الفصل السابع: فوضى [2]

[في المكتبة]

سيدي المكتئب كان يجلس في زاوية المكتبة الكبيرة، محاطًا برفوف الكتب المظلمة. كان الملل واضحًا على وجهه، وملامحه كانت تعكس مشاعر القلق والتوتر. أحسست بثقل في الجو، كأن المكتبة نفسها تشعر بحزنه.

حاولت أن أخفف من حزنه بقدر الإمكان، حيث كان يومًا ممطرًا وعاصفًا. لا داعي للقلق، سيدي. سأقوم بتحسين مزاجك اليوم "هل تفضل قهوة، أم شاي."

أجاب بصوت متهدج، وكأنه يكافح للعثور على الكلمات: “ بما أن الجو ممطر اليوم، أعتقد أنني سأرغب في كوب من الشوكولاتة الساخنة."

“حسنًا، سيدي.”

توجهت بسرعة إلى المطبخ، حاملة في ذهني هموم سيدي وحالة الحزن التي غلفت المكان. دخلت المطبخ وبدأت في تحضير الشوكولاتة الساخنة بتركيز. سكبت الحليب في إناء كبير، ثم أضفت مسحوق الشوكولاتة والنشا، بعد غربلتهما جيدًا. أضفت السكر والفانيليا، وقلبت الخليط ببطء، محاولًا دمج المكونات بشكل مثالي.

كنت أقطع الشوكولاتة إلى قطع صغيرة، أضفتها إلى الخليط، وأراقب كيف تذوب ببطء في الحليب. وضعت الإناء على نار متوسطة، وواصلت التحريك حتى أصبحت الشوكولاتة ساخنة وكثيفة. حين انتهيت، صببتها في كوب كبير وزينته بكريمة الشانتي.

“لقد انتهيت، سيدي.”

لكن في تلك اللحظة، شعرت بشيء غير عادي. طاقة هائلة ونية قتل ملأت المكتبة وكأنها عاصفة تهدد الهدوء. قلبت حواسي، وسرعان ما رفعت كوب الشوكولاتة الساخنة وأغطيته بطاقتي حتى لا ينسكب. انطلقت بسرعة، وكأنني أترك خلفي نسيمًا عابرًا.

عندما وصلت إلى المكتبة، كانت المشهد صادمًا. فتاة مراهقة تقف أمام سيدي، وهو مهدد بمنجل أسود محمر ينبعث منه هالة قاتلة. ضوء المنجل كان يلمع بريقًا قاتمًا، يعكس نية القتل التي كانت تجسدها الفتاة. قفزت بسرعة نحو الفتاة، وركلتها بقدمي، مما جعلها تطير خارج المكتبة. تابعتها بعيني حتى اختفت من نظري.

أسرعت بوضع كوب الشوكولاتة الساخنة على المكتب أمام سيدي، ثم قمت بتغذية قدمي بالطاقة ورفعت في الهواء. اندفعت بسرعة فائقة، متجهًا نحو المكان الذي سقطت فيه الفتاة.

[في الغابة خارج المدينة الثانية]

في الغابة الكثيفة خارج المدينة، كانت الفتاة تطير في السماء بسرعة صاروخية، بين الأشجار العالية والأوراق المتساقطة. كان الهواء صاخبًا حولها، حيث تركت وراءها أثراً من الرياح العاتية.

عندما اقتربت من الأرض، قامت بتدوير جسدها 180 درجة، وبدأت في الهبوط بهدوء، معربة عن ترددها وتفكيرها في ما حدث. هبطت برفق، ونظرت حولها بقلق. أمعنت النظر في الظلال المحيطة بها، كانت الغابة هادئة، عكس الفوضى التي عانت منها للتو.

“ماذا حدث لي؟ لماذا فقدت صوابي للحظة؟” قالت بصوت مرتجف، وهي تحاول فهم الأحداث.

ثم نظرت إلى الأمام، ورأت رجلًا يقف بهدوء، مع تعبير وجهه جامد ومراقب. كان الهدوء الذي يحيط به يتناقض مع الفوضى التي خلفتها الفتاة.

***

[في الغابة الكثيفة خارج المدينة]

كانت لافير تنطلق في السماء بسرعة صاروخية، تتخلل بين الأشجار الشاهقة التي تتمايل بفعل الرياح العاتية. الهواء كان يصفق بشدة حولها، تاركًا خلفها أثرًا من الرياح القوية التي مزقت الأوراق المتساقطة. قفزت بين الفروع العالية وكأنها طائر لا يعي حدودًا.

عندما اقتربت من الأرض، أدارت جسدها بمهارة مذهلة 180 درجة، وهبطت بهدوء، محاوِلةً استعادة توازنها وإدراك ما حدث. هبطت برفق على الأرض، متأنية، ونظرت حولها بقلق. الغابة من حولها كانت غارقة في السكون، متناقضة بشدة مع الفوضى التي كانت تشهدها للتو.

