الفصل الرابع والثلاثين:"نوح الصغير"

بينما اقترب نيفاليس وفليكس من منزل لينا، كانت الأجواء مليئة بالضحك والأحاديث الدافئة التي تملأ المكان. كانت أصوات الضحك تأتي من الداخل، بينما كان الهواء الخارجي يحمل رائحة الطعام الطازج. كانت تلك الأصوات مريحة لنيفاليس، كما لو كانت نغمات الحياة البسيطة التي طالما كان يفتقدها.

دخل نيفاليس وفليكس المنزل، حيث كان الجميع هناك. نوح، الذي لم يتجاوز الثانية عشر من عمره، كان يقف في وسط الغرفة ممسكًا بعصا تشبه الرمح. كانت حركاته مليئة بالفخر كما لو كان يعتقد أنه أصبح خبيرًا في استخدامها. شعره الأسود الحريري وعيناه اللامعتان كانتا تحملان ملامح والدته، لينا، وكان هناك شيء في ابتسامته يدل على أنه فخور بنفسه وبما أنجزه حتى في هذه السن الصغيرة.

"أمي!" هتف نوح بحماس وهو يندفع نحو لينا، التي كانت تجلس على الأريكة قرب المدفأة. قفز إلى حضنها بلا تردد، متجاهلًا تمامًا وجود الضيوف للحظات.

ضحكت لينا وهي تضم ابنها بحنان، تمسح على رأسه بلطف. "ما الأمر، صغيري؟ تبدو متحمسًا جدًا اليوم."

رفع نوح العصا أمام وجهها بفخر، محاولًا أن يبدو جادًا. "لقد أصبحت ماهرًا في استخدام الرمح!" قال بثقة، ثم رفع ذقنه وأضاف بنبرة حالمة: "أريد أن أذهب معك في مغامرة، وأقاتل الوحوش مثلك!"

ضحك فليكس من قلبه، بينما وضع نيفاليس يديه على صدره متأملًا الطفل.

"أوه، هكذا إذن؟" قالت لينا، مشيرة إلى العصا. "ومن دربك على ذلك؟"

"أنا دربت نفسي!" أعلن نوح بفخر، ثم قام بتأدية حركة سريعة بالعصا، لكنه فقد توازنه قليلًا، مما جعل نيفاليس يقمع ابتسامة صغيرة.

"أحسنت، أيها البطل." قالت لينا وهي تربت على رأسه. "لكن لا يزال أمامك طريق طويل."

هنا، تدخل فليكس وهو يبتسم. "حسنًا، يبدو أن لدينا محاربًا صغيرًا بيننا. لكن المغامرات ليست سهلة كما تعتقد يا نوح الصغير."

نوح عبس، ثم أدار رأسه ليحدق في نيفاليس للحظات، قبل أن يرفع إصبعه نحوه ويسأل بجدية مفاجئة:

"لحظة! إذا كان هذا الطفل في فريقكم، فلماذا لا أستطيع الانضمام أيضًا؟!"

ساد صمت مفاجئ في الغرفة، قبل أن ينفجر الجميع ضاحكين، حتى لينا نفسها لم تستطع منع ابتسامتها.

أما نيفاليس، فقد رفع حاجبيه قليلًا، غير متأكد مما إذا كان يجب أن ينزعج أم يضحك.

"أنا لست طفلًا." قال نيفاليس بجفاف.

"لكن شكلك يقول عكس ذلك." رد نوح بخبث، وهو يعقد ذراعيه وينظر إليه بتمعن.

ضحك فليكس مجددًا وربت على رأس نوح. "لا تقلق، عندما تكبر قليلًا، سنأخذك في مغامرة حقيقية. لكن حتى ذلك الحين، عليك أن تصبح أقوى!"

أخذ نوح نفسًا عميقًا، ثم نظر إلى والدته، وكأنه يبحث عن تأكيد لكلام فليكس. لينا ابتسمت وربتت على كتفه. "يبدو أن لديك تحديًا أمامك، صغيري."

عبس نوح، لكنه هز رأسه بحماس. "حسنًا! سأصبح أقوى بكثير!" ثم ركض نحو إحدى الزوايا، حيث وُضعت بعض الهدايا والألعاب التي أحضرها أعضاء الفريق له في زياراتهم السابقة.

بينما كان نوح يذهب إلى ركن الألعاب حيث وُضعت الهدايا واللعب، لاحظ نيفاليس ابتسامة الجميع في الغرفة. كانت لحظة من الفرح الخالص التي أسعدت الجميع. نوح كان في عالمه الخاص، غير مهتم بما حوله، وهو يستمتع بكل لحظة.

ثم عاد نوح إلى صندوق الألعاب، حيث أخذ بعض الألعاب التي أحضرها الأعضاء له، وبدأ في فتحها واحدة تلو الأخرى، كأنه في عرض هدايا. أخذ دمية كبيرة من فليكس، سيارة صغيرة من ميرا، وصندوق مملوء بأدوات لعب من غرايف، وأخذ أشياء أخرى من الجميع. كانت عينيه تتسع من فرط السعادة عندما اكتشف كل هدية، وكان يمررها من يد إلى يد، ويعطي لكل شخص شكرًا خاصًا.

بينما كان يعبث بأحد الصناديق، التفتت لينا إلى نيفاليس. "يبدو أنك وجدت منافسًا، نيفاليس."

أجاب نيفاليس بلهجة غير مبالية: "إنه مجرد طفل."

