الفصل الكاذب

———

أركون عدن

———

كان نيوفيليت واقفًا ، والغضب في داخله يزداد وينخفض مثل نبض متسارع ، كما يقل الوقت في عالم المجهول . زمجر أسنانه بقوة ، وعيناه تضيقان نحو الغامض الذي يقف أمامه ، يعصر قبضته بغضب مكبوت .

نظر الغامض إليه بهدوء شديد ، كأنه غير مبالٍ ، ثم قال بصوت بارد وأسلوب مليء بالغموض .

" كل من يدخل هنا ، إما أن يفقد عقله ، أو يبكي من الخوف على حياته التي ستنتهي قريبًا ."

ضحك نيوفيليت بصوت عالٍ ، ضحكة جنونية ، حتى اتسعت عيناه بشكل مرعب . رفع إصبعه الأوسط نحو الغامض وسخر منه قائلًا .

"وهل تريد مني أن أبكي؟ ههههههههه! أيها العاهر ، لا تجعلني أضحك أكثر من ذلك . أنا في الأصل مجنون ! فكيف سأصبح مجنونًا مرة أخرى ؟ وأما عن الحياة التي ستنتهي... فسوف تكون حياتك البائسة أولًا ”

استدار الغامض للخلف ، واضعًا يديه خلف ظهره ، متشابكتي الأصابع ، وقال بصوت مزدوج الطبقات ، كأنه يتحدث من أعماق الجحيم .

" مثلما تحدث الكاذب؟ أنت حقًا غامض... أيها المحقق حياتك ستصبح جحيمًا كلما تعمقت في أسرارها."

ثم اختفى كما لو أنه غبار نجم تلاشى في الأعالي المقدسة . أمسك المحقق الغامض بصدره ، ينزف دمًا قرمزيًا ، حتى ارتوى من لونه العميق . نظر نحو الباب المقسوم إلى جزئين ، وتحركت قدماه نحو مصير مجهول ، مصير ملطخ بالأسرار والخفايا المقدسة في عالم يكسوه الظلام الأبدي.

بدأ يسير في الممر المظلم ، وفي وسطه كان هناك تمثال واحد فقط . كلما خطا خطوة ، تغيّر شكل التمثال تدريجيًا . في البداية ، كان التمثال يجسد رجلًا يقرأ قصيدة ، وفي اللحظة التالية أصبح التمثال يلتهم القصيدة ، منها تتسرب دماء قرمزية كثيفة . في المرحلة الثالثة ، بين التمثال الرابع والسادس ، وقف نيوفيليت أمامه.

كان التمثال ذو عينين تسيل منهما الدماء باستمرار ، وابتسامة مشقوقة تشق فمه بالكامل . يمسك بيديه صفحة من كتاب مجهول، كُتب على غلافه اسم غريب "ما بين الغصن والجذع."

عزف التمثال لحنًا غريبًا ، صوته يتردد في أرجاء الممر ، كأنه لغز غير قابل للفهم . لم يحرك فمه ، لكنه نطق بصوت خشن صداه يتردد .

"سيد الغموض ، ملك المجازر ، وحاكم المقابر... هل تتجرأ على مواجهة المصير؟ المقصود من الموت هو عدم تحقيق الهدف المراد. وأنت، أيها العظيم، ماذا ستفعل في مواجهة محكمة العدالة ؟ ”

أغلق التمثال الكتاب بقوة مفاجئة، واقترب من نيوفيليت حتى تحطمت صور المكان حوله كأنها زجاج هش. وجد نفسه فجأة في غرفة كبيرة مليئة بالدماء والجثث.

رفع رأسه، ليرى جثثًا معلقة من أعناقها في السقف، وفي وسط الغرفة كانت هناك طاولة يقف خلفها رجل عملاق يرتدي قميصًا مغطى بالدماء والقذارة. فوق رأسه غطاء أسود، وبجانب الطاولة كانت هناك قاطعة لحم ضخمة. بدا وكأن لهذه القاطعة استخدامًا خاصًا ومخيفًا.

كان العملاق يقطع جثة ملقاة على الطاولة بسكين طويل حاد، يتحدث بصوت مبحوح وكأنه يمضغ طعامًا .

"لقد أتيت، حاكم المقابر... كيف حالك؟ لم أكن أتوقع زيارة جميلة منك. كيف تريد أن تُقطَّع؟ هل من النصف حتى نرى معًا أحشاءك وهي تخرج من بطنك الممزق، أم لديك فكرة أخرى ؟ "

كان نيوفيليت مصدومًا من كلام هذا الغريب، كيف يتحدث إليه كما لو أنه أدنى منه، وكأنه قادر على دفنه دون الحاجة لحاكم المقابر.

قطع يده الجثة ، وقام بأكلها فقط بحركة واحده ، من الجذع نحو الجذع الآخر ، وكأنه وحشًا لا يميز بين الوجبة والغداء القرمزي الكامل .

