158 - ‎𝓣𝓱𝓮 𝓢𝓮𝓬𝓸𝓷𝓭 𝓐𝓻𝓬 ‎

نولان دفع بيوم بصفعة نارية، لكن الأخير انقلب في الهواء مثل نسرٍ مظلم، هبط على قدميه، والألواح الخمسون أعادت اصطفافها فجأة، كأنها جيوش بلا روح.

‎انطلقت دفعة جديدة: قبضة بيوم تخترق الجدار الأبيض من الثلج، خلفها عشرات الألواح التي تندفع كأمواج حجرية، كل لوح يصفّر في الهواء بسرعة تفوق السمع.

‎نولان لم يتراجع، بل تقدّم بخطوة حادة، ورفع كفيه، فجعل الوميض الأحمر ينفجر في دوامة. كل ضربة من يديه كانت كالصاعقة:

‎صفعة تكسر لوحًا، حركة سريعة تُزيح آخر، دوران كامل يمزق ثلاثة في لحظة واحدة.

‎لكن بيوم كان حاضرًا، يقتحم دوامة نولان بقوته الجسدية الوحشية. قبضاته اصطدمت بكفّي نولان مباشرة:

‎بووووووووووم!

‎اهتزّت الجبال، الأرض تصدّعت، الثلج تناثر إلى السماء كعاصفة بيضاء.

‎القوتان التقتا في مركز واحد، وارتسم خط من النار والظل بينهما، نصفه أحمر ملتهب، ونصفه أسود قاتم.

‎نولان تراجع مترًا، الدم نزل من زاوية فمه، لكن ابتسامته ظلت قائمة.

‎أما بيوم، فقد وقف مستقيمًا، عينيه تلمعان بظلام عميق، وصوته يخرج هادئًا، متثاقلًا مثل جرس في معبد قديم:

‎— بيوم: … لقد مللت.

‎تجمّد الهواء، حتى الثلج بدا وكأنه توقف عن السقوط ليستمع.

‎— بيوم (يتقدم بخطوة، صوته يزداد حدة): أريدك أن تستعمل مهارتك الحقيقية، يا نولان.

‎أنا أعلم… أنك لا تستعمل كل قوتك.فأنت متعدد على عكسي أحادي المهارة

‎توقف كل شيء.

‎الهواء تجمد، الأصوات اختفت، حتى أنفاس بيوم لم تعد تصدر بخارًا.

‎في تلك اللحظة، رفع نولان يديه ببطء، والوميض الأحمر الذي يكسو كفيه تمدد إلى السماء، ثم انشق الفضاء نفسه كصفحة كتاب قديم.

‎نولان (بصوت ثقيل): "مهارتي الحقيقية…لعبة إيفو "

‎العالم من حولهما تغيّر.

‎لم يعد هناك جبل ولا ثلج، بل ساحة سوداء شاسعة، مربعة، تمتد إلى الأفق، مرسومة بخطوط حمراء متوهجة، كأنها شبكة شطرنج عملاقة من الجمر.

‎بيوم وجد نفسه واقفًا وسط هذه الرقعة، والظلال من حوله تتشكل إلى جنود غامضين، بعضهم يحمل سيوفًا، آخرون رماحًا، وبعضهم بلا وجه، مجرد خوذ فارغة تتحرك بأوامر غير مرئية.

‎وفوق الجميع، على عرش مرتفع في آخر الرقعة، جلس نولان.

‎جسده لم يكن كما هو، بل تحوّل إلى هيئة ملك: تاج من نار على رأسه، جسد أسود متحجر، وعينان تحترقان كجمرتين. لم يتحرك، لم ينزل، فقط جلس هناك… وصوته يملأ الساحة.

‎— نولان: "هنا… أنت لا تواجهني كجسد، يا بيوم. أنت تواجه لعبتي."

‎بيوم تقدم خطوة، فسمع صدى الحديد تحت قدميه، كأن الأرض نفسها قطعة معدنية.

‎— بيوم: "ما هذا الهراء؟ أظننت أنني سأرتبك بخدعة؟"

‎ابتسم نولان من فوق العرش، وصوته دوّى:

‎— نولان: "قوانين هذه اللعبة بسيطة… لكن صارمة."

‎قوانين اللعبة (كما يصفها نولان):

‎1. أنا الملك.

‎لا أتحرك، ولا أقاتل بيدي. وجودي هنا صوت فقط، يحرّك الرقعة بأوامري.

‎2. أنت اللاعب.

