الفصل الكاذب
————-
محكمة الأسرار
————-
ذهب نيوفيليت نحو الباب، يسير بشكل بطيء بسبب الألم الذي يقبع داخله، وصل عند البوابة، والغامض الذي كان موجود عندها قد أختفى.
نظر نيوفيليت نحو الأفق، وإلا يرى جسر طويل مصنوع من الدماء في نهايته يوجد جبل آخر في منتصفَ يوجد باب متوسط الحجم.
عند الجهة اليسرى يوجد بحر من الدماء، والغيوم الحمراء التي يعكس بريقها ضوء القمر القرمزي. كان ضوء القرمزي المنبعث من القمر، يضرب بكل قوة نحو البحر حتى صنع فيه دوامة تسير بسرعة كبيرة.
وعلى جهة اليمنى سد ضخم وطويل جدًا يصل المدى الخاص به نحو منطقة تفوق الغيوم بسنوات. كان يسيل على جدار السد دماء ما بين الأحمر والأسود بشكل مستمر، وشيء الغريب أنهما لم يختلطان مع بعضهما أبدًا.
كان نيوفيليت لديه أحساس خطير نحو هذا المكان الغريب، وكأن ملئ الدماء نحو الباب فقط من أجل أعادة انشاء هذا العالم الغريب. بدا يخطو على الجسر، وهو يسير توسعت عيناه وتقِاء قرمزيًا من فمة.
مسح سيلان الدماء التي كانت على فمة، وكان يتألم بشكل كبير من بطنه، على ما يبدو أن ذلك القتال قد استنفذ الكثير من الطاقة، ولكن ليس من الحياة!
سقط المحقق على أرضية الجسر، وهو يمسك الحبل الدامي بقوة، شعر كما لو أنهُ ضائع لا يعرف عن ماذا يبحث أو يجد! رحلته في هذا العالم عبارة عن تحقيق غاية غير معروف المغزى منها.
تحدث بصوت خافت كما لوكان يتمتم بين ذاته المكسورة والمحطمة:
“صوت تقطر الدماء من السماء، يجعل دمِ يبدأ بالغليان بحرارة مرعبة، في بعض الأحيان الأشياء التي تجعلك حيًا، تكره صوت الضجيج المنبعث منها.”
نهض بصعوبة وهو يمسك الحبل الدامي، بدا يسير وهو يأن من الألم الذي يعتمرَ، حتى توقف كل شيء من حوله، وظهرت لهُ شاشتان ما بين الجانب الأيمن والأيسر.
كانت هاتان الشاشتان سوداء، ولم يظهر فيها أي شيء. حتى تكلم صوت الغامض المؤلف مرةً أخرى، وكانت فيه نبرته فيها بعض الشدة في الكلام:
“في السنة الميلادية 20، كان هُناك كلب لونه أسود، يسير في الطريق وكان يصعب عليه السير بسبب أن قدمة قد كُسرت. لقد صادفت الكلب عن طريق الصدفة، قمت بأخذه من الشارع وذهبت به إلى بيت، وعالجت كسرة ورجع كما كان سابقًا. هناك سؤالان لك كَلهما مختلفان عن الآخر، ولكن يمسكان بنفس المعنى، الأول هل سوف تقوم بمعالجة الكلب كما فعلت آنا، أو هل سوف تعتبرة شيء عادي وتكمل مسيرك، الأجابة لك الآن.”
ظهرت السؤالان على شاشة، كان المحقق لا يعرف ماذا يريد هذا الشخص، كان يظهر له نفس الصوت على مرحلتين، والآن قد ظهر لهُ مرةً أخرى، تجعد حاجبيه وسأل سؤال فيه نبرته بعض الغضب والحيرة:
“ما هو المغزى من هذه الأسئلة الغريبة؟ من أنت، لقد سمعت صوتك أكثر من مرة في مكانين مختلفين، إلى ماذا تسعى بهذه المعلومات، وهذا السؤال؟”
لم يتكلم ولو بحرف واحدًا هذا الغامض بتاتًا، كان نيوفيليت قد نفذ صبرة وغضبة أيضًا بسبب الأمور التي تحدث بشكل سريع من حولة، وفكر فيما بينه.
‘لا أعرف ما المعنى من هذا السؤال، ولكن هذا شخص يريد أن يعرف شخصيتي من خلال أختياراتي، لذلك سوف أجعل هذا لعين يعرف ماهيتها.’
“سوف أعتبرة أحد الكلاب السائبة في الشارع، ولن أطرق لهُ أمرٍ. ولو وقف هذا الكلب في طريقِ، سوف أقوم بدهس قدمة المكسورة.”
