الساعة 10:42 صباحًا – لندن

‎اليوم الذي سُيذكر في كتب التاريخ باسم:

‎> "يوم انكسرت الأرض وصرخت السماء"

‎ولن يكتب أحد القصة… لأن لا أحد نجا ليكتب.

‎السماء لم تكن فقط رمادية…

‎بل تمزّقت.

‎شقّ بنفسجي كالندبة عبر وجه السماء، ينفتح ببطء، وكأن أحدهم في الأعلى فتح فمه ليتقيأ على البشر…

‎لكن ما خرج من ذلك الشق…

‎لم يكن مطرًا… بل كُريات.

‎كريات بنفسجية… تغلي… تصدر صوت صرير وهي تهبط.

‎كل كرة منها بحجم قبضة يد طفل، لكنها لا تحمل براءة الأطفال.

‎بل كانت تحمل غضب إنزوي…

‎عشر كريات؟

‎مئة؟

‎لا.

‎أكثر من 70 ألف كرة بنفسجية سقطت على لندن في الدقيقة الأولى.

‎كل واحدة منها تنفجر بمجرد ملامسة أي شيء: بشر، زجاج، إسفلت، كلاب، حديد، إسمنت، سيارات، مشاعر، آمال، حتى الهواء نفسه.

‎رجل كان يبيع الزهور، نظر إلى الأعلى وقال:

‎«واو… ما أجمل اللون البنفسج—»

‎بوووم.

‎اختفى.

‎لا شيء.

‎لم يتبقَ منه سوى قطعة ورد ذابل، احترقت بعد ثانية.

‎المباني؟

‎ناطحة سحاب قرب كوفنت غاردن…

‎تساقطت عليها عشرات الكرات…

‎في أقل من ثلاث ثوانٍ:

‎البناية لم تنهار…

‎بل تفجّرت كأن أحدهم وضع فيها مليون كيلوغرام من TNT.

‎انفجرت للأعلى، ثم للداخل، ثم للخارج.

‎ثلاث انفجارات في انفجارٍ واحد.

‎الشوارع؟

‎تمزقت، تحوّلت إلى شقوق ضخمة، الأرض تنفجر مثل بركان يبصق غضب ألف عام.

‎أما إنزوي؟

‎فقد قفزت من أعلى ناطحة سحاب وهي تضحك…

‎ضحكتها كانت تشبه صوت آلة موسيقية شيطانية.

‎عيناها تشتعلان بالبنفسج، وشعرها يطير كأن كل خصلة منه تحمل سيفًا.

‎حين هبطت؟

‎الأرض لم تتحمل.

‎حفرة ضخمة ظهرت تحت قدميها.

‎كل المباني حولها ذابت.

‎ثم فتحت ذراعيها…

‎انفجار.

‎كأن الله صفق بكفيه من شدة الغضب.

‎ثم…

‎بدأت الكرات تتساقط معها…

‎لكنها لم تكتفِ.

‎ركضت.

‎أي شيء لم تحرقه الكرات، كانت هي تدمّره.

‎لم تكن تمشي… كانت تطير على الأرض كقذيفة بشرية.

‎كل ما لمسته تحوّل إلى رماد…

‎طفل؟

‎عجوز؟

‎كلب؟

‎رجل أمن؟

‎تمثال؟

‎كاميرا مراقبة؟

‎سيارة إسعاف؟

‎لا فرق.

‎إنزوي اليوم كانت تحقّق حلمها.

‎قالت وهي تضحك:

‎"أنا… النار الأولى. أنا… نهاية الفصل الأول من البشرية."

‎وأين تشاي؟

‎آه… تشاي.

‎تشاي لم يكن إنسانًا في هذا اليوم.

‎كان سرعة الضوء وهي تمشي في المدينة.

‎لم يُرَ.

‎لم يُسمع.

‎لكن رؤوس الناس…

‎بدأت تتطاير.

‎فجأة، دون صوت.

‎امرأة تمشي مع طفلها، تتوقف…

‎رأسها سقط.

‎ثم رأس الطفل.

‎ثم رؤوس كل من حولهم.

‎صف بأكمله من رجال الشرطة

‎— قطع.

‎— رؤوسهم طارت قبل أن يشعروا.

‎— ثم أجسادهم طارت باتجاه المجهول.

‎ثم...

‎ظهـر.

‎تشاي، واقف وسط المدينة…

‎يده مغطاة بالدم…

‎ابتسامة قاتلة.

‎قال بصوت لا يسمعه أحد، لكنه وصل إلى عظم كل من تبقى:

‎"كفاية؟ لا… الآن تبدأ الرقصة."

‎رفع يده…

‎خرجت منها خيوط شفافة… آلاف منها.

‎أكثر من خيط لكل شيء أمامه.

‎رسم بها خريطة المدينة… ربط كل شيء: السيارات، البشر، المباني، الحشرات، الأشجار…

‎ثم...

‎سحبها مرة واحدة.

‎كل شيء… تكسر.

‎تك- تك- تك- تك- تك- تك–

‎بوووووووووووووووووووووووم.

‎انفجار.

‎دمار.

‎كل شيء انقسم.