“ماذا حدث لي؟ لماذا فقدت صوابي للحظة؟” قالت بصوت مرتجف، محاولةً فهم الأحداث التي عصفت بها.

نظرت إلى الأمام، حيث رأت الرجل يقف بثبات. كان تعبير وجهه جامدًا، وملامحه تتسم بالهدوء المريب الذي يتناقض مع الفوضى التي خلفتها الفتاة.

“لماذا هاجمت السيد؟” سأل آرون بصوت خافت، مليء بنبرة غامضة وتهديدية.

أجابت لافير بتردد، محاولةً تجميع أفكارها: “همممم؟”

قالت بصوت منخفض وكأنه يثقل الأجواء حولها: “أتقصد سيد تلك المكتبة؟”

هزت رأسها ببطء، محاوِلةً فهم الوضع وسط الفوضى التي تعصف بها: “لا أعلم، أنا أيضًا.”

تصلب وجه آرون أكثر، وكأن ملامحه تحولت إلى حجر صلد، ثم نطق بصوت عميق ومليء بالتهديد: “إذاً، ستدفعين الثمن.”

كما لو كان جمرًا أُطلق، اندفع آرون نحو لافير في هجوم مجنون، تاركًا خلفه أثرًا من الرياح العاتية التي تجمعت حوله كعاصفة. تطاير جسد لافير في الهواء بسرعة هائلة، كالعصفور الجريح الذي يحاول الهروب. ارتفعت عن سطح الأرض، متجاوزةً مسافات عدة كيلومترات، مما جعل كفاحها مرئيًا من بعيد.

لكن لم تستسلم. بحركة سريعة ودقيقة، عدلت موضعها في الهواء وكأنها تتحكم بقوى غير مرئية. في اللحظة التي استقرت فيها، بدأت في تشكيل منجل مهيب من الدم، الذي تدفق من يديها كالنهر الأحمر المتقد. كان المنجل يتلألأ بتوهج غامض، وكأن القوة الدموية نفسها تتسرب منه.

عندما أتمت تشكيل المنجل، لوحت به بتقنيات هادئة ولكن حازمة نحو حيث كان يقف آرون. مع كل حركة، كانت الطاقة الحمراء تتدفق من المنجل بشكل أفقي، تندفع في الهواء كالسيل الجارف. اهتز الفضاء من حولها بشكل مرعب، وأصبحت السماء ملونة بألوان الحمم المشتعلة، مما جعل المشهد يبدو وكأنه انفجار بركاني هائل.

كان آرون يراقب كل ذلك ببرود مطلق، كأنه يتابع عرضًا سينمائيًا في قاعة مهيبة. رفع إصبعه ببطء، كأنه يستعد لالتقاط كرة سحرية غير مرئية. شكل كرة سوداء صغيرة بحجم الإبهام، تحولت ببطء إلى ليزر أسود متوهج بخيوط من الضوء البارد. اندفع الليزر نحو الطاقة الحمراء، وبقوة لا تصدق، واجهها في صدام هائل.

عندما تصادمت الطاقتان، انفجر الهواء من حولهما بقوة هائلة، مما أدى إلى تدمير الغابة المحيطة. تصاعد الدخان والرماد، وتطايرت الأشجار كأنها قطع خشبية تتناثر في عاصفة عاتية. كانت الأرض ترتجف تحت قوة الانفجار، وغمر كل شيء في دوامة من الضوضاء والخراب.

بينما كانت الفتاة تشاهد الانفجار، اتسعت أعينها بالصدمة و الذهول. كانت محاطة بفراغ هائل من الفوضى، وحاولت حماية نفسها برفع يديها بشكل متقاطع. ولكن آرون كان أسرع من التفكير. دوران 360 درجة، وبحركة متقنة ومؤثرة، استخدم قوة هائلة في ركلة قاضية، مما أدى إلى تحطيم ذراعيها بصوت صادم كبسكويت هش.

“بوففففف!”

سقطت الفتاة إلى الأرض، وقذف جسدها بعيدًا كطائر مكسور، واستقر أخيرًا بعد اصطدامه بجبل صخري. لولا هذا الاصطدام، لكانت استمرت في الطيران بعيدًا، تاركةً وراءها أثرًا من الدمار. نظرت إلى آرون، وكانت عينيها تعبران عن دهشتها واستغرابها.

“لديه جسد قوي بحق”، همست الفتاة بصوت خافت، محاوِلةً فهم القوة الجبارة التي يمتلكها خصمها.

