16 - مستعمرة صغيرة والاستعداد للرحلة العائلية

مستعمرة صغيرة والاستعداد للرحلة العائلية

جلس فيكتور على مكتبه وعلى وجهه ابتسامة سعيدة بسبب عدد الناجين الذين انضموا إليه.

كان عددهم قبل قدوم القرويين 67 ناجيًا، منهم 32 رجلًا، 19 امرأة، 11 طفلًا، 4 من كبار السن، وأخيرًا عبد/فأر تجارب.

أما القرويون، فكان عددهم 83 ناجيًا، منهم 34 رجلًا، 31 امرأة، 13 طفلًا، وأخيرًا 5 من كبار السن.

بعد جمع الاثنين، أصبح في الملجأ ما مجموعه 150 ناجيًا. والآن، يمكن أن يُطلق على هذا المكان اسم مستعمرة صغيرة.

"دق... دق... دق...".

"أدخل"، قال فيكتور بسعادة بينما كان يعمل على استيعاب الناجين الجدد في مستعمرته حسب مؤهلاتهم التي ذكروها في الأوراق التي طلب منهم ملؤها أثناء رحلتهم الهادئة نسبيًا إلى هنا.

كانت سعادة فيكتور كبيرة لدرجة أنه حتى لو كانت لوسييل هي من أتت، فلن تستطيع إزعاجه اليوم.

"سيد فيكتور، هل يمكنني التحدث معك للحظة؟" بمجرد دخول إدوارد ورؤيته لمزاج فيكتور الجيد، شعر أن الفرصة قد حانت أخيرًا، مما جعله يسأل فيكتور بحماس وهو يستعد لتقديم طلبه.

نظر فيكتور إلى إدوارد، وعندما لاحظ حماس الرجل، تنهد ثم وضع القلم وقال: "اسمع، إدوارد، لا أريد تخييب ظنك، لكن ليس الآن. يجب أن تكتمل القوات القتالية لدينا وتستقر أولًا قبل الذهاب. ليس فقط الأسلحة ما سأخرجها لكم، بل أيضًا أنوي المركبات. لكن بمجرد أن أخرج لكم الأسلحة، فسأعطيكم مهلة شهر لتطهير البلدة بالكامل من أي زومبي متبقٍ بها بأنفسكم. لذا، كما قلت، يجب أن تستقر القوات القتالية أولًا كي لا يتسبب تسرعك بموت أحد".

فتح إدوارد فمه كما لو كان سيتحدث، لكنه في النهاية صمت. تطهير الزومبي دون مساعدة فيكتور... من الواضح أن هذا اختبار من فيكتور لهم.

فرغم قدرته على فعل ذلك بمفرده دون أن يُخدَش خدش واحد طوال العملية، إلا أنه ترك الأمر لهم. لذا، أصبح إدوارد أكثر عزمًا على التدريب والاستعداد، لعدم خذل توقعات فيكتور.

ومع تحية عسكرية متحمسة جعلت فيكتور ينظر له بغرابة، انطلق إدوارد في طريقه.

بمجرد خروج إدوارد، دخلت لوسييل دون حتى أن تطرق الباب. وقد استخف فيكتور بمدى قوة هالة الفتاة المزعجة، والتي كانت كفيلة بجعل كل أفكاره عن عدم قدرة أي شخص على إفساد يومه تندثر، مع ظهور العبوس على وجهه.

"بما أنكِ هنا، فتعالي معي"، قال فيكتور بينما نهض. عندها أومأت لوسييل له بحماس، واستغلت الفرصة للإمساك بيده بينما تمتمت بعبارات غريبة مثل "موعد مع زوجي" و"إمساك الأيدي كالأحبة"، وبفضل تمتماتها السعيدة بالكاد قاوم فيكتور فكرة إلقائها من أقرب نافذة.

أثناء سيرهم في الممرات، استطاعت لوسييل سماع أصوات تقترب لأطفالٍ عديدين يتحدثون ويضحكون ويصرخون.

حتى وصلوا إلى أحد فصول المدرسة، وقام فيكتور بفتحه قبل الدخول، لتتفاجأ لوسييل بتجمع جميع أطفال المستعمرة وهم يفعلون ما يحلو لهم بصخب.

كانت هناك امرأة بمنتصف العمر بشعر أحمر ناري بشكل غريب وترتدي نظارة على عينيها الزرقاء، تجلس على المكتب في مقدمة الفصل، وعلى وجهها نظرات يائسة.

