"هاهاها، أحسنت أيها الفتى، مبروك لقد أتممت العقد."

تنهد كيكيمورا براحة، أخيرا انتهت المعاناة.

كان يستهين بالعقد في الأول، فكما يبدوا أنه ليس أي عقد عادي، كان كيكيمورا يحس بهواء بارد أسفل ظهره كلما تذكر أنه سيشكل العقد عدة مرات مستقبلا، هذا أمر مخيف بكل بساطة. لكن ليس هذا ما يشغل بال كيكيمورا حاليا، فمنذ أن خرج من وضعية تأمله وتلك الفتاة تثير فضوله... فقط من هي؟

"بالمناسبة، لقد رأيت فتاة داخل مركز تأملي."

مهما فكر كيكيمورا لم يجد الجواب لذلك قام بسؤال ماركوس.

"فتاة؟ عن ماذا تتحدث؟"

"عندما كنت أتأمل وجدت نفسي داخل مقبرة ما، وفي أعلى إحدى التوابيت كانت تجلس فتاة متكئة على عصى ذهبية."

"حسبما أتذكر، عملية تشكيل العقد الأخيرة لا تتضمن هذه المراحل، كل ما عليك فعله هو التأمل والإحساس بطاقة الظلام داخل جسمك لإطلاقها. لكن مقبرة؟ فتاة؟ هذا أمر غير اعتيادي"

أكمل ماركوس كلامه بعد أن وضع يديه على دقنه: "ربما إذا عدت إلى هناك وسألتها بنفسك لوجدت الجواب."

قفز كيكيمورا من مكانه بفزع قائلا: "ماذا تقول؟ أعود إلى هناك؟ لا لا لا حتى لو قتلوني لن أعود." ثم أكمل بعد أن ضم صدره بيديه معا: "آآه ما أزال أحس بالهواء البارد المحيط بالمقبرة، حتى رائحة الموتى لم تغادر أنفي بعد."

"*تنهد*، حسنا حسنا، فقط أبعد نظرة الخوف تلك من وجهك حتى نبدأ التدريب."

"ألن تدعني أرتاح حتى؟"

"ترتاح؟ هاهاها، أنت ساذج جدا، الألم لم يبدأ بعد."

لم يترك ماركوس لكيكيمورا المجال للتفاجئ أو التذمر، ليضربه على كتفه براحة يده:

"لا تقلق، سأجعل من التدريب أقل إيلاما."

لم يعد لكيكيمورا خيار سوى التنهد بشدة داخل قلبه. لكن كل هذا لا يهم، فبالمقارنة بنفسه قبل سنة، فلا مجال للحديث، كان أضعف من الضعفاء، لم يكن يلقب بالقمامة حتى لا يسيئوا للقمامة بنفسها، لكن لو رأوه الآن لما تجرأوا على الحديث معه حتى، فبقوته حاليا يمكنه تلقين زملائه في الفصل درسا لن ينسوه ولن يتجرؤوا بعدها للإساءة إليه أو لوالده.

كان كيكيمورا يحزن كلما يتذكر والده المتوفي، مرت سنة منذ أن رآه آخر مرة، بالرغم من إساءة والد إليه إلا أنه لم يكن يتذمر.
كم من يوم مر كان يتمنى فيه أن تكون حياته مجرد حلم، وعندما يستيقظ يجد نفسه في منزله مع والده ووالدته التي لم يرى وجهها قط، فهو لا يعرف اسمها حتى، أو أين دفنت.
لكن الواقع عكس ذلك، والديه متوفيان، وهو الآن في سن العاشرة يتدرب في عالم الشياطين.

"حسنا لنبدأ التدريب."

قطع ماركوس تفكير كيكيمورا ليعلن بداية التدريب.

في المقابل قام كيكيمورا بترك أفكاره جانبا واستعد للتدريب.

------------------------------------------------------------

"ملقي اللعنات؟ لقد مرت مدة طويلة منذ أن سمعت عن هذه القدرة"

تحولت تعابير العجوز لقبيحة بعد تلك الكلمات ليكمل قائلا: "تلك القدرة هي أكثر القدرات قذارة، يمكن لأي مستعمل لتلك القدرة أن يتحكم بأي كان، كل ما عليه فعله هو إلقاء لعنة عليه وفرض شروط معينة لإزالتها، بالمقابل الشخص سيفعل كل ما يأمره ملقي اللعنة."

"هل التقيت يوما بأحدهم؟"

لم يكن أي أحد من مرافقي العجوز يجرؤ على سؤاله إلا مستشاره الشخصي، في المقابل بقي الآخرون يستمعون إليه بحذر وينقشون كلماته في قلوبهم حتى لا ينسوا تجربتهم معه في هذه المهمة.

"في الحقيقة كنت أعرف أحدهم، لكنها لم تكن قدرته الرئيسية."

وقبل أن يسأله مستشاره أي سؤال آخر أمرهم العجوز بالإسراع حتى يصلوا قبل أن يعلموا بقدومهم.

بعد بضع ساعات من الجري المتواصل وصلوا أخيرا إلى قرية صغيرة داخل طائفة الماء.

