الفصل الكاذب
————-
عين الثقب الأسود
—————
“يريد هذا العالم، ان يقوم بأعادة عهدي القديم من خلال بعض الكلمات التي حاولت دوسها بقدمِ.”
كان ثيراكسايمل ينظر نحو الأفق بتحدٍ نحو المصير الأتي في تلك المساحة، التي تظهر رأسًا على عقب.
رفع ثيراكسايمل يده ومن ثم فرقه أصبعية بقوة، حتى تحولات إلى مياة تسير على اصابعة بشكل ملتوي. نظر ثيراكسايمل إلى شكله الشاب عبر المياه التي حولها لمرآة، الذي تغير في تلك المرة، ولكن قام بوضع يده الأخرى على وجهه، تحدث بصوت خفيف وكأنهُ يهمس لذاته القديمة؛ والتي سوف يحافظ عليها في هذا العالم المجهول:
“المرة الأول التي غيرت فيها من مظهري كانت في الرايخ الثالث، والمرة الثانية حيّن أستيقظت صباحًا وجدت ملامحِ قد تغيرت بطريقة غريبة، وكأنه يشير إلى رجوعِ لعهدي السابق بكلماته المبهمة.”
“وكأن هناك شخص يستعمل خيوطه القذرة في التحكم ليس بي فقط؟ بل في العالم اجمع…. الأوغاد يظنون أنهم الأباطرة في هذه العوالم أجمع.”
كسر ثيراكسايمل المرآة المائي بكل قوة، وعاد إلى عهده كما سبق، الشعر الأسود كالفحم وكأنهُ يشير إلى الفارغ الموجود بين المجرات، وعيونه الرمادية التي تضيء المكان كاللهب الساطع في وسط الأنقاض، وملامحة الحادة التي تثير الرهبة عند نظر إليها، ولحية الخفيفة التي تغطي وجهه، ويملك عظمتين بارزتين على كل الخدين، تعطي جمالا إلى هذا المُبتذل.
“أشعر أني غدوتُ كالعهد السابق، الذي كان يخفي ملامح الغضب، والنكران، وتعطش الدماء. ها أنا أسير على نفس الطريق، نيوفيليت…. تبًا لاسم العاهرة الرخيصة.”تحدث كما لوكان يتحدث إلى ذاته وحقيقته القديمة التي تخلى عنها من أجل بدأ شعور جديد، ولكن الأحمق يبقى أحمقًا.
تغير نمط تكوين المكان، حيث بدأ الجدار الذي يكسو السماء بالتكسر وكأنهُ زجاج مرن، وخرج من الزجاج يد عملاقة تحمل سيفًا يخرج منه لهبًا أسود واسع ما بين الممالك والأبعاد الآخرة.
نظر ثيراكسايمل بتعجب نحو السماء، وهي تتكسر لم ينبس ببت شفة حتى، وكأنهُ يراقب خروج ذلك المخلوق الذي أحتجز في أعماق السماء المزيفة، الذي صنعها واحد كاذب.
سحب يده بسرعة شديدة، ومن ثم شق المجال الأعمى للمجال بعيونه البنفسجية التي كانت تتحرك بشكل مرعب حول المكان، وكأنها تبحث عن شيئًا ما.
حتى كسر السماء المزيفة، بشكل كامل وظهر تكوينه المُرعب، والمخيف. حيث كان يملك عدد لانهائي من العيون التي تغطي السماء المُزيفة، ويدين طويلة يحملان سيفان مُتناقضان، الأول سيف الموت بالعدل، والثاني سيف الموت بالنفاق. وكأنها فلسفة الرعب الكوني الغريب الذي يتجسد في هكذا مكان، شعر ثيراكسايمل بالغرابة من حضور هذا الكائن الغريب، حتى أنهُ رفع يده اليسرى إلى الأعلى، وكسر أصبعة بكل قوة حتى ضربة برق من العدم، وأصبحت يده تحمل برق أسود مملؤ بالدماء الغير الطاهرة، ويحمل بيده الأخرى خنجر الذي يحتوي على دماء تسير على نصل بشكل مستقيم دون التحرك ما بين الأجزاء الأخرى.
تحدث الكيان الذي كان فوق ثيراكسايمل، بصوت يمزج ما بين الرعب الذي يخترق مسامع الخوف، والتكوين الذي يخترق معنى الكلام، ناطقٍ بحروفًا توسع ما بين الأسطرِ والمكان:
“العظيم قد أتى ليزور العهد المنسي، في مصحة كتبها الكاذب، وصدقها المنافق…. يمكن لعب في عالم الخيال الواسع كما تشاء، ولكن أحذر من يمسك القلم، يستطيع أن يعيد ما تمت كتابته عبر أفكارة السابقة.”