تحدث الغامض عند سماع الأجابة بصوت هادئ:
“إجابتك أيها المحقق صادقة بنسبة عالية جدًا، لذلك أنتَ لا تخفي نفسك الحقيقة أمام أي شخص حتى لو كان مجهولًا.”
“هناك سؤال آخر، في السنة الميلادية 40، كانت هناك سيدة تتعرض للسرقة من مجموعة مجرمين، وكان هناك بعض الشر، والغاية على مايبدو شيء ليس بدافع السرقة، وأنما يكمن في أغتصابها، لقد تواجهت مع تلكَ المجموعة، رغم خروجِ بجروح بالغة إلا أني ساعدت السيدة، حتى أتيت الشرطة وقبضت عليهم. الآن لديك خياران، الأول مساعدة السيدة كونك شرطيًا قبل أن تصبح محققًا، أو أن تتركها وتذهب نحو الشيء الذي كنت تقصده من خروجك من البيت.”
تفاجأ نيوفيليت بمعرفة هذا شخص عن أمرة، كان هناك القليل جدًا من يعرفون أنهُ كان شرطيًا سابقًا قبل أن يصبح محقق. تحدث ما بين ذاته وهو كلهُ حيرة:
‘كيف عرفَ أني شرطي سابق؟ ههههه، الآن سوف يخبرني عن مهنةِ السابقة قبِل أن يصبح شرطيًا. الآن لنركز على سؤالة، يريد مني الأختيار ما بين هذان الأختياران، وأضافة عليها كلمة"شرطي..”، من أجل يحرك شيء بداخلي، هم.’
ابتسم المحقق، وأجابة بكل هدوء وصدق:
“أنتَ قد أجابة على سؤال قبل قليل أيها الغامض، لن أهتم لأمرها، كما قلت كنت شرطيًا سابقًا أم الآن أنا محقق هدفي الأساسي هو التحقيق لا شيء غير.”
تحدث الغامض على نفس الوتيرة:
“أجابتك صادقة أيها المحقق، هناك سؤال أخير: في السنة الميلادية 70، لديك مهمة تحقيق عن قضية ما، مقتل شخص بطريقة غامضة دون وجود دليل يصوب إليه، ولم يستطيع أي أحد من المحققين أيجاد خيط واحد. أتاك أتصال من الشرطة يخبروك بتحقيق في هذه القضية، ولكن بالمجان دون دفع بنس واحد. الآن، هل سوف توافق على هذه القضية بالمجان أو تخبرهم بأن جدولك مُزدحم، القرار لك.”
ظهر السؤالان على شاشة ونظر إليهما، لم يفكر نيوفيليت مرتين حين أجابة على السؤال، تحدث بنبرة فيها القوة:
“ التحقيق في القضية، لمعرفة سرها الغامض، وسبب موتها الغريب.”
ضحك الغامض بصوت خفيف، ومن ثم تحدث بشكل هادئ مع نبرة مخيفة:
“أجابتك صادقة أيها نصف إلماني.”
تجعد حاجبِ نيوفيليت عند سمع كلمة نصف إلماني! أصدرت الشاشتان صوتًا مُزعجًا من التشويش الذي يؤذي الأذن، حتى أنفجرتا. نظر المحقق من حوله، وتحدث الغامض بصوت ذو طبقتين:
“سوف أقوم بتحليل أجابتك الثلاثة كالأتي: أجابتك الأولى حول الكلب، تثبت مدى عدم أهتمامك لأي حيوان أو حتّى بشريًا يمر من أمامك ولو كان يحتاج المساعدة بسبب كسر أو شيء. وأجابتك الثانية حول الآمرأة، تثبت مدى حبك للمال فقط إذ كان المال موجود مساعدة هذه السيدة، لقمت بمساعدتها؛ ولكنك تجاهلت الأمر. وأجباتك الأخيرة حول القضية، هي التي تبين لماذا أنتَ هنا؛ بسبب تفاخرك بكونك المحقق الأفضل، والذي يستطيع أن يقوم بحل أي قضية، أنظر إلى غرورك أين أوصلك، إلى عالم تسعى منهُ للخلاص بأس طريقة تجدها، كما وعدك النقيب حول ذلك لغز.”
أنقطع صوت ذلك الغامض، غضب نيوفيليت بشكل مرعب حتى توسعت عيناه بشكل مرعب وبدا بالصراخ بصوتًا عالٍ، وذلك أدى إلى زيادة الألم في بطنه وخروج الدماء من عيونه.
أمسك المحقق عيناه بأصبعة العشرة، ونظر نحو الأفق، حيث أنفتح الباب وكان الجو الذي يقبع داخلة مظلم للغاية. وقف نيوفيليت بكل قوة على قدمية، وخطا نحو الباب بتعابير مرعبة.
