العودة

داخل المستعمرة، كان الجميع يستعدون لعودة الصيادين منذ رحيلهم، فقد كانوا على علم بأن هذه الرحلة ستغير مصيرهم بالكامل، من مستعمرة بدائية إلى مستعمرة حديثة، ولن يحتاجوا للقلق على حياتهم بعد الآن.

مر الوقت، وصرخ أحد حارس متحمس على برج المراقبة عند البوابة لتفتح، مما جعل الناجين يتجمعون في الساحة بحماس، وعلى مقدمتهم زوجة القائد، التي وقفت على أطراف أصابعها، متلهفة للهتاف كبقية الحشود بمجرد عودة الصيادين الشجعان.

دخلت المركبة الأولى، مما أذهلهم وزاد حماسهم. فقد قال فيكتور إنهم سيحضرون مركبات معهم لذا لم يفاجئوا كثيرًا، لكن بمجرد دخول المركبتين اللتين تجران جثة العملاق، التي تخطى حجمها ارتفاع أسوار المستعمرة، عمَّ الصمت المكان.

سيطر على الناجين رعبٌ خام أمام المخلوق العملاق. حتى لو كان ميتًا، فإن حجمه وحده كافٍ لجعلهم يتخيلون الكوارث التي يمكنه إحداثها. حتى لوسييل أصابها الخوف، وبدأ بعض الأطفال بالبكاء.

فتح الباب الخاص بالمركبة من الأمام ليخرج فيكتور، وخلفه إدوارد وصيادي الفرقة بيتا.

وكان حضور فيكتور المهيب كافيًا لجذب أنظار الجميع إليه. الآن أدركوا أن المخلوق العملاق كان جثة اصطادها قائدهم، وكان هذا كافيًا لجعلهم ينظرون إلى فيكتور بخشوع متزايد.

"ذراعه؟!".

"القائد!".

"هل خسرها أثناء القتال؟!".

تمتم الناجون عندما لاحظوا ذراع فيكتور المضمدة أو المكان المضمد الذي يفترض أن تكون ذراعه، ولم يستطع بعضهم التصديق.

شعر البعض بالخسارة واليأس، وآخرون شعروا بالحزن على قائدهم. فبخسارته لذراعه، لم يعد من الممكن له حمايتهم بقوته الساحقة بالكامل كالسابق. ويبدو أن الناجين أصبحوا يعتمدون بالكامل على فيكتور.

"ل-".

"زوجيييي!"، ركضت لوسييل وهي تبكي لتقاطع كلمات فيكتور بينما احتضنته من خصره. ويبدو أنها أكثر من شعر بالحزن على ما حدث لزوجها الحبيب.

لذا مع تنهيدة، رفع يده اليسرى للتربيت على رأسها برفق، لكن تجمد في مكانه وارتعشت عينه بغضب عندما أكملت الفتاة الصغيرة وهي تبكي: "لا تقلق زوجي، سأبقى بجانبك دائمًا، حتى لو أصبحت عديم الفائدة. سأحبك دائمًا، لذا لا تجهد نفسك بعد الآن واتركني أعتني بك من الآن فصاعدًا".

نظر فيكتور بعيون قاتمة إلى إدوارد بجانبه، لكن الأب عديم الفائدة قام بتدوير رأسه بسرعة والصفير كما لو أنه لم يسمع شيئًا.

ثم أمسك برأس لوسييل المتشبثة به وقام بدفعها بغضب، بينما قال: "ابتعدي عني أيتها الشقية، من هذا عديم الفائدة؟ مجرد خسارة لذراع لن تقلل من كفاءتي سوى 15% فقط، كما أنها ستنمو مجددًا في غضون شهر".

ذهل الجميع من بيان فيكتور، فرغم أن استرجاع الأطراف المقطوعة لم يكن بأمر مستحيل قبل الكارثة، لكن كانت العملية تعتمد على زراعة الطرف في مختبرات زراعة الأعضاء، ثم ربطه مع الجسد بعملية جراحية، والانتظار حتى يلتحم الاثنان.

بهذا، كان أي شخص فقد طرفًا بحادث يمكنه استرجاعه كما لو لم يفقده، لكن كل ذلك كان يعتمد على مختبرات ومعامل وعمليات جراحية حديثة، وليس أن ينمو الطرف كما لو كان سحلية.