في تلك اللحظة، كان آرون قد اقترب منها، وكأنه يتنقل بين الأبعاد دون جهد. وقف أمامها، مع وجهه الذي لا يظهر سوى القليل من التعبير، ولكنه كان ينفث قوة مهيبة. المشهد من حولهم كان ما زال مغطى بآثار الانفجار، مما جعل كل شيء يبدو أكثر دراماتيكية وغموضًا.

في عمق الظلام الذي انبثق من جسد آرون، كانت هالة مظلمة تتسرب من كل زاوية، ملوّنةً الأجواء حوله بتوهج قاتم يخفي المعالم. كانت عينيه تتألقان بوميض بارد، كأنما تكشفان عن قوى خفية لا يمكن تصورها. الهواء مشحون بشحنة غريبة، تكاد تشعر بها كضباب كثيف يلتف حول كل شيء، مما يضيف طبقة إضافية من الغموض إلى المشهد.

بجزء من الثانية، انطلقت قبضة مظلمة من يد آرون نحو ملكة مصاصي الدماء. لكن قبل أن تلامسها، تحوّل جسدها إلى ضباب رقيق من الدم، متجنبًا القبضة القاتلة. ارتطمت القبضة المظلمة بصخرة الجبل، مما أدى إلى انفجار هائل.

“بوففففف!!”

الشعاع المظلم دمر الجبل تمامًا، محطمًا إياه إلى كومة من الرماد والدخان. الصخور الكبيرة تفتتت إلى شظايا، واهتزت الأرض تحت التأثير المدمر. الأشجار المجاورة تساقطت كأنها قطع خشبية تتناثر في عاصفة، والرياح العاتية سحبت الغبار والأوراق، مما جعل الفروع تتطاير وكأنها تتساقط في أمطار من الشظايا.

نظر آرون حوله ببرود، كانت عيناه تتبعان سحب ضباب الدم المتناثرة، وتمعن في الشقوق التي مزقت الهواء. تمزق الفضاء تحت تأثير الانفجار، وكأنما يتلوى تحت قوة لا يمكن السيطرة عليها. كل شيء حوله كان يذوب في الفوضى، مع ارتجاج الأرض وصوت الرياح القوية.

“إذاً، تريدين لعب لعبة الشبح؟” همس بصوت بارد ومخيف، ثم رفع يده إلى السماء وتمتم بكلمات قديمة ومهيبة.

“استدعاء سيف النهاية.”

بدأت الغيوم الممطرة التي غطت السماء في التلاشي، ليتبدل المشهد إلى كتلة مظلمة لزجة وكثيفة تغطي الفضاء فوقهم. من قلب هذه الكتلة، خرج سيف مظلم، مصقول بمواد غير معروفة وكأنه أتى من أعماق الهاوية. السيف كان يفيض بطاقة سحرية عميقة، وهبط ببطء إلى يد آرون، مما خلق شعاعاً مظلماً ينزلق عبر الأجواء.

نظرت لافين إلى السماء، انعكست على وجهها إشارات الإثارة والدهشة. قالت بصوت مليء بالاهتمام: “مثير للاهتمام!”

“إذا كنت تريدين أن تلعب هكذا منذ البداية، فسوف أفعل نفس الشيء.”

رفعت لافين يدها إلى الأمام، وفتحت شقًا أبعادياً في الفضاء. من داخل الشق، خرج منجل أسود ذو حواف حمراء ذهبية، يتلألأ بتوهج ناري كأنما يتدفق من قلب الجحيم. شعاعه اللامع قطع الفضاء، مشكلاً حافة حادة تتوهج بطاقات قاتلة.

تبادل الاثنان نظرات حادة لثوانٍ معدودة، ثم اختفوا من أماكنهم كأنهم تلاشى من الواقع ذاته. في رمشة عين، ظهروا أمام بعضهم البعض، والأسلحة تتصادم في صراع ضخم.

انفجار هائل اجتاح الأفق:

“بوففففففف!”

التصادم أحدث انفجارًا عظيمًا، حيث تمزق الهواء حولهم إلى قطع متناثرة. الطاقة المتصادمة خلقت دوامة من الضوء والظلام، وكانت الأرض ترتجف تحت قوة الانفجار. الأشجار التي نجت من الدمار الأول تأثرت بشدة، واهتزت فروعها وسقطت أوراقها كأمطار من الشظايا. السماء تمزقت إلى شقوق مضيئة، وظهرت تموجات على سطح الفضاء، كأنما يتلوى تحت تأثير صراع لا يمكن السيطرة عليه، بينما تمزق الفضاء تاركًا خلفه شقوق بعدية تحاول إصلاح نفسها بيأس، وهي تبتلع كل ما حولها.

~~~

اعذروني على الأخطاء….⬇️

2024/09/06 · 68 مشاهدة · 1407 كلمة
TroX
نادي الروايات - 2024