جيش الآلات

ارتجف الصيادون برعب وهم مختبئون داخل الغابة. منذ الصوت الشديد الذي جعل الدماء تخرج من آذانهم، علموا مدى رعب كايجو حقيقي.

ومع قتال فيكتور، ازداد رعبهم أكثر؛ فقد تسبب القتال بزلزلة الأرض تحتهم. ومع صراخ الوحوش المتكرر حولهم، كان هذا كافيًا لانهيار عزيمتهم، ولولا أنهم صيادون في زمن الكارثة، لانهارت حالتهم النفسية وجُنّ جنونهم.

مع الوقت بدأ الوضع أخيرًا بالهدوء، مما جعلهم يشكّون أن القتال قد انتهى، لكنهم لم يتجرؤوا على الخروج لإلقاء نظرة؛ فهم لا يعلمون من الذي انتصر.

فجأة، رفع الثعلب أذنيه ونظر باتجاه المخرج ثم بدأ بالسير للخروج، وبعد بعض التردد، نهض إدوارد يليه ديف، ثم تبعهم بقية الصيادين واحدًا تلو الآخر للخروج خلف الثعلب.

تقدم الرجال في ساحة المعركة المدمرة جراء القتال الشرس. كانت الأرض متشققة ومحطمة، والصخور متناثرة في كل مكان، فيما تطايرت الثلوج لتشكل سحبًا بيضاء كثيفة تُصعّب الرؤية، وقد سيطر عليهم الذهول بمجرد التفكير في القوة الهائلة اللازمة لإحداث هذا الدمار.

بينما كانوا يتقدمون، وصلوا أخيرًا إلى جثة الكايجو العملاقة، والدماء القرمزية تتدفق من رأسه كنهر.

على القمة، يجلس فيكتور هناك مغطى بالدم بالكامل وينظر إليهم بهدوء، كما لو كان كيانًا مرتفعًا يفوق البشر... أسطورة حية.

ابتلع الرجال في رهبة وخشوع من قائدهم الذي لا يقهر، وبعضهم أراد الركوع وتبجيله، وبعضهم شعر بالندم على الاختباء وعدم مشاهدة القتال الأسطوري، وبعضهم قرر تكريس نفسه بالكامل للقائد العظيم الذي يقودهم.

فجأة، فتح إدوارد عينيه بصدمة وقال: "سيد فيكتور... يدك!".

كانت كلمات إدوارد كفيلة بإخراج باقي الصيادين من حالتهم، وعندها أصيبوا جميعًا بالصدمة؛ فقائدهم خسر ذراعه اليمنى بالكامل.

"لا تقلقوا، ستنمو مجددًا في غضون شهر"، قال فيكتور بعبوس عندما تذكر السبب. فعندما أطلق على الدودة اللعينة بالبندقية، كان الألم كفيلًا بجعل الكايجو يفتح فمه للصراخ، وعندها لم يتردد فيكتور في القفز بفم الوحش العملاق.

لكن كان رد فعل الكايجو سريعًا كفاية ليغلق فمه أثناء دخول فيكتور، مما تسبب في أن تقطع أسنانه الحادة والمدمرة ذراع فيكتور بالكامل قبل أن يبدأ فيكتور بتمزيق الكايجو من الداخل بمخالبه بذراعه المتبقية ويحفر طريقه إلى الخارج.

قفز فيكتور من على رأس الوحش وأشار للرجال إلى ذراعه على الأرض والبندقية والقناصة التي تركهم قبل القفز بفم الكايجو، وقال: "أحضروهم وابقوا بجانب جثة الكايجو، فهي مهمة. بينما سأذهب أنا للمنشأة".

بمجرد أن أعطى الرجال التعليمات، تحرك بسرعة لدخول المنشأة، للعودة إلى منزله الذي وُلد فيه.

لكن لم يكن سبب الإسراع عاطفيًا، بل فقط أراد الذهاب للحمامات للاغتسال، فقد كان مغطى بالدماء على آخره، وقد أزعجه هذا، خصوصًا دماء الدجاج المتجلطة على ذيله.

دخل فيكتور من المدخل الذي تسبب به عندما خرج لأول مرة، ومر عبر الممرات حتى وصل إلى المخزن الضخم.

هناك، بأخر المخزن ذهب إلى جسم أسطواني الشكل بحجم سيارة(الصورة بالتعليقات)، مُثبت على جهاز على الأرض.

