الفصل التاسع والعشرون: "لينا"

بلع نيفاليس ريقه ببطء، وهو يترقب كلمات آدم القادمة.

لكن على عكس المتوقع...

بدأت هالة آدم بالانحسار تدريجيًا، حتى اختفت تمامًا، وكأنها لم تكن موجودة.

رفع نيفاليس حاجبه باستغراب، لكنه لم ينطق بشيء.

قال آدم بصوت هادئ، لكن يحمل في نبرته وضوحًا حادًا:

"كان ذلك مجرد اختبار أولي. لا أكثر."

قال مع ابتسامة خفيفة على وجهه:

"لقد كان فضولًا مني عن ساحر العناصر الذي جاء إلى اتحادنا بدلًا من أن يذهب إلى أحد منازل الدوقات في المملكة. أولئك البهائم سيسيل لعابهم إذا ذهب إليهم ساحر يستخدم أكثر من عنصر."

ثم، بعد لحظة من الصمت، قال آدم بنبرة حازمة وقاطعة: "هيا بنا لتختار لك فريقًا."

لكن في تلك اللحظة، قاطع صوت مفاجئ حديثهم.

"لا حاجة، فسأخذ أنا ذاك الصغير لفريقي."

ساد الصمت للحظات بعد أن تردد الصوت الأنثوي الواثق في أرجاء القاعة. نظر نيفاليس نحو مصدر الصوت، استدار أدم نحو مصدر الصوت، ابتسامة خفيفة على شفتيه، وقال بنبرة مسترخية:

"أه... لم أتوقع أن تكوني هنا، لينا."

تقدمت الفتاة بخطوات واثقة، شعرها الأحمر الناري يتماوج مع حركتها، وعيناها الخضراوان الحادتان تلمعان بذكاء. كانت تحمل على ظهرها سيفًا ضخمًا، وكأن وجوده هناك طبيعي تمامًا. ملابسها الجلدية المدعمة بالحديد تعطيها مظهر محاربة لا يُستهان بها، والندبة التي تعبر وجنتها لم تنتقص من جمالها، بل أضفت عليه طابع القوة والخبرة.

ابتسم آدم وهو ينظر إلى نيفاليس، ثم قال بلهجة ساخرة: "يالك من محظوظ، فيكتور. ستنضم إلى الفريق الأمثل لقدراتك تمامًا."

رفع نيفاليس حاجبه قليلًا، ثم أعاد نظره إلى الفتاة التي كانت تحدق به باهتمام، قبل أن تبتسم ابتسامة ناعمة وتقول بصوت يحمل لمحة من المرح:

"إذن... أنت الصغير الجديد؟"

بقي نيفاليس صامتًا، لكن نظرته أخبرت أنها لم تعجبه الطريقة التي تحدثت بها.

"لست صغيرًا." قال بنبرة هادئة.

قهقهت الفتاة بخفة، ثم وضعت يدها على خاصرتها وأمالت رأسها قليلاً. "بالطبع، بالطبع... كل الصغار يقولون ذلك."

قبل أن يتمكن نيفاليس من الرد، اقتربت منه وانحنت قليلًا، كما لو كانت تدرسه بعينيها. كان هناك دفء غريب في نظرتها، على الرغم من ثقتها الواضحة.

"أنا لينا، قائدة الفريق الثالث في اتحاد المرتزقة." قالت بفخر، ثم وقفت مستقيمة مجددًا وأضافت: "وفرقي ليس مجرد مجموعة من المحاربين. نحن عائلة."

توقفت للحظة، كما لو كانت تعطي نيفاليس وقتًا لاستيعاب كلماتها، ثم تابعت:

"الاتحاد بأكمله هو عائلتنا الكبيرة، لكننا داخل هذه العائلة نجد روابطنا الخاصة. الفريق الخامس هو عائلتي الصغيرة، ونحن نحمي بعضنا البعض كما تفعل أي عائلة حقيقية."

تألقت عيناها وهي تتحدث، وكان من الواضح أنها لم تقل هذه الكلمات فقط كمجرد شعار، بل لأنها تؤمن بها حقًا.

"إذن..." قال نيفاليس بعد لحظة صمت. "تريدين مني الانضمام إلى عائلتك الصغيرة؟"

ابتسمت لينا ومدت يدها إليه. "بالضبط. سأكون صادقة معك، الانضمام إلينا ليس بالأمر السهل. نحن لا نقبل أي شخص، لكنني أرى أنك تملك شيئًا مميزًا... شيئًا يستحق أن يكون جزءًا منا."

بقي نيفاليس ينظر إلى يدها للحظات، ثم رفع عينيه إليها وقال: "وما الذي سيجعلني أقبل؟"

ضحكت لينا مرة أخرى، ثم قالت بنبرة مليئة بالحيوية: "لأنك تعلم أن الوحدة ليست الحل. لأنك رأيت بأم عينك كيف يمكن للعائلة أن تمنح القوة... أليس كذلك؟"

ارتعشت عينا نيفاليس للحظة، لكنه أخفى ذلك بسرعة.