‎كل شيء تشقق.

‎ثم نزلت كرات إنزوي.

‎الأرض نفسها صرخت.

‎الساحة التي كانت قبل لحظات ممتلئة بالبشر…

‎التي كانت تنبض بالحياة، بالكلام، بالضوضاء…

‎لم يبقَ منها شيء.

‎لا مقعد.

‎لا طفل.

‎لا لافتة.

‎لا سقف.

‎لا أرض.

‎كانت الأرض نفسها حفرة.

‎رماد. فقط رماد.

‎إنزوي وقفت وسط الحطام، يداها على خصرها، نظرت حولها وقالت:

‎"أين لندن؟"

‎تشاي وقف خلفها، جسده لا يحمل أي خدش، ثم قال:

‎"انتهت."

‎ضحكت.

‎ضحك هو.

‎في الأعلى، من آخر قمر صناعي نجا، التقطت الصورة الأخيرة التي وصلت لمراكز العالم…

‎الصورة كانت واضحة:

‎مدينة لندن تحوّلت إلى حفرة سوداء.

‎التقديرات الأولية:

‎> عدد القتلى: مليون وثلاثمئة ألف خلال أقل من 7 دقائق.

كانت رائحة الحديد تملأ الهواء…

‎في العادة، كان المساء في لندن يحمل نكهة القهوة الفرنسية وأغاني الشوارع، لكن تلك الليلة… الهواء نفسه كان يثقل على الرئة، وكأنه يرفض أن يُستنشق.

‎المدينة بكاملها بدت وكأن أحدًا ضغط زر "إيقاف الحياة".

‎المصابيح تنطفئ واحدة تلو الأخرى.

‎السماء بلا نجوم… لأن الدخان الأسود أكلها.

‎المطر ينزل بطيئًا، لكنه لا يغسل الدم… بل يمده على الأرصفة حتى يصير كأن الشوارع تكتب أسماء القتلى بحروف حمراء.

‎على قناة بريطانية محلية، المذيعة تجلس أمام الطاولة الزجاجية، لكن يداها ترتجفان وهي تمسك بالأوراق.

‎عينها تحاول أن تبقى على الكاميرا، لكن خلف العدسة… هناك شاشة تبث من الجو:

‎شوارع خالية، سيارات محروقة، أجساد متراكمة على شكل طوابير صامتة.

‎> "السادة المشاهدون… ما تشاهدونه الآن ليس مشهدًا من فيلم رعب… بل هو وسط العاصمة البريطانية، لندن… بعد ساعات قليلة من… ما يمكن تسميته بأسوأ كارثة بشرية في التاريخ الحديث."

‎تتحشرج الكلمات في حلقها، فتخفض رأسها وتغلق عينيها لحظة… ثم تواصل:

‎> "التقديرات الأولية من وزارة الداخلية البريطانية تفيد بأن عدد الضحايا تجاوز المليون… نعم، المليون مواطن، في أقل من ثلاث ساعات فقط."

‎على CNN، المذيع يحدق في الكاميرا وكأنه لا يصدق:

‎> "لقد فُعل هذا بدم بارد… لا انفجارات عشوائية، لا قصف من السماء… بل عمليات قتل مباشرة، ممنهجة… تقاريرنا تقول إن المنفذين يتحركون بسرعة لا يمكن رصدها بكاميرات الشوارع، وكأنهم يختفون من مشهد ويظهرون في آخر."

‎وفي قناة إفريقية، التعليق مختلف:

‎> "منظمة أودجين… الاسم الذي كان يتداول في الظل… صار الآن على كل لسان. ما حدث في لندن هذه الليلة… هو إعلان حرب، أو ربما، كما يقول بعض المحللين… إعلان نهاية أي محاولة لملاحقة هذه العائلة."

‎فجأة، في منتصف البث… تنطفئ جميع الشاشات.

‎شاشة سوداء.

‎ثم، ببطء، يضيء وسطها وجه امرأة، عينان باردتان يسقط على كتفيها.

‎كانت إيفا.

‎> "أيها العالم… أنتم السبب.

‎منذ سنوات وأنتم ترسلون جواسيسكم، جنودكم،منظماتكم قذارتكم إلينا… لم تتعبوا تظنون ان أودجين سيتم سيطرة عليها

‎هذه ليست سوى نتيجة خياراتكم."

‎صوتها هادئ… لكن كل كلمة منه كأنها حجر يسقط في بئر عميق.

‎> "لقد تركنا طايع في عالم آخر… حتى لا يجرؤ أحد على ملاحقتنا…

‎من الآن… كل من يمد يده نحونا، سنمد له ما رأيتموه الليلة."

‎تظهر صور جوية للندن وهي تحترق.

‎ثم تقترب الكاميرا من شارع واسع مغطى بالجثث… فتظهر علامة مكتوبة على الإسفلت بدماء داكنة:

‎"هنا مرّت أودجين."

‎في واشنطن، غرفة مغلقة، طاولة مستديرة، عشرات الملفات مفتوحة.

