876 - ملك الخوف (21)
كانت ريح وحيدة تهب عبر حقل الثلج. بين السطور التي اختفى عندها الحدث. وفوق تلك السطور، تناثرت شظايا من قصص لم تُسجَّل كما ينبغي، مثل الثلج.
「 "كيم دوكجا، أين هو؟" 」
…
「 "علّمني كي أتمكن من كسر هذا الحاجز." 」
…
「 "أخبرني، إلى أين ذهب إينهو-شي؟" 」
كانت تلك أصوات الذين لم يتمكنوا من إنقاذ من أحبّوهم. كلمات اختفت دون أن تصل إلى أي مكان.
وبينما كان يُصغي إلى تلك الكلمات، وقف على حقل الثلج، وعلّق معطفه الأبيض الذي كان يرفرف في الريح على كرسي، ثم جلس إلى الطاولة واحتسى كوبًا من الشاي.
「 كانت المساحة الممنوحة لك صغيرة حقًا، لكنك تركت وراءك العديد من القصص. 」
قرأ الرجل القصص التي كانت تتساقط بلا نهاية، وأعاد قراءتها مرارًا.
「 "كيم دوكجا." 」
الاسم الذي كان يومًا اسمه أصبح الآن لقبًا لغيره. وكان الرجل كثيرًا ما يختلط عليه الأمر بشأن تلك الحقيقة. لم يكن يعرف أي شعور ينبغي أن يشعر به.
هل عليه أن يشعر بالحزن؟ أم بالتحرر؟ أم بالغضب؟
وبينما كان يُحرّك يده بخفة، ظهر كرسي آخر أمام الطاولة.
وضع الرجل كوب الشاي على الطاولة وسأل:
「 هل بقي شيء لتكتبه؟ 」
وقف خلفه رجل آخر، ذو شعر فاتح وعينين ضيّقتين، يرتدي معطفًا أحمر قاتمًا يشبه لون الدم اليابس.
「 هكذا الأمر دائمًا. بعد الكتابة، يبقى الندم. 」
「 سجل ’الجولة الأربعين‘ قد تغيّر كما أردتَ. 」
「 حسنًا، هذا يكفي الآن. 」
「 إذًا لا بأس إن رحلتَ. 」
ابتسم تشيون إينهو وجلس على الكرسي الذي أعدّه له الرجل، وقال وهو يضيّق عينيه أكثر:
「 أليس من الوقاحة أن تُعامِل بهذه الطريقة الأب الذي التقيت به بعد زمن طويل؟ 」
「 أبي. 」
نظر الرجل إلى تشيون إينهو بانزعاج وقال:
「 أنت من ربّاني، أليس كذلك؟ في هذا الحقل الثلجي. 」
「 … 」
「 كثيرًا ما أفكر هكذا. ربما حقيقة أنني نشأت على يد إنسان مثلك هي الدليل على أنني ’كيم دوكجا الحقيقي‘. 」
أومأ تشيون إينهو وسأل:
「 أما زلت تقلق بشأن هويتك؟ كم عدد ’شظايا كيم دوكجا‘ التي يجب أن تجمعها قبل أن تتوقف عن القلق؟ 」
「 سأعرف حين أجمعها كلها. 」
「 إذًا ماذا عليّ أن أدعوك حتى ذلك الحين؟ 」
「 … 」
「 ذلك الصديق الذي يستخدم جسد تجسّدي. 」
أمسك تشيون إينهو بكوب الشاي الذي وضعه الرجل وأخذ رشفة قائلاً:
「 لقد دعاك ’كيم دوكجا حقل الثلج‘. 」
ابتسم كيم دوكجا حقل الثلج بسخرية كأنه وجد اللقب غريبًا جدًا.
「ذلك الرجل كان يناديني كيم دوكجا منذ البداية」
「 أيّ شخص يمكنه أن يرى أنك كيم دوكجا. 」
「 لا أحد يناديني كيم دوكجا سواه. 」
「 أنا من دعاك بهذا الاسم. 」
「 … 」
「 هل نسيت بالفعل أنني من منحك هذا الاسم؟ 」
نظر الاثنان إلى المشهد الثلجي في صمت. ربما لأن الثلج كان يتساقط بغزارة، لم تكن آثار أقدامهما مرئية. ومع ذلك، كانا قد سلكا بالتأكيد ذلك الطريق الذي لم يُترك عليه أثر.
「 ما زلت أذكر اليوم الذي التقطتك فيه. 」
قال ذلك وأخرج تشيون إينهو كتابًا من صدره.