أمامه طاولة تنتهي بشاشة، وعندما نقر عليها ظهر مجسم هولوغرامي ثلاثي الأبعاد يعرض حالة الجهاز خلفها، ليتضح أنها بطارية نووية.

قام فيكتور بالضغط على بضعة أزرار على المجسم الهولوغرامي لتحديد الفروع التي يرغب بتغذيتها بالطاقة، وبعدها ضغط على زر الإشعال ليبدأ عد تنازلي من واحد وعشرون ثانية، وهو الوقت المستغرق من لحظة بدء تفاعل الانشطار حتى تبدأ البطارية بإنتاج الطاقة التي يرغب بها فيكتور.

بالفعل، أصبح المخزن المظلم مضاء بالكامل بمجرد انتهاء العد التنازلي. لذا، ذهب فيكتور بهمهمة سعيدة وهو يفكر بالحمام الدافئ الذي سيأخذه بعد تغذية سخانات المياه الخاصة بالمنشأة بالطاقة.

"هاااااااا"، استلقى فيكتور في حوض المياه الفاخرة وزفر بمتعة وراحة أثناء نزوله في المياه الساخنة لدرجة أنه نسي خسارته لذراعه، وكان الآن يعيش لحظة سلام حلوة.

كل ما ينقصه هو فتاة جميلة على يمينه وأخرى على يساره وطعام لذيذ من أيديهم لتكتمل لحظة الهدوء اللطيفة، لكن للأسف، هذا مستحيل حاليًا.

فجأة عبس فيكتور، فأول فتاة خطرت بباله كانت آخر فتاة سيرغب بها معه. فمجرد ظهورها حوله كان يزعجه، والآن لم تعد تحتاج حتى للظهور لتزعجه، مما جعله يقول بانزعاج: "تلك الشقية الصغيرة، لقد خربت راحتي بمجرد ظهورها في أفكاري. إذاً سأبقى هنا لبضع دقائق إضافية. وبالنسبة للرجال المنتظرين بالخارج، فليلقوا باللوم على إدوارد لعدم تربية ابنته الشقية جيدًا".

بعد ساعة كاملة، كان فيكتور قد استمتع بالاسترخاء في حمام المياه الدافئة بينما كان الصيادون يحتضنون بعضهم من البرد بالخارج بسبب العاصفة الثلجية التي هبت عليهم.

"همم، هذا سيعمل"، نظر فيكتور إلى ثلاثة أندرويد ملقون على الأرض بأحد الممرات وقد امتلكوا بشرة رمادية وعيون سوداء تدل على خروجهم عن الخدمة.

#إذا اردت تخيلهم بشكل أفضل فهم مشابهين جدا في الشكل للروبوتات من لعبة Alien: isolation#

وقد تميزت الديترويت فقط بالمظهر المماثل للبشر عن الاندرويد، لذا كانت أسعارها أغلى إذا أراد شخص شراء خادمة ديترويت ظريفة بدلاً من خادم أندرويد بجلد رمادي بلاستيكي بلا ملامح.

أمسك فيكتور بأحد الأندرويدات وقام بلفه للوصول إلى رأسه الأصلع من الخلف وضغط عليه ليخرج غطاء الرأس، مما كشف عن شرائح إلكترونية مختلفة كما لو كانت شرائح خطوط الهاتف المحمول.

قام فيكتور بفصل الشريحة التي عليها رمز شبكة الإنترنت وألقاها بعيدًا، وقال بابتسامة: "بهذا لن تستطيع إتلافه بمجرد أن يعمل".

وضع فيكتور أربع أصابع في المداخل الأربعة الصغيرة التي كانت متصلة بالشريحة، وفجأة بدأت عين الأندرويد تضيء بلون أحمر لبضع ثوانٍ قبل أن تعود إلى السواد مجددًا.

أغلق فيكتور غطاء الرأس ثم قلب الأندرويد وفك سحاب ملابسه لكشف صدره، ثم ضغط أيضًا على صدره لفتح غطاء صدر مربع ويكشف هذه المرة عن العديد من الآليات والسلوك الكهربية.

وبمنتصفها كرة معدنية بحجم القبضة عليها رمز الإشعاع ومكتوب تحت الرمز بخط أحمر "مواد مشعة، لا تفتح". قام فيكتور بإخراج الكرة المعدنية التي كانت متصلة بالأندرويد بأربع أذرع ضغط لتكشف تحتها عن ثلاثة مداخل في جسد الأندرويد وثلاثة أشواك نحاسية بارزة من الكرة.

