الفصل الثالث والثلاثون "عقد من البحث"

"لكنه لم يعد أبدًا."

قال هذا ثم استدار وأكمل الطريق، كان واضحًا أنه لا يريد التحدث في هذا الموضوع أكثر، لكن نيفاليس لم يستطع كبح فضوله.

"مات في مهمة؟" سأل بصوت مشوب بالشك.

لم يكن منطقيًا أن يموت رجل بقوة زوج القائدة في مجرد مهمة استكشاف. صحيح أن نيفاليس لم يكن يعرف مدى قوته، لكن إذا كانت القائدة بهذه القوة، فمن الطبيعي أن يكون زوجها على الأقل في مستوى مماثل، لا سيما بعد كلام فليكس عنه.

من كانت قائدتهم؟

كانت ثاني أقوى شخص في مجتمع المرتزقة، ولم تكن قوتها مزحة. في المملكة، كان هناك قلة فقط يمكنهم مجاراتها، وعدد أقل بكثير يستطيعون هزيمتها. وحتى على مستوى القارة بأكملها، كانت من بين النخبة.

لذا، كيف يعقل أن يموت زوجها في مجرد مهمة استكشاف؟

جاء رد فليكس ليزيد من ارتباك نيفاليس وأسئلته.

"أعلم ما يدور في ذهنك، نيفاليس. كيف يمكن لمهمة استكشاف أن تكون خطيرة على شخصين بقوة القائدة والسيد نوح؟"

نوح؟ إذًا، هذا كان اسم زوج القائدة.

التفت فليكس لينظر في عيني نيفاليس مباشرة وقال:

"أتعتقد أن القائدة كانت محاربة في ذلك الوقت؟ لا، لقد كانت مجرد فتاة عادية. فتاة لو رأيتها آنذاك لما توقعت أبدًا أنها ستصبح ما هي عليه اليوم."

أصبحت الصدمة جلية على وجه نيفاليس.

"محض فتاة عادية؟! من أسرة تجارية؟!"

"نعم،" أكمل فليكس، "السيد نوح، بحكم مكانته، كان يسافر إلى مدن النبلاء. وفي إحدى تلك المدن، التقى بالقائدة حين كانت في رحلة تجارية مع والدها. أعجب بها، وتزوجا. لم يكن يهتم بالمكانة الاجتماعية، ولم يعترض والدها، فقد كان شخصًا لا يكترث لمثل هذه الأمور."

نيفاليس شعر أن الأمور بدأت تصبح أكثر غرابة.

"انتظر، انتظر... زوج القائدة كان ابن ملك المرتزقة، آدم؟"

"بالضبط، نوح راينهارت."

فرك نيفاليس عينيه، محاولًا استيعاب المعلومات الجديدة. القصة بدأت تصبح أكثر تعقيدًا في نظره.

"هناك أشياء غير منطقية هنا، أولها: كيف أصبحت القائدة بهذه القوة؟ لم تكن كبيرة في السن لتصل إلى هذا المستوى بالتدريب فقط بعد الزواج، هذا غير معقول. وثانيًا: كيف مات بحق الجحيم في مهمة استكشاف؟! شخص من عائلة راينهارت، ابن ملك المرتزقة، لن يكون ضعيفًا بأي حال من الأحوال."

أجاب فليكس بصوت هادئ، لكنه حمل في طياته ثقل الحقيقة:

"لا أحد يعلم."

أطلق السيد آدم عدة حملات لتمشيط منطقة الأثر، مستعينًا بأفضل المحاربين وأمهر المتعقبين، لكن دون جدوى. لم يجدوا أي أثر، لا للأطلال ولا للسيد نوح. حتى عندما قرر السيد آدم الذهاب بنفسه، عاد بنفس النتيجة. لم يكن الأمر مجرد اختفاء عادي، بل كان أشبه بشيء ابتلع كل ما في المكان ولم يترك خلفه حتى بقايا.

عندما وصل الخبر إلى القائدة وقع الخبر عليها كالفاجعة، للحظات بدا وكأنها لم تستوعب ما قيل لها، وكأن عقلها يرفض قبوله. ثم، ببطء، بدأ وقع الكلمات يتسلل إلى داخلها، ومعه حلّ صمت ثقيل خيم على كل من كان حاضرًا. لم تصرخ، لم تنهار بالبكاء، لكنها تحولت إلى شخص آخر.

