ماريو (وهو ينظر من فتحة الخيمة إلى الخارج):

‎"هل تشمّها؟ ليست رائحة نار عادية... شيء ما تحتنا يتحرك."

‎سون (يتمدد على الأرض، يداه خلف رأسه):

‎"حمم خامدة؟ لا... هذا المكان حيّ أكثر مما ينبغي. الجبل يتنفس، كأننا ننام على قلب شيطان عجوز."

‎ماريو (بهمس):

‎"جبال غونغا كايلاش... سمعت عنها في ملفات قديمة، كانت مناطق عبادة قبل قرون. الآن أصبحت مقابر مفتوحة."

‎سون (بابتسامة هادئة):

‎"عادي أن تحوَّل المعابد إلى مقابر. الناس يعبدون شيئًا حتى يأكلهم."

‎ماريو:

‎"هل تظن أن هذه الحلبة طبيعية؟ لا أظن أن الصخور هذه تشكلت وحدها. الحمم تصعد بطريقة منتظمة. كأن المكان كله آلة... آلة اختبار ضخمة."

‎سون (ينظر إلى السقف الخيمة):

‎"لا شيء طبيعي هنا... ولا أحد. حتى نحن... هل تظن أن هذا مجرد اختبار للنجاة؟"

‎ماريو:

‎"لا. هذا اختبار للنية. اختبار للنية التي ستنجو. من سيغدر؟ من سيصبر؟ من سيخاف؟ ومن... سيبقى إنسانًا؟"

‎سون:

‎"أحيانًا... البقاء إنسانًا هو أول ما يجب أن تتخلى عنه."

‎ماريو (يلتفت إليه ببطء):

‎"وأنت؟ هل تخليت؟"

‎سون (بصوت خافت):

‎"أنا فقط أؤجّل الأمر."

‎(تمر لحظة صمت. يسمعان انفجارًا خفيفًا من بعيد، كأن صخرة تشققت من الداخل.)

‎ماريو:

‎"الليلة طويلة... وغدًا أطول."

‎سون:

‎"نم إن استطعت. في هذا الجبل، حتى الأحلام قد تهاجمك."

‎كان الليل قد تمدد فوق الجبل، والغازات الكثيفة تسري بين الخيام كأشباح بلا هوية.

‎في تلك اللحظة، انشقّ السكون.

‎خطوات ثقيلة... وحذاء يركل الحصى بلا مبالاة.

‎توقّف ماريو عن ترتيب أدواته، وحدّق في الظل المتقدّم.

‎ظهر غاندي.

‎طفل في الرابعة عشرة، لكن عينيه كانتا مليئتين بنظرات الكبار... نظرات من فقدوا الرحمة باكرًا.

‎غاندي (بصوت ساخر، وهو يزيح ستار خيمة سون برجله):

‎"هاه... ابن موريس الكبير نائم؟ ألا يفترض بك أن تنام في قصر لا كهذا الوكر؟"

‎سون (يرفع رأسه دون أن يتحرك):

‎"لا أحب القصور. جدرانها أضعف من هذه الصخور."

‎غاندي (يضحك ضحكة ساخرة، ثم يتقدم خطوة):

‎"أتعرف؟ كان عليّ أن أبدأ بك منذ البداية... لا أطيقك. منذ رأيتك في القاعة وأنا أشعر برغبةٍ في تمزيق وجهك."

‎ماريو (ينهض، بنبرة حادة):

‎"إن كنت جئت فقط لتبصق بعض الحقد، فعد من حيث أتيت."

‎غاندي (دون أن ينظر إليه):

‎"أنا لا أبصق، أنا أُنذر. وغدًا... عند السادسة، حين يبدأ الاختبار، سأتأكد أن هذا الدم الملكي... سيسيل أولًا."

‎سون (ببرود):

‎"أي دم؟ دمي؟ أم دمك حين تكتشف أنك أضعف مما توهمت؟"

‎غاندي (يتقدّم أكثر، حتى صار على بعد خطوتين):

‎"أنا لست ضعيفًا يا ابن موريس. أنت امتداد كاذب لرجلٍ عاش على سُمعة لا تليق به. سأحطّمك لأحطّم اسمه... أعدك."

‎سون (ينظر في عينيه مباشرة، بنبرة هادئة):

‎"اسمه لا يحتاجك... لكن موتك سيمنحني هدية."

‎غاندي (ينفجر ضاحكًا، ثم يتراجع وهو يلوّح بيده):

‎"أحفظ كلماتك... سأدفنها معك في الحلبة."

‎ثم استدار، وسار بين الخيام، صافرًا لحنًا غريبًا... كأنه نشيد موت.

‎ماريو (وهو يجلس ببطء):

‎"هذا الطفل... فيه شرّ ليس طبيعيًا."

‎سون (بصوت منخفض):

‎"هو لا يعلم أنه اختار خصمه الأخير.

‎لم يمضِ وقتٌ طويل على اختفاء خطوات غاندي، حتى انزاح الستار مجددًا، لكن هذه المرة بخفة... لم يركله أحد.

‎فتاة بشعر مربوط بإحكام، ، دخلت بخطى واثقة.

‎كانت ترتدي سترة سوداء متآكلة من عند الكتف، وتحمل على ظهرها حقيبة ثقيلة، كأنها لم تكن تخشى شيئًا.

‎ماريو (يرفع حاجبه):

‎"ومن هذه الآن؟"

‎الفتاة (تتوقف عند باب الخيمة):

‎"اسمي آلما "

‎سون حدّق فيها بصمت، ثم قال:

‎"أصدقاء جدد؟"

‎آلما (تتنهد، ثم تجلس القرفصاء قرب الباب):

‎"لا أظن أنني أودّ أن أكون صديقة أحد هنا... لكن وجب عليّ أن أعتذر بالنيابة عن ذلك الأحمق."

‎ماريو:

‎"غاندي؟"

‎آلما (تهز رأسها):

‎"هو لا يعرف كيف يواجه شخصًا يعكس مرآته. هو يرى فيك شيئًا يكرهه في نفسه."

‎سون:

‎"أو في والده."

‎آلما (بابتسامة مريرة):

‎"ربما الاثنين... على كل حال، هو دائماً هكذا. حادّ كالسيف، لكنه لا يعرف أين يضرب."

‎ماريو:

‎"ومن أنتِ؟ لمَ تهتمين؟"

‎آلما (تنظر بعيدًا، نحو ظلال الجبال):

‎"أنا وهو... من نفس المكان. المكان الذي لا يُغفَر فيه الخطأ، ولا يُنسى فيه الضعف."

‎سون (ينظر إليها قليلًا، ثم يقول بهدوء):

‎"مكانٌ مثل هذا؟"

‎آلما (تضحك بسخرية):

‎"لا... هذا الجبل يبدو جنّة مقارنةً به."

‎ثم نهضت بهدوء، وضربت راحة يدها على القماش الخشن للخيمة، وأضافت:

‎"نم جيدًا يا ابن موريس... غدًا، ستحتاج إلى أكثر من اسمك لتبقى واقفًا."

‎وغادرت كما جاءت، خفيفة، صارمة، تحمل معها صقيعًا غريبًا، كأنها اقتطعت من شتاءٍ لا يذوب

2025/08/04 · 2 مشاهدة · 715 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025