يمتلك الأندرويد مصدر طاقة خاصًا به عبارة عن بطاريات نووية صغيرة كروية الشكل، يمكن لكل واحدة منها أن تحافظ على عمل الأندرويد لمدة عشرة أعوام كاملة.

أما الأشواك النحاسية الثلاثة، فهي بمثابة مقبس الكهرباء المتصل بالقابس بجسد الأندرويد، حيث يكون أحد الأشواك مخصصًا للتوصيل السالب، والثاني للموجب، بينما الشوكة الأخيرة مخصصة للتعامل مع حالات حدوث مشكلة حمل زائد على الدوائر الكهربائية الرقيقة داخله.

ألقى فيكتور البطارية بعيدًا بلا مبالاة، فقد صُممت بهيكل معدني سميك، وحتى لو سقطت عن طريق الخطأ من الطابق العاشر لمبنى، فلن يحدث لها شيء سوى أن تنبعج قليلاً.

بعد إلقائها، أخرج بطارية أخرى من حقيبته، كان قد حصل عليها هي والحقيبة من المخزن، ووضعها مكان السابقة وأغلق صدر الأندرويد.

نهض فيكتور من جانب الأندرويد وصفق... حاول التصفيق، ويبدو أنه من الحماس نسي خسارته لزراعته اليمنى، ثم بانزعاج فرقع أصابعه وقال: "حان وقت الاستيقاظ".

أضاءت عيون الأندرويد مجددًا بضوء أبيض خفيف هذه المرة، بينما بدأ بالنهوض بخفة ثم قال بصوت ميكانيكي بلا أي مشاعر، أثناء إغلاق سحاب ملابسه: "اكتمل الفحص، جميع الأنظمة تعمل بكفاءة، نسبة الطاقة بالبطارية هي 97%.

"من الآن فصاعدًا، اسمك واحد. الآن ساعدني في إيقاظ الاثنان الآخرين"، بعد أن قال فيكتور ذلك، رد الأندرويد بالموافقة وبدون تردد بينما أضاءت عينيه بالأزرق أثناء العمل، ثم ساعد سيده الجديد.

يمكن لعيون الأندرويد الإضاءة بثلاثة ألوان مختلفة لتوضيح حالته. فعندما يكون خارج الخدمة بالكامل، لا تضيء عيناه وتبقيان سوداوين.

أما عند حدوث عطل أو خلل أو يتم تغيير شيء به، سواء في جسده أو برمجته، فتضيء عيناه باللون الأحمر.

وعندما يكون في وضع الاستعداد وجاهزًا للعمل، تضيء عيناه باللون الأبيض. وأخيرًا، أثناء تنفيذ مهمة، تضيء عيناه باللون الأزرق للدلالة على انشغاله.

تحرك فيكتور في الممرات وخلفه خمسة أندرويدات يتبعونه بصمت بعيونهم الزرقاء. وقد أيقظ أي أندرويد يمكنه إيقاظه، لكن لسوء الحظ، فإن معظم الأندرويدات قد خرجت مع العلماء لمساعدتهم على الهروب ببداية الكارثة.

كما أن معظم البقية منهم كانوا في الأماكن داخل خط الإبادة نتيجة الانفجار.

ولولا ذلك، لحصل فيكتور على أكثر من ألف أندرويد، حيث يوجد في المخزن عدد مساوي من البطاريات المخزنة.

"حسنًا، جميعًا، حان وقت تشغيل المركبات!" قال فيكتور بحماس بعد عودته إلى المدخل الرئيسي الضخم، والمضاء الآن.

نظر إلى المركبات الأكبر من نوع الشاحنات المستقرة بعيدا عن باقي المركبات(توجد صورة بالتعليقات)، وكان يعلم أنه من الأفضل البدء بها.

لذا أمر ثلاثة أندرويدات بالبحث في باقي أجزاء المنشأة عن أي أندرويدات أخرى لإيقاظها، بينما سيقوم هو والاثنان المتبقيان بفحص المركبات لتشغيلها.

جرت العملية على قدم وساق، حيث تم تغيير أي قطع تحتاج للتغيير وشحن المركبات الثلاثة بالطاقة، إذ تعمل جميعها بالكهرباء.