ومن ثمأكمل حديثة ، وكأنهُ لن ينتظر الأجابة من المحقق أو الشخص المجهول الذي يتحدث له .

“ العظماء هم لهم التميز والقوة ، شعورك كونك خاسر ولم تصل إلى قوتهم أنهُ شيء من العدالة المُتبعة في هذا العالم الغريب والقاسي ‘ محكمة العدالة ’ التي أطلقها ذلك المشعوذ الكاذب ، ما هي إلا بداية المجازر من أجل أنقاذ عزيز القلب ”

ألتف نحو نيوفيليت ، وأخذ جثة من فوق رأسه ، وكأنه لم ينظر إليه بتاتًا ، واضعًا الجثة في القاطعة . وبدا يقطعها من الأظفر الصغير للقدم إلى نهاية النحر ، واضعًا كومة لحم على جثة الأخرى ، وبدا يرسم شيئًا غريب ، وهو يكمل حديثة الذي يتقشر غموضًا .

“ في السنة الميلادية 280 ، كان بعض يتنافس على قتل شخصًا ما ، وزادت المراهنات على هذا الأمر حتى وصل الرهان إلى 20 بكون ‘ عملة كونية تساوي حوالي 1000 مليار بنس ' ، ولم يستطع أحد أن يقوم بقتله رغم أرتفاع المبلغ إلى هذا الحد…. ولكن كان ينظر إلى هذا شخص مجرد مال ، ولكنه من الداخل قد أنتزع قلبه عمدًا ، وقاموا بوضع قلب زوجته ، من أجل تجربة غريبة وغير محقق لأي شيء ”

“ كان قلب زوجته يحتوي على مواد تجعل الشخص يحب التقطيع ، ويخرج منه كلام مستقبلِ ، وأفعال غريبَ لم يكن يتقصدها في الأساس ، ولكن أجبر على ذلك . عندما تريد أنهاء شخص من الداخل عليك فعل شيء واحد سلب حياته وعائلته ، قاموا بآمرَ بقتل طفلته وأكلها حيًا ، كان يأكل والدموع تسيل على خده بالون القرمزي ، أختفى لون الأبيض ، ظاهرًا لون الأحمر ”

ألتف نحو نيوفيليت ، مُظهرًا رسم فيها شخص يأكل شخصًا ما ، قال له بكل هدوء وهو يسحب السكين الحاد والطويل .

“ لوماج ، سوف يأكل شخصًا حيًا يساوي أكثر من البكون ”

لوح لوماج السكين على رأس نيوفيليت ، ولكن وضعَ الخنجر على رقبته لصد الضربة . قام لوماج بضرب قدميه بكل قوة ، حتى سقط المحقق أرضٍ ، وأدخل لوماج السكين بكل قوة في بطنه ، ومن ثم رفعها بّطئ داخل المعدة . كان نيوفيليت يعاني من الألم ، حتى أمسك يده لوماج وكسرها بكل قوة ، وأدخل السكين فيها وقطع الشرايين والأوردة . تراجع لوماج وهو يمسك يده التي تقطعت بشكل كامل ، ظهر نيوفيليت خلفه ، وسدد ضربة قوة نحو رأسه ، جعله يضرب بالأرض مرتين .

خرجت دماء كثيرة من رأس لوماج ، ولكن نهض كما لو لم يضرب من الأساس بكهذة قوة ، وضع نيوفيليت الخنجر على رقبة لوماج ، ولكن أمسكة من ملابسة وقام بضرب المحقق على الأرض بقوة شديد . من قوة الضربة تحولت عيناه المحقق إلى لون الأسود ، ومن ثم عاودت إلى طبيعتها .

لوح لوماج بالسكين على وجهه نيوفيليت ، ولكنه تحرك قليلًا إلى يسار ، حتى قطع جزء كبير من وجهه ، ظاهرًا أسنانه وعظامة .

قام نيوفيليت بقطع الوتر في قدم لوماج ، سقطة على الأرض وهو يتأمل من هذه الضربة المؤلمة . ركل المحقق رأس لوماج ، حتى سقطت بعض من أسنانه على الأرض . وضع نيوفيليت أصبعية داخل عيناه لوماج حتى أنفجرت ، ولكن بصق نيوفيليت الكثير من الدماء بسبب قيام لوماج بأدخال السكين وتقطيع أحشاءة ، سحب المحقق بكل قوة جمجمة لوماج خارجًا حتى سِلت الدماء على جسمه .

ضرب نيوفيليت الجمجمة على الأرض ، حتى تناثرت في جميع أجزاء الغرفة ، تهدمت الغرفة بشكل كامل ، وظهر نيوفيليت في غرفة عبارة عن كُتب فقط ، وكان هناك مُسجل وكرسي ، خطا نيوفيليت بكل صعوبة نحو الكرسي بسبب الجروح التي تغمر جسده .

