المستشفى لم يعد صامتًا…

‎كل قسم صار يعج بأصوات الاصطدام، الشرر، والصراخ المكبوت.

‎لكن المتاهة… لم تكن تريد أن تتركهم في عزلة.

‎الجدران بدأت تتحرك ببطء، بعض الأبواب انفتحت من تلقاء نفسها، والممرات تقاطعت فجأة، وكأن المستشفى يقرر أن يضع المقاتلين في مواجهة جديدة… ليس مع الأرواح فقط، بل مع بعضهم البعض أو مع خصوم لم يتوقعوهم.

‎القسم الشرقي – غاندي

‎كان يظن أن القتال انتهى، لكن الممر أمامه تشقق، لينفتح على قاعة واسعة مغطاة بالغبار.

‎ومن الجانب الآخر… ظهر الطفل الساموراي، سيفه ما زال يقطر بقايا ضوء أسود من العجوز التي قتلها.

‎التقيا بنظرة سريعة… لا عداء، لكن لا ثقة أيضًا.

‎غاندي لوح له بيده الضخمة:

‎> "هيه، صغير… كنت أبحث عن مخرج، لكن يبدو أنني وجدت مساعدًا."

‎الطفل اكتفى بإيماءة قصيرة، قبل أن يلتفت للظلام خلفه:

‎> "مساعد؟… سنرى إن كنت أنت المساعدة أو العائق."

‎الممر يتغير أمامهم

‎الجدران تهتز، الأرضية تفتح فجوات، والهواء يبرد فجأة حتى صار البخار يخرج من أفواههم.

‎من قلب الظلام، ظهرت أربعة أشكال… لكن هذه المرة، كانت مختلفة:

‎طويلة القامة، أجسادها مغطاة بصفائح عظمية متشابكة، وأذرعها متعددة، كل ذراع ينتهي بسلاح مختلف… مخلب، منجل، سيف، ومطرقة حجرية.

‎غاندي ابتسم وهو يضخم يده من جديد، الشرر يتسرب من عروقه.

‎الطفل أخرج سيفه، وانحنى قليلًا، كأن جسده يستعد للقفز على نغمة يعرفها جيدًا

‎– "دانغ!" مخلب الروح الأولى ارتطم بيد غاندي المعززة، الشرارة الزرقاء انتشرت على طول الممر.

‎– "شينك!" سيف الطفل قطع ذراع الروح الثانية، لكن الثالثة كانت قد وصلت من جانبه، فاضطر للانحناء بسرعة لتفادي المنجل.

‎غاندي دفع الروح الأولى للخلف، ثم دار بجسده، وضرب الروح بالمطرقة العظمية في صدرها، فكسر نصف صفائحها.

‎الطفل، في نفس اللحظة، قفز فوق كتف الروح التي تحمل المنجل، وهبط خلفها، ضاربًا إياها بضربة جانبية سريعة قسمت جذعها إلى نصفين.

‎المتاهة تزيد الضغط

‎السقف بدأ ينخفض ببطء، والجدران تتحرك للداخل، تقلل مساحة القتال.

‎غاندي والطفل وجدوا أنفسهم مجبرين على التراجع للخلف، حتى صاروا ظهرًا لظهر، الأرواح الأربعة تقترب من كل اتجاه.

‎غاندي (ضاحكًا):

‎> "حسنًا، صغير… هذه المرة سنرقص معًا."

‎الطفل:

‎> "فقط لا تطأ قدمي."

‎القتال يصبح دوّامة

‎– "كراش!" يد غاندي تسحق رأس الروح ذات المطرقة.

‎– "زاك!" سيف الطفل يقطع ساق الروح بالمخلب.

‎– "بانغ!" ضربة مزدوجة تجعل الروح بالمنجل تتفكك إلى أشلاء.

‎– "تشااااك!" الشرر والضوء يتطايران من كل اتجاه، الجدران تعكس كل صوت كأنها تصفق.

‎في أقل من دقيقة… الأرض امتلأت بقطع من العظام السوداء، والهواء صار مشبعًا برائحة غريبة، خليط بين رماد وبقايا دم قديم.

‎لكن قبل أن يلتقطا أنفاسهما… اهتزت الأرض بعنف.

‎من السقف، نزل شيء ضخم…

‎ليس روحًا بشرية الشكل، بل كائن يجمع الأرواح في جسده، عشرات الوجوه تصرخ من صدره، وكل ذراع فيه تحمل سلاحًا مختلفًا.