دخل نيوفيليت الغرفة المظلمة، وبعد ثوانٍ قليلة، ظهرت صالة كبيرة وضخمة، يوجد فيها مجموعة من الأشخاص على شكل أشباح يرقصون، وفي الأمام يوجد مسرح كبير تجلس عليه الزوجة، وكان الزوج بالقرب منها ، ولكن كانت تعابيره مشوش، وغير واضحة .
بدأ نيوفيليت يسير بينهم وهو مذهول من أمرهم، يسمعهم يتحدثون عن بعض المواضيع الغريبة التي لا تمس هذا العصر بأي صلة.
'عزيزتي، ما رأيك في الذهاب إلى موسكو؟ الجو جميل، والثلوج التي تزين المكان تليق بنا.'
'ولكن الرحلة سوف تكلفك 1000 دولار، غير مصاريف الموبايل الجديد الذي اشتريته لي قبل أسابيع.'
'كل شيء لكِ، أيتها الوردة التي لا تذبل مهما تغيرت فصول السنة.'
كان نيوفيليت مذهولًا من حوار هذين الزوجين؛ كانا يتحدثان عن أمور غريبة وكأنها من المستقبل البعيد. وضع إصبعيه الإبهام والسبابة على ذقنه:
'موسكو؟ الذهاب إليها في هذا الوضع المزري والمخيف الذي تسيطر عليه القوة الظالمة؟ وأيضًا، ما هذه الرحلة التي تكلف هذا المبلغ الكبير؟ وما هو هذا الموبايل! هل أنا في مستقبل بعيد؟ أم أين؟ يا إلهي، بدأ الضيق يغمر صدري وعيناي.'"
بدا يسير نحو المسرح، وهو يمسك بطنه من الألم الشديد، حتى سمع زوجان يقفان عند الطاولة وهما يشربان النبيذ:
‘هذه الحفلة جميلة جدًا، وأيضًا أنهما لائقا لبعضهم البعض، الدكتور لديه شخصية قوية ومفكر رهيب.’
‘الدكتور’…’، من أفضل الدكاترة في لندن، ولديه سلطة كبيرة في جميع البلدان تحت الأسم الذي هو أبتكرة.’
‘أردت العمل معه، ولكنه رفض بكل هدوء…. هل يتطلب الأمر كثيرًا ليتم قبولة في هذه المصحة؟’
‘ لا علم لدي يا عزيزتي…’
سقط نيوفيليت على الأرض وهو يسمع كلامهما، كان الألم لا يحتمل بتاتًا، وكأن سكاكين داخلية تقوم بتقطيع جسده. وصل عند المسرح ونظر إلى زوجان، بدأت الزوجة سعيدة وهي تنظر إلى الناس الذين حضروا حفل زفافهم. كان زوج ساكنًا في مكانه حتى ملامحة غير واضحة بسبب التشويش.
امسكت يد زوجها، وهي تبتسم في وجهه، متحدثه باسلوب ناعم ولطيف:
‘أن كان هناك حياة أخرى، وأنتَ لست فيها، سوف اجعل العالم يعاني ليحضرك لي.”
نيوفيليت، لا يبدي أي ردة فعل فقط يستمع، الجنون الذي يغمر هذا العالم أكبر من الجنون الذي يقبع داخل صدرة الميت.
أختفت هذه الأشباح جميعها وأصبحت الغرفة مظلمة، للغاية نظر المحقق من حوله، وكأنه يتمنى أن يلوح ضوء واحد في الأفق. أنفجر المكان، وظهر في في غرفة يوجد مقاعد جمهور على جهة اليمنى واليسرى، والذين يجلسون فيها مجموعة يرتدون البياض مع بقع دم عليها، وتخرج دماء من عيونهم بغزارة، ويوجد في الأمام منصة مرتفعة، تسمى بـ “ منصة الجحيم الدامية” .
كان هناك شخص جالس على الكرسي في المنصة، واضعًا أصابعة العشرة سويتًا معًا على طاولة، وجهه غير واضح كليًا. تحدث الشخص الغامض بصوتًا مخيف، موجهًا سؤالًا نحو نيوفيليت:
“كيف حالك أيها المهندس الميكانيكي أو بما تعرف الآن المحقق نيوفيليت، اليوم سوف تحاسب على جرائمك التي فعلتها وأولها، لماذا قمت بقتل رجل يسعى نحو مغزاها من الثأر من البشر، لقد رأيت العالم في فوضى لماذا تريد أن تعدل هذا العالم إلى صواب؟”
“إذا كانت أجابتك صادقة، سوف تشفى بالتدريج من الألم الذي يغمر أحشاءك، نيوفيليت.”
“أنت الآن في محكمة العدالة القرمزية.”