كان التعافي في هذا المكان الغريب يسير بشكل بطيء ، وحتى لو تعافى من الجروح ، والتقطيع…سوف يبقى الألم يسير في أنحاءه .

جلس نيوفيليت على الكرسي ، وهو يمسك بطنه ، توسعت عيناه ، وقام بالتقاِء دمًا على الأرض ، مسح بعض بقع التي على فمه ، وقام بتشغيل المسجل ، تحدث صوت شخص مؤلف بكل هدوء مع مراعاة بعض المعلومات قائلًا .

" السنة الميلادية 277 ، الشعور بالوحدة هو أتعس شيء في الوجود ، في بعض الأحيان تجلب الوحده لك ، الأفكار التي سوف تجعل العالم يكافئك عليها ، ومنها تحويل قلب شخص إلى آخر ، ولاقت الفكرة أعجابًا كبيرًا بين العلماء والأطباء ”

" في اليوم العاشر ، السنة الميلادية 278 بدأت التجربة على شخص يدعى لوماج ، حيث قمنا بأنتزاع قلبه ، ووضع قلب زوجته ، الذي يحتوي على بعض القدرات الخارقة التي لم يجدها في قلبه القديم ، بدأ الأعراض بالظهور ، وأصبح شخص خطير ، ومرعب . جعلناها يدخل في بطولات كبيرة وجلب العديد من الانتصارات ، حتى وضع مبلغ ضخم عليه فقط من أجل الاطاحة به ، ولكن لم ينجح أحدٍ بذلك ”

" اليوم الأخير ، السنة الميلادية 280 ، قمنا بوضع ابنته الوحيده داخل القفص معه ، وقام بأكلها بسرعة كبيرة ، ولم يتأخر حوالي نصف دقيقة ، وأنتهت هذه التجربة بالنجاح الساحق ”

وعند أنتهاء التسجيل ، تهدمت الغرفة بشكل كامل ، وسقط نيوفيليت في الفراغ ، حاول النهوض بكل ما لديه ، وهو يمسك بطنه من الألم المرعب الذي يسير داخله ، بصق بعضًا من الدماء على الأرض ، وكان يتمضمض بالدماء وكأنها ماء ، تحدث وفي نبرته تعب وألم كبير .

“ الجزء الثاني من الباب أكثر جنونًا… حتى أن طاقةِ بدأت تقل بسبب ذلك الشخص الذي يدعى لوماج ، لقد قام بتقطيع جميع أجزاء بطنِ ، كما لو كنتٌ دجاجةٍ ، حتى تلك الضربة لم تنفع معه ، لولا قطعِ للوتر الخاص بقدمة ، لكن الأمر صعبًا بعض الشيء ”

ضحك نيوفيليت بصوتًا خاف كما لو كانت هذه الضحكة بينه ، وبين ذاته المحطمة .

“ هذا أفضل من ظهور صاحب المنشار المختل…. وعلى ما يبدو أن جميع من في هذا المكان يملك ماضً مؤلم وحزين، ههههههههه ! تبًا لهم أريد الخروج من هذا المكان المجهول ، وأنا أحمل رأس الزعيم الكبير بين يدي الدامية ”

ضحك بصوت عالً ، حتى ظهر بشكل مفاجئ في مكان ضيق فيه سرير واحد ، يوجد شخص نائم عليه ! كان هذا الشخص يردد بعض الجمل .

“ النوم الهادئ ، أفعالك جعلتني أصارع من أجل الحياة وأنا أتمنى الموت ، أطلقت أسامِ نحو أشخاص لايفقهون بكلمة القديس مثلنا ، محكمة العدالة ، أين هي محكمة العدالة ؟ ”

فهم المحقق المقصد من كلام هذا الشخص ، وقام بسحب الخنجر خاصته ببطئ شديد ، وكان يمسك بطنه بسبب الألم الشديد الذي يقبع داخله ، وقام بقطع رأسه بسرعة .

ظهر نيوفيليت في المكان الأساسي عند الباب المقسوم إلى جزئين ، حيث امتلئ الجزء الآخر بالدماء ، وتحركت العقارب الساعة الموجودة على باب . فتح الباب مع صرير مُزعج ومقلق في نفس الوقت ، تسيل من تحته الدماء القرمزية .

حيث ظهر في الأفق جسر مصنوع من الدماء ، ويسيل عليه القرمزي من فوق ، كان نيوفيليت يمسك بطنه من الألم المرعب رغم التعافي من الجروح من الداخل والخارج ، ظهر الغامض أمام الباب وهو ينظر نحو الجسر الدامي .

“ أهلًا بك أيها المحقق في جسر العدالة… جسر أركون عدن ”

2024/09/08 · 19 مشاهدة · 1667 كلمة
MYDE
نادي الروايات - 2025