض مرةً أخرى نحو المصعد ، دخل إليه وبدا يضغط على جميع الأزرار بسرعة ، حتى أنغلقت أبواب المصعد . نزل المصعد نحو الأسفل مع ضوء مُتقطع فوق رأس نيوفيليت .
جلس المحقق على الأرض ، واتكئا على جدار المصعد ، مُخرجًا علبة السجائر . أخرج سيجارة واحده ودخنها . أخرج السيجارة من فمه ، ووجد دماء عليها .
تنهد بصوتًا طويل جدًا ، مُتحدثًا .
“ حتى طعم السيجارة أصبح في هذا العالم عبارة عن دماء ، يالهُ من ألم ، والرعب الذي يسير داخل عروقِ . ذلك العاهر لقد أحترق في مكان مصنوع من النار التي لا تنطفئ ، ولكن ذلك الوحوش لا يعرف الأستسلام أبدًا ”
توقف المصعد بشكل مفاجئ ، واختفى بشكل كلي ، ظهر نيوفيليت في مكان عبارة مجموعة الأنعكاسات لشخصيته .
يوجد الشر ، والخير ، والسعادة ، والقتل ، وجمعت جميعها تحت أنعكاس واحد وهو السفاح ، كلما يتقدم ، كلما يشعر بأن جزء من الأنسانية التي في داخله بدأت بالأختفاء بشكل تلقائي .
أمسك الخنجر بكل قوة من النصل ، حتى تناثرت الدماء على المرآة ، ومن ثم دمر المرآة بالخنجر بضرب واحده .
ظهرت غرفة كبيرة أخرى ، وكانت مائلَ قليلًا نحو الأعلى مع وجود جزء يشير إلى الأسفل . يوجد في وسط الغرفة سرير وفوقه جثث ، يوجد بها مئات السكاكين التي أخترقت جسدة الذابل .
مع وجود بعض الحفر المصنوع من الحديد ، فهم نيوفيليت أن هذه الغرفة عبارة عن فخ ، حيث تظهر من هذه الحفر في آن واحد سكاكين تقطعَ إلى أجزاء كَحال الجث .
وهو ينظر من حوله وجد راديو . على طاولة أخرى ، يسيل منه دماء بغزارة ، قام بتشغيل الراديو وسمع صوت الغامض مرةً أخرى وهو يتحدث .
" اليوم الأول من السنة 124 ميلادية . لغز مرعب ، يعتمد على اختبار النفس والعقل ، تم تجربته على 30 مريضًا ، وكانت النتائج مروعة ومذهلة . اللغز بسيط في ظاهره ، ولكنه قاتل . ثلاث رؤوس مغطاة بالدم ، واحدة منها فقط تمتلك عقلًا وعيونًا . إن اخترت الرأس الخاطئ ، ستتعرض للعقاب القاسي : مئات الطعنات المتتالية حتى يتسرب آخر قطرة من دمك "
فجأة ، انفجر الراديو ، وظهرت أمام المحقق نيوفيليت ثلاثة رؤوس مصطفة بالتساوي . كان المطر يهطل بغزارة ، ولكن لم يكن المطر عاديًا . كان مطرًا من دم يتساقط من العدم ، يغطي الرؤوس ببطء ، وكل قطرة تحمل تهديدًا مبهمًا .
نيوفيليت كان متوترًا إلى أقصى الحدود . هذا اللغز لا يعتمد فقط على المنطق ، بل على الحظ أيضًا . كان يعلم أنه إن لم يكن حظه وحدسه في تناغم ، فمصيره الموت .
بدأ يفحص الرؤوس الثلاثة . الرأس الأول كان ينزف الدم من عيونه ، وقد تدلى قليلًا من الأعلى ، كما لو أنه يستسلم للجاذبية . الرأس الثاني ، بدا طبيعيًا ، لكن تدفق الدماء حوله كان مخادعًا ، مما صعّب عليه التأكد من وجود دماغ داخل الجمجمة . أما الرأس الثالث ، فقد بدا هادئًا وطبيعيًا ، بدون أي علامات واضحة على وجود شيء غير طبيعي .
جمع نيوفيليت أصابعه العشرة معًا ، وأغمض عينيه للحظة ، وكأنه يغوص في أعماق عقله . فكر في شيء واحد ، كأنما صوت خافت يهمس في عقله الواسع .
" الفرق بين الشخص المريض نفسيًا والشخص السليم يكمن في التفاصيل التي لا يراها الآخرون . المجنون قد يرى ما لا يراه العاقل ، ولكن المجنون يمكن التلاعب به ، من خلال زراعة أفكار معينة في ذهنه . هؤلاء المرضى اختاروا الرأس الثالث لأن أفكارًا معينة زرعت في عقولهم . ولكن القرار الأدق هو..."
فتح نيوفيليت عينيه ببطء ، وقد استقر قراره على الرأس الصحيح .
أمسك الرأس الأول بكل هدوء ، حتى أنقطعت الدماء التي كانت تسيل على الرؤوس الثلاثة ، وكان الخيار الصحيحِ هو الأول ، حيث الثاني والثالث ، كانت عبارة عن خدعَ تجعل الشخص يفكر فيما بينهما .
ولكن الخيار الأدق كان هو الخاطئ ، وفي نفس الوقت هو الصحيح .
تغيرت تشكيلت الغرفة بشكل كامل . حيث ظهر في غرفة صغيرة جدًا ، مع وجود شخص نائم عليها ، ذو تسريحة شعر سوداء مع لون أبيض قليل مُتناثر ما بينهما ، ويرتدي زي المرضى وكانت يديه مقطوعة ومُعلق فوقه ، كان المريض يبكي ويتحدث بكلمة واحد
“القديس… ” ويكرر تلك الكلمة أكثر من مرة ، سحب نيوفيليت الخنجر بكل هدوء ، وكانت يده ترتجف . هل بسبب تأنيب الضمير ؟ أو فقط خوف من ظهور شخص قد يعرقل هذا الأمر ؟ كلا ، أنهُ تحمس للخلاص على حساب حتى المجانين .
وضع الخنجر على رأس المريض ، وقطعَ بكل سرعة ، سقط رأس المريض على الأرض ، وظهر نور أبيض من عيونه جعل الرؤية صعب على نيوفيليت .
أختفى هذا النور الساطع ، وظهر نيوفيليت في المكان السابق عند الباب المقسوم إلى جزئين ، حيث بدأ يمتلئ الجزء الثاني بالدم عبرة الأنانيب .
“ ألم أقل لك ، أن يدك سوف تضحك ، والأخرى سوف تقطع ؟ ”
تحدث الغامض كما لو كان يهدي تلك الكلمات الماضية والمستقبلية نحو المصير التالي .