بمجرد رؤية الأطفال لفيكتور صمتوا جميعا ليصبح الفصل الصاخب هو المكان الأكثر هدوءًا في المستعمرة بالكامل، مما جعل المرأة تنظر إلى فيكتور كما لو كان ملاكًا أتى لإنقاذها.

نظر لها فيكتور بشفقة، فقد كان يعلم إلى أي درجة يمكن للأطفال أن يكونوا مزعجين بسبب شقيّة مترددة في الجلوس مع باقي الأطفال كما أشار لها.

بالنهاية، استسلمت لوسييل وقررت الجلوس مع الفتيات اللواتي نظرن إليها بذهول، فقد كانت مشهورة بالفعل بفضل شائعات الزواج التي كانت ترددها على الأقل مرة كل ساعة يوميًا.

وأثناء ذهابها، رحبت المرأة بفيكتور، منقذها، بكل حماس بفضل دخوله البطولي وجعل مجموعة القردة تهدأ أخيرًا.

أصبح عدد الأطفال 24 طفلًا، وهذا لم يعد عددًا قليلًا يمكن ترك تعليمهم لأهاليهم في وقت فراغهم.

كما أن أعراض الحمل بدأت بالظهور لدى العديد من النساء منذ الحفلة التي أُقيمت، ومن الواضح أن دفعة أخرى من الأطفال في الطريق.

لذا، أصبح قسم تعليم الأطفال من الأولويات، لجعل هؤلاء الأشقياء يقدمون فائدة بدلًا من استهلاك الطعام واللعب والنوم واستهلاك المزيد من الطعام دون فعل أي شيء.

بالطبع، فقد أنشأ فيكتور منهجًا دراسيًا جديدًا لهم، يبدأ بالعلوم الأساسية اللازمة ثم يتحول مع الوقت إلى أساليب البقاء المختلفة.

بالنسبة للمرأة المسكينة التي ما زالت تنظر إلى فيكتور كقديس منقذ، فهي معلمتهم التي يُفترض أن تقوم بتعليمهم.

أثناء تفكير فيكتور في كيفية بدء فتح القسم الجديد، كانت لوسييل قد بدأت بنشر سمها بين باقي الأطفال بثرثرتها بفخر عن مدى روعة الزواج من رجل يقدر زوجته ويشاركها حبها، مما جعل الهدوء في الغرفة يبدأ بالتبدد، حيث بدأ المزيد والمزيد من الأطفال بالتحدث والصخب مجددا.

وهذا جعل اليأس يظهر على كل من المرأة وفيكتور، ويبدو أنه هذه المرة لن يأتي قديس يمكنه إنقاذهم من لوسييل.

صفق فيكتور بيديه لجذب انتباه الأطفال بسرعة، وكانت الحراشف التي تغطي يديه تصدر صوتًا أعلى عند التصفيق، مما جذب انتباه الجميع، بما فيهم لوسييل نفسها.

ثم قال فيكتور بينما رفع يده ليمسح برفق على رأس المرأة الواقفة أمامه: "من اليوم فصاعدًا، ستكون الآنسة مارجريت معلمتكم، لذا انتبهوا لشرحها جيدًا وقوموا بواجباتكم، وإلا سيكون عقابكم الوقوف نصف عراة لساعة في الساحة الباردة".

أثناء حديث فيكتور، تجمدت مارجريت في مكانها بذهول بسبب ما يفعله بشعرها، كما لو كانت طفلة صغيرة، لكنها لم تتجرأ على تنبيهه بسبب القصص المتطرفة التي سمعتها عنه من سكان الملجأ الأصليين.

أما لوسييل، من ناحية أخرى، فكانت تنظر لمارجريت بعيون قاتلة وهي تغلي من الغيرة؛ فبصفتها زوجة فيكتور، من المفترض أن يداعب شعرها هي، وليس امرأة أخرى، أليس كذلك؟

لاحظ فيكتور نظرات لوسييل الموجهة نحو المرأة المسكينة بجانبه، فقرر أن الأطفال كانوا منتبهين بدرجة كافية بفضل التهديد، لذا ترك رأس مارجريت وهرب بسرعة من الفصل قبل أن تنفجر لوسييل ويضطر للعمل من جديد على ترسيخ الرهبة مجددا في نفوس الأطفال.

بعد الانتهاء من قسم تعليم الأطفال، ذهب فيكتور إلى القسم الذي لم يكتمل حتى الآن رغم بدء العمل عليه منذ سيطرة فيكتور على المكان، قسم الاتصالات.