المسافة بين مدرسة الجليد وطائفة الماء لا يستهان بها، لكن وصول الفرقة في مدة لا تتعدى ساعات هو ناتج عن مدى سرعتهم، سرعة تلاميذ المستوى المتقدم عالية جدا، فهم استطاعوا مجاراة سرعة العجوز، ولا ننسى مستشاره الشخصي أيضا.

سرعتهم كانت خيالية حقا، حتى عربات فخمة لن يقطعوا تلك المساقة في أربع ساعات.

كانت القرية فارغة من السكان، ولا أثر لأي حياة ولا حتى طير يحوم.

كان العجوز يترأس المجموعة ومستشاره على جانبه الأيمن بينما باقي الطلبية يتبعونهم من الخلف. يمكنك سماع صوت هبوب الرياح بوضوح، وهذا ناتج عن هدوء القرية، هدوء لا يبشر بخير، كان يبدوا الأمر كما لو أن القرية هجرت منذ مدة طويلة. هل كانت معلومات البعثة خاطئة؟ ربما هو فخ؟

أسئلة كثيرة تبادرت في أذهان الجميع، إلا العجوز، كانت تعابيره شبه متألمة، كما لو أنه قابل شيئا لم يكن يتمنى مقابلته.

نظر الجميع نحو العجوز، لكن لم يتجرأ أي أحد على سؤاله، حتى مستشاره الفضولي، لم يكن يفكر يوما أن يرى هذه التعابير على وجه العجوز، فقط ما هذا الشيء الذي عكر مزاجه، هل هو بسبب ملقي اللعنات، لكن مهما كانت قوته لن يضاهي العجوز، لربما قدرة إلقاء اللعنات أكثر إخافة مما تبدوا.

دخلوا إلى القرية بخطوات ثابتة وبطيئة، لو رأى شخصا ما هذه المجموعة لفر خوفا من شدة قوتهم، قوة العجوز كانت لا تصدق ببساطة لدرجة نشر شائعات بكونه شارك في معركة أفالون، باقي الطلبة هم أقوى طلبة مدرسة الجليد، ومستشاره الذي حصل على منصبه بسبب قوته المخيفة، لكن لم يشاهده أي أحد يقاتل يوما، ودائما ما يخفي قوته.

اجتماعهم في مكان واحد لهو أمر مخيف ببساطة.

وصلوا أخيرا إلى المكان المذكور في التقرير ووقفوا أمام واجهته.

قصر حجري ضخم، بالرغم من حجمه، إلا أنه لا يمكن توقع وجوده في هذا المكان الصغير، كان مصبوغا باللون الرمادي القاتم، وباب القلعة مزخرف برموز صعبة الفهم، لكن الغريب أنه كان مفتوحا، من هذه العصابة التي تترك باب قاعدتها مفتوح، هل هي واثقة من قوتها لهذه الدرجة؟

دخلوا بعد أن تحققوا من الأرجاء ليتفاجؤوا بهول المنظر.

جثت مرمية على الأرض، وأخرى مغروسة على الحائط، البعض رأسه مبثور والآخر مقطوع الأطراف، ورائحة الدماء المؤلمة للأنف تجوب المكان.

"مـ، ما الذي حدث هنا بحق السماء؟"

"أنظر هناك سيدي المدير." قال المستشار بعد أن أشار بنظره نحو مكان ما.

بعد أن تبع العجوز إتجاه نظر المستشار وجد جسد شخص ما ملتصق على الحائط وسيف ضخم مغروس في قلبه، ومن خلال تعابيره يمكنك التخمين أنه قتل دون أن يعرف أنه مات.

بعد النظر مطولا في وجهه ومن خلال معلومات التقرير اكتشفوا أخيرا أنه قائد العصابة.

"من فعل هذا؟" تكلمت فتاة من مرافقي العجوز بتعابير مندهشة

بالفعل هذا أمر مخيف، كيف لعصابة مكونة من 120 شخص وقائد أقوى منهم جميعا أن يبادوا، والأكثر إخافة أن هذه العصابة استطاعة القضاء على إحدى أقوى البعثات التي أرسلتها المدرسة.

"لم أتوقع أن أراك هنا."

كسر صوت العجوز ذو اللحية البيضاء أفكار مرافقيه ليلتفتوا إليه مندهشين." مع من يتحدث الرئيس؟ " كانت هذه هي الفكرة الوحيدة التي تجوب في عقولهم.

فجأة صوت خطوات حداء خشبي يرتطم بالأرض أجاب عن سؤالهم.

وجه الجميع أنظارهم نحو اتجاه الصوت ليكتشفوا من هذا المتسبب في إبادة العصابة بأكملها.

---------------------------------------------------

آخر فصل لليوم، أتمنى أن تعجبكم الفصول.

هاذان الفصلان كتبتهما بعجالة ولم أدققهم، لذلك أستسمح إذا ما وجدتم أخطاء.

لكن إبتداء من الغد سأدقق الفصول بالطبع

ولا تنسوا فبتعليقاتكم أستمر

2017/06/03 · 667 مشاهدة · 1055 كلمة
Alae_Essaki
نادي الروايات - 2024