"حقًا؟"، رفعت لوسييل رأسها لتنظر إلى فيكتور بعيون دامعة، بينما ما زالت متشبثة به كالغراء رغم محاولاته إبعادها عنه، مما جعله يستسلم في النهاية ويبدأ بالتربيت على رأسها قائلاً: "حقًا، الآن هل يمكنكِ الابتعاد؟".

أخيرًا تركته لوسييل، لكنها ما زالت بالقرب منه ويبدو أنها لا تنوي تركه بعد الآن. لذا فرقع فيكتور بأصابعه ليخرج الأندرويدات من المركبات، ويقفون بجانب فرق الصيد تحت أعين الجميع المصدومة. حقًا، كم مفاجأة جلبها فيكتور من هذه الرحلة؟

"كما ترون جميعًا، فكل ما نعلمه عن عالمنا قد تغير تمامًا. لم تعد حياتنا كما كانت ولن تعود أبدًا كما كانت قبل الكارثة. لذا بدلاً من الأمل بشيء مستحيل كرجوع الماضي المسالم، عليكم جميعًا تبني طريقة تفكير جديدة.

نحن قد تخطينا عصر الازدهار التقني، لكن لم ندخل عصر استكشاف النجوم كما توقعنا. بل أتى عصر الشتاء النووي حيث يعم اليأس والظلام. لذا كناجين، يجب أن تتبنوا هذا التفكير وتعملوا بجد دائمًا للنجاة دون إعطاء هذا العالم القاسي لحظة واحدة لإسقاطكم. وبهذا يمكننا أن نتقدم مجددًا"، قال فيكتور بصوت مرتفع.

رغم أن كلامه لم يكن هدفه التحفيز، إلا أنه كان لازمًا لتجهيز الناجين للحرب القادمة. إذ كان متأكدًا أن هذا الكايجو ليس سوى البداية للمآسي التي ستواجهها المستعمرة.

ترك فيكتور الناجين المذهولين من خطابه وذهب للجلوس في مكتبه للتخطيط لإعادة ترتيب الناجين.

بعد حصولهم على 25 أندرويدًا، لم تعد هناك حاجة للرجال في الأعمال اليدوية، ومن الأفضل وضعهم في القسم القتالي، خاصة بعد امتلاكهم لمعسكر خارجي.

وبهذا، تم إعادة تقسيم 66 رجلًا، حيث بقي 9 فقط في مواقعهم، بينما انتقل 57 للعمل كجنود.

لحسن الحظ، لم تكن هناك اعتراضات فلم يكن الرجال فقط من يرغبون في التجنيد، بل بعض النساء أيضًا، خصوصًا الشابات.

وكان السبب في ذلك هو وضع فيكتور لأكبر عدد من النقاط الأسبوعية للجنود، وقد كانت تلك النقاط بمثابة العملة داخل المستعمرة.

لكل عمل مرتب أسبوعي يُقدَّم من المخزن لكل شخص، حيث لا يمكن صرفه إلا في المخزن لضمان إدارة نقاط كل فرد دون غش.

بالطبع، كان لجميع الناجين حصص إعاشة تكفيهم للعيش بشكل جيد داخل المستعمرة، أما المنتجات الفاخرة مثل الشاي، والحلوى، والاشتراك في قائمة طعام يومي أفضل، وشراء ملابس أدفأ، وأثاث أكثر راحة لسكنهم، فكل ذلك كان يتطلب استخدام النقاط.

بفضل هذا، وبفضل الأسلحة والدروع التي جعلت عمل الحراس وفرق الصيد أكثر أمانًا، بدأ الجميع بالشعور بالغيرة والحسد منهم.

لذا، حتى لو طلب فيكتور وضع جميع الرجال كجنود، فسيوافقون بحماس.

بعد هذا، حان وقت وضع الأندرويدات في عملهم، حيث سيعمل 20 أندرويدًا في الورشة والمخزن والمختبر، بينما سيتم إرسال 5 أندرويدات إلى معسكر غابة المتاهة للعمل كمزارعين، لزراعة النباتات المختلفة وحصاد العسل النباتي من شجرة العسل.

حتى أن فيكتور ينوي الإمساك ببعض الدجاج والديوك أحياء وتربيتهم كدواجن مجددًا هناك!