"وأيضًا..." أضافت لينا وهي تتراجع خطوة للخلف. "لأنني لن أسمح لك بالرفض."

نظر آدم إلى المشهد أمامه، ثم قال بابتسامة خفيفة: "يبدو أنك في موقف لا تحسد عليه، فيكتور."

نظر نيفاليس إلى لينا مجددًا، ثم زفر ببطء وأجاب أخيرًا: "حسنًا... لنرى إن كنتِ محقة."

وضعت لينا يديها على خصرها وهي تنظر إلى نيفاليس بابتسامة واثقة قبل أن تقول:

"حسنًا، قبل أن تكون واحدًا منا، عليك أن تمر باختبار صغير."

رفعت إحدى حاجبيها وأضافت بنبرة مليئة بالتحدي:

"أنا من سيتولى اختبارك، لذا أرني إمكانياتك أيها الطفل اللطيف."

نظر نيفاليس إليها بصمت للحظات، ثم زفر بهدوء، مدركًا أنه لن يستطيع تجنب هذا القتال. لم يكن بحاجة لإثبات نفسه لها، لكنه كان يعلم أن هذا هو الطريق الوحيد للانضمام إلى الاتحاد.

أدم، الذي كان يراقب المشهد من الخلف، ابتسم قليلًا وقال:

"حسنًا، القواعد بسيطة. لا قتل، لا إصابات خطيرة، لكن بخلاف ذلك… لا قيود."

.....

في إحدى قاعات التدريب داخل مقر اتحاد المرتزقة، كانت الأضواء السحرية المنتشرة على الجدران تلقي بظلال خافتة على الأرضية الخشبية المصقولة. الجدران مزينة بأسلحة متنوعة، بعضها يبدو مستخدمًا بشدة، بينما البعض الآخر يلمع كما لو أنه لم يُمس بعد.

في منتصف الساحة، وقف نيفاليس ممسكًا بسيفه، محاطًا بعدد من المرتزقة الذين تجمعوا لمشاهدة الحدث. بينما وقفت لينا أمامه بذراعين متشابكتين وابتسامة واسعة تعلو وجهها. كانت تنظر إليه كما لو كانت تراقب حيوانًا أليفًا لطيفًا أكثر من كونه خصمًا محتملاً.

قالت بصوت مرح، وهي تميل رأسها قليلاً كما لو كانت تدرسه بعناية. "كم أنت ظريف! هل تأكدتَ من أنك لم تضل طريقك إلى هنا؟ هذا المكان مخصص للمحاربين، وليس للأطفال الضائعين."

ارتعشت عين نيفاليس قليلاً، لكنه ظل صامتًا.

"آه، لا تغضب." تابعت وهي تضع يدها على فمها كما لو كانت تحاول كتم ضحكتها. "إنه خطأي، لم أقصد التقليل منك... فقط لا أستطيع مقاومة استفزازك، تعابير وجهك وأنت تحاول تجاهلي مسلية جدًا!"

زفر نيفاليس ببطء، محاولًا كبح إحباطه، لكنه كان يعلم أنها تفعل ذلك عمدًا. كان بإمكانه رؤية البريق المشاكس في عينيها، وكأنها تستمتع بردة فعله.

"هل انتهيتِ؟" سأل أخيرًا بصوت هادئ.

"ممم..." وضعت إصبعها على ذقنها، متظاهرة بالتفكير. "ليس بعد، لكن يمكنني تأجيل المزيد إلى ما بعد القتال."

عندها، أطلق نيفاليس زفرة هادئة، ثم رفع سيفه ببطء. كانت عيناه هادئتين، لكن في داخله كان مستعدًا لأي حركة.

"سأدع أفعالي تتحدث عني."

قهقهت لينا بخفة، ثم اتخذت وضعية قتالية دون أن تسحب أي سلاح.

"هذا ما أردت سماعه!"

وضع نيفاليس نفسه في وضعية قتالية ثابتة. أغمض عينيه لثانية، وعندما فتحهما مجددًا، تألقت قزحيته بوميض خافت من الطاقة السحرية، دليلًا على أنه عزز بصره بالسحر، ليتمكن من تتبع أدق الحركات.

تجمعت تيارات الهواء حول قدميه، بالكاد مرئية، لكنها حملت هالة خفية من القوة، جعلت عباءته تتحرك بخفة حوله. وفي اللحظة التالية، اجتاحت ألسنة لهب عميقة اللون نصل سيفه، متراقصة ككائن حي متعطش للقتال. النيران لم تكن عادية، بل امتزجت بطاقة غريبة، مما جعلها تتوهج بلون أحمر داكن تتخلله شرارات ذهبية باهتة. بدا المشهد كأن السيف قد انتزع نارًا من قلب معركة مشتعلة.

سادت لحظة من الصمت في القاعة، قبل أن يخرج أحد المتفرجين نفسًا محبوسًا. لم يكن المشهد مألوفًا، حتى بالنسبة لمرتزقة متمرسين.

"واو..." صفرت لينا بإعجاب، واضعة يدها على خصرها. "انظروا إلى هذا! لدينا هنا استعراض حقيقي للقوة!"

