45-الضوء القرمزي

تومض رؤيتي عندما أفتح عيني، لأجدهما مغلقتين مرة أخرى - أو ربما هو ببساطة الظلام الذي لا يلين يضغط علي. لقد اختفى التوهج الأحمر الذي كان من قبل، وحلت محله هاوية كثيفة لدرجة أنها تبدو حية. ترتعش ساقاي دون حسيب ولا رقيب، ويظل طعم الدم النحاسي على لساني حيث عضضت بقوة أكبر مما ينبغي.

الألم يشع من فخذي، حادًا ورطبًا. تمسكت يداي بشكل غريزي بالجرح، وكان الحجر البارد الموجود تحتي يضغط على ظهري ووركي. ترتجف أصابعي عندما أضغط عن غير قصد على اللحم الممزق، مما يرسل صرخة حادة تمزق حلقي.

كان هناك لمعان من العرق البارد ملتصق بجبهتي، ويتساقط بينما كنت أتنفس. كل محاولة لتحريك ساقي المصابة ترسل موجات جديدة من الألم عبر جسدي، مما يجبرني على الضغط على أسناني. عروقي تنبض بإيقاع جنوني، وكأن دمي نفسه يثور ضدي. يبدو الجرح رطبًا بشكل مستحيل الآن، والإحساس يقشعر بدني حتى العظام.

يتردد صدى فكرة في حدود ذهني: إنه مؤلم. لا أستطيع أن أفعل هذا. ولكن حتى عندما تتشكل الكلمات، ترتفع يدي المرتجفة، وتضرب وجهي بكل ما أستطيع حشده من قوة. أنفاسي أصبحت سطحية، وجسدي بارد، ولكن في مكان ما في الضباب، تومض عيناي ببريق خافت من التحدي.

أصر على أسناني، وأضغط بثقلي على ساقي السليمة، وأكافح من أجل الوقوف. هذه الحركة تجعل فخذي يحترق أكثر سخونة ورطوبة، وطعم الصفراء يتصاعد في حلقي. الظلام من حولي خانق، يضغط على كل ركن من أركان أفكاري.

العزلة هي كفن ثقيل، من النوع الذي يسحبك إلى عمق الفراغ مع كل لحظة تمر. ساقي اليسرى ترتجف وكأنها لم تعد ملكًا لي. لا يمكن إنكار شحوب بشرتي - على الرغم من أنها غير مرئية - إلا أنني أشعر بها في الخدر الجليدي الذي يزحف فوقي.

تضرب قبضتي الأرض مرارًا وتكرارًا بقوة متضائلة. ألعن تحت أنفاسي، والدموع الساخنة لاذعة وهي تتساقط على وجهي. تبدو كل لعنة جوفاء، صدى يبتلعه الفراغ الشاسع من حولي.

يتصاعد صدري بينما تتصاعد أفكاري أكثر. تظهر الذكريات بلا حراك، وحوافها حادة للغاية. ذات مرة، كنت أمتلك القوة والسيطرة. يمكنني أن أسيطر على الدم، حتى دماء الآخرين. حتى له. دماء فين. لكن الآن؟ لقد ذهب كل شيء. تم استبداله. جردت مني واستبدلت بشيء غريب. شيء إلهي. الدم القرمزي للإله يسري الآن في عروقي، لكنه يبدو وكأنه لعنة وليس هدية.

صورة وجهه ترتفع أمامي دون محظورة. رن. للحظة، أتساءل عما إذا كانت عيناي مغلقتين أم أن الظلام هو ببساطة ذلك الحد. لقد تركتني أسابيع من الفراغ أتساءل عما هو حقيقي.

يملأ الدفء الخافت للذكريات الفراغ: رين يجلس على مائدة العشاء، وابتسامته الخافتة ونحن نأكل معًا. الطريقة التي كان يتواجد بها دائمًا لاصطحابي بعد المدرسة. لقد نظرت إليه. أعجب به. أحببته. لكن الأمر كله كان كذبة.

يضغط ثقل الإدراك على الأسفل، ويخنق الظلام نفسه. تتشوش رؤيتي أكثر، وأسمع أصداء الصوت الخافتة الأولى. خطى. بعيدة ولكن متعمدة. هناك رنين معدني لهم، صوت يجعل كل عصب في جسدي على حافة الهاوية.

السلاسل.

يزداد صوت القعقعة ارتفاعًا، ويحتك بالأرض في إيقاع طويل ومزعج. يتوتر جسدي، والخوف البارد يسري في داخلي. يدي ورجلي ترتعش. يبدو أن الظلام، الذي كان ساكنًا في السابق، يتحول وينبض بالحياة مع الشؤم.

تتسارع أنفاسي، ضحلة وخشنة، بينما ينبض قلبي بإيقاع محموم في أذني. تصمت السلاسل، ويحل محلها صوت نبضات قلبي وعرموش أنفاسي المنخفضة. ذراعاي ترتكزان على الحجر البارد الموجود تحتي، والعضلات مشدودة وأنا أكافح من أجل عدم إصدار أي صوت.