علق ثيراكسايمل على هذا الكلام المبتعث من عنده، وهو يخطب بكل حرف يصدر من أعماقة التي أرتجفت عبر أحرف هذا الكيان المرعب:
“العظيم، أي شخص يأتي لينظر نحوي يخبرني بكوني عظيمًا، أنهُ لقب أستحق لكوني أعظم منكم جميعًا، لذا يتم تقدير المستويات حسب ما وصل إليه المرء. يضل الجبان خلف رداء الأقوى منه، حتى يصبح أعظم منه.”
ظهر ضوء قرمزي عبر الأفق، تابعًا لصوت الرعد الذي هز المكان من فوق إلى تحت، وكأن المكان في قوقعة صغيرة، تحدث الكيان الغامض بصوتً فيه غضب يثير ما فوقه غضبًا:
“مدح الأحمق لنفسه، يزيد من حماقته، يظن قارئ التاريخ أن ما كتب صحيح، ولكن هل ينقل الخاسر محافل تاريخة التي أندثرت بالهزيمة. أيها الكاتب أستعد لنزال بين الفارس ذو الرأس المكسور الذي يكسوة المجرات المُحطمة، والنيازك المُتناثرة.”
ظهر ضوء في جميع أرجاء المكان المحطم، حتى أن هذا الضوء دمر نصف الجسر فقط من ظهورة، وهبط شخصان بقوة على الجهة الأخرى التي فيها الغرفة المعكوسة، قام الشخص الذي بالخلف بطعنة بسيف ذو نصل مُتحطم فيه مجرات تتحرك على عكس مع عكس عقارب الساعة…. التناثر الذي في السيف يتحرك في الهواء.
دُمر الشخص هذا بسبب هذه الطعنة المرعبة التي أخترقت أحشاءة. وظهر شخص مرعب، رأسه مكسور يترنح وكأنهُ علم الرايخ الثالث، الذي يتحرك في كل مكان. راسه عبارة عن مجرات مُحطم تسمى بالفراغ الأسود ما بين المجرات الأخرى، والنيازك التي تتلاحم معه التي تضرب بقاع الكون فيه. يرتدي درع أسود مفحم بالقرمزي، وكفوف قرمزية تلمع في البجع المختوم.
تحدث بصوت النيازك والدروع الثقيلة والأمل المُتقطع:
"أنها فترة طويلة أن اقوم بالخروج من السبات الذي وضعته على نفسي، لمواجهة أحد العظماء… كيف حالك أيها الكاتب.”
نظرة ثيراكسايمل بتلك النظرة الحادة التي تزين وجهه، مُتحدث باسلوب الغطرسة والعظماء:
"كان من الأفضل بقاءك في سباتك العميق، وأن ألا تخرج وتُقتل كالقرد…. ذو الرأس المكسور.”
رفع الفارس الأسود يده اليمنى بإتجاه سرعة الضوء، مُتحدثًا بهدوء شديد:
"لا تسيء الفهم أيها الكاتب، لقد خرجت لأضع خنجرك، ويدك اليمنى، ورأسك الملتوي في أعماق 'هولدوان'…”
أقترب ثيراكسايمل من عند الفارس الأسود، وارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة تشق فمه من طول إلى الحد المتين، تحدث بجنون يغمر عيونه السوداء:
" تتحدث كما لو يمكنك قتلي؟ من الأفضل أن ترجع إلى سباتك أو سوف أجعلك تجرب سبات لن تصحو منه بتاتًا.”
ضحك الفارس الأسود وكانت ضحكته اشبه بتفجر قنبلة ذرية في وسط المحيط، وضع راحة يده بالقرب من صدر ثيراكسايمل وكانت هناك مسافة قليلة بينهما، ونطق كلمة غريبة بصوت مرعب، وكأنها عاصفة شمسية أصابة جزء من الكون البعيد:
"جونوا.”
توقف المكان، وكأن الزمن حولهما قد أعاد من جديده، حتى ظهر كلاهما في فراغ مظلم ومرعب، لا يوجد ضوء لمعرفة أين هو المفر من هذا الكهف.
