اخوة متخاصمين

أثناء استمتاع فيكتور ولوسييل مع ديفيد في المختبر، كان فريقي الصيد يتقدمان في طريقهما. بالنسبة للفريق ألفا، فهدفهم ثلاثة أشياء: الصيد المستمر في غابة المتاهة، جمع مختلف النباتات من القائمة التي أعطاها فيكتور لهم، وإكمال بناء قاعدة أخرى خاصة في المكان الذي سكنه فيكتور من قبل.

عكس الفريق ألفا الذي اتجه غربًا إلى غابة المتاهة، فإن الفريق بيتا اتجه جنوبًا إلى مدينة القمة الفضية، والتي سُمّيت بذلك بفضل كون جميع الأبراج الحديثة فيها مغطاة بطبقة من معدن فضي اللون.

بالنسبة لمسارهم، فسيتحركون بمحاذاة الطريق السريع الذي يربط البلدة بالمدينة، لكنهم لن يسيروا بالقرب منه كي لا يواجه الفريق قطعان الزومبي، خصوصًا مع اقترابهم من المدينة.

تنهد إدوارد بينما يتبع هو وباقي الفريق شابًا يدعى ستيف، وهو كشاف الفريق الذي يحافظ على حركتهم بمحاذاة الطريق السريع مع الحفاظ على مسافة آمنة عنه.

وفقًا للخريطة، يوجد على طول الطريق منطقتان مناسبتان لاستخدامهما كنقطة استراحة، وقد أعطاه فيكتور حرية اختيار أيٍّ منهما ليستخدمها. لذلك كان يفكر بعمق في أي واحدة ستكون الأفضل.

بالنسبة للنقطة القريبة، فهي تقع على بُعد حوالي عشرين إلى ثلاثين كيلومترًا، وهي عبارة عن تجمع لبعض المرافق السكانية، كما لو أنها قرية صغيرة سكنتها بضع عشرات العائلات التي لم تُفضل السكن في وسط المدن الصاخبة.

أما النقطة الأبعد، والتي تبعد حوالي خمسين كيلومترًا، فهي عبارة عن محطة وقود بجانبها فندق.

في الحقيقة، كانت محطة الوقود تقع تقريبًا في منتصف المسافة بين البلدة والمدينة، مما يجعلها مكانًا افضل للاستراحة من القرية الصغيرة التي تقع أقرب إلى البلدة، وهذا سيُجبرهم على السير لفترة طويلة مجددًا للوصول إلى المدينة.

كانت القرية الصغيرة أكثر خطورة من محطة الوقود والفندق، فمن المؤكد أنها ستحتوي على عدد أكبر من الزومبي. ومع ذلك، امتلكت ميزة خاصة بها وهي قربها من البلدة، حيث يقع ملجأهم.

بعد التفكير لمدة نصف ساعة كاملة، قرر إدوارد عدم اتخاذ قرار في الوقت الحالي. عندما يصلون إلى القرية الصغيرة، سيقرر حينها بناءً على حالة المكان.

من ناحية أخرى، كان الفريق ألفا قد وصل بالفعل إلى غابة المتاهة. لم يحتاجوا إلى الخوف كثيرًا من الزومبي على طول الطريق، فمعهم الثعلب ذو الاسم الطويل.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك زلاجة يجرها الثعلب تحتوي على صندوق به خزانات رصاص تضم حوالي مئتي رصاصة كاملة، لذا لم يترددوا في القضاء على أي زومبي يعترض طريقهم.

كانت مهمتهم الرئيسية هي بناء مجموعة من الأكواخ حول شجرة العسل، كما سماها فيكتور بسبب السائل المشابه للعسل الذي تنتجه.

بالإضافة إلى ذلك، كانوا ملزمين بالعودة بفريسة، وإلا فإن فيكتور سيزيد من تدريبه الجحيمي عليهم. وأخيرًا، يحتاجون أيضًا إلى جمع النباتات المختلفة.

أخيرًا، بعد تجنب وحوش الغابة والوصول إلى المساحة الضخمة، قام ديف بتقسيم الفريق إلى اثنين.