وأثناء ذلك، كان الأندرويدات يحضرون المزيد من رفاقهم خارج الخدمة إلى فيكتور لإيقاظهم الواحد تلو الآخر.

وقف فيكتور على برج حراسة صغير كان مرتفعًا ليكشف كل شيء عند مدخل المنشأة، ونظر بفخر إلى جيش الأندرويدات ذات العيون البيضاء المصطفة بخمسة صفوف والمركبات الثلاثة التي تعمل ومستعدة للتحرك حسب أوامره. وقد شعر بالفخر بسبب هذا الإنجاز.

أغلق عينيه وأخذ نفسًا عميقًا، ثم فتحهما وقال بصوت مرتفع: "قوموا بفحص أخير للتأكد أننا أخذنا جميع ما بالقائمة قبل أن ننطلق".

"حاضر سيدي"، رد خمسة وعشرون أندرويد في نفس الوقت بصوت واحد وتغير لون أعينهم للأزرق بينما بدأوا العمل.

بعد أن أصبح كل شيء جاهزًا، جلس فيكتور في مقعد القيادة وبدأ في قيادة المركبة الضخمة في المقدمة للأمام ليتبعه الآخرون.

وبمجرد وقوف مركبته أمام الجدار المعدني، ظهر صوت ميكانيكي مرتفع للتروس والسلاسل المعدنية بينما بدأ الجدار بالتحرك ببطء، وكانت هذه هي البوابة الرئيسية للمدخل.

***

"أتشو! كم من الوقت سيستغرق السيد فيكتور بالداخل؟"، قال أحد الصيادين بالخارج، وقد وصلت درجة الحرارة إلى -22 درجة مئوية بسبب العاصفة الثلجية.

"وماذا أدراني؟ أتمنى فقط ألا يأخذ الكثير من الوقت كي لا نتجمد من البرد هنا"، رد زميل الرجل وهو يضع يديه بالقرب من النار التي أشعلوها في محاولة لتدفئتهم.

"بيب بيب".

فجأة سمع الجميع صوت شاحنة؟ كان الصوت أعمق من السيارات العادية مما يوحي بأنها مركبة كبيرة.

وعندما نظروا إلى اتجاه الصوت، لاحظوا مصابيح مضيئة تقترب منهم حتى وصلت إلى مسافة قريبة، لتكشف الشاحنات المعدنية الثلاث عن نفسها للرجال المذهولين وتتوقف أمامهم.

فتح الباب المعدني تحت نظرات الرجال، وبالفعل خرج منه فيكتور بابتسامة راضية من قيادة المركبة. لقد أراد فعلها حقًا منذ رؤية المركبات الضخمة لأول مرة، مما جعل عقله المراهق "يحكه" طوال هذا الوقت.

بمجرد رؤية الصيادين لفيكتور، هتفوا بحماس، ولكن اختفى حماسهم بمجرد خروج الأندرويد الأول الذي فاجأهم.

بعده، خرج الأندرويد الثاني والثالث، حتى خرجت جميع الأندرويدات الخمسة والعشرون ليقوموا بعملهم كما أمر فيكتور، مما جعل الرجال الثمانية عشر والأقل بالعدد مذهولين، وحتى الثعلب.

"سيد فيكتور؟! هذا..."، لم يعلم إدوارد ماذا يقول وهو يشاهد الأندرويدات يعملون بكفاءة بأدوات متقدمة مثل قاطع بالليزر وحبال كربونية ممغنطة ليقوموا بتقطيع وربط جثة الكايجو العملاق بشبكة من الحبال، وثم وصل الشبكة بمركبتين، بينما ربطوا العربة التي تحمل جبل جثث الدجاج بالمركبة الثالثة.

وأخيرًا، نظفوا ما تبقى من الدماء التي شكلت بحيرة وجمعوها في زجاجات ليعودوا إلى المركبات كما خرجوا، وكانوا يعملون بكفاءة مع بعضهم البعض كمجموعة من النمل العامل.

أومأ فيكتور برضا من كفاءة الأندرويدات لديه وقال بابتسامة: "فلتدخل كل فرقة رئيسية في أحد الشاحنات الثلاثة، وهناك سيقدم لكم الأندرويدات أسلحتكم الجديدة أثناء عودتنا إلى المستعمرة".

2025/02/22 · 4 مشاهدة · 1686 كلمة
Ouroboros
نادي الروايات - 2025