زوج من العيون تخترق الظلام.

اثنان من الأجرام السماوية المضيئة تتوهج بشكل خافت، بلون بني كهرماني مثل الجمر المشتعل. يتغير الهواء، وتملأ رائحة كريهة أنفي، وتتعفن وتتحلل. تقترب العيون، مصحوبة بكشط المعدن وأضعف همسات التنفس.

"لقمة لذيذة"، صوت حلقيّ خشن، والكلمات سميكة بلهجة غريبة ومزعجة.

اهتز جسدي عند سماع الصوت، وسيطرت عليه الغريزة. أحاول النهوض، لكن ساقي اليسرى ترفض الانصياع، وتسحبني إلى الأسفل كالثقل. يتدفق الدم في قلبي، ويدق قلبي بعنف، لكن الفولاذ البارد يلتف حول رقبتي قبل أن أتمكن من الرد.

تشددت السلاسل، وحفرت عضتها المتجمدة في جلدي. يحترق حلقي وأنا ألهث، وأسحب القيود دون جدوى.

"لقمة لذيذة،" يتردد الصوت مرة أخرى، وهو أقرب الآن. أستطيع أن أشعر بوجوده خلفي، حرارة أنفاسه مثل ريح عفنة تلامس بشرتي.

أنا أضرب، ويداي تخدشان السلسلة بينما يركل كعباي الأرض دون جدوى. يتحرك هذا المخلوق بشكل أسرع مما أستطيع أن أفهمه، ويسحبني إلى الخلف بقوة ترسل هزات حادة من الألم إلى أعلى العمود الفقري. تجهد ذراعاي في مواجهة الضغط حول رقبتي، لكن كلما قاومت أكثر، كلما كانت السلسلة أكثر إحكامًا.

رئتاي تحترقان، تصرخان من أجل هواء لن يأتي.

استمر الصوت، ترنيمة مقززة، كل كلمة تحفر أعمق في رباطة جأشي المتوترة. يدور رأسي وأنا أرجع مرفقي إلى الخلف، مستهدفًا ساقيه، لكنه يظل بعيدًا عن متناول اليد. تزداد قتامة رؤيتي، وتضعف حواف وعيي عندما يصبح الضغط حول حلقي غير محتمل.

وبعد ذلك، مثل شرارة في الفراغ، ينفجر ضوء قرمزي بداخلي.

يكتسح الظلام في لحظة، وتحل محله صور حية لدرجة أنها تبدو وكأنها تمزق الواقع نفسه. القمر الأحمر معلق عاليا، مشؤوم، وثابت. أرى نفسي تحته، ممددًا على الأرض، عاجزًا. ركع أمامي رجل يرتدي درعًا ذهبيًا، ورأسه منحنيًا في الدعاء. صوته بعيد ولكنه واضح، يتوسل المغفرة، ويعترف بخطايا لا أستطيع فهمها.

يتجمع الدم حولي، دافئًا ولا نهاية له، قبل أن يبتلعه الفراغ.

أصوات تنادي من مكان بعيد، غير مألوفة، ومتنافرة. اسم واحد يرتفع فوق الضجيج: داميان.

يثقل الظلام ثقله على ذهني، وكأن الهاوية نفسها تسعى إلى سحقي. ومع ذلك، في الفراغ القمعي، تشتعل الصور، وتحرق في وعيي مثل العلامات التجارية المشتعلة.

اسم. أنا أعرف هذا الاسم، لقد نسيته. "فيينا". يتردد صداه في داخلي، همسًا بشيء ضائع في الزمن. ثم أراها – امرأة ذات شعر أسود منسدل، وأجنحتها ناعمة ومظلمة مثل منتصف الليل. إنها تسمي هذا الاسم.

تتغير الرؤية، وتومض صور أخرى أمامي، بسرعة كبيرة جدًا بحيث لا أستطيع استيعابها بالكامل. رجل ذو شعر أسود وعينين حمراء مشتعلة، سيف يخترق صدره. نظرته المريرة والثابتة تحدق بي، وأشعر بالدموع تنهمر على وجهي.

أرى منظرًا مقفرًا يكتنفه الظل. أنا أقف أمام جيش، وثقل حضورهم الجماعي يضغط على روحي.

يقف بجانبي رجل شوهت الحروق وجهه. ومع ذلك، فإن وجوده يشعر بالاستقرار والراحة الغريبة وسط الفوضى. في لحظة عابرة، أشعر بالأمان. أشعر... بالسعادة.

تحول آخر. أرى نفسي في غرفة حمراء لا نهاية لها، مجتمعًا مع الآخرين، صوتي يقدم نصيحة صامتة.

المشهد يطمس مرة أخرى. أنا في مملكة عظيمة وفخمة، مملكة مذهبة بالذهب، تتلألأ بروعة لا يمكن بلوغها.