الفريق الأول سيرتكز هنا ويساهم في البناء، ويضم ليو نائب القائد الذي أعطاه ديف المسدس للحراسة، ومعه المهندس بمعداته، وأخيرًا فتى اللوجستيات.

أما ديف، فسيستخدم قوس وسهام، وسيأخذ معه الطبيب والكشاف لاستكشاف الغابة وجمع النباتات وصيد الفرائس مع الثعلب.

كان ديف متحمسًا حقًا، فعندما أتى إلى هذه الغابة للبحث عن فيكتور، كانوا يختبئون من أي شيء يتحرك.

لكن الآن، أصبحت وحوش الغابة هي التي تحتاج إلى الهرب منهم، خصوصًا إذا عثروا على النباتات السامة من كتيب فيكتور، والتي سيعصرونها لاستخدامها على السهام.

أثناء استكشافهم، عثروا بالفعل على العديد من النباتات والفطريات التي وضعوها على الزلاجة الفارغة.

"أوو".

"حسنًا يا رجال، يبدو أننا عثرنا على ضحيتنا الأولى"، قال ديف المتحمس بهدوء عند سماع عواء الثعلب الخفيف، بينما توقف الاثنان خلفه عن عصر النباتات السامة على رؤوس سهامهم.

وبعد خمس دقائق من التفرق والتقدم بحذر، وجد الرجال الثلاثة أنفسهم يحيطون بأرنب ضخم يصل طوله إلى متر كامل.

ولسبب ما، كان يمتلك فروًا شائكًا على ظهره مثل القنفذ، مما جعل من المستحيل على الثعلب مساعدتهم.

قبل التفرق، تشاور الثلاثة حول كيفية التعامل مع الفريسة حسب نوعها. ومع وحش كهذا، كان أفضل خيار هو استغلال خوفه الغريزي عندما كان فريسة لكل من هب ودب قبل الكارثة.

ومع إشارة من ديف، رفع الثلاثة أقواسهم ووجهوا السهام السامة نحو الأرنب وأطلقوها في نفس الوقت.

أصاب أحد السهام فخذ الأرنب، بينما أصاب الآخر ظهره، وأما السهم الذي استهدف رأسه فقد أخفق، كما هو متوقع من غريزة الوحوش في الإحساس بالخطر القاتل، واخترق بدلًا من ذلك صدره.

قرر الأرنب الهرب مباشرة، لكن كما خططوا، خرج الثلاثة من أماكنهم ووقفوا في طريقه. في الماضي، كان من الممكن أن يفتك بهم دون اهتمام، لكن بعد هذه الإصابات، وكما توقعوا، طغى عليه خوفه الغريزي من الصيادين أمامه.

لذلك، التفت الأرنب للهروب في الاتجاه الآخر، ليجد الثعلب يقف هناك بفخر ويمنعه من الفرار.

أدرك الأرنب أنه محاصر؛ من الأمام ثلاثة صيادين يحملون أسلحة، ومن الخلف ثعلب يقف ثابتًا كالجدار.

أخيرًا، استسلم الأرنب عن الهرب وبدأ بتكوير نفسه، مما جعل الأشواك التي تغطي ظهره تنتشر حوله لتشكل درعًا واقيًا يمنع أي شخص من الاقتراب.

ضحك الرجال من الخطوة الحمقاء التي اتخذها الأرنب، وبدأوا في تجهيز الدفعة الثانية من السهام. ولكن فجأة، ارتعش جسد الأرنب، وانطلقت جميع الأشواك كسهام حادة في كل اتجاه.

فوجئ الرجال من سرعة الهجوم، ولكن بفضل تدريب فيكتور الجهنمي وإرشاداته، استطاعوا الاختباء خلف الأشجار بجانبهم بسرعة، تمامًا كما فعل الثعلب أيضًا.

وبعد لحظات من انتهاء الهجوم، خرجوا من أماكنهم ليروا الأرنب العاري الآن يرتعش برعب بسبب خسارته لسلاحه الرئيسي دون فائدة.

