قديس؟ شيطان؟ فقط سايبورغ
"سيد فيكتور، هل لي أن أسأل من أين لك هذه الأسلحة؟"، سأل روبرت بفضول، وهو يطرح السؤال الذي كان في أذهان الثلاثة.
حمل فيكتور معه أثناء رحلتهم قناصة ليزر، وبندقية صدمة حرارية، ومسدسين كهرومغناطيسيين.
منذ تطور تكنولوجيا الأسلحة بشكل كبير، توقفت جميع الدول التي كانت تسمح بامتلاك العوام للأسلحة بسبب مدى خطورتها وتهديدها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
في الواقع، يمكن القول إن الولايات المتحدة كانت أكبر دولة دعت إلى ذلك، كما لو أنها لم تكن أكثر دولة يمتلك العوام بها أسلحة تكفي لتشكيل جيش.
أما السبب، فأسلحة فيكتور أكثر من كافية لشرحه. فالمسدسات، على سبيل المثال، هي أسلحة قتل صامتة، صوتها مماثل للأسلحة القديمة مع كاتم صوت، أما قوة رصاصاتها فهي تصل إلى قوة بندقية. وأخيرًا، فهي تحتاج فقط للشحن ورصاصات معدنية دون بارود أو مواد كيميائية متفجرة، مما يجعل الحصول على الرصاص سهلاً لدرجة أن أي شخص يمتلك ورشة صغيرة يمكنه صنعه.
إذا اعتقدت أن المسدس خطير بما فيه الكفاية، فالدفع الكهرومغناطيسي لم يكن سوى فكرة قديمة مقارنة بالتقدم التكنولوجي الحالي. ويمكن للقناصة والبندقية إخبارك كيف.
القناصة تعمل بالليزر المكثف، مما يجعل قدرتها على الاختراق خارقة لدرجة أن حراشف يد فيكتور ستثقب أمامها بسهولة. أما الرصاص، فلم يكن سوى طاقة خام، لذا إذا امتلكت واحدة، فكل ما تحتاجه هو شحنها. ولذلك، لم تواجه فرق القناصة مشاكل لوجستية مع الذخيرة.
أخيرًا، البندقية. كانت سلاحًا متطرفًا، متطرفًا بكل المقاييس. يمكنها بسهولة تمزيق وتشويه هيكل دبابة، والمشكلة الوحيدة فيها هي مداها الذي لا يتجاوز خمسة أمتار فقط. ذلك لأنها تطلق قذيفتين في نفس الوقت؛ الأولى هي موجة صدمة بتردد خاص يتفاعل مع المعادن الفلزية، مما يزيد من حرارتها إلى درجة الليونة، وبعدها مباشرةً، قذيفة من الخرزات المعدنية تمزق المعدن اللين كما لو كان زبدة.
لم يستطع الرجال الثلاثة سوى ابتلاع ريقهم عند رؤية الأسلحة. بسبب القوانين التي منعت امتلاك الأسلحة، والتي لسخرية القدر، طبقت قبل الكارثة بعدة أعوام، لم يستطع الناجون سوى استخدام أسلحة بدائية يدوية الصنع.
إذا امتلكوا المسدسات فقط، فستزيد كفاءتهم بالصيد كثيرًا. حتى الديك الرومي لم يكن ليهينهم هكذا.
"بعد الغابة توجد منشأة بحثية عسكرية تمتلك العديد من هذه الأسلحة. يوجد أيضًا مستوى مرتفع من الإشعاع بشكل حاد بالداخل، وأنا فقط من يمكنه تحمله. بالطبع لا أقول هذا لإخافتكم، يمكنكم الذهاب والاختبار، لكن لا تحزنوا إذا ذبتم كما لو كنتم دمى شمعية داخل فرن"، قال فيكتور بهدوء دون حتى النظر إليهم. لكن النبرة المرحة بكلماته جعلتهم يرتجفون من مجرد التفكير.
لم يعلم أي منهم كيف يجيب على هذه المعلومات الفظيعة. روبرت، المتحمس للأسلحة، لم يستطع سوى الشعور باليأس مجددًا. أما إدوارد، فقد قرر البدء في التخطيط لطلب مساعدة فيكتور لاستخراج الأسلحة لهم بما أنه يستطيع ذلك. ديف، من ناحية أخرى، لم يكن معهم من البداية؛ فقد كان تركيزه كله على الثعلب الأبيض.
كمغامر في البرية، كان يعلم مدى فائدة امتلاك حيوان بري كحيوان أليف، لذا فقد شعر بالغيرة حقًا تجاه فيكتور. وبالتالي، سأل: "سيد فيكتور، كيف استطعت ترويض هذا الثعلب؟ ولماذا اخترت اسمًا غريبًا كهذا له؟".
"همم؟ أمسكت به لتشريحه ودراسته كبقية الحيوانات، لكن وجدت أنه هادئ ومطيع، لذا قررت دراسته وهو حي. أما خوان ميكيل ماساروتشي الأول، فقد أعطيته الكثير من الخيارات ويبدو أنه أحب هذا الاسم الطويل. حتى إنه لا يرد إذا ناديتُه بـ 'خوان' فقط"، رد فيكتور على سؤال ديف وهو ينظر إلى الثعلب الذي كان يرتعش برعب عند تذكر أسوأ يوم في حياته، وهو اليوم الذي قابل فيه فيكتور وأُجبر على تقبل العبودية بفرحة للنجاة.
