الفصل السادس والثلاثون: "أطلال الغرب"

سقط.

بمجرد أن دخل نيفاليس مبنى اتحاد المرتزقة، اجتاحت جسده هالتان خانقتان أطاحتا بتوازنه.

حاول استجماع هالته للوقوف، لكن دون جدوى. رفع رأسه ببطء، ليكتشف أن الجميع حوله في نفس الحالة مسمّرون على الأرض، عاجزون عن الحركة. وحدهم أصحاب الرتبة الرابعة كانوا واقفين بالكاد، يتصببون عرقًا.

ثم رأى مصدر الهالتين...

لينا وآدم.

صاحت لينا مباشرة في وجه آدم، وقد بدا الغضب والعجلة طاغيين على ملامحها:

"سأذهب، هذا قراري! أريد أن أرى من سيمنعني!"

زمجر آدم بصوت جبّار، دوّى صداه في المكان، فتشققت الأرضية والجدران تحت وطأته، وحتى أصحاب الرتبة الرابعة سقطوا على ركبهم في تلك اللحظة.

غضب أحد أفراد الرتبة الخامسة ليس أمرًا يسهل تحمّله.

قال آدم بنبرة حاسمة، لا تقبل نقاشًا:

"لا أحد سيذهب. هذا قرار نهائي، لا رجعة فيه."

صرخت لينا، وقد ارتفعت هالتها في مواجهة هالة آدم:

"لم آتِ لأخذ رأي أحد! سأذهب، حتى لو اضطررت للخروج من هنا بالقوة!"

لكن من الواضح أن هالة آدم كانت الأقوى.

فبعد كل شيء، هو في منتصف الرتبة الخامسة، بينما لينا لا تزال في بدايتها.

ورغم ذلك، لم ترضخ.

تابعت بإصرار:

"إن كنتَ تريد البقاء هنا، فابقَ. أما أنا… فلن يمنعني أحد."

صرخ آدم بحرقة:

"تعلمين أنني لا أستطيع التحرك من مكاني الآن بسبب وضع المملكة! أتظنين أنني لا أريد الذهاب أيضًا؟ أريد ذلك… أريد أن أذهب حتى وأنا أعلم أن فرص العثور على ابني حيًّا شبه معدومة!"

صرخت لينا، ودموع الغضب تلمع في عينيها:

"فلتظن ما تشاء… وتبًّا لوضع المملكة، وتبًّا لهم جميعًا! لا يهمني شيء… أنا ذاهبة!"

صرخ آدم بأعلى صوته:

"لييييناااا!!"

رفع قبضته، مستعدًا لإجبارها على البقاء إن اضطر لاستخدام القوة.

بوووم!

تشكلت حفرة عظيمة في أرضية مبنى المرتزقة من شدة ضغط هالته.

زمجر آدم وهو يحدق فيها:

"تبًّا..."

ثم رفع رأسه، ونظر في عيني لينا مباشرة:

"هل هذا قرارك النهائي؟"

أجابت لينا بنبرة حازمة:

"نعم."

طال النظر في عينيها قليلاً... كانت تلك عينا شخص لن يستسلم، حتى لو أُجبر على ذلك.

ما الذي يفترض به أن يفعله الآن بحق الجحيم؟

لا يستطيع إقناعها بالبقاء، ولا يمكنه المغادرة بنفسه بسبب وضع المملكة...

هل يُلقي بكل شيء عرض الحائط؟ هل يذهب معها إلى الأطلال؟

هل سيكون ابنه، سعيدًا بذلك؟

بالطبع لا...

تنهد آدم وقال:

"حسنًا... افعلي ما تشائين."

ثم استدار وصعد إلى مكتبه.

ما إن قال كلمته، حتى شعر الجميع في القاعدة بالراحة، وانخفض التوتر الكثيف الذي ملأ المكان.

أطلق نيفاليس زفرة ارتياح، فقد كان على وشك اندلاع قتال بين اثنين من الرتبة الخامسة... كارثة حقيقية.

خاصةً بعد الأخبار الأخيرة، التي تفيد باحتمال اندلاع حرب.

ويبدو أن آدم على علم بتلك الأخبار، ولهذا السبب بالذات... لا يمكنه مغادرة مكانه.

...

خارج مبنى المرتزقة

تجمّع الفريق حول لينا، وكان هناك جدال آخر محتدم يدور بينهم.

قالت لينا بحزم:

"لقد قلت أنني سأذهب وحدي... لن يذهب أحد آخر."

لكن غرايف اعترض مباشرة، فبعد كل شيء، هو ثاني أقوى أعضاء الفريق، ويقف في قمة الرتبة الرابعة.

"لا، على الأقل سأذهب معك."

لم تمضِ لحظات حتى ردّت سيليست وفيليكس بصوت واحد:

"ماذا تقول، غرايف؟ بالطبع سنذهب جميعًا! لن نتركك لوحدك!"

وأومأت ميرا بدورها موافقة.

قالت لينا بنبرة صارمة:

"لقد قلت... لن يذهب أحد غيري! هذا أمر، بصفتي قائدة هذا الفريق!"

لكن نيفاليس تقدم خطوة للأمام، وقال بثبات:

"لا... سنذهب معك."

ثم نظر إلى لينا بعينين ثابتتين وقال:

"قائدتنا، نحن هنا فريق... لا، بل عائلة. إذا كنتِ ستذهبين، فسنذهب أيضًا."

نظر الجميع إلى لينا، ثم أومأوا برؤوسهم موافقين دون تردد.

رفع فيليكس إصبعه بإعجاب نحو نيفاليس، مبتسمًا بفخر.

وضعت لينا يديها على وجهها، وتنهدت:

"...هل كان هذا هو حال آدم منذ قليل؟"

ثم قالت بجدية:

"حسنًا، لكن إن أمرتكم بالانسحاب في أي لحظة، فستغادرون فورًا. مفهوم؟"

"نعم!"

"مفهوم."

"أمرك!"

قالوا بصوت واحد.

ابتسمت لينا بخفة وقالت:

"هيا بنا… من الأفضل أن تواكبوني!"

وانطلقوا.

خرجوا من المدينة، وتوجهوا غربًا نحو المجهول.

---

مرّت عدة ساعات على السير عبر الأراضي البرّية، حتى قطع نيفاليس الصمت بسؤال:

"ماذا نعرف عن تلك الأطلال؟"

ردّت لينا بنبرة مقتضبة:

"لا شيء."

"ماذا؟" قال نيفاليس بدهشة.

أجابت لينا بتفصيل أكبر:

"ظهرت فجأة منذ عشر سنوات... لا أحد يعرف ما هي، أو ما الذي بداخلها. كل ما لدينا روايات من أشخاص رأوها من بعيد. قالوا إنهم شاهدوا أطلال مدينة محطّمة... وأشياء غريبة تظهر وتختفي داخلها."

ثم أردفت:

"مهمة نوح كانت فقط الاستكشاف... لكنه اختفى بمجرد أن دخل، واختفت الأطلال معه."

قال نيفاليس:

"مدينة محطّمة... وأشياء غريبة؟ تظهر وتختفي؟... إذًا نحن لا نعرف شيئًا حقيقيًا عنها."

أجابت لينا وهي تنظر إلى الأفق:

"حسنًا... سنعرف بعد قليل ما هي."

2025/04/21 · 3 مشاهدة · 711 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025