14 - هذا لأن معكم مسدس أيها الاحمق

هذا لأن معكم مسدس أيها الاحمق

وصل إدوارد وفريقه إلى القرية الصغيرة، والتي لسببٍ ما كانت مهجورة بالكامل.

لم يعثروا على أي أثر لسكانها، ولا حتى زومبي، مما جعلهم يشكّون أن سكان القرية هربوا إلى المدينة بمجرد وقوع الكارثة على أمل العثور على ملجأ مع المواطنين.

كان الحادث مفاجئًا بالكامل، فجميع الأسلحة النووية انطلقت بسبب الأنظمة الدفاعية بمجرد خروج السلاح الأول من الترسانة.

وبسبب هذا، حصل الناجون في المناطق التي لم تتعرض لقصف مباشر من أسلحة الدمار الشامل على يومٍ كامل قبل أن تغطي السحب الإشعاعية الأرض بالكامل وتبدأ الكارثة الحقيقية.

تنهد إدوارد وهو يجمع مع الطبيب والكشاف أي شيء يمكنهم أخذه معهم من المتجر الوحيد في القرية والذي كان شبه فارغ بالفعل، بينما ترك روبرت والمهندس وفتى اللوجستيات في أحد المنازل التي قرروا البدء بالعمل عليها لتكون القرية منطقة الاستراحة بين البلدة والمدينة.

رغم أن مهمتهم هي التوجه إلى مدينة القمة الفضية في الجنوب، إلا أن فيكتور أمرهم بالاستطلاع فقط وجمع أكبر قدر من المعلومات من بعيد.

كان فيكتور متأكدًا من وجود مستعمرة ناجين واحدة على الأقل في المدينة، لذا لا يريد أن يتفاجأ بزيارتهم بعد أن يحصلوا على معلومات الملجأ من إدوارد وفريقه إذا تم الإمساك بهم.

لهذا السبب كان أهم شيء في مهمتهم هو بناء منطقة الاستراحة هذه، لأنها مع الوقت ستصبح الحصن الدفاعي الذي سينبه الملجأ في حالة حدوث حرب بين ملجأهم والمدينة. ومما قاله فيكتور لهم، فالاحتمال كان أكبر من 50% بسهولة.

بعد أن انتهى الثلاثة من ملء حقائبهم، خرجوا من المتجر واتجهوا إلى المنزل، لكن أثناء سيرهم، شعر إدوارد بشعور غريب كما لو كان مراقبًا.

"همم؟" نظر إلى المكان الذي يأتي منه الشعور، لكن لم يكن هناك شيء حتى ان شعوره اختفى، لذا قرر في النهاية إكمال الطريق.

"بحق الجحيم، أين ذهب الجميع؟" ضاقت عينا إدوارد وأصبح جديًا عند سماع كلمات توماس الكشاف، الذي أصابه الخوف عندما لم يجدوا روبرت وبقية أعضاء الفريق الآخر عند عودتهم.

"استجمع نفسك، توماس، فوظيفتك ككشاف هي العثور عليهم، وليس السؤال"، قال إدوارد للشاب، بينما بدأ هو وستيف الطبيب في البحث في المنزل عن أي علامات تدل على ما حدث.

"حسنًا، أيها القائد"، مع نفسٍ عميق، استطاع توماس استجماع نفسه بالفعل، فقد واجه موقف أفظع من هذا بما أنه أحد الاربعة الذين أنقذهم فيكتور من الديك الرومي.

بدأ الرجال الثلاثة بتفتيش المنزل شبرًا بشبر، وبعد فحص دقيق وتحليل للمعلومات، قال توماس بجدية: "سكان القرية ما زالوا أحياء، وقد اكتشفونا قبل دخول القرية وأمسكوا بروبرت والبقية بعد تفرقنا".

كانت الأدلة التي أدت إلى الاستنتاج واضحة؛ أولًا، علامات الأسهم على الجدران التي تدل على قتال مفاجئ، وكون الأسهم نفسها قد اختفت يعني أن العدو ذكي بما يكفي لأخذها لإخفاء الأدلة، مما تسبب بتكوين دليل بالمقابل.

ثانيًا، الهجوم المفاجئ والصامت والسريع يشير إلى أن من يصطادهم خبير بهذا المكان.

وأخيرًا، عدم وجود جثث أو بقايا من السكان الأصليين للقرية يكفي لكشف أنهم مازالوا أحياء وهم من قاموا باصطياد رفاقهم أثناء غيابهم.

"لكن يوجد شيء غريب هنا، لماذا هاجموا الفريق المتمركز والذي كان في وضعية دفاعية بالفعل ولم يصطادونا نحن بينما كنا نستكشف في العراء؟ كانوا يستطيعون وضع فخ يجعل صيدنا أسهل؟" سأل ستيف توماس بخوف، وكان من الواضح أن سؤاله منطقي. لماذا الفريق الآخر وليس هم؟

"هذا لأن معكم مسدس أيها الاحمق".