『وجهة نظر القارئ العليم』
「 وُلِدتَ على الأرجح في هذا الموضع. 」
فتح الكتاب وأشار إلى مقطع، وقرأ كيم دوكجا حقل الثلج بصمت السطورَ التي بدت غير منتظمة قليلًا.
—كيم دوكجا الذي تعرفه قد تناثر في أرجاء هذا الكون.
تابع تشيون إينهو كلامه بتعبير غريب، كأن تلك اللحظة ما زالت حيّة في ذاكرته.
「 كنت طفلًا جميلًا جدًا. يصعب تصديق أن طفلًا كهذا سقط من السماء. 」
「 لا تُجمّل الأمر. أنت أردت فقط أن تستخدمني. 」
「 صحيح. 」
أومأ تشيون إينهو وأجاب:
「 كان هدفي أن أُطعمك ’شظايا كيم دوكجا‘ وأُحيي ’الحلم الأقدم‘. 」
الحلم الأقدم. المراقب المطلق لهذا الكون، الذي لا يمكن أن يكونه إلا ’الوحيد كيم دوكجا‘.
「 إن كان هذا هو هدفك حقًا، فلمَ خنتني؟ 」
「 … 」
「 ربّيتني على أمل أن أحلم بقصتك، فلماذا؟ 」
「 فقط وجدتُ طريقًا أسهل لتحقيق هدفي. 」
「 هل أنت راضٍ عن السجلات التي غيّرها؟ 」
كان في صوت كيم دوكجا حقل الثلج حدّة خفيفة.
「 أستطيع أن أتخلّى عن تلك السجلات إن أصبحت ’الحلم الأقدم‘. أو أعيد كتابتها. 」
「 بالطبع. 」
تنفّس كيم دوكجا حقل الثلج ببطء ليُهدئ غضبه. وسأله تشيون إينهو وهو يراقبه:
「 ألم تكن تُحب ذلك الرجل من قبل؟ 」
「 … 」
「 هل أنت غاضب لأنه أعلن أنه سيصبح ’كيم دوكجا‘؟ 」
「 … 」
「 أم لأنه أصبح صديقًا لـ ’ملك الخلاص الشيطاني‘ الذي تكرهه؟ 」
「كان دورك أن تمنعه من العيش كـ ’كيم دوكجا‘. 」
「 هاها، لقد وعدتُ بذلك. 」
「 لماذا لم تفِ بوعدك؟ هل أردت أن تراه يتصرّف كبطل في جسدك؟ هل كنت مسرورًا لرؤية سجلّ جديد يُكتب في جسد تجسّدك؟ 」
أومأ تشيون إينهو وقال:
「 كان شعورًا رائعًا. 」
「 كان بإمكاني أن أجعلك البطل أيضًا. 」
「 لو كنت ’حلمي الأقدم‘، لكان ذلك ممكنًا. لكنك تعرف. الأمنية التي تتحقق لا تكون ممتعة، أليس كذلك؟ 」
「 غير ممتعة؟ 」
سقطت بعض رقائق الثلج في كوب الشاي، وحرّك تشيون إينهو الملعقة في الكوب وكأنه يبحث عنها وقال:
「 كان بإمكان جيتشون دايسونغ أن يمتطي النوندا ويذهب إلى الهند في أي وقت، لكنه سار مع سامجانغ إلى هناك. وهكذا صنعت ’رحلة إلى الغرب‘.」
「 ما الذي تحاول قوله؟ 」
「 كان السير على القدمين ممتعًا. 」
غضب كيم دوكجا حقل الثلج.
「 تلك ليست قصتك. أنت مجرد متفرّج. 」
「 ومع ذلك، كان الأمر ممتعًا. أن أروي تلك القصة في جسدي المتجسّد. أن أعيش حياة لا تنتمي إلى ’الشرور العشر ‘. 」
「 لقد تم تحريضك. 」
「 ربما. ومع ذلك... 」
نظر تشيون إينهو إلى دوران الشاي في الكوب وأكمل كلامه:
「 هذا العالم في الأساس ’تحريض‘ كبير. 」
نظر الكائنان إلى حقل الثلج مجددًا بعد تلك الكلمات. ما زالا لا يريان آثار خطواتهما، لكنهما لم يعودا يفكران في الطريق الذي سلكاه.