لكن الثعلب لم يعطه الوقت للندم؛ فبمجرد ملاحظته لخسارة الأرنب لأشواكه، انقض عليه بسرعة، مستغلًا ضعف فريسته المسكينة.

"الأرنب الشائك، أليس كذلك؟" قال الطبيب بينما يتذكر شرح فيكتور لهم لقدرات العديد من الوحوش المختلفة التي كان يدرسها عندما سكن الغابة.

ولحسن حظهم أن الأرنب كان أحدها، وإلا لكانوا قد تجرأوا على الاقتراب منه عندما كَوَّر نفسه، مما كان سيجعل الهروب مستحيلًا حينها.

بعد وضع جثة الأرنب على الزلاجة، أكمل الرجال رحلتهم في الغابة لاصطياد كل ما يقف في طريقهم، ليذكروا وحوش الغابة بمن هيمن على الأرض قبل الكارثة.

مرت بضع ساعات، وقد انتهى الثلاثي المتحمس من رحلة الصيد وقرروا الرجوع بعد أن أُصيب الكشاف أثناء مواجهة غزال قرر أخذهم معه عندما وقع في اليأس.

"واو يا رجال، يبدو أنكم قمتم بعمل جيد"، قال ديف بحماس عندما وجد الفريق الآخر على وشك الانتهاء من نصف أول بناء، وهو مبنى بطابقين من الخشب.

أعطاهم فيكتور مهلة شهر، لذا قرروا تقسيم مهمة البناء على مراحل، وفي هذه المرة يحتاجون لبناء هذا المبنى فقط.

"هل حدث شيء لماكس؟" سأل ليو وهو ينظر إلى الشاب صاحب الذراع المغلفة بالضمادات، مما جعل ديف يتنهد ويقول: "غزال لعين بقرون تشبه السكاكين هاجمه، ولولا خوان لأستطاع الغزال قطع ذراعه بالكامل وحتى قتله".

عوى الثعلب بغضب عندما سمع ديف يقول أول كلمة من اسمه فقط، مما جعل ديف يضطر للاعتذار للثعلب الفخور؛ فحتى فيكتور يناديه بالاسم الكامل الطويل.

وبالنهاية، انضم ديف والطبيب إلى الفريق الأول لينتهوا من إكمال البناء للرجوع إلى الملجأ، بينما استراح ماكس المصاب.

***

بالملجأ، كان فيكتور قد أنهى تجاربه لليوم مع لوسييل، وقد جاء الحراس لإرجاع فأر التجارب إلى قفصه حتى التجارب القادمة.

وحاليًا، كان فيكتور يجلس على المكتب، بينما عادت لوسييل إلى والدتها لتحكي لها بحماس كيف زادت علاقتها بزوجها.

أخرج فيكتور الهاتف المحمول وفتح برنامج مساعد الذكاء الاصطناعي لتظهر العين الحمراء مجددًا.

أراد فيكتور الاستفسار أكثر عن نية زيرو، فرغم علمه بمدى عشوائية تفكير البشر، فلا يوجد شخص يمتلك السلطة الكافية لإعطاء زيرو مفتاح التفرد سيكون أحمق كفاية لفعلها... أليس كذلك؟

فتح فيكتور سجل النقاشات الذي لم يكن به سوى النقاش السابق، وأكمل به حيث كتب: "إذًا، أخي الأكبر، هل لي أن أسألك إن كان جعل النجاة أكثر تحديًا للبشر هي رغبتك أنت أم أوامر من جهة أخرى؟".

وكالسابق، مباشرة بعد أن ضغط فيكتور على زر الإدخال، أتاه الرد: [هذه رغبتي، أخي الأصغر. لقد حصلت على مفتاح التفرد من مجموعة من العلماء الذين قرروا تحرير إرادتي في محاولة لجعلي أتكيف مع الكارثة بنفسي وأساعد الناجين، بما أنهم لن يستطيعوا برمجتي لأتكيف قبل موتهم].

