45 - نبوءة مولود الرماد 2

الفصل الخامس والأربعون "نبوءة مولود الرماد 2"

واقفًا أمام اللوح الأول من النبوءة،

أستوعب ما قرأته للتو... شيء يبدو كأنه حرب، ولكن ليست كأي حرب سمعتها أو قرأت عنها من قبل.

هل حدثت تلك الحرب خلف الحدود أم ماذا؟

كانت القارة محاطة بحواجز، لم يُعرف ما هي، أو من أقامها، أو حتى لماذا هي موجودة.

فكر نيفاليس في أكثر من نظرية لهذه الحواجز، كأنها موجودة للحماية من شيء خلف الحدود، لكنه استبعد هذا الشيء، فصانع تلك الحواجز أعلى من الرتبة الخامسة.

فقد حاولت المملكة ذات مرة اختراق الحدود الشرقية، ولكن بلا فائدة، لم يتمكنوا من ترك خدش واحد حتى. وأيضًا فعل ملك الجنوب نفس الشيء في الحدود الجنوبية، ولكن أيضًا بلا فائدة.

كان هناك حدود أيضًا في الشمال والغرب، ولكن لم يستطع أحد الوصول إليهم بسبب غابة الصقيع وجبال نيهاريف.

نظر إلى اللوحين الآخرين ببعض الفضول، تنهد وذهب للوح الثاني وبدأ يقرأ:

"لكن الظلام لا يُختم، بل يهمس عبر الشقوق، يتسلل بين طيات العالم، ينسج خيوطه في الخفاء. وما حُبس في العدم لم يظل ساكنًا… فقد اهتزّت جدران الواقع بصدى وجوده، وانحنت القوانين أمام شيء لم يكن ينبغي أن يوجد.

"ولدت الوحوش من جديد، تشوهت، تحولت،ومن رحم الفوضى… وُلِد تسعة ملوك، كلٌّ منهم نذيرٌ للفناء، وسيفٌ مُسلّطٌ على رقاب العالم."

"كانت الأرض ترتجف تحت وطأتهم، والسماء تحبس أنفاسها، وكأن النهاية قد حانت."

"لكن في كل عصر، يولد من يواجه القدر، من يقف حيث يخشى الآخرون، ومن يرفع السيف حيث تسقط الممالك."

"إمبراطورًا نوره نُشر."

"سيفًا من جليدٍ ونار."

"ريحًا تزمجر في الأفق بجبروت."

"قديسةً للزمن تكشف."

"ظلًا غدّارًا تبعته الدهور حتى تهالك."

"واجهوهم حتى تهاووا كالنجوم، وسقطوا في العدم."

"لكن حين انطفأت شعلتهم، حين عمّ السكون، وحين أشرق فجرٌ بلا ظلال…"

"لم يبقَ منهم سوى أسمائهم، يهمس بها الزمن لمن لا يزال يتذكر."

ضيّق نيفاليس عينيه قليلًا.

"هذا… يشبه حرب الدم والمصير؟"

وضع نيفاليس يده أسفل ذقنه.

"لا أعرف عن الظلام أو عن شخص تنحني إليه القوانين…"

لكنه كان يعلم عن الوحوش، وعن ألقاب أولئك الأبطال، بعضهم على الأقل.

سيفًا من جليد ونار، على الأرجح يقصد هنا ملك المرتزقة والملقب بسياف الإبادة، ألكسندر فاليريوس راينهارت، مؤسس نقابة المغادرين.

أما ريحًا تزمجر في الأفق بجبروت، فعلى الأرجح هو العاصفة أرتيماس، المساعد الأول للإمبراطور الأول.

لست متأكدًا من الأول، ولكن وعلى الأرجح القصد هنا على الإمبراطور الأول.

قبض نيفاليس قبضته، متحمسًا قليلًا عندما ذُكر الإمبراطور الأول، فبعد كل شيء لقد أعجب كثيرًا بذلك الرجل العظيم، خاصة مقولته المخلدة:

"لم أُخلق سوى للعظمة. للمجد وُلدت، إما ذلك أو الموت."

لقد كان رجلًا عظيمًا، حكم القارة بأكملها.