「 إذًا، ما الذي ستفعله الآن؟ رغمًا عنك، قرر أن يصبح هو نفسه ’كيم دوكجا‘. 」
「 ... 」
「 لم يعد تجسيدك، لن يُصغي إليك، ولن يتحرك كما تحلم. 」
قال ذلك، ونظر تشيون إينهو إلى يد كيم دوكجا اليسرى التي أصبحت نصف شفافة. كانت ضربة لعالم الخوف قد استُخدمت بالقوة لتطبيق الاحتمال.
「 سيجد إجابة لا تُدمّر هذا العالم، أو لا. لقد أصبح بالفعل أقرب إلى ’البطل‘ من أي شخص آخر— 」
سأل تشيون إينهو وهو يحدّق في الثلج الذي يخترق يد كيم دوكجا اليسرى الشفافة:
「 كيم دوكجا حقل الثلج، كيف ستمنعه؟ 」
رفع كيم دوكجا حقل الثلج رأسه نحو السماء وقال ببطء:
「 في اليوم الذي جمعتُ فيه أكثر من نصف ’شظايا كيم دوكجا‘ بمساعدتك، مزّقتُ أخي الذي جاء من السماء. 」
تابع كلامه:
「 ظننت أنني أصبحت كيم دوكجا حقًا. كنت أؤمن أنني إن جمعت ما تبقى من الشظايا، سأصبح كاملًا ككيم دوكجا. 」
「 يبدو أنك لا تؤمن بذلك الآن. 」
حرّك كيم دوكجا حقل الثلج أصابعه وكتب اسم شخص على الثلج المتراكم على الطاولة.
■■■
اسم لم يُكتَب.
سأل تشيون إينهو وهو ينظر إلى الفجوة:
「 يبدو أنني لست الوحيد الذي حرّكته قصته. 」
「 … 」
「 لقد تخلّى حتى عن اسمه ليصبح كيم دوكجا. ماذا يمكنك أن تُضحّي به أنت؟ 」
「 فكّرت طويلًا. ماذا أريد حقًا؟ 」
قال كيم دوكجا حقل الثلج وهو يمدّ يده ليمسح الطاولة:
「 ماذا أريد أن أصبح؟ هل يكفيني أن أصبح ’الحلم الأقدم‘؟ 」
「 ... 」
「 هل يمكنني القول إنني أصبحت ’كيم دوكجا‘ الذي أردتُه فقط بجمع كل الشظايا؟ 」
توقّف تشيون إينهو لحظة، إذ شعر بطاقة غريبة تنبعث من كيم دوكجا حقل الثلج.
「 أنت محق. المهم ليس النتيجة، بل العملية. 」
بدأت التشققات تظهر ببطء بين ’شظايا كيم دوكجا‘ التي تُكوّنه، وكان ضوء أبيض يتسرّب منها.
「 ماذا يمكنني أن أتخلى عنه؟ 」
「 أنت، لا تقل إنك... 」
نظر تشيون إينهو إلى الكتاب المرتجف على الطاولة وشعر وكأنه قرأ هذا المشهد من قبل.
「 توقف، إن فعلت هذا الآن— 」
「 لا، هذا هو الخيار الصحيح. 」
كان كيم دوكجا حقل الثلج يتفكك.
「 من الآن فصاعدًا، لنبدأ ’السيناريو الحقيقي‘. 」
______________________________
كان ملك القتلة — تشا سونغوو — جالسًا على سور سطح مبنى في غوانغهوامون ينظر إلى السماء.
وفي تلك اللحظة، فُتح باب السطح ودخل شخص ما.
ظل تشا سونغوو محدقًا في السماء وسأل:
"لا أخبار اليوم، أليس كذلك؟"
"لا."
أجابه يي هيونوو وجلس بجانبه.
"ربما حان وقت الاعتراف بذلك الآن."
مرّ نصف عام منذ اختفاء كيم دوكجا من السيناريوهات. وخلال تلك المدة، حدث الكثير.
كانت الأرض في خضم السيناريو رقم 32. وخلال ذلك، انقسم الرفاق الذين فقدوا مركزهم إلى فصائل، وبعضهم استسلم أو مات أو أصبح ضحية.
بالطبع، كان هناك من لم يستسلموا، مثل تشا سونغوو ويي هيونوو. لكن حتى هم اضطروا للاعتراف بحقيقة معينة الآن.
「 لم يعد هناك ’كيم دوكجا‘ في هذا العالم. 」
طوال نصف عام، اقتربوا من الموت مرات عدة. ومع مرور الوقت، بدأت ملامح كيم دوكجا في ذاكرتهم تتلاشى، حتى أصبحت فراغًا. ربما كان كلاهما يعرف أن الوقت قد حان ليملأ أحدهم ذلك الفراغ.