‎رئيس الأمريكي يتحدث بصوت مرتجف:

‎> "لا يمكننا خوض حرب معهم… ليس بعد هذه الليلة. يجب على قائد منظمة الامريكية فيكتوريا الوقوف على اللحاق بهم"

‎وزير الدفاع للاتحاد الاوروبي يميل إلى الأمام:

‎> "الهجوم القادم… سيكون عندنا أو عندكم. أنتم شاهدتم ما حدث. مليون قتيل في ثلاث ساعات… لا سلاح معروف يمكنه فعل هذا."

‎بعد ساعات من المفاوضات، يوقع نائب رئيس منظمة الافريقية و رئيس منظمة الامريكية وثيقة قصيرة… لكنها أخطر وثيقة في العصر الحديث:

‎"اتفاقية عدم ملاحقة عائلة أودجين".

‎التايمز: "أودجين — العائلة الاخطر في العالم "

‎واشنطن بوست: "آلة قتل أودجين" و"وحش أودجين" — ألقاب لاثنين غير مرئيين، دمرا لندن"

‎لو موند: "ليلة المليون صمت — أوروبا تستيقظ على اتفاقية استسلام غير معلنة"

‎أما في الشارع…

‎كان الناس يتهامسون بأسماء لا يعرفون إن كانت حقيقية:

‎آلة قتل أودجين — رجل يتحرك أسرع من الموت نفسه.

‎وحش أودجين — امرأة باردة، يسبق ظلها الخراب.

‎وبينما كانت لندن تدفن موتاها…

‎كانت السماء الرمادية تحجب الشمس، وكأنها هي الأخرى… لا تريد أن ترى ما حدث هنا.

‎رنّ الخط المشفر في غرفة إيفا.

‎الشاشة المربعة أضاءت ببطء… اسم المتصل: "السيد".

‎ضغطت إيفا زر الاتصال، فظهر وجه هاكر يلبس قناع على نصف الشاشة… ملامحه حادة، وصوته يأتي ثقيلاً كأنه يجرّ وراءه أطنانًا من الغضب.

‎> السيد: "إيفا… ما الذي فعلتم بحق السماء؟! ما هذه المجزرة؟! إنها ليست عملية… إنها جريمة كبرى، أكبر مما يمكن إخفاؤه. اتصلت بتشاي، قال لي إنك أنت من أعطيته الأوامر… بينما أنا… أنا فقط طلبت رأس ماركس… ورأس الأمير."

‎لم تتحرك إيفا كثيرًا، جلست على الكرسي المائل، ساق فوق ساق، أصابعها تدق على ذراع المقعد بإيقاع بطيء.

‎نظرت في الكاميرا وكأنها ترى من خلاله.

‎> إيفا: "نعم… أنا من طلبت ذلك.

‎كنت أنتظر هذه اللحظة منذ سنوات… لكن حين سمعت أن تشاي وإنزوي اجتمعا على نفس المهمة… فرحت.

‎أردت أن أُثبت للعالم أن أودجين لا تتبع أي قانون لأي منظمة… وهذا الأمر ينطبق عليك أنت أيضًا.

‎صحيح أننا المقعد الثاني في المنظمة الأمريكية… لكننا لا نتبع إلا أوامر أنفسنا.

‎هذه المجزرة… هي إعلان مكتوب بالدم: لا سلطة فوق أودجين."

‎ظل السيد صامتًا لحظة، ثم ابتسم ابتسامة باردة، كمن يتذوق مرارة القهوة ولا يتركها.

‎> السيد: "حسنًا… كما تريدين.

‎لكن الجيد في الأمر أنني استطعت القضاء على رئيس المنظمة."

‎ارتفعت حاجب إيفا قليلًا، كمن يعرف أن الحديث لم ينتهِ:

‎> إيفا: "ومن قال لك… أن المعلومات التي قدمها له قائد ثعالب الجليد على مقاعد لم ينشرهاا قبل موته؟ لديا سؤال … لماذا قتلت الأمير ألم يساعدك في احضار ماركس و الاطاحة به بعيدا عن فرقه؟"

‎انخفضت نبرة السيد، لكنها بقيت حادة، كالسيف عندما يمر فوق حجر شحذ:

‎> السيد: "طلبت من تشاي أن يقتل الأمير… صحيح أنه وافق معي على قتل ماركس… لكنه لم يعطني أي جواب عن سبب رغبته في قتله.

‎كل شيء كان غامضًا في الأمير… وأنا لا أترك وراء ظهري أي دليل… لذلك أنهيته."

‎أغمضت إيفا عينيها لحظة، ثم فتحتها ببطء، وفي صوتها قسوة جليدية:

‎> إيفا: "عدونا الأساسي و عدو المقاعد… هي عصابة الثعالب.

‎لقد خانت مرة… ومن يخون مرة، سيخون ألف مرة."

‎ارتفع صوت السيد قليلًا، كأنه يقطع الحديث بسكين:

‎> السيد: "إذًا… سأكلف نفسي بمهمة القضاء عليها."

‎انقطع الاتصال…

‎الشاشة صارت سوداء، لكن في انعكاسها، كان وجه إيفا يبتسم بخفة

2025/08/06 · 3 مشاهدة · 1637 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025