الانتقال
بعد أن عالج فيكتور المعلومات من روبرت، أمره بالسماح للثلاثة من القرية بالدخول. وبالفعل، دخل الثلاثة، ورغم المشهد الغريب للوسييل المعلقة في الزاوية، كانت أعينهم جميعًا ثابتة على فيكتور بذهول، وكأن لوسييل لم تكن موجودة.
قرنان أسودان مدببان يخرجان من جبينه بشكل عمودي، وعينان بقزحية قرمزية بأعماقها هالة ذهبية تحيط ببؤبؤ عمودي على وجهه الوسيم بشكل غريب.
حراشف سوداء تغطي ذراعيه من أطراف أصابعه حتى مرفقيه، وكأنه يرتدي قفازات معدنية، وذيل فروي لا يمكن إخفائه بالكامل خلف الطاولة.
شهق الثلاثة من مظهر فيكتور الغريب، وأول ما فكروا به هو: شيطان.
تركهم فيكتور قليلًا ليخرجوا من حالة الذهول الأولية بسبب مظهره، ثم قال بهدوء: "مرحبًا بكم في ملجأ... في الواقع، الملجأ لا يمتلك أي اسم حاليًا، لذا مرحبًا بكم في الملجأ".
نظر الثلاثة إلى بعضهم، ويبدو أن خطأ فيكتور المتعمد جعلهم يهدؤون أخيرًا، رغم أن الحذر ظل في أعينهم، لكن هذا كان طبيعيًا. لذا أشار فيكتور لهم بالجلوس، بينما أشار لروبرت بالذهاب.
بعد بعض التردد، جلسوا بالفعل، وعندها بدأ فيكتور بالتحدث: "أنتم هنا لتروا ما إذا كان من الممكن لملجأنا الاعتناء بالقرويين، أليس كذلك؟ أنا أثق بقدرتي على إدارة الملجأ، لذا يمكنكم سؤالي أي شيء، كما يمكنكم القيام بجولة في الملجأ كما يحلو لكم. إذن، ما هي أسئلتكم؟".
بعد أخذ نفس عميق، استجمع تيموثي شجاعته وبدأ بدون تردد في سؤال فيكتور، وقد أجاب فيكتور بكل سهولة على كل الأسئلة، ومنها سأله تيموثي إذا كان متحولًا، لكن كانت إجابته أنه سايبورغ بوعي حر.
وبالفعل بدأت جلسة الاستجواب والردود إلى أن دخلت سيدة تحمل معها طقمًا من الأكواب الخزفية بداخلها شاي ساخن، وقد كان كافيًا لجعل الثلاثة يرغبون في الرجوع للقرية وجلب القرويين بعد تذوقه.
انتهى النقاش الساخن بين فيكتور وتيموثي، وقرر تيموثي أنهم سيأخذون جولة بالملجأ، وبالغد سيرجعون للقرية لاتخاذ القرار رغم أنهم اتخذوه بالفعل.
بعد توديعهم، قرر فيكتور فجأة إيقافهم وقال: "بما أنكم ضيوف، فلا يجب أن أترككم ترحلون دون هدية، أليس كذلك؟ وعندي هدية لطيفة متأكد أنها ستعجبك يا براين".
لسبب ما، شعر براين بالحماس بمجرد سماع ذلك، فهذه هدية من السايبورغ العظيم الذي أنقذ مجموعة من الناجين من قائد مستبد كما قال روبرت والصيادين الاخرين اثناء الرحلة إلى الملجأ.
لكن بمجرد أن أخذ فيكتور الطفلة المعلقة على العمود وألقاها بين يديه، نظر بعيون فارغة للوسييل التي كانت تنظر له كما لو كانت ستقتله.
ثم فجأة، قام فيكتور بدفعهم للخروج برفق بينما ودعهم، حتى أخيرًا أغلق الباب.
نظر الثلاثة إلى لوسييل بين ذراعي براين بعيون بغرابة ولم يتوقعوا ابدًا شيء كهذا بسبب شخصية فيكتور، ثم قال تيموثي: "الآن عند التفكير بالأمر، فقد كانت معلقة بأحد زوايا الغرفة عندما دخلنا. ما علاقتها بالسيد فيكتور ليفعل بها هذا؟".