‎كل خطوة تخطوها على الرقعة، كل اختيار، له ثمن.

‎3. الجنود.

‎عند أول خطأ ترتكبه، ينطلق جندي واحد ليقاتلك.

‎عند ثاني خطأ، جنديان.

‎عند ثالث خطأ، فارس أو رامي سهم.

‎وعند الرابع، تبدأ القطع الكبرى في الظهور.

‎4. الملك لا يموت.

‎إن أردت إنهاء اللعبة… عليك الوصول إليّ. إلى العرش.

‎لكن كل مربع تقترب به نحوي، سيفتح فخًا جديدًا.

‎5. لا انسحاب.

‎بمجرد دخولك إلى الرقعة… لا خروج حتى النهاية.

‎ضحك نولان، وصوته ارتجف في كل الزوايا:

‎— نولان: "هذه لعبتي يا بيوم. لعبة لا ينجو منها إلا من يفهم القوانين… أو ينهار تحتها."

‎بيوم قبض يده، نظر إلى الرقعة المشتعلة من حوله، إلى الجنود الذين يطوّقونه.

‎— بيوم (ساخرًا): "قوانين؟ لعبة؟ تظن أنني سأخضع لقواعدك؟"

‎ثم تقدّم خطوة بلا تفكير.

‎الخطوط الحمراء تحت قدميه اهتزت، وانفجر منها جندي أسود، مدرّع، يمسك بسيف ضخم يتقد بحرارة.

‎— نولان (بهمس): "الخطأ الأول."

‎الجندي هجم مباشرة، صوته كأنين معدن يُسحب على صخر.

‎بيوم صدّه بقبضته، لكمة واحدة جعلت الجندي يتفتت إلى شظايا دخانية.

‎لكن فور تحطمه، انفجر صدى في السماء، وظهر جندي ثانٍ من خلفه.

‎— نولان: "الخطأ الثاني…"

‎بيوم استدار بسرعة، ركل الجندي ركلة كسرت صدره، لكن مع تحطّمه، خرج جنديان إضافيان من المربعات القريبة.

‎العرش اهتزّ بضحكة نولان:

‎— نولان: "هكذا تعمل الرقعة… كل خطأ يلد خطأً أكبر."

‎بيوم بدأ يتحرك في الرقعة، كل خطوة تُطلق جنودًا جددًا.

‎أربعة، ستة، عشرة… كأن الرقعة ولّادة للجنود، لا تنتهي.

‎كان يدمّرهم جميعًا: قبضاته تحطم الدروع، ركلاته تنسف الرؤوس، لكن مع كل تحطيم، تتكاثر الجموع.

‎الهواء امتلأ بصوت الحديد، شرارات تتطاير، الجنود كأمواج سوداء، وبيوم وسطهم كالوحش.

‎لكنه مع كل ضربة يوجهها، يسمع ضحكة نولان من بعيد، عميقة، متقطعة:

‎— نولان: "كل ما تفعله يزيدك غرقًا… كل ما تكسره يولّد غيره… هذه لعبة الملك، يا بيوم."

‎فجأة، من أحد المربعات، لم يخرج جندي عادي، بل فارس على حصان أسود، عيونه تشتعل، يلوّح برمح بطول ثلاثة أمتار.

‎قفز مباشرة نحو بيوم، الرمح يخترق الهواء بسرعة خارقة.

‎بيوم انحنى، قبض الرمح بيده العارية، ثم كسره نصفين، وضرب الفارس على رأسه حتى تفتت.

‎لكن عند تفتت الفارس، ارتجت الرقعة، وخرج رامي سهم من الجهة المقابلة. سهمه الأول اخترق كتف بيوم، ليمتزج دمه بالخطوط الحمراء تحت قدميه.

‎رفع نولان يده من فوق العرش، وصوته صار أكثر برودًا:

‎— نولان: "الخطأ الرابع… القطع الكبرى بدأت تتحرك."

‎بيوم نظر إلى كتفه النازف، ثم رفع رأسه بابتسامة شريرة:

‎— بيوم: "جميل… جميل جدًا. كل هذا فقط ليُخرجني من جديّتي؟"

‎لكن نولان، من فوق عرشه، ردّ عليه بصوت كالصدى في كهف مظلم:

‎— نولان: "توقّعتُ منك أكثر… بيوم أودجين. حتى الآن، لم أرَ شيئًا سوى ضربات عضلاتك. متى ستُريني… أنك خصم يليق بي؟"

2025/08/17 · 3 مشاهدة · 896 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025