حتى فرقع أحدهم أصبعيه بقوة في هذا الظلام الحالك، وظهر التكوين الحقيقي للمكان المثالي للساحة القتالية، يوجد في الأفق الثقب الأسود وفي منتصفة ضحكة عريضة تسيل قرمزيًا مع عين تضيء مرةً وتخنق مرةً، ويحيط به من كل عدة كواكب في منتصفها عين تنظر نحو "الكاتب.”.
طرق الفارس الأسود المُدمر بشكل مزدوج على الفضاء، وأخرج أرض مكونة من مجرات مُدمرة، كان ثيراكسايمل ينظر إلى هذا المنظر العظيم مُحيطًا بعينيه نحو الفارس الأسود مُتحدثًا نحوه بكبرياء الأولين:
“إذا كنت ألقب بسيد المقابر، والعظيم المُلتهب، لن يكون هذا القرد إلا تجربة رخيصة أمامي.”
ضحكة الفارس الأسود بصوت المجرات المُدمرة التي تزين وجهه، وصوت النيزك حين يرتطم بقاع رقعة الشطرنج:
“هذه التجربة سوف تُگليفك كبريائك العظيم الذي تتحدث عنه، لنرى من سوف يرقص للجمهور الكوني… أيها القرد.”
"أنا غريلوين السيد الأول للثقب الأسود والذي أخضع تلك العين التي تزين مُنتصفة لخدمتي، يا ثيراكسايمل سوف أجعلك تتمنى أنك لم تولد.”
ظهر برق من الفضاء العالي، وأطلق نحو غريلوين، تفاداها وهو في مكانه، ظهر ثيراكسايمل خلفة وقام بطعنة في ظهرة. ولكن لم يكن هذا إلا سرابًا بسبب سرعة الحركة التي لديه، حتى أعطى لثيراكسايمل ضربة جعلته يحلق في الفضاء، ولكن قام بإعادة توازنه قليلًا، ورمى الخنجر بكل قوة نحو غريلوين، ولكن قام بإرجاعه بضربة واحده نحوة.
أمسك ثيراكسايمل الخنجر، وهجم بكل قوة نحو غريلوين، ولكنه لم يتزحزح من مكانه، كان واقف ينظر بعيونه التي تزينها النيازك نحو الخنجر الذي يبدو وكأنهُ يخترق احشاءه. كان ثيراكسايمل مذهولًا من هذا الشخص الغامض والمخيف:
'خنجري يخترق احشاءه، ولكن لماذا ينظر نحو تحركاتي؟ من هذا الشخص؟”.
أوقف غريلوين خنجر ثيراكسايمل، فقط عندما نظر إليه بعيون النيزك المُدمرة، تفاجأ ثيراكسايمل من هذه الحركة المرعبة التي فعلها. تحدث غريلوين بنبرة هادئ ومخيفة جدًا، وكأن جلد ثيراكسايمل قد تمزق:
"مذهل أيها الكاتب، أنت تذكرني بالذلك الشخص الذي كسر رأس المجرات الخاص بي، يا إلهي كان مرعبًا، ومخيف. لديه أسلوب مخيف في استخدم السيوف، حيث اخرج 400 سيف، واختار واحدًا منها، وقام بتدمير اجزاء جسدي جميعها…. لقد اخترق سرعتي التي استطيع أن أدور بين اصبع الميكنورا بدقيقة واحده، لقد دمرها فقط بتلويح واحده. ولكن اتعلم الفرق بينك، وبينه؟ هو تخلى عن ذاته القديمة من أجل قوة، وأنت تخليت عن القوة من أجل تصبح شخصًا جديدًا بسبب حادثة واحده.”
تجعد حاجبي ثيراكسايمل، غاضبًا مُزمجرًا اسنانه حتى خرجت دماء من عينيه السوداء، مُتحدثًا بغضب شديد:
"وكأنك تحاول أن تخيفني ها؟ تبًا لك، وإلى إبن العاهرة الذي اطلعتني على ذاته المُتعجرفة والمحب إلى القوة المنغمسة بالبشاعة، لم أرد يومًا الرجوع إلى هذا الجنون، ولكن التعايش معه، يجلب الحرية للأنتصار على أمثالك ذو الرأس المكسور.”
رسم غريلوين دائرة سداسية، ومن ثم وضع في داخلها سواد من العدم المُجمد، ولون يسمى بالداني، وهو لون جمادي غير متحرك، ونقر بشكل مزدوج على دائرة.
"أونودا.”