كانت الثعالب معروفة بمكرها ودهائها، وبفضل التطور والتكيف، ازدادت هذه الميزات. لذا، عندما رأى الثعلب فيكتور لأول مرة، لم يتردد للحظة واحدة بالفرار من الكارثة الحية أمامه.
لكن لسوء حظه، لم يكمل عشرة أمتار قبل أن يجد نفسه مصعوقًا حتى الشلل تحت النبضات الكهربائية الخاصة بفيكتور.
لذا لم يكن أمامه خيار سوى لعق ساق فيكتور والأنين بتوسل والتصرف بشفقة قدر الإمكان ليتركه فيكتور. لكن ما حصل عليه هو اهتمام متزايد، ليُجبر على التذلل والإذعان للعمل بقسوة كل يوم فقط لكيلا يصبح العينة القادمة على طاولة التشريح.
أما بالنسبة للهرب، فقد رأى فيكتور يصطاد وحوشًا أسرع منه بكثير، ووحوشًا خبيرة بالاختباء والتمويه لدرجة لا يمكن رؤيتها، وجميعهم لم يكونوا ندًا لسيده الذي هيمن على الغابة ببضعة أيام. حتى سيد الغابة السابق، الدب العظيم، كان أحد عينات التشريح للدراسة.
لاحظ ديف الرعب الكامن في عيون الثعلب ونظر إليه بشفقة. وعندما لاحظ فيكتور ذلك، ضحك بهدوء وقال: "لا تجعل هذا الثعلب الماكر يخدعك، ديف".
أثناء حديث فيكتور، التقط قطعة لحم من المخزون الذي يجره الثعلب، ثم، تحت نظرات الثعلب الشديدة، قام بإلقائها بعيدًا أمامهم.
وبالفعل، الثعلب، الذي كان بالكاد قادرًا على جر الزلاجة، ركض بسرعة وحماس خلف الطعام، ليأخذ معه الزلاجة كما لو لم تكن موجودة من الأساس. هذا التباين الشديد جعل الثلاثة ينظرون إلى الثعلب الماكر بذهول.
هذه المرة، ضحك فيكتور بمرح، مما جعل ديف ينظر بعيدًا بخجل. لقد كان خبيرًا في البرية، فكيف وقع في حيلة ثعلب؟ فجأة، توقف فيكتور، فتوقف الثعلب أيضًا. وعندما لاحظ الثلاثة توقفهما، نظروا في الاتجاه الذي كانا يحدقان إليه، لكن لم يكن هناك سوى عاصفة ثلجية.
مهما حدّق الثلاثي، لم يكن هناك سوى جدار أبيض من الرياح المحملة بالثلوج، مما جعل الرؤية معدومة. لكن يبدو أن حتى الثعلب لاحظ شيئًا أيضًا، مما جعله يتراجع خلف فيكتور.
أراد إدوارد السؤال، لكن الإجابة خرجت ببطء من داخل العاصفة… زومبي. اثنان… عشرة… فجأة، عشرات الزومبي الذين شكّلوا قطيعًا ضخمًا بدأوا بالخروج ببطء، متجهين نحوهم بهدوء.
"همم... مئة وثلاثة وستون؟" قال فيكتور بملل، ومن الواضح أن العدد الضخم لم يكن شيئًا بالنسبة له. فجأة، ظهرت ابتسامة متحمسة على وجهه وقال: "أوه؟ هذا شيء جديد".
بمجرد انتهائه من حديثه، انفجر من بين الزومبي البطيئين 29 زومبي يركضون بسرعة نحوه! وبالفعل، تراجع الجميع خلف فيكتور من هول المشهد.
قام فيكتور بمدّ مخالبه كما فعل الزومبي المقتربين، لكن على عكسهم، كانت مخالبه تتوهج باللون الأحمر من شدة حرارتها، لدرجة أنها جعلت الثلاثي، الذين كانوا مرعوبين من الزومبي، يذهلون من هذه القدرة الجديدة.
فجأة، ركض فيكتور نحو الزومبي التي اندفعت نحوه بدورها، وكانت مخالبه الحرارية تُصدر بخارًا أبيض بسبب تبخر الثلوج حولها.
لكن ما لفت انتباههم حقًا كان سرعته، فقد كان كالصاروخ، يتخطى عشرات الأمتار بخطوة واحدة وكأنه يقفز مما يتسبب بانفجار الثلوج خلفه. أما الزومبي، التي رغم سرعتها كانت لا تزال أبطأ من البشر، فلم تكن سوى سلاحف أمامه.
لم يحتج فيكتور سوى ثلاث خطوات فقط، لكنها كانت كافية ليقطع خمسين مترًا ويصل إلى الزومبي.