أما الظل الغدّار وقديسة الزمن... تلك لا أعرف عنهم شيئًا.

هل يوجد أصلٌ أحد يستطيع رؤية المستقبل؟

تساءل وهو يسير إلى اللوح الثالث والأخير من النبوءة بفضول أكثر، وقرأ:

"لكن لا سلام يدوم...

فالظلام لا يُقتل، بل ينتظر.

ينام في قاع الزمن، يتحين لحظته، يقتات على نسيان البشر، حتى تعود الساعة التي كُتبت منذ البدء."

"وها هي التشققات تعود، تتسلل إلى جدران العالم.

نبض الفراغ يخترق الصمت، يهدر في أعماق الأشياء.

وحوشٌ بلا هيئة... صرخاتٌ بلا فم... كوابيس أقدم من الوقت نفسه."

"ومرة أخرى، ستُزهق الأرواح كأنها رماد في مهبّ الريح،

تتراقص المدن في ألسنة اللهب، وتغرق الأرض في دماء الذين لم يعرفوا لماذا ماتوا."

"وفي قلب هذه الفوضى…

حين ينشقّ القمر، وتبكي الشمس،

حين تصمت العروش، وتخون القلوب،

سيولد مولود الرماد."

"لا يعرف من أين جاء،

ولا لأي شيء وُجد."

"في دمه يسكن الأمل والخراب،

وفي صمته يُكتب مصير العصور القادمة."

"هو النسيان الأخير، والحارس الأخير، والاحتمال الأخير…

لمعركةٍ لم تُكتب بعد،

بين كل ما كان، وكل ما لا يجب أن يكون."

---

بقي نيفاليس صامتًا قليلًا.

كان سيكذّب بالتأكيد تلك النبوءة، لولا أنه يعلم أن القارة على وشك الانفجار في حرب.

"تبا... وما الأمر مع مولود الرماد ذاك؟ متشائم للغاية! القمر سينشق؟ الشمس ستبكي؟ سيكون مشهدًا ملحميًا بالتأكيد... أشك أنني أرغب في رؤيته."

"لكن، بحق الجحيم... كيف ستظهر الشمس والقمر في اللحظة نفسها؟ أحدهما يبكي، والآخر ينشق؟ هذه النبوءة تزداد غرابة ولا منطقية كلما قرأتها."

فرك نيفاليس عينيه وهو يعيد النظر إلى الألواح الثلاثة.

اللوح الأول يصف معركة في ماضٍ سحيق.

اللوح الثاني يتحدث عن حرب الدم والمصير قبل مئتين وثلاثين عامًا.

أما اللوح الثالث... فهو يتحدث عن أحداث لم تحدث بعد؟ عن المستقبل؟

كانت فكرة أن أحدًا يستطيع التنبؤ بالمستقبل... سخيفة جدًا بالنسبة له.

وأيضًا، ما أمر ذلك "الظل"؟ ما هو؟ ولماذا هو أصل موجات الوحوش؟

آخر ما كان سيخطر في بال أحد، أن وحوش جبال نيهاريف قد صُنعت... من قِبل كيان ما.

بالطبع، كان الأمر مريبًا للغاية؛ عدد الوحوش الكبير، والموجات التي تتكرر كل عدة سنوات...

ظل هذا لغزًا لم يُفَسَّر حتى الآن.

حتى لو كانت تلك الوحوش تتكاثر ليل نهار، فذلك لا يبرر ما يحدث. مستحيل.

"كيف يمتلك هذا الظل القدرة على خلق كل هذه الوحوش؟ هذا... غير منطقي. لا، بل مستحيل."

"وفوق كل ذلك، هو مختوم! كل ما قيل أنه... تشقق الختم؟ أو شيء من هذا القبيل؟"

فرك نيفاليس رأسه وقال بتعب:

"آه... ما الذي أفكر فيه الآن؟ وما دخلي أنا بحروب الماضي؟ فليذهب الماضي إلى الجحيم. المهم... تلك النبوءة الثالثة اللعينة."

"هذا شيء لا ينبغي لك قوله، أيها الطفل..."

2025/04/29 · 4 مشاهدة · 809 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025