"حسنًا، إنها هدية فيكتور لك يا براين، لذا استمتع بها. أما أنا فسأذهب إلى الورشة"، أكمل تيموثي كلماته بمرح بينما يغمز لبراين الذي احمر وجهه بخجل.
ضحك جون بالمقابل وقام بتوديع براين، ثم انطلق الرجلان إلى وجهتيهما، فقد كان جون يرغب برؤية المعسكر هو الأخر.
"ممممم!".
"أوه، أنا آسف"، بعد رحيل الرجلين، صرخت لوسييل بصوت مكتوم، مما جعل براين يضعها على الأرض بسرعة بينما يعتذر ويقوم بفك العقدة القماشية على ملابسها لتتحرر من حالة الشرنقة التي كانت بها.
بمجرد تحرر يدي لوسييل، قامت بفك القماشة من فمها، وعندها تجمد براين من جمال الفتاة أمامه خصوصا أنه لم ير أي فتاة متوسطة الجمال حتى بالقرية فقد كانت حالتهم سيئة بسبب نقص الطعام.
بالفعل، كان الفتى البريء قد وقع في الحب من النظرة الأولى بسبب جمال لوسييل الملائكي، لكن لم يدم هذا الحب طويلًا عندما أعطته لوسييل نظرات قاتلة وقالت له بتهديد، كما لو كانت زعيمة عصابة: "إذا تجرأت على التحدث عن هذا لأي شخص، فسأقوم بقتلك وإلقاء جثتك للزومبي. فالوحيد المسموح له بحملي هو زوجي فقط".
لم يعلم براين كيف يرد على كلمات الفتاة، لكن فجأة انتبه لكلمة كارثية... زوج؟
لقد كان في السادسة عشرة ولم يحصل حتى على حبيبة، أما هذه الفتاة، التي تبدو أصغر منه بحوالي خمس سنوات، فهي متزوجة؟
"زو- زوجك؟ من؟ كيف؟ متى؟"، سيطرت الصدمة والارتباك والذهول على براين المسكين لدرجة أنه أخرج كل ما خطر بباله دفعة واحدة، غير قادر على استيعاب الموقف.
أعطت لوسييل براين ابتسامة ساخرة عندما رأت حالته، ثم رفعت أنفها بفخر ونظرت إليه بتعالٍ بينما قالت: "زوجي هو فيكتور بالطبع، لا يوجد أفضل من منقذي وأقوى وأوسم وأذكى رجل في الملجأ للزواج منه بعد كل شيء".
صُدم براين مجددًا مما سمعه، لكن فجأة أتاه إدراك قوي؛ أن تتحدث بهذا الفخر عن كون قائد الملجأ زوجها، فمن الواضح أنها من النوع المزعج.
ومن شخصية فيكتور كما قدّرها، فمن المنطقي أن تنتهي الفتاة معلقة كما رأوها إذا تخطت الحدود وهذا ممكن بشخصيتها تلك.
"بفت، حسنًا أيتها الأميرة، أعدك أن لا أخبر أي شخص أن زوجك قد أعطاك لي كهدية، بفت... هاهاهاهاها"، تحدث براين وهو يحاول قمع ضحكه، لكن في النهاية انفجر غير قادر على المقاومة.
فجأة أصبحت هالة لوسييل باردة مما سمعته، وبدون تردد قامت بلكم براين في بطنه، مما جعل ضحكه يتوقف وهو يمسك بطنه بألم من اللكمة المفاجئة.
ثم أمسكت لوسييل برأسه من شعره وشدته بغضب واضح بينما قالت: "اسمع أيها الداعر الصغير، إذا تجرأت على قول هذا مجددًا أو حتى التفكير به، فستجد نفسك وجبة للزومبي. هل فهمت؟".
