كان الباب المعدني الثقيل يقاوم كل ضربة من ضربات أكاي، كأنما يحاول إخفاء ما خلفه من أسرار مظلمة، ولكنه لم يكن في حالة مقاومة حقيقية، لأن الغضب الذي انفجر بداخله كان أكبر من أي حديد.
ضربات يده على الباب كانت كنبضات قلب مسعور، تترجم الغضب المتراكم، الهزيمة التي لم يتقبلها، والعزيمة الحارقة على استعادة ما فقده.
صرخة صادحة، تكسرت عبر الممرات المظلمة:
> "تاي أودجين! أيها الجاسوس الخائن!"
وقف أمام الباب، عيونه لا تحمل سوى اللهيب، وصوته يملؤه التحدي والخيانة، كأنه يريد أن يخرق جدران العالم بصراخه.
الباب انفتح ببطء، وظهر أمامه تاي، ببرودة قاتلة لا تعكس سوى دهاء رجل خاض مئات الحروب، لا يهتز أمام أعتى العواصف.
جلس على كرسيه، كأنه يجلس على عرش لا ينازعه عليه أحد، ونظر إلى أكاي ببرود لا يُفسر.
بصوت خافت لكنه ثاقب كالسيف، قال:
> "نحن الاثنين جواسيس، لكنك لم تفهم… وضعنا السيد. أنت الخائن، ايضا"
شعور بالاحتقار ترجم نفسه على وجه أكاي، رغم أن عينيه كانت تحترقان بنيران الكبرياء.
شعر بأن قوته تتآكل أمام برودة تاي، لكنه لم ينسَ دوره، أو المكانة التي وضعها لنفسه بين قادة العوالم المظلمة.
رفع رأسه، ونطق بكل تحدٍ وتهديد:
> "قل لتشاي… سأقتله. لقد سرق مني أطفالي، وسأسرق منه حياته."
ضحك تاي، ضحكة تخرّب أي أمل كان يتشبث به أكاي، ضحكة استهزاء تبدو وكأنها صدى أقدم من الحروب نفسها.
صوت ضحكته كانت رنانة، مليئة بالثقة التي لا تهتز، حتى أن الغرفة بدت صغيرة أمامها.
قال بحدة وقسوة:
> "أكاي… رئيس المنظمة الأفريقية، المقعد السادس في المنظمة الأمريكية، يهدد تشاي أودجين؟ من أنت؟ أنت لعبة صغيرة، قطعة على رقعة لعب أكبر منك بكثير."
رفع يده، وأشار بإصبعه البارد:
> "لا تجرؤ على التحدث عن أودجين. كل من حاولوا ذلك ماتوا، وكل من يهددهم يذهب إلى نفس المصير."
صمت للحظة، قبل أن يضيف بصوت أعمق، كأنه يسحب خنجرًا في صدور الجميع:
> "يقولون إنهم سيقتلوننا… لكن أين هم؟"
كانت الكلمات كالإبر التي تغرز في قلب أكاي، تتلاشى غروراته، وتحطمه في صمت.
في تلك اللحظة، أدرك أن القوة ليست فقط في اليد التي تهدد، بل في العقل الذي يخطط، والصبر الذي ينتظر.
كانت الغرفة المكتظة بالهمس والصراعات المبطنة، تتنفس توتراً خفياً، ينتظر انفجاراً لا يمكن توقّعه.
أكاي، رجل القوة والعنف، وقف في وسط المكان، عيناه تحترقان بجنون يكاد يقتلع كل شيء من حوله.
وفجأة، تفتّحت السماء داخل الغرفة، ثلاث تنانين سوداء هائلة تحوم حوله، تنهش الهواء بأجنحتها، تتصاعد منها هالات قاتمة تنسج حول جسده كأنها درع من الظلام.
وجه أكاي تحوّل، لم يعد بشرياً، بل صار مسخًا من العظمة والجنون.
الفرق المنتشرة والمعلمون، شعروا بهالة الشر التي نمت في المكان، قلوبهم تخفق بشدة، تحسّسوا الخطر القادم.
فجأة، على ظهر الحائط، بدأت تتشكل صورة عين ضخمة، زرقاء اللون، تتوهج ببرودة لا تُشعر سوى بالرعب.
العين تلقتسع حتى ملأت الجدار كله، وخرج منها صوتٌ جليّ، ببرودة لا تتزعزع:
> " الداشنكرت."
الجوّ تحوّل في لحظة، والهواء أصبح أثقل، كما لو أن موتًا وشيكًا يقترب.
تغيّر وجه تاي، تحول إلى قاتل مأجور ببرودة قاتلة، كأن روح الحرب تسكن جسده.
نظره لم تفارق أكاي، وكأنها قنص يحمل حكم الإعدام.
بصوت هادئ، لكن صاعق:
> "أكاي… أنا متأكد أنك إذا حاولت فعل شيء، لن أتوقف. حتى وإن كانت كل الفرق هنا ستنقلب ضدي."
توقف، ابتسم ابتسامة قاسية، ثم أكمل:
> "سأمحو المنظمة من الخريطة في ثوانٍ، في لحظة."
في نفس اللحظة، اختفت هالات أكاي، والظلال المحيطة به،
واختفى هو نفسه كما لو أنه تبخر في الهواء.
خرج تاي، ولم يملّ من نبرة التحدي، أخرج هاتفه من جيبه، وضغط على زر الاتصال.
في الطرف الآخر، جاء صوت هادئ لكن صارم:
> "ماذا هناك؟"
أجاب تاي بثقة:
> "اليوم يبدأ الخطة. سأساعدك من الداخل، سأساعدك على دخول المنظمة لتقتل أكاي."
كانت الكلمات تمزق الصمت، وتطلق شرارة الحرب الحقيقية، حيث لم يعد هناك مكان للرحمة.