انفجار الغضب في قلب تشاي لم يكن مجرد شعور… كان زلزالًا روحيًا، هالة كثيفة مظلمة اندفعت من جسده كعاصفة لا تهدأ.
الهواء في القصر تغيّر، صار أثقل، كأن الأوكسجين نفسه يخاف أن يقترب منه.
في أروقة القصر، توقف الجميع عن الحركة للحظة.
تبادلوا نظرات سريعة، شعروا بالبرد يتسرب إلى عظامهم، لكن لم يتجرأ أحد على قول كلمة.
الوجوه متجمدة، الأنفاس ثقيلة، كأنهم أمام وحش يوشك أن يستيقظ.
إلا ذلك العجوز… بان.
كان جالسًا في مقعده الخشبي الثقيل، يراقب بعينين نصف مغمضتين، وابتسامة باهتة ترتسم على شفتيه.
قال بصوتٍ هادئ لكنه عميق، كمن يقرأ اعترافًا خطيرًا:
> "إذًا… هذه هي قوة تشاي."
توقف لحظة، ثم أضاف وهو يبتسم ابتسامة خفيفة لكنها مشبعة بالمعرفة:
> "أظن أنه أقوى مني بأضعاف."
كلماته انسكبت في القاعة مثل رصاص بارد، لم يرد عليه أحد، لكنهم جميعًا أدركوا شيئًا واحدًا… أن تشاي لم يظهر حتى الآن إلا ظل قوته الحقيقية.
بان (بابتسامة مشروخة ونبرة محمّلة بالمرارة):
"إيفا... لم تتغيري قط. نفس الملامح، نفس البرودة التي رأيتها قبل خمسة وعشرين عامًا. هل هو سحر الزمن؟ أم لعنة الشياطين التي تسكن داخلك؟
أعترف... بدأت أغار. أود أنا أيضًا أن أتعاقد مع شياطين مثلك."
إيفا (تنظر إليه دون انفعال، نبرتها هادئة لكنها قاطعة):
"لا يمكنك. وحده من يحمل ختم كيريو لاستدعاء الأرواح... هو من يُسمح له بربط مصيره بالعالم السفلي."
بان (يضحك بخفة، صوته يخفي ألماً قديماً):
"آه، صحيح... كنت قد نسيت تلك التفاصيل.
لكن، دعيني أسألك، بما أن الماضي عاد إلينا:
كيف هربتم من القضاة؟ وكيف تحوّلت عائلتكم من درع مسالم إلى خنجر مأجور؟
أتذكر جيدًا... كنتم تحتقرون طريقتي، ترفضون حتى أن تُنصتوا لصوتي."
إيفا (تخفض رأسها قليلاً، كما لو أن عبء الذكرى أثقل من حملها):
"هربنا بفضل كي تاي... لقد قدم جسده كقربان، فتح لنا بوابة النجاة بينما ظل هو خلفها، يحترق في الجحيم.
أما التحول... فقد كان من اختياري. أقنعتهم أن نصبح قتلة. في ذلك الوقت، لم يكن أمامنا سوى أن نذبح أو نُذبح.
ربما كنت مخطئة... لأني الآن أرى أطفالي يتعذبون من اختياراتي.
لكن...
عندما سُميت أيامنا بـ عصر الأودجيني... العصر الكارثي الثالث
رأيت القوة في عيني عائلتي، رأيت السيطرة، ولم أعد أُبالي."
بان (بصوت خافت، يسأل وكأنه لا يريد أن يعرف الجواب):
"وأوڨا؟ لم توقفكم؟ على مدى هذه السنوات؟"
إيفا (تبتسم بسخرية):
"همّ أوڨا كان دائمًا أنت. وقد انتهت مهمتها منذ أن أعدموك قبل خمس وعشرين عامًا.
منذ ذلك اليوم، لم تصلنا أي خطوة منها"
بان (يتقدم خطوة، صوته يقطر بسخرية ممزوجة بالحيرة):
"صحيح... لماذا أرادت اوڨا اعدامي بنفسها يا إيفا؟
أعيدي لي هذا الجزء المفقود... ذكّريني، ؟"
ثم ينظر نحو الفراغ، صوته يتهدج فجأة بمشاعر مختلطة):
"تذكّرت...
تذكّرت ابنتي، أنزوي.
كم كانت ترفض أن تسير على خطاي...
وأنظري إليها الآن…
قتـ...ـالة بارعة، مثل والدها تمامًا.
هاهاها... يا للقدر الساخر." اين هي الان
دخلت إنزوي الغرفة، والجو من حولها توتر كأنّ الهواء قد اختنق فجأة. الت بصوتها الجارح كالسيف:
– أيّها العجوز الأحمق... عدتَ من الموت؟ يا لك من كلبٍ لا يموت.
ان ضحك بخفة، عيناه تحدقان بها كما لو كان يرى انعكاسه في مرآة معتمة: هكذا ترحبين بوالدك؟ هاهاها... جسدك مشدود، ووجهك أصبح قاسيًا، والهالة التي تحيط بك تُشبه الظلام النابض. يبدو أنكِ أصبحتِ قوية.
بسببك، كل شيء انقلب... حياتنا تشوهت. لم أعد أحتمل. لو كان الأمر بيدي... لقطّعتك إربًا.
أظنّك واثقة من نفسك؟ لنجرب. وسأجعلك تتذوقين الهزيمة مرة أخرى
. رخت إنزوي دون أن تلتفت:
إيفا، خذي دميتك المهرّجة، واسكتيها قبل أن تموت من الرعب.
ايفا بصوت ثابت كالصقيع:
بان، اصمت. إنزوي قادرة على سحقك بثوانٍ. حتى أنا لن أستطيع التدخل لحمايتك.
يبتسم بان، وكأنّه يتذوق كلماتها: – رائع… ابنتي أصبحت وحشًا حقيقيًا. هذا جيد... جيد جدًا.