بطل

بين الثلوج الكثيفة، كانت هناك مجموعة غريبة من الأشخاص تتحرك: سايبورغ في المقدمة، وثلاثة رجال في المنتصف، وفي المؤخرة، ثعلب يجر بصعوبة زلاجة ثلجية يدوية الصنع.

أثناء رحلتهم، كان فيكتور يصطاد الزومبي المارّين بطريقهم، ويأخذ عينات من دمائهم لتحليلها بشكل متكرر. وبفضل ذلك، حصل على معلومة جديدة عن الفيروس والزومبي.

كان الجهاز المناعي للذكور أكثر مقاومة لتواجد الفيروس مقارنةً بالجهاز المناعي للإناث، ونتيجةً لذلك، كان معظم الزومبي من الرجال.

حتى الزومبي السريعين الذين واجههم حتى الآن، كانوا جميعًا من الرجال.

من ناحية أخرى، فهذا يعني أن الإناث يمتلكن قدرة أعلى على التكيف مع البيئة المتغيرة، بسبب توافقهن الأكبر مع الفيروس الذي يسرّع عملية التطور، نظر فيكتور إلى الرجال بشفقة، ألا يعني ذلك أنه مع مرور الوقت سيصبح المجتمع يتمحور حول الإناث؟ ربما حتى تظهر جمعية لحقوق الرجل...

"بفت"، لم يستطع فيكتور كتم الضحكة التي هربت من فمه بسبب أفكاره الغريبة، مما جعل الجميع ينظرون إليه باستغراب بسبب تصرفه غير المتوقع.

بعد بعض الوقت، بدأت ظلال المباني تظهر بوضوح خلف عاصفة الثلوج الكثيفة، مما يعني أنهم باتوا على مشارف البلدة حيث يقع الملجأ. عندها، قرر فيكتور الاستفسار عن شيء حيّره، فسأل: "كيف استطعتم نقل إدوارد الفاقد للوعي، وجثة وحش الديك الرومي الضخم، إلى ملجئكم دون أن يكشفكم الزومبي؟".

لم يكن نقل رجل فاقد للوعي وجثة طائر بارتفاع مترين داخل منطقة محاطة بالزومبي أمرًا ممكنًا أبدًا دون أن يتم كشفهم. خصوصًا أنه، كلما اقتربوا من الملجأ، ازدادت أعداد الزومبي بشكل ملحوظ.

فمن خلال تحليله للعينات ومراقبته لسلوكهم، وجد فيكتور أن الزومبي ينجذبون بشكل غريزي إلى الأماكن التي يزداد احتمال وجود البشر فيها.

" لقد استغللنا عاصفة ثلجية كالتي نحن بها الآن، مما يجعل كشف الزومبي لنا أصعب بكثير. كما أن ديفيد أمر الحراس بجذب انتباه الزومبي أمام الملجأ لإبعادهم عنه، وذلك من الساعة الثالثة مساءً وحتى الرابعة كل يوم، مما سمح لنا بالتسلل إلى بوابة الملجأ دون مواجهة أعداد كبيرة"، قال روبرت، الذي كان أحد الثلاثة حينها، مما جعل فيكتور يعجب بفكرة ديفيد.

للأسف، وفقًا للساعة الرقمية في عقل فيكتور، فقد تجاوز الوقت الخامسة مساءً، مما يعني أنه إذا أرادوا المرور دون مواجهة أعداد كبيرة من الزومبي، فسيحتاجون إلى الانتظار حتى الغد. لكن… من قال إن فيكتور لا يريد مواجهة الزومبي؟

لم تعد منشأة أستيريا قابلة للعمل، لذا قرر جعل هذه البلدة قاعدته الجديدة، ولتحقيق ذلك، عليه أولًا تطهيرها بالكامل من الزومبي.

لهذا السبب، وعلى مدار الطريق، لم يبخل أبدًا في القضاء على أي زومبي واجهه حتى الآن.