نظر براين برعب إلى الفتاة أمامه، وكل ما كان يفكر به هو كيف يمكن لملاك صغير بهذه اللطافة أن يكون متوحشًا ومرعبًا هكذا. ثم أومأ لها بقوة مرارًا وتكرارًا، وبالفعل تركته لوسييل.
تنهد براين براحة، كما لو أنه نجا من بين فكي وحش، التناقض المفاجئ في شخصية لوسييل جعله ينسى أنها فتاة وأصغر منه، وأنه يمكنه بسهولة قمعها إذا أراد.
"إذًا أيها الطفل، بصفتك ضيف زوجي، فمن واجبي أن أرشدك. لذا، هل يوجد مكان معين ترغب في زيارته؟"، قالت لوسييل بأناقة بعد أن انتهت موجة غضبها، وقد تحولت بالكامل الى زوجة القائد الفخورة.
يبدو أنها استرجعت هالتها الطفولية البريئة، ولسبب ما لم يستطع براين سوى نسيان كيف كانت قبل لحظات، ووقع في حب الملاك الصغير مجددًا. حقًا، الحب شيء غريب.
في المختبر، كان تيموثي قد وصل للتو وتعرّف على الشيوخ الكبار، الذين كانوا يستريحون بينما يشربون الشاي ويتناقشون.
لقد أراد حقًا تذوّق الشاي مجددًا؛ فبعد ثلاثين عامًا من الكارثة، لم تعد مثل هذه الأشياء موجودة، واسترجاع طعمها كافٍ لجعل أكثر الرجال صلابة يبكون كفتيات صغيرات.
لحسن الحظ، وبفضل كونه ضيفًا لدى فيكتور، حصل تيموثي على تذكرة بوفيه مفتوح. لذلك، لم يبخل عليه الشيوخ الكبار، وتمكّن من الاستمتاع بكوبٍ آخر من الشاي، بينما بدأ بمناقشتهم والذهول من كل وصفةٍ جديدة كانوا يشرحونها له.
أقواس أكثر مرونة وصلابة، مما يجعلها قادرة على إطلاق السهام بسرعة أعلى ومسافة أبعد من تلك التي يمتلكونها. سهام صلبة وخفيفة ذات قدرة أعلى على الاختراق وسموم تجعل الفريسة تسقط من سهم واحد.
أفران لصهر المعادن تُستخدم في صناعة السيوف والدروع المعدنية، وكأنهم يعيشون في العصور الوسطى.
لقد وثقوا بهذا الملجأ بسبب امتلاكه للأسلحة الحديثة، لكن هذه الأسلحة البدائية كانت بالفعل كافية لتعزيز ثقتهم بهم.
أثناء ذهول تيموثي المتواصل، كان جون مع جون.
جون رايان من القرية ذهب بالفعل إلى المعسكر، وهناك قابل قائد ومدرب الحراس جون ذو الجسد الضخم، والذي كان أحد الأربعة الذين أنقذهم فيكتور من الديك الرومي.
ويبدو أن امتلاك الاثنين لهواية رفع الأثقال قبل الكارثة جعلهما يتناغمان بسرعة أكبر من امتلاكهما لنفس الاسم.
مر يوم، وكان الثلاثة سعداء، خصوصًا بسبب الطعام الذي تم تقديمة لهم، مما جعلهم يؤمنون أن هذا الملجأ ليس فقط سيساعدهم على النجاة، بل سيساعدهم أيضًا على استرجاع حضارتهم مجددًا.
والآن، كان الفريق الذي أحضرهم هو الفريق الذي سيساعدهم على الرجوع، ولكن مع شخص إضافي.
إذا كان هذا العالم لعبة، ولكل شخصية بطاقة، فالشخص الإضافي سيمتلك رتبة ثلاثة أس ذهبية بمواصفات تجعله كارثة حية لا يمكن إيقافها، حتى ضد الأسلحة الثقيلة.
لم يكن هذا الشخص سوى فيكتور نفسه، مما جعل الثلاثة يبتلعون في مفاجأة عند معرفة ذلك. فقد سمعوا قصص الناجين عن كيفية إبادته بمفرده لقطيع من مئات الزومبي وإنقاذه لوسييل أثناء ذلك.
