الفصل الثاني: مكتبة الغموض ~

[حسنًا، لنبدأ]

هذه الكلمات كانت آخر ما سمعته قبل أن يسقط النعاس على عينيّ وأغرقني في عالم الأحلام. كنت أشعر برأسي ثقيل على الطاولة.

بينما كان بايل مستغرقًا في النوم، تسربت أضواء القمر الباهتة عبر النافذة العتيقة، ملقية بظلال غير متناسقة على الحائط المجاور. سكون الليل كان يلتف حوله كغطاء بارد، يتسرب إلى عمق عقله كما يتسرب الضباب بين الأشجار المهجورة. الهواء كان كثيفًا بشكل غير طبيعي، كأنما يحمل أسرارًا خفية تنتظر الانفجار في أي لحظة.

لكن في تلك اللحظة، كان شيء آخر يحدث. ضباب أحمر وسوداء بدأ يتسلل من أركان المكتبة، يتخلل كل زاوية وكل مكان. بدأ الضباب يتكثف، يكتسح المنزل ويملأ كل ركن فيه، ثم بدأ في التوسع خارج المنزل. ومع كل لحظة، كان يبدو أن المنزل يطفو في فراغ مطلق، متمزقًا عن العالم الخارجي.

الضباب الذي كان يتصاعد بسرعة غريبة، اختفى فجأة ليترك وراءه كتبًا تتراقص في الأرفف التي كانت فارغة قبل لحظات. التغيير كان كابوسًا على شكل واقع؛ جدران المنزل الخشبية والطوبية تحولت إلى معدن غير معروف، أسود اللون مع حواف ذهبية وحمراء. لم يكن مجرد تغيير؛ بل كان التحول إلى قصر يبعث على الرهبة، كأنما تحول المنزل إلى عرش ملك شيطان.

وفي قلب هذا المشهد المروع، ظهرت مقلة عين ضخمة وسط المكتبة. كانت عيناها تتلألأ بلمعان شيطاني كما لو خرجت مباشر ة من الجحيم، موجهة نظرتها إلى كل زاوية وكل كتاب. بدأت الهمسات الغامضة تنتشر في الأرجاء، مملوءة باللعنات التي كانت تتعالى وتغمر المكان. الكتب بدأت تهتز بشكل جنوني، وكأنها كائنات حية تُعاني من العذاب.

مع تصاعد الأصوات، بدأت مادة مظلمة لزجة تخرج من الأرض، تتدفق وتغمر المكتبة بأكملها. الكتب طارت من الأرفف بشكل دوامة مدمرة، وتزايدت أصوات الهمسات واللعنات بشكل يصم الآذان.

وفي الخارج، ظهر في اللامكان نواة سوداء غريبة بحجم اليد. كانت تقترب ببطء من المنزل العائم في فراغ الكون. بدأت النواة تتداخل وتندمج مع المنزل ببطء، وكأنها جزء من كابوس يعيشه المكان.

بعدما أتمت النواة اندماجها، سكتت الأصوات واللعنات فجأة، وتلاشت المادة المظلمة التي غمرت المكتبة. عادت الكتب إلى أماكنها بشكل مرتب ومنظم، وكأن شيئًا لم يحدث. اختفى الضباب الأحمر، وعاد المنزل إلى وضعه الطبيعي، وكأنه لم يكن قد تعرض للتغيير.

داخل المكتبة، فتح شاب نائم عينيه ببطء، وهو يتململ من نومه الثقيل. "هممم" تمتم بصوت خافت، وهو يحاول أن يستجمع أفكاره.

"ماذا حدث؟ يبدو أنني غطيت في النوم."

نظر حوله ببطء، وتبددت مفاجأته لتتحول إلى صدمة عميقة. "!!ها؟ ماذا حدث بحق الجحيم؟!" قالها وهو يتفحص التغيير الرهيب. المكتبة التي كانت فارغة وغير منظمة تحولت إلى مكان ضخم مليء بالأرفف المنظمة والكتب المرتبة. تغيرت جدرانها من البني الفاتح إلى الأسود المخيف، بحواف ذهبية وحمراء تشبه قصرًا شيطانيًا.

"لا، يبدو كقصر شرير؟"

فجأة، استشعر الشاب وجودًا غير مرئي، وكأن عينًا شيطانية تراقبه من كل زاوية. كان صوته خافتًا ولكنه عميق. [هل أعجبك سيدي؟ ^_^]

"أجل، لحظة، انتظر، اشرحي لي كل هذا؟"

[حسنًا سيدي، ولكن اهدأ أولاً.]

"حسناً، حسناً، لقد هدأت."

[اسأل أي سؤال وسأجيب.]

"همممم؟" نظم أفكاره ببطء وسألها. "كيف أتيت إلى هذا العالم؟"

[بطبع بسبب أنك قد مت في عالمك.]

"ولكنني كنت نائمًا؟"

[لقد مت أثناء نومك.]

"تنهد."

"إذن كيف أتيت إلى عالم اللعبة بالضبط وليس أي عالم آخر؟"

[قبل أن أشرح لك، هل سمعت عن مكتبة أكاشيك في اللعبة؟]

"أجل، كيف لم أسمع عنها؟ مكتبة أكاشيك، أو بشكل أدق، هي ليست مكتبة فعلًا وليس لها شكل مادي، ولكن سميت كذلك لكونها كلي العلم، وليس لها إرادة أو وعي بما تفعله، ووظيفتها هي المحافظة على توازن الكون، أو ربما هي الكون نفسه يفعل كل شيء لحماية التوازن كغريزة، ليس لها وعي كامل."