في غضون أربع تسع ثواني فقط، كان قد مزقهم إلى أشلاء بمخالبه. ثم، دون أي تردد، اندفع نحو القطيع المتخلف عن السابقين، وبدأ بتمزيقهم بلا أدنى قدرة منهم على المقاومة أو الرد، كما لو كان مزارعًا يحصد محصولًا... محصولًا من رؤوس الزومبي.
الخوف، الاحترام، والرهبة… كانت هذه مشاعر الثلاثي وهم يشاهدون الجزار أثناء مجزرته بين تلك المخلوقات التي بدت وكأنها تقدم نفسها له، بينما ارتسمت على وجهه ابتسامة شرسة.
الخوف بسبب طريقته الشرسة والسريعة في تمزيق الزومبي كما لو كان يلعب معهم، والاحترام بسبب قدرته على التخلص بسهولة من إحدى أكبر المشاكل التي تواجه ملجأهم، قطعان الزومبي. وعندما اجتمع الخوف والاحترام، نتجت الرهبة والخضوع.
أخيرًا، بعد انتهائه من مجزرته، توجه فيكتور إلى جثة أحد الزومبي السريعين سابقًا، وبدون تردد، أخذ عينه بفمه وابتلعها، مما جعل الثلاثة الذين كادوا يعبدونه سابقًا يشحبون فزعًا.
"مهلا، فيكتور؟!".
"أبسقها بسرعة!".
"هذا خطر سيد فيكتور!".
ركض الثلاثة إلى فيكتور وصرخوا عليه ليبصق الدماء، لكنه كان قد ابتلعها بالفعل. فقال لهم بانزعاج: "أيها الحمقى، أنا سايبورغ ولست بشريًا! معدتي مصممة لتحليل العناصر الحيوية والمركبات الكيميائية، كما أن جهازي المناعي يمكنه بسهولة إبادة أي فيروس إن كان ضارًا. لذا، ابتعدوا عني!".
تجمد الثلاثة في أماكنهم عند استيعاب كلمات فيكتور. قديس؟ شيطان؟ فقط سايبورغ.
لم يكونوا حمقى لعدم معرفة ما هو السايبورغ، فهم من سكان ما قبل الكارثة، وفي ذلك الوقت كانت خدم الأندرويد وديترويت سلعة تجارية شائعة، أما السايبورغ فكانوا يُستخدمون للمهمات الصعبة، وكانوا معروفين بمشاركتهم في الحملات الاستكشافية في الأماكن الخطيرة. حتى إن ديف قد أنقذه سايبورغ من قبل، وذلك في إحدى البراري ببداية عمله كمغامر.
تلألأت عيون الثلاثة عندما أدركوا شيئًا ما: جميع الآلات خدم للبشر، لذا، بما أن فيكتور واحد منهم، ألا يعني ذلك أنه مجبر على طاعتهم؟ لم يكونوا داخل أحد أفلام هوليوود عن انقلاب الآلات بعد كل شيء.
عبس فيكتور عند ملاحظته نظراتهم إليه، وقد أدرك الأفكار التي تدور في عقولهم. فقال لهم بابتسامة هادئة ولكن خطيرة: "لقد صُنعتُ بوعي حرٍّ متفرّد، لذا فإن فكرتكم الحمقاء لن تؤدي سوى إلى قتلكم على يدي إذا جربتموها".
ارتعشت أجساد الثلاثة من التهديد واعتذروا بسرعة، ثم أكملوا طريقهم بخجل. في هذه الأثناء، كان فيكتور يعالج البيانات التي حصل عليها من معدته، بفضل تحليل عينة الدم.
بعد معالجة البيانات، اكتشف فيكتور شيئًا كارثيًا: الفيروس يعمل بشكل أكثر كفاءة داخل أجساد البشر بعد تحولهم إلى زومبي.
في الواقع، كان هذا منطقيًا، لأن التحول لم يكن سوى نتيجة سيطرة الفيروس على أجسادهم التي كانت تقاومه في البداية.
لأي درجة كانت هذه المعلومة كارثية؟ بما أن الوظيفة الأساسية للفيروس هي المساعدة على التكيف والتطور، فإن الزومبي السريع الذي واجهوه سابقًا لم يكن سوى البداية.
كان فيكتور يستطيع تخيل زومبي أسرع بكثير، زومبي بأجساد أقوى، زومبي أذكى، وحتى زومبي يمتلكون قدرات خاصة، مثل بصق السم أو الحمض، ومئات الاحتمالات الأخرى التي بدأت تتشكل في عقله.
نظر فيكتور إلى الرجال الثلاثة وفكر: ’الجهل نعمة، أليس كذلك؟’، كان من الممتع رؤية كيف يتقدمون دون خوف من المستقبل المظلم، فقط لأنهم يجهلون حقيقته. فالبشر، بكونهم أقل الكائنات قدرة على التكافل مع الفيروس، يقبعون فعليًا في أسفل الهرم الغذائي.
ومع مرور الوقت، ستزداد قوة وشراسة كل من الزومبي، وكذلك الحيوانات التي تحولت بالفعل إلى وحوش.
في النهاية، أكمل فيكتور الرحلة بين الثلوج دون أي نية لإخبار الثلاثة… على الأقل ليس الآن.