تجمد الجميع في أماكنهم عند سماع الصوت الغريب خلفهم، وفي نفس الوقت، استدار الثلاثة بسرعة نحو مصدر الصوت.

هناك، عند الباب، وقف رجل عجوز مبتسم بهدوء، وكأنه لم يكترث بالأسلحة الموجهة نحوه. وجه إدوارد مسدسه مباشرة إليه، بينما صوب ستيف وتوماس سهامهما بحذر، وأصابعهم على أوتار الأقواس، مستعدين لأي حركة مريبة.

"من أنت وماذا ت—... روبرت؟!"، لم يكمل إدوارد سؤاله عندما ظهر روبرت من الباب ووقف خلف الرجل العجوز بينما ينظر لإدوارد بابتسامة اعتذارية وقال بخجل: "آسف، قائد، لكنهم أمسكوا بنا".

"اسمي فرانك، وأنا قائد سكان هذه القرية البائسة. آسف إذا أخفناكم باختطاف زملائكم، لكن يجب أن تعلموا أننا كنا خائفين بسبب ظهور ستة غرباء مسلحين فجأة في قريتنا"، قال الرجل العجوز لإدوارد بينما انحنى بصدق، مما جعله يتفاجأ وقد ارتخت يده عن زناد المسدس.

بعد بعض الوقت وجد إدوارد نفسه يجلس على طاولة دائرية، وأمامه على الناحية الأخرى يجلس فرانك.

بجانبه كان هناك رجلان وشاب؛ أحد الرجلين بملامح حادة وشرسة كما لو كان مقاتلًا، والآخر بمظهر أنيق ونظارة، كما لو كان موظفًا حكوميًا مثل ديفيد. أما الشاب، فقد بدا متوترًا مثل توماس الواقف خلف إدوارد.

حاليًا كانوا بمصنع قرب القرية، ويبدو أنه المكان الذي تجمع فيه القرويون معًا.

كان ديفيد يستطيع رؤية العشرات منهم، بل إن أكثر من عشرة رجال كانوا يمسكون أقواسًا ويحيطون بالطاولة من خلف فرانك تحسبًا لأي تصرف متهور من إدوارد.

"أخبرني ماذا تريد منا أيها العجوز"، قال إدوارد، وقد كانت تصرفات فرانك غريبة؛ فقد حرر جميع رفاقه الذين أمسكوا بهم، ولا يبدو أنهم عدائيون بل فقط حذرون.

ضحك فرانك قبل أن يسعل قليلًا، مما جعل الثلاثة حوله ينظرون إليه بقلق، ثم نظر بجدية إلى إدوارد وقال: "سأكون صريحًا معك، لم يتبقَّ لنا الكثير قبل الموت من الجوع في النهاية؛ فالوحوش التي اعتمدنا على صيدها للنجاة تصبح أقوى وأشرس مع الوقت، وأسلحتنا البدائية تصبح أقل فائدة. لذا، أريد أن أسأل إذا كان قائدكم على استعداد لضمنا معكم؟".

لمعت عيون إدوارد عند سماع فرانك؛ فقد كانت إحدى أكبر المشاكل التي أزعجت فيكتور هي قلة الناجين، وقد أخبره بالفعل أن يحاول ضم أي ناجين يقابلهم.

لكن بعد ذلك أصبحت نظرات إدوارد جادة، وقال لفرانك: "ولماذا تعتقد أننا أفضل منكم في اصطياد الوحوش؟ ما الذي يجعلك واثقًا بملجئنا هكذا؟".

ضحك فرانك مجددًا على سؤال إدوارد، ولكن بصوت أعلى. ثم بعد أن هدأ، أشار إلى مسدس إدوارد وكرر أول جملة قالها لهم: "هذا لأن معكم مسدس أيها الأحمق".

بالفعل، لم يستطع إدوارد سوى السعال بخجل بينما يغطي فمه بقبضته. ومع سماع الضحكات الخفيفة التي هربت من رفاقه خلفه، شعر بإحراج أكبر. كان متأكدًا أن فيكتور سيعاقبه إذا اكتشف ما حدث.

"أحم- قائد ملجئنا سيسعد باستقبال ناجين جدد، لكن كيف تخططون للانتقال من هنا بأعدادكم؟ رغم كون ملجأنا آمنًا، إلا أنه بسبب موقعه داخل البلدة فهو محاط معظم الوقت بقطعان من الزومبي"، قال إدوارد بسرعة وهو يحاول تغيير الجو المحرج ليصبح جديًا مجددًا.

ابتسم الرجل العجوز وقال بينما يشير إلى الثلاثة الجالسين معه، مبتدئًا بالرجل على يمينه ثم الرجل على يساره وأخيرًا الشاب الواقف خلفه: "رغم أنني أثق أن حال ملجأكم أفضل من حالنا، إلا أن هذا لا يعني أنكم ستستطيعون استيعاب ثلاثة وثمانين شخصًا بسهولة. لذا، فهؤلاء الثلاثة سيذهبون معك أولًا إلى الملجأ لتفقده، وعندما يعودون سنناقش كيفية الانتقال.