أما سبب قدومه معهم، فهو أنه لا يرغب في جعل القرويين يأتون على دفعات، لذا سيأتي معهم لجلبهم جميعًا مرة واحدة.
بالفعل، لم يكن فيكتور وحده من سيأتي معهم، بل أحضر أيضًا الثعلب. ولكن بسبب هيبة فيكتور، لم يهتم أحد بقدوم الثعلب ذي حجم الذئب معهم، كما لو كان مجرد إضافة عديمة الفائدة.
بالواقع، كان هدف الثعلب الوحيد جر الزلاجة التي سيضعون عليها كبار السن، فالمسافة بين القرية والملجأ طويلة عليهم لأخذها مرة واحدة.
رغم كونه ثعلبًا كسولًا يفضل تناول الطعام واستغلال الأطفال الذين يحبون فروه الحريري لمداعبته، شعر الثعلب لأول مرة في حياته بعدم الإعجاب بهذا نوع من عدم الاهتمام.
أراد الأضواء؛ فقد كان نرجسيًا أكثر من كونه كسولًا، لذا لم يعجبه أن يسرق فيكتور الأضواء. لكن ماذا يمكنه أن يفعل ضد فيكتور؟
إذا تجرأ على مهاجمة سيده، فباليوم التالي إما سيكون على طاولة التشريح أو طعامًا للناجين في حفل شواء ما. لذا قرر بحكمة أن يترك الأضواء لسيده هذه المرة وأي مرة أخرى.
بدأت الرحلة، وهذه المرة لم يسيروا بمحاذاة الطريق السريع، بل بالطريق نفسه لتصبح الرحلة أسرع وأكثر سلاسة.
قام فيكتور بالقضاء على أي زومبي يقف في طريقهم برمح كان قد طلبه من الورشة خصيصًا لقتل الزومبي البطيئين من مسافة بعيدة، كي لا يتسخ بدمائهم القذرة.
لم يضطر باقي أعضاء الفريق للتدخل، فقد كان فيكتور أكثر من كافٍ. بل إنه تخلص من قطيع صغير دون عناء باستخدام الرمح والمسدس الذي استرجعه من ديف.
"همم؟ روبرت، أطلق سهمًا على هذا الكبير. أثناء قضاء فيكتور على القطيع، لاحظ زومبيًا أكبر من البقية بشكل واضح، مما جعله يتأكد أنه متحول مثل الزومبي السريعة ولكن بمسار مختلف. لذا قرر اختباره حاليًا بما أنه بطيء كالزومبي العادية.
لم يتردد روبرت في اتباع الأمر، فقد لاحظ أيضًا حجم الزومبي غير الطبيعي الذي تجاوز مترين بقليل، على عكس الزومبي العادية التي تصبح أصغر قليلًا بسبب طبيعة أجسادها. وبالفعل، انطلق السهم مباشرة نحو رأس الزومبي، لكن لمفاجأة الجميع ما عدا فيكتور، لم يخترق السهم الجمجمة بل اخترق الجلد فقط قبل أن يسقط على الأرض.
"الآن لدينا نوع متين أيضًا، ها؟" قال فيكتور بتنهيدة، وبدون تردد أطلق رصاصة على رأس الزومبي الذي لم يستطع التفادي أو المقاومة، فسقط ميتًا على الأرض.
بعد ذلك وبدون اهتمام أكمل فيكتور طريقه، وتبعه الآخرون وهم ينظرون إليه برهبة متزايدة؛ فقد قضى على نوع جديد من الزومبي كما لو أنه لم يكن شيئًا يُذكر.
"مر- مرحبًا، سيد فيكتور. من الشرف لي مقابلتك وجهًا لوجه"، رحب فرانك بفيكتور بتوتر لم يستطع كبحه، حتى بعد أن حكى إدوارد للقرويين عن مآثر فيكتور العظيمة لتخفيف صدمتهم عند رؤيته لأول مرة.
ولكن في النهاية، لم يتغير رد فعلهم عن التوتر، وظل الجميع في المصنع ينظرون إلى فيكتور بقلق وخوف.