في البداية، ظن البعض أنها من شدة الحزن فقدت صوابها. رغم اعتراض الجميع، ذهبت وحدها إلى منطقة الأطلال، مصممة على البحث بنفسها. بقيت هناك أيامًا، تبحث في كل زاوية، تتحرى كل حجر، وكأنها تأمل أن تجد حتى ولو أثراً صغيرًا يدل على أنه كان هناك. لكن في النهاية، لم تجد شيئًا.

استمر بحثهم لأشهر، لكن في النهاية، اضطر الجميع إلى تقبل الواقع.

لكن القائدة؟ لم ترضَ بذلك الواقع، رفضته وإنكرته بكل ما أوتيت من قوة. لم تكن مجرد خسارة بالنسبة لها، بل كان كسرًا لشيء عميق بداخلها، شيء لم تستطع السماح له بالضياع هكذا.

في عيون الآخرين، بدت وكأنها تهرب من الحقيقة، كأنها ترفض الاستسلام لحقيقة موت زوجها. لكن بالنسبة لها، لم يكن الأمر كذلك. لم يكن هناك جثمان، لم يكن هناك دليل قاطع على رحيله. فقط اختفاء، فراغ، أسئلة بلا إجابة، وهذا ما جعلها تتمسك بالأمل، حتى لو كان أملًا هشًا يكاد يتلاشى مع كل يوم يمر.

منذ تلك اللحظة، تغير كل شيء. لم تعد تلك الفتاة العادية التي عرفها الجميع.

أدركت أنها بحاجة إلى القوة، ألقت بنفسها في طريق المحارب، سلكت دربًا كان الجميع يعتقد أنه لم يعد متاحًا لها. في سن العشرينات المتأخرة، كان من المستحيل تقريبًا أن تصل إلى مستوى قوي، لكنها لم تكترث.

الكثيرون قالوا إنها مجنونة، والكثيرون قالوا إنها ستفشل. لم يكن الأمر سهلًا، فقد كانت مجرد فتاة عادية

في منتصف العشرينيات، والطريق كان طويلًا ومرهقًا.

لكنها لم تهتم.

تدربت بلا هوادة، قاتلت، تعلمت، ارتفعت بين صفوف المرتزقة بسرعة مذهلة، وكأن شيئًا بداخلها يحترق ويدفعها للأمام دون توقف. لم يكن مجرد سعي خلف القوة، بل كان بحثًا مستمرًا، صراعًا لا ينتهي، رحلة لم تتوقف يومًا على أمل العثور على إجابة… أو على شخصٍ ما.

تدربت، قاتلت، تقدمت، بحثت، ولم تتوقف أبدًا. وفي النهاية، أصبحت ثاني أقوى شخص في مجتمع المرتزقة.

"تدربت بلا توقف. قاتلت بلا هوادة. بحثت بلا كلل. وبالرغم من ذلك، لم تجد أي أثر له."

وهكذا، مرت عشرة أعوام.

عقد كامل من البحث المتواصل.

عقد من الأمل المعلق على الخيط الرفيع من الإنكار.

نظر فليكس إلى نيفاليس، وعلى وجهه ابتسامة تحمل مزيجًا من الإعجاب والأسى.

"وها نحن هنا الآن. لم تظهر الآثار مرة أخرى، ولم يظهر السيد نوح... لكن القائدة ما زالت مستمرة في البحث."

قال ذلك، ثم استدار ليكمل طريقه، وكأنه أنهى القصة تمامًا.

تبعه نيفاليس بصمت، غير قادر على إيجاد الكلمات المناسبة.

بعد فترة قصيرة من التجول في السوق، واشتراء بعض الحلويات، توجهوا إلى الساحة المركزية حيث المنازل القريبة من قاعدة المرتزقة.

في النهاية، وصلوا إلى الساحة المركزية، حيث اجتمع الناس حول الباعة المتجولين، والحرفيين، والموسيقيين الذين يملأون المكان بالحياة. لكن بالنسبة لنيفاليس، كل شيء بدا باهتًا، وكأن العالم فقد ألوانه للحظات.

لقد كان هناك شيء غامض في هذه القصة، شيء لم يُكشف بعد. وكما يعرف عن نفسه... لن يهدأ حتى يكتشفه.

2025/04/19 · 2 مشاهدة · 895 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025