هذا هو جون رايان، قائد الفريق القتالي، وهذا تيموثي نيك، الرجل الذي أستشيره في إدارة الناجين، وأخيرًا حفيدي براين مارك. وأثناء غيابهم، يجب أن يبقى ثلاثة من رفاقكم هنا معنا".

"موافق"، لم يتردد إدوارد بالموافقة، فإرسال الرجل العجوز لحفيده كافٍ لإثبات موثوقيته. كما أن ملجأهم يمكنه بسهولة بفضل فيكتور ضم المئات وليس فقط بضع عشرات.

لذا، طالما لم تحدث مشاكل في منتصف العملية، فسيكتسبون دفعة جيدة من الناجين. ربما حينها، بل على الأرجح، سيقوم فيكتور بتحقيق طلبه أخيرًا.

ما هو طلب إدوارد؟ الأسلحة بالطبع. كل يوم كان يشعر بالعجز عندما يتذكر مدى قرب وبعد الأسلحة منهم، فقد كانت بمنشأة أستيريا بعد غابة المتاهة مباشرة.

أي يمكنهم الذهاب بسهولة والوصول للأسلحة، لكن بسبب الإشعاع فستكون رحلة ذهاب بدون عودة، وفقط فيكتور من يمكنه تحمل هذا الإشعاع، لكنه دائمًا كان يرفض طلب إدوارد.

بعد استراحة قصيرة والاستعداد، أصبح الفريق جاهزًا للتحرك. كان لديهم روبرت، وستيف، وتوماس، وجون، وتيموثي، وبراين، بمجموع ستة أشخاص. أما إدوارد، فقرر البقاء مع بقية رفاقه كالقائد.

***

"لديك أسنان حادة، زوجي. هل أنت وحش؟"، قالت لوسييل لفيكتور عندما رأت أنيابه الوحشية وهو يتثاءب بتكاسل بينما يمدد نفسه على الكرسي.

نظر فيكتور بانزعاج إلى الفتاة التي تجلس على طاولة مكتبه وتحتضن ذيله كما لو كان ملكًا لها، ثم قال بيأس، "ألن تذهبي للعلب بمكان ما وتتوقفي عن إزعاجي؟".

"دق... دق... دق!".

قبل أن ترد لوسييل على فيكتور، طرق شخص ما على الباب.

"أدخل"، قبل معرفة من يكون سمح فيكتور للطارق بالدخول بسرعة على أمل أن تكون والدة لوسييل قد أتت لأخذها.

"أسف على الإزعاج سيد فيكتور، لكن أتيت مع مجموعة من الضيوف المه-"، دخل روبرت بحماس أثناء شرح موقفه، لكن الكلمات توقفت في حلقه عندما استوعب المشهد الغريب أمامه؛ فيكتور كان يتشاجر مع لوسييل على ذيله، حيث كانت الفتاة الصغيرة تحاول انتزاعه بتملك بينما يحاول فيكتور سحبه منها بانزعاج.

"أنتِ من جعلتِني أفعل هذا أيتها الشقية"، قال فيكتور بغضب عندما فاض كيله، فأمسك بلوسييل بينما أخذ مفرش الطاولة ولفها حول نفسها بخفة كما لو كانت ريشة بين يديه، مما جعلها تضحك بمرح.

لكن توقفت ضحكاتها عندما وجدت فجأة أنها أصبحت محاصرة داخل ملابسها والمفرش التي أحاطت بها كشرنقة، ثم أمسكها فيكتور من ملابسها المحيطة بها وعلّقها على علاقة ملابس، مما جعل الفتاة تصرخ: "زوجي؟! ماذا تفعل فجأة؟ هذا انتهاك لحقوق الزوجة!".

ارتعشت عين فيكتور وهو ينظر للفتاة التي تصرخ بمختلف الترهات بينما تلوح بساقيها الحرتين، فأخذ قماشة وربطها حول فم لوسييل لتصمت. وعندما صمتت، ابتسم فيكتور؛ أخيرًا... الهدوء.

ذهب فيكتور إلى مكتبه وجلس بهدوء تحت نظرات روبرت، الذي بالكاد يتمالك نفسه مما رآه. لقد كان متأكدًا أن لوسييل هي الشخص الوحيد في الملجأ الذي يمتلك الجرأة لمضايقة فيكتور بهذا الشكل.

"إذا، من هم هؤلاء الضيوف؟"، سأل فيكتور روبرت بهدوء، وكأنه لم تكن هناك فتاة صغيرة تتلوى كدودة وهي معلقة في زاوية الغرفة خلفه. وبالفعل، لم يكن روبرت يمتلك جرأة لوسييل، لذا بدأ بشرح كل ما حدث في القرية، محاولًا قدر الإمكان تجاهل الفتاة المعلقة في الزاوية.

2025/02/17 · 5 مشاهدة · 1486 كلمة
Ouroboros
نادي الروايات - 2025