نوح التفت بسرعة وحدق فيه. "سمعت ذلك! عندما أكبر، سأهزمك في نزال!"

ضحك الجميع مرة أخرى، فيما تنهد نيفاليس وأدرك أنه قد حصل على خصم جديد، وإن كان أصغر منه بكثير.

بينما كان الجو مليئًا بالضحك، نظر نوح إلى ميرا أولًا، ثم أدار رأسه ليجد نيفاليس واقفًا أمامه. "أنت صغير!" قال نوح بجدية مضحكة. ثم أضاف، وهو يمد يده مصافحًا نيفاليس بحركة مشوّقة: "أنا نوح، لا تحزن لأنك أصغر أعضاء فريق أمي. لن يطول الأمر، وسأكون أصغر أعضاء الفريق لكنني سأكون الأقوى!"

نيفاليس نظر إلى يده الممدودة، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يربت على رأس نوح. "حتى ذلك الحين ستظل طفلًا."

انفجر الجميع في ضحك مدوٍ، فيما احمر وجه نوح، الذي شعر بحرج شديد، لكنه لم يستطع إلا أن يضحك هو الآخر. كان رد نيفاليس بمثابة انتقام صغير على تعليق نوح السابق.

بينما استمر الضحك في المكان، نظر نيفاليس إلى الجميع. كانت الابتسامات تملأ الغرفة، والجو مليء بالبهجة. كان يشعر بشيء مختلف في هذا المكان، شيء لم يشعر به من قبل، وكأن قلبه يكتشف معنى الانتماء لأول مرة.

رفع نيفاليس رأسه، ونظر إلى جميع أعضاء الفريق، وهم جميعًا مبتسمون ومبتهجون. في تلك اللحظة، شعر بشيء عميق في قلبه. تلك اللحظة التي شعر فيها أخيرًا أنه ينتمي إلى هذا المكان، إلى هذه العائلة.

ابتسم نيفاليس في صمت، وقال لنفسه: "هذه عائلة حقيقية."

....

قالت لينا بابتسامة لطيفة بينما كانت تنظر إلى الجميع: "حسنًا، هيا إلى الطعام، الجميع."

نهضت ميرا بسرعة وتوجهت نحو المطبخ، تلتها سيليست، بينما لينا كانت تتأكد من أن كل شيء جاهز على الطاولة. اجتمع الجميع حول المائدة التي كانت مزينة بأطباق شهية، وتوزعت الأطباق التي أعدتها لينا بعناية، حيث كانت المأكولات تحمل مذاقًا دافئًا وأجواء حميمية تعكس حبها لأفراد عائلتها.

جلسوا جميعًا على المائدة، وتناوبوا في التعبير عن إعجابهم بالأطباق التي تم تحضيرها. نوح كان أول من بدأ، يلتهم الطعام بسرعة وهو يتحدث بين اللقيمات. "أمي، هذا الطعم رائع! هل يمكنني الحصول على المزيد؟"

ابتسمت لينا وقالت، "بالطبع، لكن عليك أن تأخذ وقتك، أيها المحارب الصغير."

ميرا، التي كانت تجلس بجانب نوح، تبتسم وهي تقدم له بعض الطعام. "أعتقد أنك ستحتاج طاقة أكثر لتصبح أقوى في مغامراتك، أليس كذلك؟"

غرايف الذي كان يراقب المشهد بابتسامة واسعة، قال: "الطعام هنا رائع حقًا، لينا. كل شيء يُعد بإتقان."

"شكراً لكم جميعًا على مساعدتكم. لا شيء يضاهي وقت العشاء مع العائلة." قالت لينا بينما كانت تدير حديثها إلى الجميع.

سيليست التي كانت تتحدث مع فليكس، أضافت ضاحكة: "على الأقل اليوم سيكون نوح أكثر هدوءًا بعد هذه الوجبة."

ضحك الجميع، واستمرت الأحاديث والمزاح على المائدة، بينما كان الجميع يلتهمون الطعام في جو من الألفة والراحة.

....

بينما كانوا يتناولون الطعام، كان الحديث يتنقل بين الضحكات والمزاح، وفجأةً، دق الباب بقوة وبسرعة. كانت الأصوات عالية لدرجة أن الجميع توقف عن الكلام ورفعوا أعينهم بدهشة. الجميع كان في حالة من الاستغراب، كيف لهذا الشخص أن يطرق الباب بتلك الطريقة المتسرعة والمباغتة.

وقف فليكس وهو يحدق في الباب بتساؤل، ثم نهض ليذهب لفتحه. وعندما فتح الباب، كان أمامه رجل طويل وقوي البنية، يبدو عليه العرق بشكل واضح، وكان يرتدي ثياب المرتزقة الرسمية. كانت عيونه تعكس استعجاله، بينما كان يتنفس بسرعة وكأن شيئًا هامًا قد دفعه إلى هذه الزيارة.

"ما خطبك، يا رجل؟" صاح فليكس في الرجل، مندهشًا من تصرفه المتسرع.

لم يهتم الرجل كثيرًا بالعتاب، بل دفع الباب جانبًا ودخل بسرعة، ثم قال بنبرة متسارعة: "أين السيدة لينا؟"

أثار هذا السؤال دهشة الجميع، وارتبكت لينا قليلاً قبل أن تقوم من مكانها. نظرت إلى الرجل وقالت بهدوء: "ما الأمر؟"

هز الرجل رأسه بسرعة، وأجاب بصوت متسارع:

ل..قد

"لقد ظهر..!"

2025/04/20 · 3 مشاهدة · 1118 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025