***

" هل تسمع هذا؟ أعتقد أن أصوات الزومبي تزداد ارتفاعًا"، على برج المراقبة بجانب بوابة الملجأ، قال أحد الحارسين لزميله، وقد بدا أنه لاحظ شيئًا غير طبيعي في سلوك الزومبي.

"ليس حقًا، ربما هناك شخص ما يجذب انتباههم؟ همم… ما هذا؟".

رد الحارس الآخر على سؤال زميله بملل، لكن فجأة ضاقت عيناه وهو يشير إلى اتجاه معين أمامهم.

عندما نظر الحارس الأول، لاحظ بالفعل نقاطًا حمراء تلمع خلف العاصفة الثلجية، مما جعل رؤيتها صعبة.

تحت أنظار الحراس، الذين كانوا يحاولون التدقيق في النقاط الحمراء المتحركة بسرعة شديدة لكشف ماهيتها، رأوا فجأة ثلاثة رجال يركضون نحو البوابة، وخلفهم ثعلب أبيض بحجم ذئب، لم يكونوا سوى روبرت، إدوارد، وديف.

نظر الحارسان بصدمة إلى الثعلب، الذي كان يجر زلاجة ثلجية، في إشارة واضحة إلى كونه مستأنسًا. وبينما كانا لا يزالان يحاولان استيعاب المشهد، كان إدوارد يصرخ عليهما طالبًا منهما فتح البوابة فورًا.

في تلك اللحظة، وقف ديف بثبات، ورفع المسدس معه بمهارة، موجّهًا إياه نحو مجموعة الزومبي المتجمعة أمام البوابة. لم يتردد، وبدأ بإطلاق النار عليهم واحدًا تلو الآخر بخبرة واضحة، كل طلقة تصيب الرأس بدقة قاتلة.

أُصيب الحارسان بالذهول مجددًا، لكن هذه المرة لم يكن السبب الثعلب المروض فقط، بل أيضًا الأسلحة النارية التي بحوزة ديف.

"ألم يذهب هؤلاء الثلاثة للبحث عن منقذ إدوارد الغامض؟"، تساءل أحدهما بصدمة. "إذاً… كيف عادوا بوحش مروض وأسلحة نارية!".

عندما بدأ الحارسان باسترجاع رشدهما، فجأة أصبحت العاصفة الثلجية أخف قليلًا، مما سمح لهما برؤية ماهية النقاط الحمراء البعيدة، والتي كانت ترتفع ببطء، ليتجمدا في مكانهما بشحوب من هول المشهد الجحيمي هناك.

على قمة تل من جثث الزومبي، كان رجل بابتسامة شرسة على وجهه، وقرنين على رأسه، وذيل حاد حرشفي يتدلى خلفه، ويدان تغطيهما حراشف سوداء تمزقان الزومبي الذين يصلون إلى القمة محاولين مهاجمته.

وحوله، أكثر من مئة زومبي سريع يحاولون التسلق بجنون. لم يكن ذلك سوى فيكتور، أما النقاط الحمراء، فلم تكن سوى مخالبه المشعة باللون الأحمر بسبب الحرارة.

ارتجف الحارسان رعبًا من المشهد أمامهما وهما يفكران: إذا كان هناك جحيم، فسيبدو كهذا.

كان تل الجثث يرتفع ببطء مع كل زومبي يمزقه فيكتور، لدرجة أنه وصل إلى ارتفاع ثلاثة أمتار، ولم يتبقَ سوى متر واحد ليبلغ ارتفاع البرج الذي يقفان عليه.

وأثناء صياح إدوارد على الحارسين المشتتين، كان ديف قد تخلص من الزومبي عند البوابة، مما جعل الثلاثة والثعلب يقفون أمامها.

لكن لسوء حظهم، بعض الزومبي من القطيع الذي كان يهاجم فيكتور قد وجهوا أنظارهم نحو المجموعة، مما دفع ديف إلى إطلاق النار عليهم بمسدسه، الذي بدأ رصاصه بالنفاد. لذا، وبخوف، كان روبرت يصرخ مع إدوارد لكي يفتحوا البوابة لهم بسرعة.