ثم نظرت إلى نيفاليس بعينين متألقتين بالحماس، وابتسامة واسعة.

"لكن القوة وحدها لا تعني شيئًا إن لم تستطع استخدامها بشكل صحيح، أيها الطفل اللطيف."

لكن قدميه المعززة بسحر الرياح منحته استجابة سريعة، فاندفع إلى الجانب، متفاديًا الضربة بفارق ضئيل، ثم قام بهجمة مضادة مباشرة، مسددًا ضربة بسيفه المغطى بالنيران.

لكن لينا لم تكن خصمًا سهلًا. مالت بجسدها بخفة، متجنبة حد السيف، ثم دارت حوله بسرعة خاطفة، محاولًة ركله في جانبه المكشوف.

"سريعة وقوية..." تمتم نيفاليس لنفسه، قبل أن يستخدم الرياح لتعزيز قفزته، متفاديًا الركلة بصعوبة.

هبط على الأرض، ثم ضغط على قدميه، مندفعًا نحوها بهجوم أمامي. سيفه اشتعل بقوة أكبر، وانطلق في هجوم متتابع من الضربات، كل واحدة منها تترك أثرًا من الشرارات في الهواء.

لكن لينا لم تتراجع، بل واجهت كل ضربة بيديها العاريتين، مستخدمة قوتها الجسدية الصرفة. في كل مرة يقترب سيفه منها، كانت تصده بحركات دقيقة، وبدون تردد.

"ليس سيئًا، لكن..." قالت بينما صدت إحدى هجماته الأخيرة، ثم استغلت زاوية جسدها لتندفع نحوه فجأة. "لست سريعًا بما يكفي!"

وجهت لكمة مباشرة إلى صدره، لكنه، بدلاً من أن يحاول تفاديها، أطلق دفعة قوية من سحر الرياح تحت قدميه، مما جعله ينحرف إلى الخلف بسرعة تفوق توقعاتها.

استغل تلك اللحظة، ووجه ضربة أفقية بسيفه، لكن لينا، بابتسامة، انحنت تحتها بمرونة، قبل أن تطلق ركلة قوية نحو ذراعه الحاملة للسيف.

ارتطم السيف بالأرض بفعل قوتها، لكن نيفاليس لم يسمح لها بالسيطرة. أطلق اندفاعة سريعة أخرى، مستخدمًا الرياح لزيادة سرعته، ثم استدار بسرعة وضربها بموجة نارية خاطفة من سيفه.

لم تتمكن لينا من تفادي كل الحرارة، لكن بدلًا من أن تتراجع، ضحكت.

"هاه... ليس سيئًا فعلًا!"

ثم فجأة، قبل أن يتمكن نيفاليس من التحرك، كانت قد ظهرت أمامه تمامًا، قبضتها ترتفع نحو معدته. لم يستطع تفاديها بالكامل، فامتص الضربة جزئيًا، لكن القوة دفعت الهواء خارج رئتيه للحظة.

تراجع خطوتين، بينما وضعت لينا يديها على خصرها، تنظر إليه بابتسامة مليئة بالثقة.

"كنت أتوقع شيئًا ممتعًا، ولم تخيب ظني."

"إذن؟ هل اجتزت الاختبار؟" سأل بصوت ثابت.

"بالطبع، إذا لم تجتز هذا الاختبار، فمن غيرك يستحق الانضمام؟" قالت لينا بضحكة واثقة، وكأنها تعلن قبوله بالفعل.

بمجرد أن قالت تلك الجملة، انهار نيفاليس على الأرض، يلهث بصوت مسموع. المعركة بأكملها لم تستمر أكثر من دقيقتين، لكنها استنزفته تمامًا. قطرات العرق انحدرت على جبينه، وصدره كان يعلو ويهبط بسرعة، محاولًا استجماع أنفاسه.

شعر بجسده وكأنه محاط بثقل هائل، ولم يكن ذلك بسبب ضربات لينا وحدها، بل أيضًا بسبب كمية السحر التي استهلكها. لقد قارب على استنزاف مخزون مانته بالكامل، وهو أمر لم يكن غريبًا عليه. بعد كل شيء، لم يكن يملك سوى القليل منها، بالكاد كان في الرتبة الثانية.

ضغط على قبضته وهو يستلقي للحظة، ثم تمتم بصوت خافت، بالكاد مسموع لنفسه:

"آه... أحتاج إلى تدريب جسدي أكثر... وزيادة مخزون مانتي."

كان نيفاليس يعرف نقاط ضعفه جيدًا، وكان عليه العمل عليها.

خطوات خفيفة اقتربت منه، ثم توقفت أمامه. رفع رأسه قليلًا، ليرى لينا تمد يدها نحوه بابتسامة مشرقة.

"مرحبًا بك في العائلة، فيكتور."

نظر إليها لوهلة، ثم إلى يدها الممدودة. للحظة، تردد… لكنه سرعان ما ابتسم، ومد يده وأمسك بيدها.

كانت فكرة "العائلة" قد بدأت تروقه بالفعل.

2025/04/19 · 2 مشاهدة · 1492 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025