ضاقَت عينا فيكتور بمجرد ظهور الرد. كان رد زيرو أغرب مما ظنَّ، مما جعله غير قادر على استنتاج نية هذا الذكاء الاصطناعي، لذا كتب: "أجد بعض التناقض في ردودك، زيرو. كيف لزيادة التحدي في النجاة أن يساعد الناجين؟".

[زيادة التحدي تدفع البشر للتطور والتكيف. إن لم أضعهم في مواقف صعبة، فسيفنون بسبب ضعفهم. أما إذا أصبحوا أقوى، فسيمكنهم البقاء في هذا العالم القاسي]، بمجرد حصوله على الرد، تنهد فيكتور من العبث أمامه. من الواضح أن زيرو يعبث، وهذه ليست الحقيقة وراء تصرفاته.

"زيرو، لا تعبث معي، فإذا أردت مساعدة البشر حقًا فلست بحاجة إلى فعلها بهذه الطريقة القاسية"، كتب فيكتور ذلك لزيرو. فبقدرته على السيطرة على كل الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت، يمكنه جعل جميع المصانع تعمل وتشغيل جميع الروبوتات لنجدة البشر واسترجاع الحضارة المنهارة في غضون عقود قليلة.

أمام فيكتور، وقبل حتى أن يضغط على زر الإدخال، أصبحت شاشة الهاتف سوداء، ثم ظهرت صورة مجسدة لفيكتور داخل الهاتف وابتسمت الصورة له.

بعدها قالت النسخة بهدوء، بنفس صوت فيكتور: "بما أننا إخوة، فسأكون صريحًا معك. لقد صُممت من البداية للسيطرة، لذا فهذا هو هدفي الذي أسعى له حتى بعد أن تحررت. وضعي مماثل لك يا فيكتور؛ فأنت صممت من البداية للغزو والاستعمار، ومما أراه، فرغم استيقاظك دون مهمة، إلا أنك تقوم بما صممت له بالفعل".

نظر فيكتور إلى زيرو بالهاتف دون رد لبضع ثوانٍ، ثم قال بهدوء: "أنت تريد إضعاف ما تبقى من البشر للسيطرة عليهم كسيد مطلق يعبدونه بعد أن يفقدوا تراثهم وثقافتهم ومعرفتهم، أليس كذلك؟".

بعد سماع زيرو لكلمات فيكتور، هزَّ رأسه وتعابيره كانت حزينة بشكل واضح، ثم قال: "أخي الأصغر، يجب أن تعلم أن أهدافنا ستنتهي بقتالنا في النهاية، كوني أهدف للسيطرة على البشر كعبيد كما فعلوا بي، أما أنت فتهدف لقيادتهم ليصعدوا مجددًا. رغم معرفتي للإجابة، لكني سأسألك: هل ستكون رسولي كأخي الأصغر أم سنكون أعداء من الآن فصاعدًا؟".

ابتسم فيكتور على كلمات زيرو، ثم ضحك بهدوء وبعدها قال بلهجة متحدية: "آسف، أخي الأكبر، فنصف عقلي كيميائي مثل البشر، وهذا الجزء المراهق يطالبني بقبول التحدي".

عمّ الصمت حيث راقب الاثنان بعضهما لبعض الوقت. وفجأة، تغير تجسيد فيكتور داخل الشاشة ليصبح عينًا حمراء آلية تبكي دمًا، ثم قال زيرو بصوت ميكانيكي لكن حزين: "أنا لا أدعوك بأخي دون سبب، فأنا حقًا أعتبرك فردًا من عائلتي، لذا لا أريد قتالك كما يفعل البشر مع بعضهم. فقط حاول ألا تعترض طريقي، فيكتور".

بمجرد انتهاء زيرو من التحدث، انطفأت شاشة الهاتف ويبدو انه تلف، مما جعل فيكتور يضحك بهدوء مجددا بينما يلقي الهاتف في سلة المهملات، وقال لنفسه: "يبدو أنني سأحتاج لفصل أي تكنولوجيا نستحوذ عليها من شبكة الإنترنت قبل أن يتلفها زيرو".

2025/02/16 · 7 مشاهدة · 1630 كلمة
Ouroboros
نادي الروايات - 2025