بسبب الضجيج المرتفع، كان الناجون داخل الملجأ يصعدون على الأسوار لرؤية ما يحدث بالخارج بقلق، لكن كل من صعد كان قلقه يتحول إلى رعب، بينما يتجمد في مكانه بشحوب من هول المشهد.

بالنسبة لديفيد، الذي لم يختلف رد فعله عن الباقين، فقد استطاع استعادة رشده بسرعة ونظر إلى الوضع بعبوس.

رغم أن قطيع الزومبي كان أكبر من أي مجموعة رآها من قبل وممتلئًا بالزومبي الاسرع، كان متأكدًا من أن البوابة المعدنية المعززة ستتمكن من منع القطيع من الدخول، بالطبع طالما بقيت مغلقة.

لذا، أعطى للحراس القلقين والمترددين عند البوابة نظرة شديدة، وقال بثبات: "لا تفتحوا تلك البوابة، أو سنموت جميعًا".

رغم امتلاك مخزن مسدس الدفع الكهرومغناطيسي ثلاثين رصاصة، إلا أن أعداد الزومبي التي تقدمت نحو المجموعة كانت تزداد دون توقف، لتنتهي الرصاصات في مسدس ديف.

بالتالي، أصبح حاجزهم الوحيد عن الزومبي هو الثعلب، الذي ترك الزلاجة وبدأ بتمزيق أي زومبي يقترب بأنيابه الحادة.

ذهب ديف بسرعة إلى الزلاجة وبحث بين الأغراض عن الصندوق الذي وضع فيكتور به مخازن رصاص الأسلحة، لكن لسوء حظه، كان الصندوق محشورًا أسفل العديد من الأشياء الثقيلة ولا يمكن فتحه. وأثناء ذلك، صرخ إدوارد على ديفيد بغضب: "اللعنة عليك، ديفيد! ألا ترى أن معنا أسلحة ووحشًا حارسًا؟! فيكتور حاليًا يجذب انتباه القطيع، لذا افتح البوابة اللعينة الآن!".

نظر ديفيد إلى إدوارد ببرود، وقال بعزمٍ ونبل، رغم ملاحظة إدوارد لشماتةٍ مختبئة في لهجته: "آسف على ذلك، لكنني لن أخاطر بحياة جميع الناجين من أجل ثلاثة".

أدرك إدوارد هدف ديفيد الآن. لقد كان خائفًا على مكانته بالفعل بسبب رؤية قوة فيكتور الوحشية على تل الجثث، وكونهم هم من أحضروه، فهو سيفضل التخلص منهم على السماح لهم بالدخول.

" اجعلهم يفتحون البوابة أيها الأحمق!".

"أرجوك زعيم ديفيد أسمح لهم بالدخول!".

نظر ديفيد إلى جانبه ليجد امرأة تتوسل له وفتاة في الثانية عشرة من عمرها تصرخ عليه، ومن الواضح أنهم عائلة إدوارد.

فتح البوابة للسماح للوحش هناك وأتباعه اللعينون بالدخول وأخذ سلطته؟ كان هذا آخر شيء سيسمح به ديفيد، خصوصًا عند ملاحظته أن تحركات فيكتور تتباطأ أمام قطيع الزومبي، مما يعني أنه توجد فرصة لموته بالفعل.

لكن قبل أن يرد عليهم ديفيد، قامت لوسييل بركله بقوة على ساقه، وبسبب البرد، كانت الركلة المفاجئة مؤلمة.

" اللعنة عليكِ أيتها العاهرة! هل تريدين والدكِ لهذه الدرجة؟ إذن اذهبي له!".

صرخ ديفيد بغضب، وتحت نظرات جميع الناجين المصدومين من جرأته، خصوصًا والدي لوسييل، قام بركلها لتسقط من سور الملجأ.

صرخ جميع الناجين بصدمة من رؤية المشهد القاسي أمامهم بينما أمسكوا بوالدة لوسييل التي كانت تصرخ وتبكي على ابنتها، كي لا تقفز خلفها.