بالواقع، كانت هذه الأعمال هي التي خُلق الأندرويدات والديترويت للقيام بها. فقبل الكارثة، أصبحت جميع الأعمال اليدوية الصعبة منوطة بالآلات، بينما يجلس البشر متشابكي الأرجل، يكتفون بإصدار الأوامر.

وخصوصًا في مجالات مثل الزراعة، حيث يمكن لبشري واحد إدارة آلاف الفدادين من الأراضي الزراعية التي تعمل بها الآلات، بدءًا من زراعة البذور إلى الحصاد، وحتى تربية الحيوانات المختلفة، من المواشي المختلفة والحيوانات الأليفة وفئران المختبرات إلى النمور والحيوانات المفترسة في حدائق الحيوان.

"زوجي، هل تحتاج إلى مساعدة؟ يمكنني الكتابة بدلًا عنك"، قالت لوسييل، الجالسة على المكتب أمام فيكتور، بقلق عندما رأته يكتب بيده اليسرى. لقد كانت تعلم أنه يكتب باليمنى من كثرة مراقبتها له أثناء عمله.

"لست بحاجة إلى ذلك، وكم مرة سأقول لكِ ألا تدعينني بزوجك؟"، رد فيكتور بملل، فقد اعتاد على إزعاج الفتاة الصغيرة له.

"إذاً، بماذا تريدني أن أدعوك؟ حبيبة؟ عشيقة؟ خطيبة! يا لك من شقي خطيبي، لكن يجب أن تعطيني خاتمًا أولًا"، أكملت لوسييل كلماتها بمرح، ويبدو أنها خلطت مفاهيم العلاقات بين الأحباء بشكل غريب، حيث قدمت المتأخر وأخرت المتقدم، مما جعل فيكتور ينظر إليها كما لو كانت حمقاء.

فجأة، دخلت سيدة في منتصف العمر بعد أن طرقت الباب، ومعها كوب به مشروب وطبق يحتوي على وجبات خفيفة، قدمتهما لفيكتور بينما قالت: "آسفة على الازعاج سيدي، هذه هدية من لونا، وتقول يجب أن تأكلها".

بمجرد أن وضعت الطعام والمشروب غادرت. مما جعل فيكتور ينظر بغرابة إلى الطعام وهو يتذكر نظرات التبجيل والشفقة من الناجين بسبب ذراعه المبتورة.

"أيغ يويي، يغم ام ماغم مغام غميم"، قالت لوسييل بعد مغادرة المرأة، ولم تكن هناك كلمة واحدة مفهومة من كثرة المكسرات في فمها، مما جعل خديها منتفخين كسنجاب.

نظر فيكتور إلى لوسييل بنظرات فارغة، ثم مع تنهيدة بدأ يأكل المكسرات أثناء إكمال العمل.

***

"من أقواس وسهام إلى قناصات ليزر، أشعر بالشفقة على الزومبي الذين سيقتربون من المستعمرة من الآن فصاعدًا"، قال أحد الحراس لرفاقه أثناء تجربة قناصة الليزر عديمة الصوت على الهدف المعدني الذي أصبح به ثقب أحمر بفعل الحرارة، حيث يتم تعديل قدرة الليزر على الاختراق بشكل يدوي من القناص حسب الهدف كي لا يستهلك طاقة أكثر من اللازم ويتسبب في أضرار مثل اختراق جسم مهم خلف الهدف.

"هل حقًا تشفق على الزومبي حول المستعمرة بسبب بعض قناصات الليزر؟ فقط انظر إلى أسلحة الصيادين"، قال رفيق الحارس بغيرة، وحتى بين الجنود كان راتب الصيادين أعلى من الحراس.

فبعد كل شيء، كان الصيادون يذهبون للصيد في أرض العدو، بينما الحراس يجلسون على مؤخراتهم فوق السور ويطلقون بشكل دوري على الزومبي أسفلهم.

أما سبب كلمات الحارس، فهي نوع الأسلحة التي يمتلكها الصيادون. فكل فريق امتلك جميع أعضائه مسدسات حث كهرومغناطيسي، والتي يطلق عليها مسدسات مغناطيسية.