[صحيح، ومن صنعني يمكنك القول إنه توأم مكتبة أكاشيك، ولكن لم يكن له وظيفة محددة مثل أخته، لذلك كان يطفو في العدم خارج الكون في الأبدية دون هدف محدد، وهو أيضًا كلي العلم.]

[وطوال بقائه دون هدف محدد استطاع تشكيل وعي على عكس توأمه، وقرر أن يكون حقًا مكتبة، وبهذا يجب أن يكون للمكتبة سيد...]

[وأنت هو سيد المكتبة. لقد اندمجت من صنعني بالفعل مع المكتبة، لذلك بما أنك سيد المكتبة، يجب أن تتخذ للمكتبة اسمًا.]

"إذاً، أنت تقول إنني سيد لمثل هذا الكائن؟"

"هممم؟"

"حسنًا، إذا كانت أخته اسمها مكتبة أكاشيك، فسأسميه مكتبة الغموض، اسم رائع وسهل."

مع هزة غريبة في الدور الأرضي قال: [لقد أعجب صانعي بالاسم مكتبة الغموض، لذا اتخذ اسمه مكتبة الغموض ^_^]

"[،ما أنك سيد مكتبة الغموض، ستتبعك المكتبة دائمًا.]

"واو، أنا حقًا، ماذا يجب أن أقول؟"

"إذاً، يجب أن أبيع الكتب فقط."

[أجل، إذا كنت تريد ذلك.]

[هناك عدد لا يحصى من الكتب، ويتم تغيير الكتب في الساعة الثانية عشرة ليلاً بشكل دوري. إذا كنت تريد كتابًا معينًا، يمكنك أن تقوله وسأحضره لك. وظيفتي هي مساعدتك بعد كل شيء.]

"حسنًا، ولكن كما تعرف، هذا عالم خارق للغاية. كيف يمكنني حماية نفسي؟"

[لا تقلق، إذا كنت داخل المكتبة، لا يمكن لأحد أن يؤذيك. أوه، والكتب ليست كتبًا عادية كما تعتقد ^_^.]

"حسنًا، لم أفهم ما تقصده في آخر شيء، ولكن سأكون آمنًا إذا كنت داخل المكتبة. هذا جيد."

نظرت حولي برهبة، وتملكني شعور من الإثارة والخوف معًا. لم أكن أستطيع كبح مشاعري تجاه المكان الغامض.

"أه، صحيح، كيف يمكن للبشر تخيل عالم آخر ويكون حقيقيًا مثل سجلات الصعود؟"

[حسنًا، سيكون من الصعب شرحه لك، ولكن يكون عن طريق الإلهام. يتصل عقل الشخص بموجات كونية غير ملموسة، مما يمنحه الإلهام لكتابة شيء يظنه خيالًا بالكامل، ولكنه مجرد موجات قطاعية لبُعد آخر.]

"حسنًا، يبدو معقدًا حقًا."

"على أي حال، أنا ذاهب لإنزال أغراضي من الحقيبة ثم سأذهب للاستحمام."

"يبدو أن الأيام القادمة سوف تكون ممتعة."

---

{في غابة غير معروفة}

ظهرت دوامة سوداء في السماء، وسقط منها كائن بشري أو كائن يشبه البشر.

سقط على الأرض بسرعة غير مسبوقة، وبدأت الأتربة تغطي المكان. اختفى التراب بعد فترة، وظهر جسم الكائن مستلقيًا على الأرض. كان بشريًا يبدو في عمر الرابعة والعشرين، ذو شعر أسود طويل، وعينين سوداويتين، وبشرة شاحبة.

قبض على أسنانه بشدة حتى خرج الدم منها. خرجت الدموع من عينيه، وهو يتمتم بكلمات يائسة. "ليس مجددًا... ليس مجددًا... !!!! اللعنة !!! ليس مجددًا!"

أخذ غصنًا بجانبه، بدا حادًا وقويًا، وقطع عنقه بقوة. سقط على الأرض لدقيقة، ثم بدأ الدم يعود إلى طبيعته، وبدأت الرقبة المقطوعة تلتئم بسرعة غير إنسانية. تجمعت الأنسجة بسرعة مذهلة، وعاد الغصن إلى حلقه، وبدأ الجسم الساقط يتنفس مرة أخرى.

فتح عينيه ببطء، مع تعبير يأس يملأ وجهه. "لا فائدة، لن ينجح على أي حال."

وقف البشري من مكانه وبدأ يتحرك، وهو لا يعرف إلى أين يتجه. كان يتحرك كمن فقد اتجاهه، ينحرف بين الأشجار والحجارة، ليحاول نسيان آلام ماضيه.

بعد فترة طويلة من المشي، وجد نفسه في شارع جميل وخالٍ من البشر

. في الليل، كان القمر يضيء وجهه، والإنارات الساطعة تعكس محياه. تحرك دون إدراك، ليجد نفسه أمام مكتبة مرعبة تطلق هالة مشؤومة.

نظر إلى اللوحة فوق المدخل وقرأ الكلمات بحيرة. "مكتبة الغموض؟"

لكن السؤال الذي يطرح نفسه كان يتردد في ذهنه. "ما الذي أتى بي إلى هنا؟"

~~

اعذروني على الأخطاء…

2024/09/05 · 106 مشاهدة · 1095 كلمة
TroX
نادي الروايات - 2024