وضرب ثيراكسايمل بأقوى موجة في العوالم أجمعها، حيث من قوتها توقف دوران كل شيء من حولهم، حتى الشمس انطفأت من قوة الموجة المُدمرة. ولكن لم تصب ثيراكسايمل هذه الضربة، بل أحدثت ضرر طفيف، حيث احترق جلده على الخد الأيمن، وتستطيع من خلالها النظر إلى اسنانه الجانبية.
تعافى ثيراكسايمل من هذه الضربة، ولكن بقيه الأثر. أثر خدش طويل من العين إلى نهاية الذقن. كانت عيونه تتوسع من عظيم هذه الموجة المرعبة، التي أخترقت جانبه بسرعة، لم يستطع حتى أن يستجاب لها.
ولكن لوح خنجرة نحو غريلوين غير مبالٍ البته، بهذه الضربة، ولكن كان فقط ينظر إلى الخنجر، وأعطى ضربة قويه نحو جانب بطن ثيراكسايمل، جعلته يترنح في الفضاء. ومن ثم ظهر فوقة، وقام غريلوين بضرب ثيراكسايمل على وجهه بكل قوة، حتى اصطدم في الجدار النهائي لهذا المجال.
اقترب غريلوين منه، لم يستوعب ثيراكسايمل الأمر، فقط نظر إلى راحة يده، وهي تشتعل بالداني، ضرب بكل قوة صدرة، حتى سقط نحو الأسفل.
'ضرباته ثقيلة ولكن تأثيرها جدًا خفيف، هل يقبع قوته… هل يقوم بالأستهزاء بي؟’ وهو يترنح في الفضاء يفكر فيما كان يستهزء به أم لا.
توسعت عين ثيراكسايمل نحو المنظر الذي ينظر إليه بعيونه السوداء، التي لن تشاهد هذا المنظر إلا بعد حين، كان غريلوين واقفًا في الثقب الأسود، وهو يحمل ثلاث كواكب فقط بهالته بالداني، مُتحدثًا كما لو أن هذا الشيء عادي جدًا:
"أنظر جيدًا إلى مماتك، كان رقصك جميل للجمهور الكوني…. أيها القرد.”
هبطت الكواكب، التي كان حجمها أضعاف حجم الشمس، نحو ثيراكسايمل. واتحد الأنفجار من صوت صراخ الكائنات التي عفى عنها الزمن المجيد.
ظهر ثيراكسايمل عند الجسر بالقرب من الغرفة المعكوسة. وهو ينظر إلى جسدة ويلمسة بكل دقة، حتى لمس الخدش الذي على خده، وعرف أنهُ لم يكن حلمًا.
نظر نحو السماء ووجد العيون تراقبة إلى الآن، وضع يده على جبهته وهو يتأمل في الحديث عن الشيء الذي رآَ بنبرة فيها الذهول والخوف:
"هل هذه كانت مجرد صور مستقبلية؟ أم أنهُ يقول لي: أنظر أنا أقوى منك'. شيء مرعب، ذلك الفارس ذو الرأس المكسور، أنهُ اسؤء الكوابيس إذ المرء حلم فيها يومًا.”
"لا يوجد خيار سوى الاقدم نحو الجنون، وإلى الآن الدخول إلى هذه الغرفة المعكوسة.”
دخل ثيراكسايمل إلى غرفة، وظهر في مكان مرعب إلى حد أن يفكر فيه، كان داخل حانه متوسطة الحجم، ويتدلى منها جثث مُعلقة من أطراف النحر، تبكي من إلم بدون رأس، ويوجد 4 تماثيل كل تمثال في زاوية معينة، كان هناك شخص جالس بالقرب من طاولة بيع النبيذ، يضع على رأسه قبع سوداء تخرج نارًا، وسترة سوداء مع قميص أبيض، ومسدسان على طاولة.
نظر ثيراكسايمل نحو هذا الشخص المجهول، وكان في أتم الأستعداد للهجوم. وضع المجهول الكأس بكل قوة على الطاولة، وألتف بنسبة قليلة حيث كانت القبعة تحجب عينه، متحدث بغطرسة وغرور:
"لم يأتي خنزير إلى هنا منذو مدة طويلة… هل أنت ضائع عن والدتك؟”
طعن ثيراكسايمل يد هذا الشخص بقوة شديدة، ونظر إليه وكانت علامات الجنون تعلوا على وجهه:
"لماذا تجرب أن تسأل والدتك أين كنت… أيها الخنزير.”