لكن لم يكن هذا السبب الوحيد، فكل حارس يمتلك أيضًا مسدسه الخاص. ومع ذلك، لكل عضو بفريق الصيد سلاح آخر خاص به، على عكس القناصات التي لم تكن مخصصة للحراس، بل كانت متموضعة عند نقاط المراقبة حول المستعمرة ليتبادلها الحراس أثناء الدوريات.

امتلك الصيادون درعًا كلي الحماية الذي يقوم بصد الصدمات الميكانيكية مثل الرصاص المعدني عن طريق توزيع طاقة الصدمة الميكانيكية من نقطة صغيرة، مما يزيد من قدرتها على الاختراق إلى مساحة واسعة بالتالي يضعف تأثيرها كثيرًا.

كما استطاع الدرع امتصاص هجمات الطاقة مثل الليزر من القناصات وتحويلها إلى كهرباء لتخزينها في بطارية الدرع، ويتم تفريغ الزيادة في الأرض كي لا تتلف الدوائر الالكترونية بالدرع.

مما جعل الدرع ذو حماية لجميع أنواع الهجمات، لذا حصل على اسمه "درع كلي الحماية" أو "درع الحامية" كما يسمى بين الجنود الذين يحبون الاختصارات.

بالنسبة للأسلحة الخاصة، فامتلك كل كشاف رشاش مغناطيسي. ليس كبيرًا لكن ليس صغيرًا، ورغم ذلك كان هذا السلاح مدمر، حيث امتلك المخزن خاصته مئة رصاصة ويمكن تعديل معدل إطلاق السلاح للرصاص من طلقة واحدة كل ثانية إلى 20 طلقة في الثانية.

امتلك الكشاف أيضًا بندقية الصدمة الحرارية الغنية عن التعريف، مما جعلهم كشافة لا يقف شيء بطريقهم أثناء قيادة الفريق والتقدم في الخطوط الأمامية.

بالنسبة للطبيب، فكونه قلب الفريق في حالة إصابة أحد الأعضاء، فقد أخذ دور القناص للصيد من بعيد ليتمكن من دعم الفريق دون الاضطرار للتفاعل المباشر.

بالنسبة لفتيان اللوجستيات، فقد ضحكوا عندما اكتشفوا أن سلاحهم الرئيسي هو قاذفة صواريخ آلية.

لقد أصبحوا دبابات متحركة بحق الجحيم. وأثناء الخروج بكل مهمة يجب امتلاك صاروخان بحقيبتهم، كما يوجد واحد آخر جاهز للأطلاق في السلاح، مما يعني امتلاكهم ثلاث صواريخ عند خروجهم للمهمة. وكل صاروخ يمكنه تحويل دبابة إلى حطام.

أفضل شيء هو أن قاذف الصواريخ امتلك موجهًا خاصًا متصلًا بالصواريخ الموجهة بشكل آلي أو يدوي كما يرغب المطلق، مما يعني أن فتى اللوجستيات يستطيع الجلوس بجانب الطبيب وإطلاق الصاروخ في السماء ثم إعادة توجيهه عن بعد إلى الهدف.

ويمكن للصاروخ الطيران لبضع كيلومترات قبل نفاد وقوده الدافع لينفجر بشكل تلقائي. لقد كانت البشرية دائما متطورة بمجال الحرب عن باقي المجالات.

أخيرًا، المهندس والقائد ونائب القائد قد امتلكوا الثلاثة رشاشات مغناطيسية، بما أنَّهم على الأغلب سيكونون في الطليعة مع الكشاف.

لكن فقط المهندس، حصل مع الرشاش على بندقية نبض كهرومغناطيسي، والتي من اسمها تطلق نبضة كهرومغناطيسية موجهة لتتلف الأجهزة المستهدفة دون إتلاف الأجهزة الأخرى.

بالواقع، كان سبب فيكتور الرئيسي لإعطاء المهندسين هذا السلاح هو في حالة هجوم زيرو، فرغم كونه لا يمتلك أي نية لقتل فيكتور كونهما في شجار أخوي، إلا أن هذا لا يعني أن قتالهما لن يكون متطرفًا لدرجة أن زيرو لن يتردد في إبادة جميع اتباع فيكتور لإضعافه واحتوائه.

لقد كانت حرب.

2025/02/23 · 5 مشاهدة · 1692 كلمة
Ouroboros
نادي الروايات - 2025