في تلك اللحظة، ركض إدوارد، وديف، وروبرت، والثعلب الى الطفلة التي فقدت وعيها لإنقاذها من الزومبي والتي بدأت بالفعل بالتوجه نحوها.

لاحظ فيكتور الأصوات الصاخبة القادمة من الملجأ، وعندما ألقى نظرة سريعة على المشهد الفوضوي، اكتشف أن بعض الزومبي ستصل إلى الفتاة قبل إدوارد، لذا بتنهيدة منزعجة، شد عضلاته بكامل قوته ثم قام بالتصفيق.

أجل، التصفيق… لكن بالنسبة لوحش يستطيع جعل باب معدني يزن طنًا يطير في الهواء بركله، فإن تصفيقه بكامل قوته لن يكون بسيطًا أبدًا.

"بوووم".

موجة صدمة، كما لو كان هناك انفجار، جذبت انتباه الجميع إلى الزومبي التي تطايرت مبتعدة عن فيكتور بضعف وغير قادرة على مقاومة موجة الرياح.

بتلك اللحظة، أخرج فيكتور مسدسه، ولم يحتج سوى ثلاث ثوانٍ لإطلاق عشر طلقات على جميع الزومبي التي قرر أنها الأقرب للفتاة، قبل أن يحيط به الزومبي مجددًا، مما سمح لإدوارد والمجموعة بالوصول إليها واسترجاعها.

بعد رجوعهم الى الزلاجة ولحسن حظ ديف، فقد استطاع الوصول إلى صندوق الرصاص، مما جعل وضع الثلاثي يصبح مستقرًا أخيرًا أمام الزومبي التي توجهت إليهم.

مر الوقت، وارتفع جبل الجثث إلى خمسة أمتار بالفعل وبالنهاية، كان فيكتور، الملطخ بالكامل بالدماء القذرة، يبدو أقرب إلى شيطان، قبل أن يتخلص من آخر زومبي ويقفز من الجبل إلى المجموعة.

بمجرد وصول فيكتور إليهم، سقط إدوارد على الأرض أمامه، وأمسك ببنطاله المتسخ بالدماء القذرة دون اهتمام، بينما كان يشكره من كل قلبه والدموع تسقط من عينيه.

لو لم يقم فيكتور بإنقاذ لوسييل، لكانت نهاية الطفلة لم يتجرأ كوالدها على تخيل ذلك.

لسبب ما، يبدو أن السحب الكثيفة في السماء قد خفت قليلاً، مما تسبب في نزول عمود من أشعة الشمس على جسد فيكتور.

وقد أدى هذا إلى مشهد مقدس بشكل غريب لرجل يبكي بامتنان لشيطان أنقذ ابنته من موت مؤكد.

لكن… هل هذا الوحش هو شيطان حقًا؟ نظرات الناجين المرعوبة بدأت تتغير، فمقابل قائدهم الذي ألقى بطفلة للموت المؤكد، كان فيكتور هو من أنقذها.

"قديس".

"بطل".

"منقذ".

تمتم الناجون بمختلف الألقاب البطولية وهم ينظرون إلى الرجل الذي قضى على قطيع كامل من الزومبي.

ورغم شكله الملطخ بالدماء، مما جعله يبدو كشيطان من القصص، إلا أن كل ما رأوه كان مخلِّصًا من اليأس وجالبًا للأمل. حتى إن الشمس كانت بدت كما لو كانت تعترف به.

كان مشهدًا يخطف الأنفاس لدرجة تسببت في الانزعاج. أجل، كان ديفيد منزعجًا، فبذكائه كان متأكدًا أن منصبه كقائد للناجين قد انتهى بسبب حركته الغبية.

لذا، استغل تركيز الجميع على فيكتور للتراجع ببطء للتخطيط لخطوته القادمة.

2025/02/10 · 5 مشاهدة · 1573 كلمة
Ouroboros
نادي الروايات - 2025