في الواقع، كانوا على وشك الانتهاء من القسم بالفعل، وكانت الأجهزة في مرحلة الاختبار، لكن حينها حدث خلاف الإخوة بين فيكتور وزيرو. وبسبب سيطرة زيرو على أكبر شبكة لاسلكية على الأرض، استطاع بسهولة الوصول إلى الأجهزة وإتلافها، مما أجبر المشروع على البدء من جديد مع الحذر من هجمات زيرو السيبرانية.

كانت العديد من الأجهزة المهمة مفقودة بسبب تلفها، مما جعل الغرفة فوضوية. لم يمتلكوا سوى نسخة واحدة من معظم الاجهزة، وهي التي قام زيرو بإتلافها بهجومه أثناء اختبارها.

وحتى يعثروا على بديل أو يصنعوا واحدًا، وهو ما كان صعبًا، كان فيكتور مضطرًا لتأجيل المشروع حتى إشعار آخر.

أعطى فيكتور نظرة أخيرة إلى الغرفة، وشعر بالندم على تحدي زيرو دون الاستعداد لشيء كهذا مسبقًا، خصوصًا أنه هو من بدأ التحدث مع زيرو، وليس زيرو من فاجأه بالتحدث دون استعداد.

انتهى فيكتور من التجول حول المكان، وحان الوقت للرجوع إلى المكتب وإنهاء وضع باقي القرويين في أماكنهم، كما فعل مع البعض ذوي الأولوية مثل مارجريت. بعد ذلك، سيذهب لتفريغ غضبه على ديفيد بمختبره الخاص.

مرّت الأيام واحدة تلو الأخرى، واستقر الجميع في بيتهم الجديد. كانت أبرز الإضافات في المستعمرة هي فريق "ديلتا" الجديد، وبهذا أصبح لديهم ثلاثة فرق صيد تعمل معًا لتنظيم رحلاتهم في المناطق المختلفة حول الملجأ.

يبدو أن إدوارد قرر تعليق مهمة الجنوب حتى يحصلوا على الأسلحة، مما سيجعلهم بأمان حتى لو وُجدت مستعمرة معادية في المدينة تفوقهم عددًا بمرتين، وقد ركزت الفرق على الصيد وقتال الزومبي طوال الوقت.

بعد أكثر من شهر ونصف من قيادة فيكتور للملجأ اليائس نحو النجاة، تحوّل المكان إلى مستعمرة ينعم سكانها برفاهية لا يمكن لأي ناجٍ آخر أن يجدها.

منسوجات أكثر راحة ودفئًا للملابس والأثاث، دروع جلدية ومعدنية أكثر أمانًا لحماية المقاتلين، وأسلحة أكثر موثوقية وتنوعًا زادت من كفاءتهم في الصيد، مما أدى إلى توفر طعام أكثر وأفضل.

حتى أن الشاي أصبح يُقدّم كمكافأة لأي شخص يعمل بجد. في الواقع، لونا وتابعاتها ابتكرن وصفات لمشروبات أخرى غير الشاي، وحتى حلويات متنوعة، مما جعل المستعمرة الصغيرة تبدو كجنّة وسط الكارثة.

الآن، أنهى الفريق ألفا بقيادة ديف مشروعهم، وتم بناء معسكر صغير وسط الغابة بتصميم مماثل لتصميم فيكتور.

سيكون هذا المعسكر قاعدة عسكرية خاصة بهم، بالإضافة إلى كونه مزرعة للمستعمرة، فبعد بعض التفكير، قرر فيكتور أن تكون المزرعة في الغابة نفسها أفضل، حتى تنمو النباتات في بيئتها الطبيعية.

أثناء هذه الفترة، أصبحت قوات الملجأ مستقرة بالفعل، مما حقق شروط فيكتور. بدأوا بالاستعداد للتوجه نحو منشأة أستيريا، ولكن الرحلة لن تكون بسيطة مطلقًا، وفقًا لأخبار الكشافة الذين ذهبوا للاستطلاع نحو المنشأة.

تطورت الوحوش للتغذي على الإشعاع، وبسبب كمية الإشعاع الكارثية التي تبعثها المنشأة نتيجة انفجار مفاعل الاندماج النووي، توقع فيكتور أن تتجمع الوحوش حول المنشأة. وعندما أرسل فريقًا للاستطلاع، كانت الأخبار أسوأ مما توقع.

رغم عدم قدرتهم على الاقتراب من المنشأة، إلا أنه كلما توجهوا نحوها، ازدادت قوة وشراسة الوحوش بشكل مرعب.