لكن من يمكنه أن يتولى ذلك الدور؟
"يبدو أننا سنموت جميعًا هنا."
"الرسول الثاني، يو جونغهيوك لا يقول أشياء كهذه."
"أنا لست يو جونغهيوك."
"أتعلم أنك لم تكن كذلك أبدًا؟"
كانت هذه المزحة الوحيدة التي تُثبت تاريخهما في هذا العالم.
"ذلك اليو جونغهيوك اختفى أيضًا."
تُركوا في عالم اختفى منه كيم دوكجا وحتى يو جونغهيوك. كل ما استطاعوا فعله هو تقليد ما قرأوه.
لكن حتى ذلك أصبح صعبًا أكثر فأكثر، لأن السيناريوهات انحرفت عن ’تطور الرواية‘ الذي كانوا يعرفونه.
"هذه المرة، ييرين كادت تموت."
"..."
"في المرة القادمة، قد تموت حقًا."
كانت تشا ييرين مصابة بجروح خطيرة، لا شفاء منها حتى بـ ’روح غابة إلين‘.
ووفقًا ليي سولهوا، كان يلزم عنصر بمستوى ’سونغ-يو-غوا‘ على الأقل للشفاء.
"قد نضطر إلى مواجهة السدم العظمى."
الخيار الأخير للبقاء في السيناريوهات.
كان يي هيونوو يعلم أيضًا أن هناك مثل هذا الخيار.
"لكن ذلك..." قال بتنهيدة عميقة.
"ماذا كان ليفعل كيم دوكجا؟"
وفي تلك اللحظة، سقط نيزك من السماء البعيدة.
"هاه؟"
كان ’السيناريو الخامس‘ المتعلق بالنيزك قد انتهى بالفعل. فماذا يكون هذا النيزك إذن؟
"الرسول الثاني، ذاك هو—"
قبل أن يُكمل، قفز تشا سونغوو من على السطح كمن أصابه الجنون، وركض مباشرة نحو مكان سقوط النيزك.
ولحسن الحظ، لم تكن نقطة الاصطدام بعيدة.
اقترب تشا سونغوو من الفوّهة وهو يلهث.
كان رجل ممددًا داخل الفجوة الكبيرة.
كل خلية في جسده كانت ترتجف. القصة التي قرأها أكثر من مئة مرة كانت تُخبره من يكون الرجل أمامه.
فتح الرجل عينيه ببطء ونظر إلى تشا سونغوو، الذي ردّ النظر إليه.
كان يعلم جيدًا من هو الرجل أمامه. ومع ذلك، سأله:
"من أنت؟"
فسأله الرجل بالمقابل:
"من تريدني أن أكون؟"
فتح تشا سونغوو شفتيه المرتجفتين ببطء. لم يكن متأكدًا إن كان عليه أن يقول الاسم أم لا. كان هناك شعور غريب يملأه — أن الموت المهم في هذا العالم سيتشوّه بمجرد أن ينطق بذلك الاسم.
ومع ذلك، كان عليه أن يقوله، لأن ذلك كان —
"كيم دوكجا."
رغبة كل القرّاء الذين يعيشون في هذا العالم.
فتح الرجل فمه ببطء بعد سماع تلك الكلمات، وملامحه خالية من التعبير، سواء كان يدرك التوق فيها أم لا.
"أنا كيم دوكجا."
في أحد الأيام، بعد 499 يومًا من بدء السيناريوهات على الأرض—
"من الآن فصاعدًا، سأقود السيناريوهات."
عاد ’كيم دوكجا‘ إلى السيناريوهات.
______________________________
ملاحظة المؤلفين
مرحبًا، هنا سينغ سونغ.
اليوم انتهى الجزء الرابع من القصة الجانبية لـ وجهة نظر القارئ العليم.
بفضل القرّاء الذين رافقونا، تمكّنا من إنهاء رحلة الجزء الرابع بأمان.
سنأخذ بعض الوقت للاستعداد للموسم القادم.
ستكون فترة التوقف حوالي أسبوعين، من 3 أبريل إلى 17 أبريل.
سنعود بموسم جديد في 18 أبريل.
شكرًا جزيلًا لقراءتكم اليوم.
______________________________
طبعا الملاحظة قديمة زي ماواضح من التاريخ ...
وهادا اخر فصل من ملك الخوف استنوا الفصول الجاية بعنوان أفاتار ^^
______________________________
Mero