‎غاندي والطفل تبادلا نظرة قصيرة…

‎هذه المرة، لم يكن هناك أي مزاح.

‎الهواء صار ثقيلًا… أصوات الوجوه المعلقة في صدر الكائن كانت تتداخل، صرخات، ضحك هستيري، بكاء أطفال، ووشوشات بطيئة تحفر في العقل.

‎طوله يتجاوز أربعة أمتار، كل ذراع فيه ينتهي بسلاح مختلف… فأس صدئ، منجل مقوس، رمح طويل، وسلسلة حديدية تلتف حول جسده.

‎غاندي شد قبضته المعززة، الكهرباء تتدفق في عروقه حتى صارت أصابعه تلمع بالضوء الأزرق.

‎الطفل الساموراي سحب نفسًا عميقًا، عيناه نصف مغمضتين، وكأنه يفرغ رأسه من كل شيء إلا حركة النصل.

‎> غاندي: "لا وقت للتفكير… إما نحن أو هو."

‎الطفل: "إذن… نضرب معًا."

‎– "كراااش!" يد غاندي تضرب الأرض بقوة، فترتفع الحجارة كأمواج لتعيق ذراعي الكائن.

‎– "زاش!" الطفل يقفز فوق تلك الحجارة، يهبط على كتف الكائن، يقطع سلسلة حديدية كانت على وشك أن تلتف حول غاندي.

‎لكن الكائن يرد بسرعة… الذراع ذات الفأس تدور، تصد غاندي للخلف، بينما الذراع بالرمح تطعن الطفل، الذي يتفادى الطعنة بلفة في الهواء.

‎المتاهة تزيد الطين بلة… الجدران بدأت تدور ببطء حول القاعة، كأنها تريد أن تحاصرهم مع الكائن للأبد.

‎غاندي يضخم يده أكثر حتى صارت بحجم رأس الكائن، ثم يقفز، يوجه لكمة مباشرة إلى صدره، فينفجر الضوء الأحمر من الوجوه الصارخة.

‎الطفل يلمح الفرصة، يقفز على ذراع الكائن بالسيف، يقطع نصفها في حركة واحدة…

‎لكن هذا القطع يحرر وجهًا من الأرواح بداخله، وجه امرأة تصرخ وتندفع نحو الطفل، تدفعه للخلف حتى يرتطم بالجدار.

‎غاندي يرى أن الوقت ينفد، فيصرخ:

‎> "اصمد لحظة، صغير!"

‎يتقدم، يركل ساق الكائن لتثبيته، ثم يضرب بيده المعززة في صدره مباشرة، ضربة تشبه ارتطام صاعقة في شجرة.

‎الطفل يستغل الصدمة، يندفع من الخلف، يركض على ظهر الكائن، ثم يقفز عاليًا، سيفه مرفوع فوق رأسه.

‎> "هااااااااا!"

‎النصل يهبط… يشق رأس الكائن إلى نصفين، الضوء الأحمر يتفجر، وكل الوجوه تصرخ دفعة واحدة قبل أن تتلاشى في غبار أسود.

‎لكن… قبل أن يختفي الكائن تمامًا، الذراع الأخيرة له، التي تحمل الخنجر العظمي، تتحرك وحدها، بسرعة جنونية، وتطعن الطفل في بطنه.

‎غاندي يلتفت في اللحظة التي يسقط فيها الصغير على ركبتيه، الدم يتدفق من فمه، يبتسم ابتسامة باهتة:

‎> الطفل: "أظن… أنني كنت المساعدة، هذه المرة."

‎يسقط السيف من يده، وصوت ارتطامه بالأرض يرن في القاعة.

‎عينيه تغلقان ببطء… ووجهه يهدأ للأبد.

‎غاندي يقف، يده ما زالت معززة، لكن قبضته ترتجف… يقترب، يرفع جسد الطفل برفق، ثم يغمض عينيه بيده الأخرى.

‎> غاندي (بصوت منخفض): "اللعنة… كان يستحق الخروج من هنا."

‎المتاهة تهدأ، الجدران تتوقف عن الحركة، وباب صغير يفتح أمام غاندي وحده…

‎خرج وهو يحمل السيف على كتفه، ليس كغنيمة، بل كأمانة.

2025/08/06 · 4 مشاهدة · 888 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025