بعضها شكل قطعانًا، وبعضها امتلك قدرات غريبة كما لو كانت وحوشًا من أفلام الخيال العلمي.

حتى أنهم شاهدوا ثعبانًا يغطي جسده فراء سميك ويصل طوله إلى حوالي ثلاثين مترًا كاملًا. لقد اقتربت تلك المخلوقات من تخطي مرحلة الوحوش لتتحول إلى كايجو بالفعل، وكل هذا وهم لم يتخطوا نصف المسافة الى المنشأة حتى.

إذاً، ما نوع المخلوقات الموجودة حول المنشأة بحق الجحيم؟

رغم كل ذلك، لم يستسلم فيكتور، بل شعر بالسرور. فعلى الجانب الجيد من كل هذا، لحوم الوحوش الأقوى تجعل من يأكلها يصبح أقوى.

ورغم أنها لا تؤثر عليه، فهو بالفعل في القمة، لكنها مفيدة جدًا لأتباعه. لذا، بتواجد هذه الوحوش بالقرب منهم، فهي توفر أرض صيد ممتازة لتدريبهم وطعامًا ممتازًا لتغذيتهم.

نظر فيكتور للثمانية عشر رجلًا من فرق الصيد الثلاثة والثعلب، وهم من سيذهبون معه إلى منشأة أستيريا، رغم أنهم لن يدخلوها بالطبع.

ثم قال لهم بجدية: "أعلم أنكم خائفون، لكن هل سيجعل خوفكم الوحوش تشفق عليكم وتترككم؟ جميعكم تعلمون أنها تزداد قوة مع الوقت، وتلك المخلوقات حول المنشأة ستصبح مع الوقت في كل مكان حولنا. لذا، إذا ظللتم مرعوبين وترتعشون كفتيات صغيرات في أماكنكم، فسينتهي أمركم بهجوم أحد تلك المخلوقات على المستعمرة بالنهاية، والتهام زوجاتكم وأطفالكم أمام أعينكم".

أصبحت نظرات الرجال يائسة، وحتى إدوارد لم يعد يثق بنفسه عند تذكر الثعبان العملاق، لذا أكمل فيكتور خطابه: "بما أنهم يصبحون أقوى، فعليكم أن تصبحوا أقوى أيضًا عن طريق صيدهم. لا تنسوا أنكم صيادين، ولستم فتيات رقيقات تخاف من خروج الوحوش من أسفل السرير ليلًا. بما أنهم يرغبون في التهامكم، فلترغبوا أيضًا في التهام لحومهم اللذيذة. لكن الأهم من كل ذلك، هل نسيتم حقا من أكون أيها الحمقى؟".

أثناء خطاب فيكتور المباشر وعند ذكر كلمة "صيادين"، تذكروا فجأة التدريبات الجحيمية مع فيكتور، وقد بدأوا يستعيدون شجاعتهم فلم تكن تدريبات جسدية فقط بل دربهم نفسيًا أيضًا.

وعندما سألهم: "من أكون؟"، تذكروا أن الرجل أمامهم يستطيع جعل تلك الوحوش الفظيعة تبكي وتهرب وذيولهم بين سيقانهم.

وحتى أن بعضهم تمتم لنفسه بلقب فيكتور، مما جعله يكمل: "أجل، أنا فيكتور ووكر أستيريا، والملقب بالكارثة الحية. سأكون في طليعة الرحلة، فهل مازلتم تعتقدون أن هذه الوحوش مخيفة؟ أجيبوني الآن بصدق!"

"لا!"، صرخ الرجال بثقة متجددة، ولكن فيكتور صرخ عليهم بالمقابل: "هل تسمون هذه ثقة؟ هل تتجرؤون على دعوة أنفسكم بالرجال وما زلتم تخافون بعد كل هذا التحفيز أللعين؟ أجيبوني الآن بصدق، هل تخافون؟".

"لا نخاف منهم!"

"سيكونون طعامنا!"

"سأقطع قضيب أحدهم وأعطيه هدية لصديقي!"

"سأشرب دماء كل واحد أقتله!"

بالنهاية، بدأ الرجال بالصراخ بحماس بما سيفعلونه بالوحوش وكيف سيصطادونها، وخوفهم السابق قد تبدد تمامًا بفضل ثقتهم بمدى رعب قائدهم مقارنه بالوحوش.

2025/02/19 · 5 مشاهدة · 1744 كلمة
Ouroboros
نادي الروايات - 2025