أرى نفسي أمام طفل. لا، طفلان، كلاهما يشبه وجهي. الدموع تتجمع في عيني، وألم لا يطاق يغمر صدري.

الرؤى مشوهة، وتتحول بشكل أسرع الآن. سلسلة من الشعر الأحمر. رأس مقطوع يتدحرج على أرضية ذهبية.

سريع جدًا. كل هذا يحدث بسرعة كبيرة.

وبعد ذلك، الصورة الأخيرة - أنا أدفع رين بعيدًا، وعيناه مفتوحتان بينما أغمض عيني. وكل ما أراه هو اللون الأحمر.

تنتهي الرؤى فجأة، وأجد نفسي أرتعش، والدموع تتجمع في عيني. يندفع دمي، ونهرًا حارًا يجري في عروقي. تتوتر عضلاتي، وترتعش السلاسل التي تقيدني وأنا أدفع ثقل الكائن المسعور الذي يحاول التهامني.

للحظة، يومض العالم القرمزي من حولي، ضوء شاحب، أبيض تقريبًا يخترق الضباب. إنه يحترق، مشعًا وحيويًا، وينحت خطًا في الهواء أمامي.

من الصعب أن أصف ما أراه، أو ما يفعله جسدي. إنه شعور غريزي، مثل حركة محفورة في داخلي على مدى حياة لا تعد ولا تحصى. الملايين، لا، المليارات من التكرار تبلغ ذروتها في هذه اللحظة الواحدة.

أتقدم للأمام، وكان تركيزي منصبًا على الخط المتوهج. تتشكل أمامي دائرة، تتحرك نحوي مثل خيط واحد غير منقطع. يتلاشى العالم الملطخ بالدماء، ولم يتبق سوى أنا والخط. أنا أتبعه.

في لحظة واحدة، أقف مقيدًا ومرتجفًا، وفي اللحظة التالية، أنا حر، أقف وجهًا لوجه مع الشخصية الأخرى.

تحيط به هالة حمراء صامتة بينما تلتقي عيناي الحمراء المتوهجة بعينيه. في البداية اتسعت نظراته بمفاجأة، لكنه ابتسم بعد ذلك.

"الطعام الذي يقاوم؟" صوته خشن، وعيناه مثبتتان على عيني.

يتلاشى أثر السلاسل الحديدية من جلدي، وتتبدد كدماتها البنفسجية. حتى الجرح الكبير في ساقي يبدو أنه يشفي نفسه. يحترق جسدي، وتسخن دمائي إلى مستويات لا تطاق كما لو كانت الصهارة تصب في عروقي.

تنهمر الدموع على وجهي بلا توقف، لكن نظرتي تصلب، باردة وحازمة. كانت عيناي الحمراء المتوهجة تحدق في عينيه البنيتين الداكنتين.

توهج ضوء ساطع أمامي — أحمر مبهر، يزداد حجمًا وأكثر سطوعًا. ثمانية، مكونة من دائرتين متشابكتين.

أراها، فيتحرك جسدي بلا تفكير، كأنما يحمله إيقاع غير مرئي. رقصة أتقنت على مدى سنوات لا تعد ولا تحصى.

أتحرك للأمام، حيوان مفترس يطارد فريسته، بينما يتأرجح الشخص ذو الدم البني بسلسلته نحوي. الصوت الذي يصدره يصم الآذان، وهو أكثر حدة من فرقعة السوط. ضربة واحدة يمكن أن تقطع رأسي.

لكنني أهرب بالكاد من الموت على بعد شعرة واحدة.

أتحرك بسلاسة، وأناقة، متبعًا الخطوط المتوهجة. يبدو الوقت معلقًا، وتمتد كل ثانية إلى الأبد.

الخيوط الحمراء المضيئة ترشدني إلى السلسلة. تنطلق يدي، وأمسك بها. أنا أدور، متهربًا من ضرباته المضادة. تحركاته سريعة، لكني أراها بوضوح الآن.

لف السلسلة حول ذراعيه، ألويها، وساقاي تتبعان الخيوط. اكتساح قدمي يرسله مترامي الأطراف على الأرض.

تتلاقى كل الأضواء، وتضيق في نقطة واحدة، نقطة متجهة إلى يدي.

الرجل ذو الدم البني يرقد تحتي، وذراعاه مقيدتان ومثبتتان تحت ركبتي. يكافح وضحكاته تعلو رغم الألم.

'كسر.'

بحركة واحدة سريعة، قمت بتحريك رأسه، وتردد صدى طقطقة رقبته في الصمت.

لقد مات.

لقد قتلته.

مرتي الثالثة. لا، الرابعة، إذا حسبت "سامانثا..."

لكنني بقيت هادئًا، ونظري مثبت على الدم البني المتجمع حوله. أنفاسي ثابت، تركيزي حاد.

حان الوقت للشرب.

2025/01/18 · 18 مشاهدة · 1462 كلمة
Shadow
نادي الروايات - 2025